أخبار المركز
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (المعضلة الروسية: المسارات المُحتملة لأزمات الانتخابات في جورجيا ورومانيا)
  • إسلام المنسي يكتب: (جدل الوساطة: هل تخلت سويسرا عن حيادها في قضايا الشرق الأوسط؟)
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)

الأذرع المذهبية:

ملامح الخريطة الإغاثية الإيرانية في الشرق الأوسط

22 نوفمبر، 2016


تُمثل الأنشطة الإغاثية والأعمال الخيرية أداة هامة اعتمدت عليها إيران منذ قيام الثورة الإيرانية (1979) في الداخل من أجل كسب الدعم الشعبي اللازم لزعماء الثورة، وقد نجحت في ذلك، ثم تحولت تلك الأنشطة إلى أداة هامة في السياسة الخارجية الإيرانية. 

وفي هذا الإطار، تنتشر الأنشطة الإغاثية الإيرانية في مناطق الاضطرابات والصراعات في الشرق الأوسط، حيث تمثل موطئ قدم جديدًا لطهران في الدول غير المستقرة. وتلك الأنشطة أكثر وضوحًا في دول مثل: العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وأفغانستان، وهي مناطق هامة للنفوذ الإقليمي الإيراني.

مصادر القوة

وساعدت عوامل مختلفة للاعتماد على الأنشطة الإغاثية كأداة هامة للسياسة الخارجية الإيرانية. فمن الناحية السياسية تُمثل الأنشطة الإغاثية والمساعدات مدخلا هامًّا لتفعيل الدبلوماسية العامة، ودعم العلاقات مع الشعوب، وخاصةً الأقليات الشيعية التي تعتمد عليها إيران لدعم نفوذها بعيداً عن التعامل مع المؤسسات الرسمية للدول في العديد من الأحيان، والتي ترفض محاولات التدخل من قبل طهران.

ومن الناحية الاقتصادية فقد ساعد نجاح المفاوضات مع الدول الكبرى (مجموعة 5+1) حول البرنامج النووي في الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، كما تم رفع بعض القيود عن تصدير النفط الإيراني، مما يضخ مزيدًا من الأموال والاستثمارات في الاقتصاد الإيراني، وبالتالي إنعاشه، وزيادة قدرة طهران على توجيه المزيد من الأموال نحو الأنشطة الإغاثية(1).

وجغرافيًّا، ساعد الموقع الجغرافي لإيران المنفتح على الخارج في سهولة حركة المواد الإغاثية الإيرانية للخارج في أشكالها المختلفة، حيث تُسيطر عبر بحر قزوين والخليج العربي على ممرات مائية هامة تمكنها من الحركة خارجيا. 

كما ساعد البعد الديموغرافي والمذهبي في توجيه الدعم والأنشطة الإغاثية، حيث استغلت إيران الجاليات الإيرانية في العراق ودول الخليج، وذلك بجانب الأقليات الشيعية الموجودة بالفعل في العراق، ولبنان، واليمن، والبحرين. واتخذت طهران من تقديم المعونات والمواد الإغاثية مبررًا للتدخل وفي الدول التي تضم أقليات شيعية. 

الأذرع الإغاثية:

تمتلك إيران شبكة من المنظمات الإغاثية والخيرية في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط. وتتميز الأنشطة الإغاثية الإيرانية بكونها ليست مؤقتة كما هو الحال في الأنشطة الإغاثية لمعظم الدول الأخرى، نتيجة تحولها إلى مؤسسات دائمة بهدف إيجاد موطئ قدم لطهران داخل الدول التي تتواجد بها المؤسسات الإغاثية الإيرانية. 

ويمكن توضيح أهم ملامح خريطة تلك الأذرع الإغاثية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط على النحو التالي:

أولا- لبنان:

تُعد لبنان ساحة هامة للنفوذ الإيراني منذ قيام الثورة الإيرانية، والتي تبعها نشأة حزب الله اللبناني، الحليف الاستراتيجي لإيران، وأحد أهم أذرعها العسكرية في المنطقة. وتنتشر الأنشطة الإغاثية والمساعدات الإيرانية في لبنان، كالتالي:

1- لجنة الإمام الخميني للإغاثة (وتسمى لجنة إمداد الإمام الخميني): وهي لجنة لها مكاتب في 7 دول، وتتعاون مع أكثر من 40 دولة، ويشرف على أنشطتها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، ثم يليه مجلس مكون من خمسة أفراد. ويتولى هذا المجلس عملية إدارة شئون اللجنة، ومتابعة نشاطها في الداخل، فضلا عن متابعة وتوجيه الأنشطة الخارجية التي يقوم بها مسئولو الشئون الدولية للجنة(2).

وقد جاء على موقع اللجنة أنها أُنشئت بعد الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 في الداخل، ثم تم فتح فروع لها في خارج إيران. وقد كان أهم محطاتها لبنان، وأُنشئت في نفس العام، وذلك من أجل إعالة الأسر الفقيرة عبر أنشطة متعددة، منها: مساعدات ومخصصات مالية وعينية وطبية وتربوية وكسائية وسكنية. 

وتعمل اللجنة عبر أدوات منها مدارس تربوية مثل: مجمع أهل البيت التربوي، ومجمع الإمام الخميني، ومجمع الإمام الباقر، ومجمع الإمام علي، ومركز الإمداد للتعليم المهني، ومراكز تربية متخصصة، ومراكز رعاية اجتماعية ومشروعات خيرية ورحلات ومخيمات كشفية(3). وتلك أنشطة دائمة تخدم الاستراتيجية الإيرانية ونفوذها على الساحة الإقليمية، وقد زادت بعد حرب 2006 في لبنان.

2- لجنة إعادة إعمار لبنان: تمثلت مهمتها في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الإسرائيلية عام 2006، من خلال إقامة السدود، وتوصيل الكهرباء، وتقديم المساعدات المالية لإعادة إعمار لبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية في عام 2006 والتي دمرت كثيرًا من البنية التحتية اللبنانية.

وتتضمن المساعدات الإيرانية للبنان أربعة محاور أساسية هي: صيانة الطرق والجسور، وإعادة إعمار المدارس ودور العبادة والمراكز الدينية، وإعمار المراكز الاستشفائية، وإصلاح وإيصال الطاقة الكهربائية للأماكن التي تم تدميرها. وفي إطار تلك المساعدات أصبح هناك 42 مركزًا تربويًّا و51 دارًا للعبادة و19 مركزًا صحيًّا و10 جسور أساسية و12 جسرًا فرعيًّا(4). كما أنه تم توزيع أكثر من 92 مولدًا كهربائيًّا و13 شبكة طرق، وتتكفل الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان بذلك، وقد نفذت ما يقرب من 630 طريقًا فرعيًّا، كما أعلنت اللجنة أنها نفذت 400 مشروع إعماري في مناطق لبنان المختلفة، وتم إعادة إنشاء وإعمار أكثر من 200 كلم من الطرق الرئيسية والفرعية في لبنان(5).

كما عرضت إيران بناء سد في قرية تنورين في عمق المناطق المسيحية، في إشارة إلى توسيع أدوات القوة لتشمل الطوائف الأخرى غير الشيعة. كما قامت "مؤسسة وعد" الإيرانية بإعادة بناء الضاحية الجنوبية في لبنان، وبناء شقق ومتاجر لنحو 120 ألف شخص في الضاحية، وكلفت 400 مليون دولار نصفها تمويل إيراني(6).

3- المؤسسات التابعة لحزب الله بتمويل إيراني: تقدم إيران الدعم المالي والمساعدات لحزب الله والتي استطاع من خلالها تكوين نشاط إغاثي دائم داخل لبنان بتمويل إيراني تمثل في التالي:

‌أ) الوحدة الاجتماعية: وتضم أربع مؤسسات، هي: مؤسسة جهاد البناء، ومؤسسة الشهيد، ومؤسسة الجرحى، ولجنة إمداد الخميني. وأصبحت مؤسسة مثل جهاد البناء ذات دور فعال على الساحة اللبنانية، واستطاعت عبر إيران إمداد المياه لحوالي 45% من سكان ضاحية بيروت الجنوبية، وهي مسئولة عن عملية بناء البنية التحتية والسكنية خاصة منذ حرب 2006. وترعى مؤسسة الشهداء أسر شهداء القتال مع إسرائيل. أما مؤسسة الجرحى فترعى الجرحى منهم.

‌ب) الوحدة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله والتي تتكون من: 3 مستشفيات، و12 مركزًا صحيًّا، و20 مستوصفًا، و20 عيادة لطب الأسنان، و10 دوائر رقابة، وتقوم بتقديم الضمان الصحي المجاني.

‌ج) الوحدة الثقافية التابعة لحزب الله تقدم خدمات للعائلات الفقيرة، وخاصة الشيعية، ممن لا تستطيع تحمل تكلفة الدراسة وبرسوم أقل بكثير من المدارس الأخرى في لبنان، وتخدم حوالي 14000 طالب، وتقدم منحًا دراسية للطلاب ومساعدات مالية وكتبًا(7).

ثانيًا- العراق:

تُعد العراق ساحة هامة للنفوذ الإيراني منذ الغزو الأمريكي لها في عام 2003، فقد سعت إيران لتوسيع نفوذها في العراق على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية. فسيطرت على كل مفاصل الدولة العراقية. ولذا تنتشر المؤسسات الإغاثية والخيرية الإيرانية في العراق، وهي مؤسسات لا تنفصل عن التدخلات العسكرية لفيلق القدس الإيراني، وتتواجد بكثافة عبر حلفاء طهران من الشيعة والحكومات الموالية لها، ومن تلك المؤسسات ما يلي:

- مؤسسة روح الله، والتي تعمل في المجال الثقافي.

-مؤسسة دار القرآن، وترتبط بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وبقوة القدس، وتتخصص في المجال الثقافي.

- مؤسسة الخطيب للثقافة الإسلامية، وهي متخصصة في الخدمات الثقافية الإسلامية والإنسانية وترتبط بفيلق بدر.

- مؤسسة الإمام الصادق، وتتخصص ببيع الكتب الإيرانية ونشر المذهب الشيعي.

-مؤسسة الأوقاف، وتقوم هذه المؤسسة بالإضافة إلى توزيع المصاحف وكتب الأدعية على زوار العتبات المقدسة بتقديم الطعام وتنظيف العتبات، وترتبط بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

- مؤسسة أنصار فاطمة الزهراء، وتقوم بتقديم المساعدات لزوار العتبات المقدسة وتوزيع الكتب والأدعية مجانًا.

- مؤسسة المظفر الثقافية، وترتبط بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية.

- مكتب مساعدة فقراء شيعة العراق، وقد افتتحته المخابرات الإيرانية في نهاية عام 2004، وقد تمكنت بواسطته من تجنيد ما يقارب (70) ألفًا من الشباب للانضمام إلى فيلق بدر، مقابل إغراءات مالية، ووعود بالحصول على وظائف وامتيازات.

-مؤسسة دار التوحيد، وتعمل في مجال مساعدة عوائل القتلى، وكذلك لسد احتياجات المتضررين، وهي تمول مباشرة من مكتب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية "علي خامنئي".

- مؤسسة المشاريع الخيرية، ويشرف على أنشطتها عمار الحكيم، وتحمل ترخيص عمل من الحكومة العراقية، وتدعي مساعدة العوائل المتضررة من النظام السابق.

- مؤسسة الشهيد، وهي تعمل تحت غطاء مساعدة العوائل المتضررة.

- مؤسسة إغاثة أيتام العراق.

 منظمة الإغاثة الإنسانية في مدينة خانقين، وتدعي مساعدة الأكراد، وهي تعمل على توطين عدد من العوائل الإيرانية لتغيير وضعها الديموغرافي.

-مؤسسة الرحمة لليتامى، وهي مؤسسة تتلقى دعمًا كبيرًا من مكتب علي خامنئي.

- مؤسسة يوم المستضعفين.

-مؤسسة الإمام الهادي.

مؤسسة الكوثر، وتنسق أنشطتها بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر العراقية ولجنة الإمام للإغاثة، ويشرف على أنشطتها فيلق القدس، وتتستر بغطاء تقديم الخدمات إلى المواطنين وتقديم المساعدات.

- مؤسسة الإمام للإغاثة.

مؤسسة النخيل، ويشرف عليها حزب لله في الجنوب. 

- مؤسسة بارسيان الخضراء، وتقوم في الظاهر بتقديم الدواء والعلاج للمرضى والجرحى، وفي الباطن تقوم بجمع المعلومات الاستخبارية، كما تهتم بمراقبة التحركات العسكرية للقوات الأجنبية في العراق، وترتبط بفيلق القدس الإيراني.

- مؤسسة مستوصف إيران الخيري، وتقدم مساعدات طبية للمرضى.

- مؤسسة بالان، وهي متخصصة في الإنشاء والتعمير في الظاهر(8).

