أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

مؤتمر القدس..شرق أوسط جديد

03 يوليو، 2019


على عكس ما رأيناه في الإعلام العالمي والشرق أوسطي، لم يكن هناك في الأسبوع الماضي مؤتمرواحد، بل مؤتمران لمواجهة تحديات المنطقة: ورشة المنامة حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ومؤتمر القدس حول سوريا وإيران. المؤتمران انعقدا تقريباً في التوقيت نفسه.

سيطر مؤتمر المنامة على الإعلام، أساساً لأننا نتكلم عن «صفقة القرن» حتى قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وكذلك لأنّ زوج ابنته ومستشاره الخاص للشرق الأوسط - جاريد كوشنر - هو المايسترو الرئيسي للمؤتمر منذ تخطيطه وحتى انعقاده في 25 - 26 يونيو.

أهمية مؤتمر «الرخاء من أجل السلام» - كما أُطلق عليه - لا تعود إلى مبلغ الـ 50 مليار دولار التي تم الإعلان عنها، ولكن أيضاً للأسلوب الجديد المقترح لحل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، فقد قال لي بعض الزملاء الأميركيين، والذي تكلم معهم فريق كوشنر: إن كل الخطط السابقة فشلت، ولذلك جاء الوقت لتطبيق أسلوب جديد: الاقتصاد قبل السياسة، وهو فعلاً أسلوب مغرٍ، لأن الأراضي الفلسطينية تعاني من وضع يزداد سوءاً، حيث ينكمش معدل النمو ليصبح - مع زيادة السكان - سلبياً، ومؤشرات البطالة حوالي 30% في الضفة، و50% في غزة، وتصبح معدلات الفقر أكثر من الثلثين بين السكان. 

ولذلك فإن الإغراء الاقتصادي قوي. ولكن هل يأتي فعلاً الاقتصاد قبل السيطرة على المشاكل السياسية الحادة؟ أثناء إعدادنا لتقرير التنمية السياسية العربية في ذكراه العاشرة، والذي نشر نسخته العربية في سنة 2014 مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، كانت نتيجة مناقشاتنا أنه لكي ينجح الاقتصاد، فإنه يحتاج إلى البيئة السياسية الملائمة، مثلاً حد أدنى للاستقرار وانتشار الثقة، وإلا هربت رؤوس الأموال أو لا تأتي أصلاً.

اتفقت مع رأينا هذا رئيسة صندوق النقد الدولي عندما علقت على مؤتمر المنامة: «إن الاستقرار السياسي وإشاعة الثقة هي شروط أساسية لنجاح أية خطة اقتصادية». كان المعلق الإسرائيلي شيمي شاليف أكثر تشاؤماً: خطة كوشنر تعتمد على «مشروعات خيالية وأموال غير موجودة كجزء من صفقة سلام لم تحدث حتى الآن».

لم يكن الخيال أساس المؤتمر الثاني في القدس في نفس التاريخ تقريباً، والذي جمع بين مستشاري الأمن القومي في الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل، وكانت خطوته الأولى استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للمشاركين.

وبالرغم من أنه ليس مؤتمر قمة، فإن المشاركين هم كاتمو أسرار الرؤساء، ولنتذكر مثلاً تأثير جون بولتون زعيم «الصقور» في إدارة ترامب، والذي خطط أثناء ولاية بوش الابن لغزو العراق في سنة 2003.

لا نعرف الكثير عما دار في هذا المؤتمر، بحيث يمكن الاعتقاد أن المؤتمرين انعقدا في نفس الوقت، لكي نركز على مؤتمر المنامة، وننسى مؤتمر القدس الذي قد يكون تأثيره على تنسيق المشاكل الحالية أكثر فعالية.

ومع ذلك نعرف أن البندين الرئيسيين كانا سوريا وإيران. وكان هناك شبه اتفاق على سوريا، لأنّ الجميع الآن لا يشترط خروج الأسد مسبقاً، بل يعمل على الإعداد لبناء سوريا بمساعدة الجميع، وبالطبع تجنب أي صدام بين إسرائيل وإيران فوق سوريا.

أما بالنسبة لإيران، فقد كان الخلاف قوياً بين روسيا من ناحية، والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية أخرى.

إحدى النقاط المشتركة بين المؤتمرين، تكمن في الإشارة إلى زيادة النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، ليس عسكرياً فقط، ولكن سياسياً أيضاً.

إنه فعلاً الشرق الأوسط الجديد الذي لم يبدأ الأسبوع الماضي، بل في سنة 1978 - 1979 مع اتفاقيات كامب ديفيد والمعاهدة المصرية- الإسرائيلية.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد