أخبار المركز
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (المعضلة الروسية: المسارات المُحتملة لأزمات الانتخابات في جورجيا ورومانيا)
  • إسلام المنسي يكتب: (جدل الوساطة: هل تخلت سويسرا عن حيادها في قضايا الشرق الأوسط؟)
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)

خيارات نتنياهو:

اتجاهات إسرائيل للتعامل مع ست قضايا خارجية في 2023

29 ديسمبر، 2022


بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي المُكلف، بنيامين نتنياهو، في وقت متأخر يوم 21 ديسمبر 2022، نجاحه في تشكيل حكومة جديدة مع حلفائه في معسكر اليمين، أصبح هناك ست قضايا في السياسة الخارجية الإسرائيلية سيتعين على نتنياهو التعامل معها وترتيبها من حيث الأهمية، ومن حيث التوقيت المناسب لتحقيق إنجاز واضح فيها خلال عام 2023، وهي الملف النووي الإيراني، ومستقبل اتفاقات السلام الإبراهيمي، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ومستقبل "حل الدولتين"، فضلاً عن العلاقات مع روسيا، والعلاقات مع الصين، والعلاقات مع الولايات المتحدة.

وفي كل هذه القضايا، تجد إسرائيل نفسها في مواجهة خيارات أشبه بلعبة "المجموع الصفري" zero sum-game، فالعلاقات مع الولايات المتحدة والحفاظ عليها ضرورة استراتيجية لإسرائيل، لكن الجهود التي يمكن أن تبذلها تل أبيب للحفاظ على مستوى هذه العلاقات قد تعترضها مواقف إدارة الرئيس جو بايدن من القضايا الخمس الأخرى. وستُحدد سياسات إسرائيل المُنتظرة حيال هذه القضايا، مدى إمكانية التوافق أو التنافر بين حكومة نتنياهو القادمة والإدارة الأمريكية. 

رفض الاتفاق النووي الإيراني:

الموقف الثابت لإسرائيل هو رفض أي محاولة لإحياء الاتفاق النووي، الذي توصلت إليه الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا مع إيران في عام 2015، ثم انسحبت منه واشنطن في عام 2018؛ وذلك طالما لم تُؤخذ مخاوف تل أبيب في الحسبان. وهذه المخاوف تتعلق بوقف كامل للتخصيب عند مستويات أعلى من تلك المنصوص عليها في الاتفاق، وإلزام إيران بوقف برامجها لإنتاج الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، ومد العمل بالاتفاق المُنتظر إلى عام 2034 بدلاً من عام 2030، وتوقف طهران عن دعم الجماعات التي تراها إسرائيل مهددة لأمنها وهي حزب الله اللبناني وحركتا حماس والجهاد الفلسطينيتين، وميليشيا الحوثيين في اليمن.

كما يأتي هذا الرفض الإسرائيلي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني في ظل تأكيد نتنياهو، ومن قبله رئيسي الحكومة السابقين نفتالي بينت ويائير لابيد، أن إسرائيل مستعدة للعمل بمفردها لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، إذا لم تلبِ مطالبها. وهنا يُثار تساؤل بشأن مدى قدرة تل أبيب على وقف المشروع النووي الإيراني بمفردها.

وثمة شكوك كبيرة في إمكانية أن تشن إسرائيل هجوماً منفرداً على المنشآت النووية الإيرانية؛ لأسباب تتعلق بصعوبة تنفيذه، سواء لانتشار وحدات المشروع الإيراني على مواقع متباعدة جغرافياً وذات طبيعة طبوغرافية منيعة (مناطق جبلية وعرة)، أو لعدم توافر الوسائل القتالية المناسبة للتعامل مع مثل هذه المواقع، أو بسبب الخوف من رد الفعل الإيراني الذي يمكن أن يأتي في صورة قصف مكثف بالصواريخ للمدن الإسرائيلية من داخل إيران ومن مواقع التنظيمات الموالية لها في المنطقة. 

وفي ظل هذا الوضع، من المتوقع أن يظل نتنياهو في محاولاته لإقناع الدول الموقعة على الاتفاق مع إيران بالاستمرار في الضغط عليها من أجل تعديله، بما يُلبي بعض (إن لم يكن كل) مطالب إسرائيل. وبالتوازي مع ذلك، ستستمر حكومة نتنياهو المقبلة في السير على النهج نفسه الذي سارت فيه منذ نحو 15 عاماً، وهو تنفيذ عمليات نوعية لتأخير وصول إيران إلى العتبة النووية، مثل الحرب السيبرانية واغتيال العلماء الإيرانيين العاملين في المشروع.

محاولات توسيع اتفاقات السلام الإبراهيمي:

بين سبتمبر 2020 ويناير 2021، وقّعت إسرائيل أربع اتفاقيات للسلام مع كل من دولة الإمارات، ومملكة البحرين، والمغرب، والسودان. وتم التوصل إلى هذه الاتفاقات خلال وجود نتنياهو في السلطة سواء كرئيس وزراء مُنتخب، أو كرئيس لحكومة تصريف أعمال، واعتبرها نتنياهو إنجازاً شخصياً له، ومن ثم سوف يحتل تطوير تلك الاتفاقات وتوسيعها بضم أطراف أخرى إليها أهمية كبيرة في تحركات نتنياهو الخارجية في عام 2023 لتعزيز صورته في الداخل والخارج كصانع للسلام.

ومن المتوقع أن يتحرك نتنياهو على مسار يركز على ضم دول إسلامية غير عربية إلى مسار الاتفاقات الإبراهيمية، مثل إندونيسيا وتركيا، مُستغلاً حقيقة وجود اتصالات مستمرة منذ عامين بين إسرائيل والولايات المتحدة - الراعية لهذه الاتفاقات - من جانب، وإندونيسيا من جانب آخر، لضمها إلى تلك الاتفاقات. 

وفيما يتعلق بتركيا، فإن أزمتها الاقتصادية قد تدفعها للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، خاصةً إذا تمكن نتنياهو من تقديم عرض مغرٍ لها، مثل استعداده لتطوير العلاقات المشتركة، التي تم استئنافها رسمياً في عام 2022 بعد سنوات من القطيعة، إلى آفاق أوسع اقتصادياً وأمنياً، وكذلك التوسط داخل "منتدى غاز المتوسط" لإيجاد صيغة تحقق لأنقرة بعضاً من مصالحها وتؤدي إلى تخفيف التوترات الاقليمية في شرق المتوسط. 

وإجمالاً، يمكن القول إن تحقيق أي من تطلعات نتنياهو السابقة مرهون بعدم تدهور الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو اندلاع عمليات عنف واسعة النطاق خلال عام 2023 على الأقل.

إدارة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي:

على الرغم من أن استمرار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يمثل الخطر الأكبر على الأمن الإسرائيلي، فإن قناعة الرأي العام الإسرائيلي وقادة اليمين، خاصةً الليكود هي ضرورة الابتعاد عن البحث لحل هذا الصراع، والاكتفاء بإدارته فقط حتى تتغير بيئة الصراع نفسها بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية. ولذا ليس متوقعاً أن يحتل التعامل مع هذا الملف مرتبة متقدمة في قائمة أولويات نتنياهو بعد عودته لرئاسة الحكومة.

وبالتالي يُفضل نتنياهو استراتيجية إدارة الصراع الفلسطيني وليس البحث عن حله، وهو يمتلك خبرات واسعة في هذه الاستراتيجية، كما أنه طبقها بالفعل أثناء توليه الحكم في السابق، حيث تفاوض مع السلطة الفلسطينية، برعاية أمريكية في عهد إدارة باراك أوباما، كما حارب حركتي حماس والجهاد في قطاع غزة في ثلاث جولات قتالية كبيرة، وتفاعل إيجابياً مع مبادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المعروفة باسم "صفقة القرن" بالرغم من أنها تقوم على فكرة "حل الدولتين" المرفوضة من كل تيارات اليمين الإسرائيلي.

وفي كل هذه الاختبارات، برهن نتنياهو على قدرته على تطبيق استراتيجية إدارة الصراع بمهارة كبيرة، فقد وافق نظرياً على "حل الدولتين" في عام 2009، بالرغم من معارضة حلفائه في الائتلاف آنذاك، لكنه تمكن من الحفاظ على تماسك هذا الائتلاف بإفساد المفاوضات التي دعا إليها أوباما، ومن دون أن يُعرض العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية لخطر كبير. كما تعامل مع جولات القتال مع حماس والجهاد بحنكة، مُعتمداً على استخدام الرد العسكري المحسوب، بهدف ردع التنظيمين واستعادة الهدوء.

وعلى الرغم من تلك الخبرات، فإن نتنياهو يعود إلى السلطة الآن في ظل تحديات كبيرة، حيث تُنذر الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية بالانفجار، كما تتزايد ضغوط حلفائه في اليمين الديني والصهيوني لاتباع سياسة أكثر صرامة ليس في مواجهة حماس والجهاد فقط، بل ضد المتعاطفين معهما من عرب إسرائيل. وعلى الجانب الآخر، فإن الثقة المفقودة بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ونتنياهو، ستزيد من تركيز الفلسطينيين على استخدام سلاح نزع الشرعية الأخلاقية والسياسية عن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. لكن في كل الأحوال، سيُبقي نتنياهو على استراتيجية إدارة الصراع، حتى لو كانت التكلفة هذه المرة كبيرة. 


وقف تدهور العلاقات الروسية - الإسرائيلية:

تواجه العلاقات الإسرائيلية - الروسية توترات شديدة منذ التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، فقد أدان لابيد، عندما كان يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة بينت، هذه الخطوة الروسية، واتهم موسكو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هناك. وفي حينها أشار نتنياهو، من موقعه كزعيم للمعارضة آنذاك، إلى أن لابيد يعرض علاقة إسرائيل بروسيا للخطر، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن القومي الإسرائيلي. ورداً على تصريحات لابيد، هددت موسكو بإغلاق الفرع المحلي للوكالة اليهودية لإسرائيل في روسيا، وهي منظمة تأسست في عام 1929 لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل. وفي مايو 2022 وعند حديثه عن الأزمة مع الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، المعروف بديانته اليهودية، أشار وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى أن "هتلر كان أيضاً ذا أصول يهودية"، وهو ما اعتبرته إسرائيل تصريحاً مهيناً وعدائياً ضد اليهود وضدها. 

وقد انعكس التوتر المتصاعد بين الطرفين على التفاهمات التي توصلت إليها تل أبيب مع موسكو في الجبهة السورية منذ عام 2016، والتي كانت تسمح للمقاتلات الإسرائيلية بالعمل في الأجواء السورية ضد حزب الله والحرس الثوري الإيراني من دون أن تتعرض لها الدفاعات الروسية الموجودة على الأراضي السورية، حيث وقعت عدة حوادث تعرضت فيها الدفاعات الروسية في سوريا للمقاتلات الإسرائيلية أثناء عملها في الأجواء السورية منذ شهر مايو الماضي، وإن كانت في صورة توجيه طلقات تحذيرية فقط.

وأخذاً في الاعتبار وجود روسيا كطرف في الاتفاقية النووية مع إيران، يتعين على إسرائيل تخفيض التوترات مع موسكو، حتى لا تستخدم الأخيرة ورقة التفاوض حول إحياء الاتفاق مع إيران ضد تل أبيب. ويمكن أن تكون عودة نتنياهو للسلطة مجدداً بداية خفض التوترات في العلاقات الروسية-الإسرائيلية، حيث تجمعه بالرئيس بوتين علاقة صداقة قوية منذ سنوات طويلة، كما أن نتنياهو مقتنع تماماً بضرورة إقامة علاقة متوازنة مع موسكو للأسباب السالف ذكرها.

تطوير العلاقات الصينية - الإسرائيلية:

منذ وصول نتنياهو إلى الحكم للمرة الثانية في عام 2009 وحتى عام 2018 (تاريخ آخر حكومة منتخبة يقودها)، نمت خلال تلك الفترة العلاقات الصينية - الإسرائيلية بشكل غير مسبوق، وأصبحت الصين في السنوات الأخيرة ثالث أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل، حيث زاد حجم استثماراتها في إسرائيل من 50 مليون دولار في عام 1992، إلى قرابة 11 مليار دولار سنوياً حالياً، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2021 نحو 22.8 مليار دولار. 

ولا شك أن عودة نتنياهو للحكم مرة ثالثة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من تطوير العلاقات المشتركة مع الصين، خاصةً مع وجود تقارير إسرائيلية ترصد تراجعاً ليس فقط في حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بل أيضاً على المستوى السياسي، حيث ظهرت توترات بينهما على خلفية الموقف الصيني من المفاوضات الجارية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، والذي يبدو منحازاً أكثر لوجهة نظر طهران، ولا يأخذ المخاوف الإسرائيلية في الاعتبار. على جانب آخر، اعتبرت الصين توقيع الاتفاقات الإبراهيمية بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات ومملكة البحرين، بمنزلة اقتراب غير مباشر من المصالح الاقتصادية والتجارية للصين في منطقة الخليج، بما قد يشكل خطورة على هذه المصالح. وقد ردت الصين على تجاهل إسرائيل التنسيق معها فيما يتعلق بالعلاقات مع دول الخليج، بزيادة تعاونها الاقتصادي مع إيران، والإعلان عن استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وتقديم بعض المساعدات الفنية الأمنية والعسكرية لنظام الأسد. 

وفي هذا السياق، يبدو أن مهمة نتنياهو لاستعادة المبادرة في تطوير العلاقات مع بكين وإعادتها إلى المستوى السابق على تدهورها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليست بالمهمة السهلة. فالصين لا تريد أن تنافسها إسرائيل في الأسواق الخليجية والعربية، خصوصاً أن المنافسة هنا تبدو غير عادلة، بسبب ارتباط إسرائيل بالمصالح الأمريكية من جانب، وكون الاتفاقات الإبراهيمية وأي علاقات أخرى بين إسرائيل ودول الخليج التي لم تنضم لهذه الاتفاقات، لها جوانب سياسية وأمنية ربما تجعل من إسرائيل طرفاً مفضلاً في المنطقة على حساب الصين، من جانب آخر.

مواجهة "الهيمنة" الأمريكية:

على الرغم من الدلالة الغريبة للفظ "الهيمنة" في سياق الحديث عن رؤية نتنياهو واليمين الإسرائيلي لعلاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، فإن استخدامه يشير إلى شعور حقيقي لدى البعض، خاصةً نتنياهو، بأن واشنطن تضع أولويات سياستها الخارجية بنفسها، وتطلب من تل أبيب اتخاذ مواقف تتناسب مع هذه الأولويات، حتى لو كانت تضر بالمصالح الإسرائيلية. وقد سبق لنتنياهو التصريح بأنه مستعد لتعريض العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية للخطر إذا كان ذلك ضرورياً للأمن الإسرائيلي. 

وفي هذا الإطار، من المُحتمل أن تشهد العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في عام 2023 تدهوراً على خلفية الملفات الخمسة السابقة، وذلك على النحو التالي:

1- استمرار سعي واشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني حتى لو اقتضى الأمر تجاهل بعض التحفظات الإسرائيلية عليه، فضلاً عن مقاومة إدارة بايدن للضغوط الإسرائيلية التي تستهدف وضع الخيار العسكري ضد طهران على الطاولة في حال فشل محاولات إحياء الاتفاق.

2- على العكس من رغبة إسرائيل في توسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية من دون ربطها بحل القضية الفلسطينية، فإن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، صرح مراراً بأن تطوير وتوسيع آفاق هذه الاتفاقات لا يجب أن يكون على حساب إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ويخشى نتنياهو أن تستغل واشنطن رعايتها للاتفاقات، وقدرتها على استثمارها في الضغط على إسرائيل لحلحلة موقفها المتصلب من مسألة "حل الدولتين".

3- لا تزال إدارة الرئيس جو بايدن متمسكة بـ "حل الدولتين" كأساس لمعالجة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والذي تراهن الولايات المتحدة على إمكانية التوصل إليه لضمان جذب الدول العربية الكبرى لاستراتيجيتها في مواجهة الصعود الصيني. فيما يمكن لائتلاف نتنياهو القادم أن يتعرض للسقوط بسبب رفض معظم أحزابه لهذا الحل بما في ذلك حزب الليكود نفسه الذي يقوده نتنياهو.

4- مع استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، سيتعين على نتنياهو مواجهة احتمال أن تطلب واشنطن من إسرائيل المشاركة في تطبيق نظام العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، مما يضع إسرائيل بين اختبارين صعبين؛ إما إغضاب روسيا وتحمل إجراءاتها العقابية المتمثلة في تقييد حرية عمل الطيران الإسرائيلي ضد إيران وحزب الله اللبناني في سوريا، ومساعدة طهران على تطوير قدراتها النووية، أو دفع العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية نحو التوتر البالغ في حال رفض تل أبيب المشاركة في تطبيق العقوبات ضد موسكو.

5- يريد نتنياهو استعادة قوة التعاون الاقتصادي مع الصين، وتضغط الشركات الإسرائيلية العاملة في مجالات الاتصالات والتكنولوجيا المتطورة ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري) للسماح لها بتطوير علاقتها مع بكين. بينما تدخلت الولايات المتحدة دوماً للحد من آفاق التعاون الصيني - الإسرائيلي كجزء من استراتيجيتها لمواجهة صعود الصين كمنافس قوي اقتصادياً وأمنياً.

في إطار ما تقدم، يمكن أن تتعرض العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية لتوترات حادة في المرحلة المقبلة، وربما يحرص نتنياهو على تجنب المواجهات مع إدارة بايدن في عام 2023، على أمل أن تتراجع حدة الضغوط الأمريكية على إسرائيل مع بداية عام 2024 الذي سينشغل فيه الأمريكيون بالانتخابات الرئاسية، والتي يأمل نتنياهو بأن تأتي برئيس أمريكي جديد يكون بوسعه تغيير سياسة واشنطن حيال بعض الملفات التي تسبب حرجاً لإسرائيل وتدفع في اتجاه توترات محتملة في العلاقات بين البلدين.