ثالثًا- اليمن:

تدعم إيران الحوثيين في اليمن على أصعدة مختلفة. وتعد الأداة الإغاثية الإيرانية هامة في اليمن، حيث توظفها طهران بأشكال عدة لتحقيق أهدافها. ومن أهم المؤسسات العاملة في اليمن:

1- مؤسسة "شهيد يمن": وهي تابعة لمؤسسة الشهيد الإيرانية، والتي أُنشئت عام 2009 بناء على تعليمات من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، لتوفير المساعدة المالية والرعاية الصحية لعائلات قتلى الحوثيين أسوة بالامتيازات التي تحظى بها أسر قتلى إيران. كما تقدم مساعدات طبية وإعانات، وقد زاد الدعم المادي الإغاثي لتلك المؤسسة حسب مصادر إلى 3.7 ملايين دولار. 

2- المستشفى الإيراني والمركز الطبي الإيراني بصنعاء: وقد أغلقتهما السلطات اليمنية عام 2009، بعد توجيه تهم لهاتين المؤسستين اللتين تتبعان الهلال الأحمر الإيراني بتمويل أنشطة (المتمردين) الحوثيين(9).

رابعًا- أفغانستان:

تقوم إيران ببناء البنية التحتية في أفغانستان من خلال مشروعات المياه والكهرباء وخدمات المناطق الصناعية والطرق. ففي عام 2007 أعطت إيران لأفغانستان 500 مليون دولار في شكل أرصدة دائنة، وساعدتها بحوالي مليوني دولار للمساعدة في الإصلاحات الإدارية الأفغانية غير الحكومية، وكذلك بمساعدات لتدريب المسئولين الحكوميين في "قندهار" و"كابل" في عامي 2006 و2007.

كما ساهمت إيران في بناء معهد اتصالات، وقامت بتدريب معلمين أفغانيين. وقامت شركة "شهيدي كاندي" الإيرانية، بالتعاون مع شركة هندية، بإنشاء 150 ألف خط هاتف في كابل وقندهار ومزار شريف وجلال آباد في أفغانستان(10).

خامسًا- الصومال:

بدأت الأنشطة الإغاثية الإيرانية بعد المجاعة التي تعرضت لها الصومال في أكتوبر 2011، حيث وصلت المساعدات للصومال في نفس الشهر. وتقوم السفارة الإيرانية بتنسيق تلك الأنشطة الإغاثية وغيرها من الأنشطة، ومن أهم الهيئات الإغاثية العاملة في الصومال: 

1- لجنة الإمام الخميني للإغاثة: تركز اللجنة على الأنشطة الإغاثية للصوماليين الذين تعرضوا للجفاف من حيث توزيع الأغذية والمياه في المخيمات، ويتبعها نشاط ثقافي مكثف لنشر التشيع بين متلقي تلك المساعدات. 

2-الهلال الأحمر الإيراني: قام بإرسال مساعدات تقارب خمسة آلاف طن إلى الصومال، وكان توزيع تلك المساعدات متحيزًا للمناطق التي كانت هدفًا للنفوذ الإيراني، لذا لم يستجب الهلال الأحمر الإيراني لدعوات الحكومة الصومالية بالتنسيق مع الهيئة القومية لدرء الكوارث الصومالية لتحديد المناطق الأكثر تضررًا من الجفاف بالفعل. 

3- الملحق التعليمي للسفارة الإيرانية في مقديشيو، وهو مسئول عن المنح الدراسية للطلاب الصوماليين إلى إيران، ويقدر عدد الطلبة الصوماليين في الجامعات الإيرانية بـ950 طالبًا وصلوا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال السنتين الماضيتين، كما يوجد عدد من الطلاب الذين التحقوا بالمدارس الدينية الإيرانية.

4- المخيم الطبي الإيراني: تم افتتاحه في مقديشيو في ديسمبر 2012، ولم يتوقف عن العمل يومًا واحدًا منذ ذلك التاريخ، في حين رحلت جميع المنظمات الإغاثية الأخرى(11).

الإغاثة ودعم النفوذ المذهبي:

تدعم الأنشطة الإغاثية الإيرانية زيادة النفوذ الإقليمي لطهران في منطقة الشرق الأوسط عبر إتاحة الفرصة للتدخل الإيراني في الشئون الداخلية للدول المضطربة. وتوظف إيران الأداة الإغاثية من أجل خدمة الاستراتيجية الإيرانية في توسيع نفوذها، وذلك على النحو التالي: 

أولا- نشر التشيع: يدخل التشيع بقوة ضمن أهداف الاستراتيجية الثقافية لإيران، وتتولى مسئوليته مؤسسات منها: المجمع العالمي لأهل البيت، ومنظمة التبليغ الإسلامية، ومجمع التقريب بين المذاهب، وممثليات المرشد الأعلى في الخارج، والحوزات الدينية في الخارج، ومؤسسة الإمام الخميني للإغاثة(12). 

