أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

اطمئنوا اقتصاداتنا لن تنهار!

07 مايو، 2020


في كل مرة تنهار فيها أسعار النفط تشتعل في المقابل حملات كبرى تبشر بانهيار اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص الإمارات والسعودية والكويت والبحرين داعية كل من يتمنى ذلك لتجهيز مسرح الاحتفال لتدشين هذا الانهيار المتوقع! حدث ذلك في أعوام 1986 و1998 و2014، وفي كل مرة قلنا لهم «اطمئنوا لن ننهار»، إلا أنهم لم يصدقوا واستمروا في تكثيف حملاتهم الإعلامية في تشويههم للحقائق لعلى وعسى يستجيب أحد لهم في الداخل!

مع الانهيار الأخير لأسعار النفط المرافق لتفشي وباء كورونا اشتدت هذه الحملة بصورة غير مسبوقة شاركت فيها، كالعادة وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة إعلام إقليمية وعالمية معروفة، وكمثال على ذلك قال «ديفيد فيكلينغ» في تقرير نشرته «بلومبيرج» في شهر مارس الماضي «إن تراجع وانهيار إمبراطوريات الخليج النفطية أصبح أمراً وشيك الحدوث»، ونقول للسيد ديفيد ولوكالة بلومبيرج، شكراً لاهتمامكم، ولكننا نطمئنكم بأننا لن ننهار! وننصحكم بالمقابل أن تهتموا بأوطانكم التي تعاني أكثر منا.

الوضع الحالي للاقتصاد العالمي، بما فيه الخليجي خطير للغاية، وهو يختلف عما سبقه ولا أحد يختلف حول ذلك، كما لا يمكن التقليل من تداعياته على الجميع، إلا أننا سنحاول باختصار شديد الإجابة عن سؤالين مهمين، أولاً، لماذا لن ننهار؟ وثانياً ما هو وضعنا في ظل ركود عالمي شديد الوطأة؟ لن ننهار لأسباب عديدة تكمن في بناء مراكز مالية قوية في الفترة من 2004 إلى 2014 بحيث تأتي الصناديق السيادية الخليجية ضمن أكبر 7 صناديق سيادية في العالم، كما تم في السنوات الماضية القيام بإصلاحات مالية مهمة، إضافة إلى أنه يتم الآن مراجعة الإنفاق وترشيده وترتيب الأوضاع المالية استجابة للمستجدات من خلال البناء على التجارب السابقة، فالأزمات الثلاث السابقة اكسبت دول المجلس تجارب مهمة لكيفية التعامل مع الانخفاض في أسعار النفط، وكما يقال «الضربة التي لا تقتلك تقويك».

أما وضعنا الحالي في ظل الركود العالمي الشامل، فإنه يتماشى مع وضع الكثير من الدول التي تعاني إقفال الاقتصاد الناجم عن جائحة كورونا - فنحن لسنا استثناء- بل نحن جزء فاعل في الاقتصاد العالمي المتداخل، لذلك، فإن تأثيراته علينا مؤلمة ومؤثرة جداً، فكما هو الحال في البلدان كافة ستعاني اقتصاداتنا من الركود وتراجع النمو، وستفلس بعض الشركات وستزداد نسب البطالة، وهذه أمور طبيعية في مثل هذه الظروف، علماً بأن أوضاعنا أفضل نسبياً بفضل الإجراءات التي اتخذت لدعم القطاع الخاص، وتقديم الدعم للمؤسسات المالية.

ما يؤكد ذلك السخاء الخليجي في دعم الدول الأخرى، فالإمارات على سبيل المثال قدمت خلال الشهرين الماضيين مساعدات طبية لأكثر من 40 دولة في أوروبا وآسيا وأفريقيا والأميركتين، فكيف لدولة يمكن أن ينهار اقتصادها تستطيع تقديم كل هذا الدعم للبلدان الأخرى؟ ربما تستطيع ماكينة الدعاية الإعلامية حل هذه المعادلة!

ورب ضارة نافعة، فالأزمة الحالية فتحت عيون دول المجلس لقضايا مهمة للغاية يتوجب حلها في فترة ما بعد كورونا، كالقيام بالمزيد من التنوع والإصلاحات المالية وإعادة النظر في قضية مهمة طالما تم التنبيه لها، ولم تدرج على جدول الأعمال، أي تلك الخاصة بإصلاح سوق العمل، ففي دول المجلس عمالة سائبة تقدر بما يتراوح بين 2-3 ملايين عامل، إضافة إلى الإسراف في استقدام الأيدي العاملة المنزلية بصورة مبالغ فيها، والتسيب في ضبط سوق العمل، وهو ما كلف دول المجلس الكثير من المال في فترة الوباء، علماً بأن هذه الإجراءات ستساهم في تقليص تحويل الأموال من دول المجلس، والتي وصلت إلى أرقام فلكية وصلت إلى 120 مليار دولار تقريباً عام 2018 وفق صندوق النقد العربي. وأخيراً، فإن عملية الإنقاذ تعتبر مسؤولية جماعية تتطلب تعاون الجميع، حكومات وأفراداً، وتقبل إجراءات التقشف المؤلمة حتى تنقشع الأزمة، وتعود الأنشطة الاقتصادية في العالم لطبيعتها السابقة.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد