أخبار المركز
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)
  • محمود قاسم يكتب: (الاستدارة السريعة: ملامح المشهد القادم من التحولات السياسية الدرامية في كوريا الجنوبية)
  • السيد صدقي عابدين يكتب: (الصدامات المقبلة: مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في كوريا الجنوبية)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)

دوافع متعددة:

لماذا يستهدف تنظيم داعش إيران؟

11 يونيو، 2017


يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من العمليات الإرهابية غير التقليدية، وذلك على خلفية الهجوم الذي شنه تنظيم "داعش"، في قلب إيران، في السابع من يونيو الجاري، والذي استهدف من خلاله "مجلس الشورى" الإيراني في العاصمة طهران، ومرقد قائد الثورة "آية الله الخميني" في وقت متزامن تقريباً، مما أسفر عن مقتل 12 شخص، وإصابة ما يقرب من 39 أخريين، الأمر الذي يطرح تساؤلاً هاماً حول أسباب استهداف التنظيم لإيران في ذلك التوقيت، لاسيما وأنه يعد الاستهداف الأول من قبل التنظيم، برغم شنّه الكثير من الهجمات داخل العديد من الدول، مما يدل على أن العملية تمثل تطوراً هاماً في مسار العمليات الإرهابية التي شهدتها دول الإقليم.

سياق‭ ‬العملية‭:‬‬‬‬‬

جاء الهجوم الداعشى داخل إيران وسط عدد من التطورات الهامة، منها ما هو متعلق بالتنظيم، وما هو مرتبط بالأوضاع الإقليمية، ويمكن تحديد أهم ملامح هذه التطورات في الأتى:

١- تراجع التوسع الجغرافي للتنظيم: جاء الهجوم الداعشى داخل إيران في وقت يتراجع فيه التنظيم بقوة، لاسيما بعد أن أصبح معقله الرئيسي في مدينة "الرقة" مهدداً بشكل كبير، خاصة بعد أن تمكنت "قوات سوريا الديمقراطية"، بدعم من التحالف الدولي، فى 5 يونيو 2017، من تحرير بلدتي القحطانية والخاتونية شمال غربي الرقة، ما أتاح لها محاصرة 6 قرى يسيطر عليها تنظيم "داعش"، الأمر الذي جعلها تعلن أن عملية تحرير "الرقة"، ستدخل مرحلتها الحاسمة في الأيام القليلة المقبلة، وذلك بالتزامن مع اقتراب تحرير قوات الجيش العراقي، لمدينة الموصل من قبضة التنظيم.

٢- تزايد عمليات "داعش" الخارجية: يأتي هجوم تنظيم "داعش"، داخل الأراضي الإيرانية، في وقت تتصاعد فيه العمليات الإرهابية الخارجية للتنظيم، حيث جاء الهجوم بعد أيام قليلة من إعلان التنظيم مسئوليته عن هجوم جسر لندن، في 3 يونيو 2017. وكان قد سبقه عملية إرهابية أخرى للتنظيم في بريطانيا أيضاً عرفت بهجوم مانشستر في 22 مايو 2017، كما تزامنت هذه العمليات مع تصاعد نشاط التنظيم في الفلبين، التي بدأ في نقل بعض عناصره إليها، من أجل إيجاد معاقل جديدة له، حيث أعلنت الحكومة الفلبينية في نهاية مايو 2017، عن مشاركة عشرات المتشددين إلى جانب مؤيدي تنظيم داعش، في عمليات قتال ضد قوات الأمن في جنوب الفلبين، وذلك عقب قيام ما بين 400 و500 مقاتل من التنظيم باجتياح مدينة "ماراوي" في جزيرة "مينداناو".

دوافع‭ ‬الاستهداف‭:‬‬‬‬‬

يبدو أن هناك مجموعة من الأسباب دفعت تنظيم "داعش"، إلى شن هذا الهجوم النوعي داخل الأراضي الإيرانية، في ذلك التوقيت، والتي كانت توصف بالمناطق الحصينة ضد هجمات التنظيمات الجهادية، مقارنة بغيرها من الدول، ويمكن تحديد أهم هذه الأسباب في الاتي:

1- تخفيف حدة الانكسارات: هجوم داعش في إيران، الذي جاء في سياق التصعيد الخارجي للتنظيم، يشير بقوة إلى رغبته في تخفيف حدة الانكسارات المتتالية، التي لحقت به خلال الفترة الماضية، وذلك من أجل رفع الروح المعنوية لمقاتليه ومناصريه حول العالم، وذلك لعجزه عن تحقيق انتصارات ملموسة في العراق وسوريا، وبالتالي فهو يسعى إلى تحقيق انتصارات خارجية، من خلال هجمات خارجية سواء في إيران أو بريطانيا أو غيرها من الدول، لذا حرص خلال الفترة الأخيرة على دعوة مناصريه حول العالم إلى شن المزيد من الهجمات الخارجية، كما جاء في جريدة النبأ الداعية العدد (83)، الصادر فى 1 يونيو 2017، تحت عنوان "عزوة مانشستر المباركة درس جديد لطواغيت الصليبيين"، والذي يدعوا فيه أنصاره في الخارج إلى شن الهجمات الإرهابية، تحت شعار نقل المعركة إلى عقر دار الكفار.

2- منع الاهتزاز الفكري: إن الفكر الداعشى قائم بشكل كبير على العداء للشيعة، حتى أن انفصال الزرقاوي عن تنظيم القاعدة، كان بسبب رفض قيادات التنظيم استهداف إيران، ورغم ذلك فان التنظيم لم يستهدف إيران بشكل مباشر قبل هذا الهجوم، مما أثار تساؤلات عدة داخل صفوف التنظيم حول أسباب عدم استهدافه لإيران، الأمر الذي يتناقض مع الأسس الفكرية للتنظيم، القائمة على أولوية قتال الشيعة، مما كان ينذر بحالة من الاهتزاز الفكري داخل التنظيم والفروع على حد سواء، لذا رغب التنظيم في القضاء على هذه الأزمة الفكرية، من خلال القيام بهذا الهجوم، خاصة وأنه فشل في تسكينها أو القضاء عليها فكرياً، عبر نشر البيانات والموضوعات التي تهاجم الشيعة، عبر إصداراته المختلفة، لذا حرص في بيانه الذي أعلن فيه مسؤوليته عن العملية، في 7 يونيو الجاري، أن رجاله لن يتركوا فرصة سانحة لاستهداف إيران وسفك دماء أبنائها الشيعة وتدمير مؤسساتها، إلا سوف يغتنموها.

3- بناء تحالفات جديدة: إن العداء لإيران، لا يقتصر على تنظيم "داعش" فقط، وإنما يتعداه إلى العديد من المجموعات الجهادية والسلفية، وبالتالي فإن مثل هذا الهجوم، سيخلق حالة من التعاطف من قبل هذه المجموعات، مما يسمح بإمكانية ضمها الى صفوفه تحت شعار قتال الشيعة والروافض، أو على الأقل التعاون معها، حيث ان ذلك هو القاسم المشترك الوحيد الذي يمكن إن يجتمعوا عليه، خاصة وأن هذه المجموعات تعتقد أن قتال الشيعة واستهداف إيران مقدم على غيرها، لأنها أشد خطراً على الإسلام من اليهود والصليبيين، ومن المؤكد أن التنظيم في حاجة الى مثل هذه المجموعات، خلال المرحلة القادمة، وهو يرتب أوضاعه في مرحلة ما بعد سقوط معاقله في العراق وسوريا.

4- تجنيد عناصر جديدة: يبدو أن التنظيم يهدف من وراء هذا الهجوم، إلى ضم أعضاء جدد إلى صفوفه، لتعويض الخسائر البشرية، التي لحقت به بسبب تعدد الجبهات التي يقاتل عليها، حيث إن هذا الهجوم يمكن أن يمثل فى اعتقاد الكثير من الشباب المتطرف، بداية مرحلة جهادية جديدة ضد الشيعة، وبالتالي فهو "الجهاد الذي لا شبهة فيه"، وبالتالي يمكن ضم عناصر جديدة منهم تحت هذا الشعار، لذا فإن التنظيم حرص خلال الفترة الماضية على إصدار دعواتٍ لكل من يحمل الفكر الجهادي لاستهداف إيران، كان من أشهرها الفيديو الذي نشره في مارس 2017، والذي ظهر فيه عدد من أعضاء التنظيم يتحدَّثون الفارسية، وهم يدعون الإيرانيين السُنَّة لاستهداف إيران.

خلاصة القول إن هجوم داعش على إيران ربما يمثل موجة جديدة من العمليات الإرهابية ضدها، لأنه يمكن أن يشجع العديد من التنظيمات الإرهابية الأخرى لاستهدافها، كونها تمثل الهدف المفضل عند هذه التنظيمات، بسب حربها الطائفية في العراق وسوريا واليمن.