ولا ينفصل التشيع عن استراتيجية دعم النفوذ الإيراني؛ حيث تساعد الأذرع الإغاثية الإيرانية في التعامل مع مواطني الدول التي تقدم إليهم المساعدات بشكل مباشر، وبالتالي تم دخول العديد من هؤلاء ضمن المذهب الشيعي، وخاصة في إفريقيا، مما يهيئ لإيران موطئ قدم جديدًا يساعدها في استخدام تلك الأقليات الشيعية الناشئة كورقة للضغط أو للتدخل.

ثانيًا- تستخدم إيران الأنشطة الإغاثية كواجهة أحيانًا لإرسال الأسلحة للجماعات التابعة لها، حيث يتم إرسال أسلحة إلى لبنان وسوريا واليمن وقطاع غزة أيضًا، ويتم تنفيذ عمليات تهريب الأسلحة لتلك الدول، حسب تقرير نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، من قبل "الوحدة 190"، وهي فرع خاصّ من "قوة القدس" التابعة لـ"الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، وتستخدم تلك الوحدة نظامًا مُحكمًا من المؤسسات وشركات الشحن كواجهة لإخفاء بصمات "الحرس الثوري"، وتجاوز العقوبات الدولية. وعادةً ما تُخبّأ الأسلحة داخل حاويات المساعدات الإغاثية(13).

ففي اليمن تم العثور على سفينة جيهان الإيرانية التي اقتادتها السلطات اليمنية في عام 2013، والتي كانت تنقل 40 طنًّا من الأسلحة إلى الحوثيين، كما جرى احتجاز سفينة صيد إيرانية أخرى في عام 2011، وكانت تحمل 900 صاروخ مضاد للدبابات إيراني الصنع كانت موجهة للحوثيين(14). 

أيضًا هناك "لجنة إمداد الإمام الخميني" التي تُعتبر في ظاهرها منظمة مساعدات إنسانية تعمل بالتنسيق مع قوات القدس، حيث تقوم بتنسيق أنشطتها مع السفارات والقنصليات الإيرانية، وتستخدم اللجنة وجودها للقيام بمهام عسكرية نيابة عن قوات القدس(15).

ثالثًا- إيجاد موطئ قدم في مناطق غير شيعية وهامة للاستراتيجية الإيرانية: حيث تدعم إيران عبر الأنشطة الإغاثية إيجاد موطئ قدم لها، وخلق أقليات شيعية في مناطق سنية بالأساس، ويتضح ذلك في الحالة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث تحول تركيز إيران من تمويل حماس وحركة الجهاد الفلسطيني إلى إنشاء حركة الصابرين في قطاع غزة التي تتبنى أفكارًا مستمدة من أفكار الخميني قائد الثورة الإيرانية، وتسعى لتكرار التجربة في فلسطين. وتعمل الحركة عبر أنشطة إغاثية بتمويل إيراني، حيث تعمل بتمويل لجنة إمداد الإمام الخميني وجمعية "الباقيات الصالحات" التي تركز في مساعداتها الإغاثية على أصحاب البيوت المدمرة، وتقدم مساعداتها النقدية لجرحى ومصابي الحروب بقطاع غزة(16).

رابعًا- دعم النشاط الاستخباراتي الإيراني تحت غطاء الأنشطة الإغاثية: تعتمد إيران على إنشاء شبكة واسعة من الأنشطة الإغاثية تعمل من خلالها قوة القدس الإيرانية كغطاء للعمليات الاستخباراتية، وتجنيد العملاء، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتسهيل دخول إيرانيين لتلك الدول للعمل في تلك المؤسسات، وكذلك للتواصل مع وكلائهم، وتجميع المعلومات اللازمة لصياغة الرأي العام المحلى لصالح إيران في داخل تلك الدول. ومثال على ذلك جمعية أهل البيت العالمية، كونها غطاء للمساعدة في جمع المعلومات الاستخباراتية، واستقطاب الطلاب الأجانب، ونقل الأموال والمواد المخصصة لفيلق القدس(17).

خلاصة القول.. إن الأذرع الإغاثية الإيرانية في الشرق الأوسط تخدم أدوات القوة الناعمة الإيرانية من حيث تقديم المساعدات وأدوات القوة الصلبة عبر استخدامها كغطاء لتدخلات إيران في شئون الدول سياسيًّا وعسكريًّا، وكلاهما يخدم النفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة الذي بات واضحًا في عدد من الدول العربية، لا سيما في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وهو ما دفع الكثيرين إلى الحديث عن أن طهران تسيطر على صنع القرار في أربع عواصم عربية. 

