أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

المصري اليوم:

ما بعد بريجوجين: ملامح دور «فاجنر» الروسية بعد الانقلابات الأخيرة فى إفريقيا

01 أكتوبر، 2023


أثارت وفاة زعيم مجموعة فاجنر، يفغينى بريجوجين، نهاية أغسطس 2023، تساؤلات عدّة بشأن مُستقبل دور مجموعة فاجنر في إفريقيا، فقد أشارت بعض التقارير الغربية إلى أن غياب بريجوجين عن المشهد يشكل نقطة انعطاف مُهمة بشأن مُستقبل العلاقات الروسية الإفريقية.

حدود التموضع:

منذ بداية انخراط مجموعة فاجنر في إفريقيا، عام 2017، عمدَتْ المجموعة إلى توسيع نطاق انتشارها في القارة، بُغية تأمين موطن قدم لروسيا، والعمل على تقويض النفوذ الغربى، وفى هذا السياق يمكن عرض حدود تموضع مجموعة فاجنر في القارة الإفريقية على النحو التالى:

1- اتساع نطاق انتشار فاجنر: تُشير كثير من التقديرات إلى أن مجموعة فاجنر تنتشر بشكل نشط في عدّة دول داخل القارة الإفريقية، لعل أبرزها ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالى والسودان، فضلًا عن تدخلها بأشكال مختلفة في نحو عشرين دولة إفريقية، وقد نجح نموذج «فاجنر» في توسيع نطاق النفوذ الروسى في إفريقيا، على الرغم من محدودية ما تستثمره موسكو في القارة، خاصةً إذا ما قورن ذلك بالقوى الدولية الرئيسة المتنافسة في إفريقيا.

فمنذ وصول عناصر فاجنر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، في عام 2018، بناءً على دعوة الرئيس فوستان آرشانج تواديرا، لتوفير الأمن الشخصى للرئيس وتقديم التدريب العسكرى والمساعدات القتالية للقوات المحلية في مواجهة الحرب الأهلية هناك، حصلت فاجنر على إمكانية الوصول المباشر إلى الموارد الطبيعية الضخمة في بانجى، بما في ذلك مناجم الذهب في نداسيما.

وعلى المنوال ذاته، تمكنت مجموعة فاجنر من التمركز داخل ليبيا، بل إن هناك بعض التقديرات تشير إلى أن انخراط فاجنر في إفريقيا جاء من خلال بوابة ليبيا، وهو ما سمح لها بالسيطرة على إنتاج النفط في الحقول الجنوبية الغربية، ومن ثم الحد من التطلعات الغربية للاستثمار في البنية التحتية الليبية في إطار مساعى التمحور بعيدًا عن الغاز الروسى.

والأمر ذاته في حالة مالى، حيث بدأت مجموعة فاجنر في الوجود داخل باماكو بداية من ديسمبر 2021، في إطار الاتفاق الذي جرى مع المجلس العسكرى الحاكم في البلاد، وتُشير بعض التقارير إلى أن فاجنر حصلت على امتيازات واسعة للتعدين في مالى، مُقابل الخدمات الأمنية التي توفرها للسلطات هناك. كذا، لفتت كثير من التقارير الغربية إلى أن مجموعة فاجنر وجدت لنفسها موطئ قدم في السودان بداية من 2017، لكن هذا الوجود شهد زيادة ملحوظة منذ عام 2019، في إطار مساعى المجموعة لتعزيز وصولها لاحتياطيات الذهب السودانى، ودعم مساعى موسكو للحصول على قاعدة بحرية في بورتسودان.

2- مجموعة مُتنوعة من أدوات التأثير: هناك مجموعة مُتشابكة من أدوات التأثير التي تستخدمها مجموعة فاجنر في تعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، وهى التي وصفها الزعيم السابق للمجموعة، يفجينى بريجوجين، بـ«الأوركسترا» التي تديرها مجموعته، وتشمل القوات شبه العسكرية، وصفقات التسليح، والحملات الإلكترونية التي تستهدف توجيه الرأى العام أو الترويج لأفكار معينة، وإدارة الحملات الانتخابية بما يخدم مصالح حلفائها، وقد تمت تغطية تكاليف نشاط مجموعة فاجنر في الدول الإفريقية من خلال الامتيازات الخاصة بالموارد المعدنية. حيث كشفت تقارير غربية حديثة أن مجموعة فاجنر تجنى حوالى مليار دولار سنويًا من أرباح التعدين في جمهورية إفريقيا الوسطى وحدها.

3- محورية شخصية بريجوجين: شكلت شخصية زعيم فاجنر السابق، يفجينى بريجوجين، الفريدة، وعلاقته بزعماء عدّة دول إفريقية، وسيطرته على قنوات تجارية حاسمة، أهمية خاصة وقوة دافعة لتعزيز نفوذ ونشاط المجموعة في إفريقيا، وبالتالى تشكل فكرة العثور على خليفة لبريجوجين، قادر على تحقيق نفس النتائج تحديًا كبيرًا أمام الكرملين، بل إن هناك بعض التقديرات الغربية استبعدت هذه الاحتمالية، وهو ما سيعوق كثيرًا نشاط وعمليات المجموعة في القارة.

وفى هذا الإطار، كشفت بعض التقارير عن استمرار حالة الانقسام داخل مجموعة فاجنر، في ظل اعتراض البعض على إدراج تبعية المجموعة لوزارة الدفاع الروسية، فثمّة اتجاه داخل فاجنر يدعم فكرة تعيين، بافيل بريجوجين، نجل يفجينى بريجوجين، زعيمًا جديدًا لفاجنر.

تداعيات مقتل بريجوجين:

نشر زعيم فاجنر السابق، يفجينى بريجوجين، فيديو له من مالى، في 21 أغسطس 2023، تعهد خلاله بتعزيز النفوذ الروسى في إفريقيا، قبل أن يتم إعلان وفاته في حادث تحطم طائرة كانت تقله رفقة عدد من قادة مجموعة فاجنر البارزين، بما في ذلك مؤسس المجموعة، ديمترى أوتكين، وأحد قادة أعمال بريجوجين في إفريقيا، فاليرى تشيكالوف. وفى هذا السياق، يرجح أن يكون لوفاة بريجوجين انعكاسات مهمة وبعيدة المدى على مستقبل فاجنر في إفريقيا، خاصةً أن المجموعة فقدت كافة قياداتها العليا، وهو ما يمكن عرضه على النحو التالى:

1- تقويض مرونة فاجنر: تسعى روسيا حاليًا إلى استيعاب مجموعة فاجنر من خلال أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، ولاسيما «وكالة الاستخبارات العسكرية» (GRU)، و«جهاز الأمن الفيدرالى» (FSB) لضمان توافقها مع المصالح الروسية، والحفاظ في الوقت ذاته على المجموعة كمنظمة خاصة من الناحية النظرية. وقد لفتت بعض التقارير الغربية إلى أنه حال أصبحت مجموعة فاجنر تحت القيادة المُباشرة لوزارة الدفاع الروسية.

فإنها ستتحول من ميليشيا خاصة إلى التبعية الرسمية للكرملين، وهو ما سيحد كثيرًا من مرونتها الراهنة وتكتيكاتها التشغيلية. حيث ستصبح موسكو مُثقلة بأنشطة فاجنر، وبالتالى لن تتمكن من التنصل من الأعمال غير القانونية والمزعزعة للاستقرار والتى تنسب لمجموعة فاجنر، ولاسيما في إفريقيا.

يُضاف إلى ذلك التحولات التي يُتوقع أن تطرأ على التسلسل الهرمى ونظام المكافآت القائم على المهام الذي كان بريجوجين قد رسّخه داخل المجموعة، فقد اعتمد الأخير على تقاسم الغنائم مع قيادات فاجنر وبقية رجاله لضمان ولائهم، وهو الأمر الذي ربما يشكل تحديًا كبيرًا للكرملين خلال الفترة المقبلة، ناهيك عن الاستقلالية التشغيلية التي طالما اعتمد عليها يفجينى بريجوجين في تنفيذ المهام العملياتية على الأرض بشكل لامركزى، من خلال تفويض رجاله بسلطة اتخاذ القرار في تنفيذ هذه المهام التشغيلية، بينما ترفض وزارة الدفاع الروسية هذه الممارسات والتى كانت مُحددًا رئيسًا في تعزيز فاعلية فاجنر في إفريقيا.

2- تراجع نفوذ فاجنر في بانجى: عَمدَتْ روسيا إلى بث رسالة رئيسية إلى المسؤولين في جمهورية إفريقيا الوسطى، مفادها أن الأمور ستسير كالمعتاد من خلال استمرار دعم موسكو لبانجى، وهو ما انعكس في تصريحات، نفيسة كريانوفا، مديرة مركز «بيت روسيا» (Maison Russe) في بانجى، وهو مركز لجميع أنشطة فاجنر في جمهورية إفريقيا الوسطى.

حيث تعمل موسكو حاليًا على إعادة هيكلة نشاط فاجنر في بانجى، وذلك من خلال دفع المقاتلين إلى توقيع عقود جديدة مع وزارة الدفاع الروسية، وإعادة تركيز هذه القوات في المراكز السكانية الرئيسية في البلاد. وعلى المنوال ذاته، ألمح، فيديل غوندجيكا، كبير مستشارى رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستان تواديرا، إلى أن غياب بريجوجين لن يؤثر في علاقة بلاده بروسيا.

وقد كشفت بعض التقارير الغربية أن مجموعة فاجنر تكبدت خسائر كبيرة في جمهورية إفريقيا الوسطى خلال الأسابيع الأخيرة، في القتال الذي شهدته بانجى ضد المجموعات المُسلحة المحلية في شرق وشمال وغرب البلاد، ولاسيما في المناطق التي تضم مناجم الذهب والماس والتى يتولى عناصر فاجنر تأمينها، وقد لفتت هذه التقارير إلى أنه منذ وفاة زعيم فاجنر، يفجينى بريجوجين، في أغسطس 2023، تمت إعادة انتشار قوات فاجنر في جمهورية إفريقيا الوسطى واستبدال بعضها بعناصر من المرتزقة الروانديين، مشيرةً إلى أن مجموعة فاجنر باتت تقاتل حاليًا بشكل مُكثّف للحفاظ على نفوذها في بانجى.

3- دعم التكتل الجديد لدول الساحل: تُشير بعض التقديرات إلى أن مجموعة فاجنر تعمل حاليًا على تقديم الدعم للتكتل الجديد، قيد التشكيل، لمجموعة دول الساحل الإفريقى، خاصةً بعد اتفاقيات التعاون العسكرى والدفاع المشترك التي أبرمتها مع مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وبالتالى ستعمل فاجنر على دعم القوات الحكومية لهذه الدول سواءً في مواجهة أي تهديدات محتملة من قبل مجموعة «الإيكواس»، أو لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة في هذه المنطقة، كما يتوقع أن تَعمدَ قوات فاجنر إلى توسيع الدعم لمالى ضد حركات الأزواد الانفصالية في شمال البلاد.

بيد أن الدعم المتوقع من قبل مجموعة فاجنر لتكتل الساحل الجديد سينطوى بالأساس على دعم روسى غير مُباشر لهذه الدول، حيث باتت هذه المنطقة تشكل بؤرة النفوذ الروسى الرئيسية في إفريقيا. وقد كشف تقرير صادر عن صحيفة (The Hill) الأمريكية عن وجود تحركات روسية جزائرية راهنة لتعزيز التعاون والتنسيق بينهما بشأن منطقة الساحل الإفريقى، وهو ما انعكس في زيارة الجنرال الروسى السابق، سيرجى سوروفيكين، إلى الجزائر، بالتزامن مع تنامى الحديث عن وجود تحركات روسية لإنشاء قاعدة بحرية في ليبيا، وهو ما سيشكل، حال نجاحها، موطئ قدم استراتيجى لموسكو، يعزز انخراطها في القارة الإفريقية، وتعزيز النفوذ الروسى في منطقة الساحل، من خلال ضمان تقديم الدعم المباشر لحلفاء موسكو في المنطقة، وتوسيع انخراط مجموعة فاجنر هناك.

مُستقبل الدور الروسى:

تسعى روسيا إلى الحفاظ على نفوذها في القارة الإفريقية، واستمرارية مشروع فاجنر ونفوذها هناك، وفى هذا الإطار يمكن عرض ملامح مستقبل الدور الروسى في إفريقيا على النحو التالى:

1- إعادة هيكلة مجموعة فاجنر: ذهبت بعض التقديرات إلى أن الكرملين عَمدَ، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها بريجوجين، إلى محاولة تأجيج الخلافات بين قيادة فاجنر ومقاتليها، وتشجيع المقاتلين على الانضمام لوزارة الدفاع الروسية، والترويج لفكرة أن هؤلاء المقاتلين لم يرتكبوا أي خطأ في المحاولة الانقلابية، باعتبار أنهم كانوا فقط ينفذون أوامر القيادة، بل إن هذه التقديرات كشفت عن اجتماعات جرت بين مجموعة من مقاتلى فاجنر والرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، نهاية يونيو 2023، تم خلالها بحث مُقترح بتعيين أحد قادة فاجنر، أندريه تروشيف (سيدوى)، كزعيم جديد للمجموعة، خلفًا لبريجوجين، مع تأكيد استمرار نشاط فاجنر دون أي تغيير، وقد أبدت بعض قوات فاجنر موافقة على هذا المقترح.

وفى أعقاب وفاة بريجوجين، عادت المحادثات مرةً أخرى بين الكرملين وعناصر فاجنر بشأن تعيين تروشيف لقيادة المجموعة، وبدأت وسائل الإعلام الروسية في الترويج لهذا الأمر، خاصةً كونه القائد الوحيد المتبقى من مجموعة القيادة العليا لفاجنر بعد حادث الطائرة، وقد حارب تروشيف في الشيشان وأفغانستان وسوريا، وحصل على أعلى لقب فخرى وهو «بطل الاتحاد الروسى».

في المقابل، أشارت بعض التقديرات إلى أن المقاتلين الذين سيعملون تحت قيادة تروشيف هم فقط الذين قاموا بتوقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية، وهم العناصر التي ستبقى في موسكو، لافتةً إلى أن الكرملين عمد إلى تقسيم فاجنر عدّة مجموعات خاصة بمناطق أو دول مختلفة، لكل منها زعيم خاص بها، وفى هذا الإطار، تم طرح عدد من الأسماء لقيادة هذه المجموعات، أبرزها: ألكساندر كوزنتسوف، وأندريه بوغاتوف، وأنتون يليزاروف.

في المقابل، كشف تقرير صادر عن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن عمليات فاجنر في إفريقيا باتت الآن تحت قيادة، ديمترى سيتى، والذى يقيم في عاصمة إفريقيا الوسطى بانجى، حيث كان سيتى يدير مشروعات فاجنر التجارية والدعائية في القارة الإفريقية خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وفى هذا الإطار، ألمحت بعض التقارير الغربية إلى أن وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، عَمدَ إلى طمأنة حلفاء موسكو في إفريقيا، منذ يونيو 2023، في أعقاب فشل محاولة التمرد التي قادها زعيم فاجنر السابق ضد الكرملين، حيث استهدف لافروف تأكيد رسالة محددة للقادة الأفارقة، مفادها أن موسكو لن تسحب قوات فاجنر الموجودة في القارة الإفريقية، وهو ما يتسق مع التقديرات التي أشارت إلى أن روسيا تستهدف الحفاظ على أصول فاجنر في إفريقيا، لأن إخراجهم سيشكل ضغوطًا كبيرة على النفوذ الروسى في القارة.

2- تعزيز الانخراط الروسى المُباشر في إفريقيا: كشفت بعض التقارير أن روسيا بدأت التحرك بشكل فعلى للسيطرة على إرث فاجنر، خاصةً في إفريقيا، وتعزيز العلاقات المباشرة مع شركاء موسكو قبل وفاة بريجوجين بعدة أسابيع، وهو ما انعكس في الجولة التي قامت بها مجموعة من المسؤولين العسكريين الروس للقارة الإفريقية، وذلك بالتزامن مع الجولة الأخيرة التي قام بها يفجينى بريجوجين في القارة قبل وفاته مباشرة.

فقد قام نائب وزير الدفاع الروسى، يونس بيك يفكوروف، ونائب رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، الجنرال أندريه أفريانوف، بعدّة جولات إلى القارة الإفريقية، حيث لفتت بعض التقارير الفرنسية إلى أن الجنرالين الروسيين بات ينظر إليهما باعتبارهما المنظمين الرئيسيين لمرحلة ما بعد بريجوجين في إفريقيا، ويقدمان نفسيهما للقادة الأفارقة بأنهما خلفاء زعيم فاجنر السابق، والمسؤولين عن تنسيق العمليات التشغيلية لقوات فاجنر في إفريقيا.

3- استمرار الدور الروسى كضامن أمنى وشريك عسكرى: ألمحت بعض التقديرات الغربية إلى أن بؤر التوتر الرئيسية والأنظمة الهشة القائمة في القارة الإفريقية، ولاسيما في جمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر وبوركينا فاسو والسودان، تُشير إلى أن روسيا لا تزال تشكل ضامنًا أمنيًا مهمًا وشريكًا عسكريًا موثوقًا فيه بالنسبة لهذه الدول، وذلك بغض النظر عن مستقبل مجموعة فاجنر في إفريقيا، خاصةً وأن كثيرًا من الدول الإفريقية لا تنظر لفاجنر باعتبارها شركة عسكرية خاصة، بل كممثل عن الحكومة الروسية، وذلك استنادًا لحزمة الدعم التي تقدمها موسكو للأنظمة القائمة في هذه الدول وتضمن استمراريتها وبقاءها، والتى تبدو أكثر جاذبية بالنسبة لهذه الدول مقارنة بأى مكاسب مُحتملة يمكن أن تتمخض عن اتفاقيات التعاون التي تقدمها القوى الغربية.

4- إعادة فرز كيانات شبيهة بفاجنر: يُتوقع أن يواجه نشاط فاجنر في إفريقيا مُنافسة متزايدة خلال الفترة المقبلة من قبل الشركات الروسية الخاصة شبه العسكرية، حيث كشفت بعض التقديرات أن بعض هذه الشركات بدأت مؤخرًا التجنيد في إفريقيا، ما قد يُؤشر على اتجاهها لتوسيع عملياتها المُحتملة في القارة، والتخلص التدريجى من نفوذ فاجنر في إفريقيا، ومن ثم خدمة أهداف الكرملين والمتمثلة في إحكام سيطرته المباشرة.

وقد لفتت بعض التقديرات إلى أن هناك بعض الشركات الروسية شبه العسكرية التي ربما تدفع بها موسكو لاستبدال دور فاجنر في إفريقيا، بما في ذلك شركة «ريدوت» (Redut)، والتى يترأسها وزير الدفاع الروسى، سيرغى شويجو، ولاسيما في ظل العداء التقليدى بين الأخير وبريجوجين. بيد أن تبعية هذه الشركة لوزير الدفاع الروسى، ناهيك عن افتقارها للفهم الثقافى الضرورى والخبرة الفعلية والعلاقات الراسخة بالدول الإفريقية ربما يحد من فرص نجاح هذه الشركة في إدارة إرث فاجنر في إفريقيا.

وفى التقدير، يمكن القول إنه على الرغم من أن المشهد لا يزال غامضًا بشأن الهيكل الجديد لمجموعة فاجنر، فإنه من المرجح ألا تتخلى روسيا عن نموذج الشركات الخاصة شبه العسكرية، في ظل المكتسبات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي يوفرها هذا النموذج للكرملين، ومن المُتوقع ألّا تقوم روسيا بتفكيك البنية التحتية التشغيلية لفاجنر في إفريقيا، ومن ثم العمل على تعيين قيادة جديدة لها، خاضعة بشكل أكبر للكرملين، فضلًا عن إمكانية دمج فاجنر في كيانات وشركات عسكرية خاصة أخرى، على غرار مجموعة (Convoy)، المملوكة لسيرجى أكسيونوف.

*لينك المقال في المصري اليوم*