الهوامش:

1) “Iran’s Destabilizing Role in the Middle East”، Center for Strategic and International Studies (CSIS)، July 16، 2014، 

2) معتز بالله محمد، لجنة الخميني للإغاثة. تشيُّع في عباءة الإحسان، 17 يونيو 2015، http://alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=7094

3) http://www.alemdad.net/article.php?id=1473&cid=529#.WBCCguV97IU

4) شيباني: إيران لا تضع سقفًا ماليًّا لإعادة إعمار لبنان، جريدة المستقبل اللبنانية، أبريل 2006، ص3.

5) عبدالله مجيد، إيران تحاول التمدد في لبنان للتعويض عن خسارة سوريا، جريدة إيلاف الإلكترونية اللندنية، 25 مايو 2012، متاح على:

www.elaph.com/web/news/2012/5173793/html?entry=Iran

6) عبدالله مجيد، إيران تحاول التمدد في لبنان للتعويض عن خسارة سوريا، جريدة إيلاف الإلكترونية اللندنية، 25 مايو 2012، متاح على:

www.elaph.com/web/news/2012/5173793/html?entry=Iran 

7) شون تريزا فلانيغان ومنى عبدالصمد، جهاد حزب الله الاجتماعي: المقاومة في نموذج مؤسسة غير ربحية، فصلية سياسات الشرق الأوسط، مجموعة الخدمة البحثية، 19 أغسطس 2009 متاح على: 

http://Rsgleb.org rsgleb.org/pdf/Lebanon/sp204.pdf. 

8) عبدالرحمن عبد علي، التدخل الإيراني في العراق: أهدافه ومخاطره، 20 يونيو 2012، متاح على: http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0612/abdali4_200612.htm

انظر أيضًا، احتلال إيران للعراق أخطر على العالم من ملفها النووي، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: لجنة الشئون الخارجية، 2 نوفمبر 2007، http://www.ncr-iran.org/ar/component/content/article/8--/2487-q--------q.html.

انظر أيضًا، http://www.middle-east-online.com/?id=229176 

9) ممثل خامنئي يتعهد بتلبية كل مطالب الحوثيين في رسالة سرية، جريدة الشرق الأوسط، 6 يوليو 2015، العدد 13369. 

10) هناء هشام، إيران في أفغانستان: تأثير دون استراتيجية واضحة، أكتوبر 2010، متاح على:

http://alrased.org/main/articles.aspx?selected_article_no=4524.

11) المساعدات الإيرانية باب للتشيع الممنهج فى الصومال، صحيفة مكة، 6 ديسمبر 2014، متاح على:

http://makkahnewspaper.com/article/79598/Makkah/%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D9%86%D9%88%D8%B1---%D9%85%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B4%D9%88--

12) علي حسن باكير، اكتشاف القوة الناعمة الإيرانية.. القدرات وحدود التأثير، مركز الجزيرة للدراسات السياسية، ملف إيران ومرتكزات القوة، متاح على:

http://studies.aljazeera.net/files/iranandstrengthfactors/2013/04/2013411102151266414.htm.

13) نداف بولاك، إعادة النظر في الاستراتيجية الأمريكية لاعتراض عمليات نقل الأسلحة الإيرانية، 20 أغسطس 2015، متاح على: 

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/rethinking-u.s.-strategy-for-intercepting-iranian-arms-transfers

14) سهير إبراهيم، 3 أذرع إيرانية تزعزع أمن المنطقة، مجلة البيان، 22 ديسمبر 2015. http://www.albayan.ae/one-world/directions-bearings/2015-12-22-1.2534142

15) سكوت مودل وديفيد آشر (ترجمة إيمان سويد). استراتيجية الصد: مواجهة شبكة العمل الإيرانية، 23 أكتوبر 2014، متاح على: http://www.alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=6827

16) عبدالله غيث، حركة الصابرين والمخطط الإيراني في فلسطين، شبكة الأمة اليوم للإعلام، 5-8-2015 متاح على: http://www.umahtoday.net/arabic/?Action=Details&ID=18833

17) Scott Modell، “Iran’s Islamic Revolutionary Guard Corps: Fueling Middle East Turmoil، December 2، 2015، http://docs.house.gov/meetings/FA/FA00/20151202/104244/HHRG-114-FA00-Wstate-ModellS-20151202.pdf