أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

تأزم ممتد:

الصراعات العشرة الأكثر تأثيرا على الأمن العالمي 2021

11 يناير، 2021


عرض: د. إبراهيم سيف منشاوي - مدرس العلوم السياسية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

لقد كان عام 2020 حافلًا بالأحداث الكبرى التي كانت لها آثار بعيدة المدى على السلام والأمن العالمي، مثل: جائحة كورونا، والتأثير المتزايد لتغير المناخ، وأزمة انتخابات الرئاسة الأمريكية، والحرب الأذربيجانية-الأرمينية في ناجورونو كاراباخ، والصراع الدامي في إقليم تيجراي بإثيوبيا. فجائحة كورونا تسببت -على سبيل المثال- في حدوث أزمة اقتصادية عالمية لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، إذ زادت معدلات الفقر بدخول 150 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع. مع وجود احتمالات بحدوث اضطرابات اجتماعية وأعمال عنف خلال فترات التقلب الاقتصادي، لا سيما في السودان ولبنان وفنزويلا، نتيجة لزيادة أعداد العاطلين عن العمل، وانهيار الدخل الحقيقي، وزيادة الاعتماد على الدولة في ظل هذه الأوقات الحرجة.

هذا فضلًا عن أن أزمة تغير المناخ قد تزيد من احتمالية اندلاع الصراع في مناطق مختلفة من العالم. فمع تزايد درجات الحرارة، قد تواجه الحكومات ضغوطًا كبيرة في التعامل مع مشكلات انعدام الأمن الغذائي، وندرة المياه، والهجرة، والتنافس على الموارد. كما اقتربت الولايات المتحدة الأمريكية من أزمة سياسية حادة بسبب حالة الاستقطاب الشديدة التي تسيطر على الشارع الأمريكي بعد الانتخابات الرئاسية. فالرئيس ترامب ما يزال يتحدى شرعية الانتخابات الرئاسية، مخلفًا بذلك موقفًا فوضويًا قد يثير ويعضد من مسألة عدم الثقة في المؤسسات الحكومية، ويزيد -في الوقت نفسه- من حدة الانقسامات الاجتماعية والعرقية العميقة. فلا تنفك إدارة ترامب تعمل على تعقيد الموقف السياسي لإدارة بايدن الجديدة من خلال فرض مجموعة من العقوبات على إيران من أجل إعاقة جهود بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، ومن خلال الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية لمساندة قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإجراء سلسلة من عمليات الانسحاب العسكري من الصومال وأفغانستان والعراق. وهي بالفعل تنوي بهذه الأفعال أن تغل يد السلطة القادمة إذا حاولت التفاوض من جديد مع إيران أو كوريا الشمالية، أو حاولت دفع عملية التسوية السياسية في اليمن أو فنزويلا. 

أضف إلى ذلك أن الأرمن قد أُجبروا في عام 2020 على مواجهة أذربيجان عسكريًا في ناجورونو كاراباخ، وخسارة الأراضي التي كانوا يسيطروا عليها لمدة ربع قرن. كما دخل إقليم تيغراي في مقاومة مطولة ضد القوات الفيدرالية الإثيوبية، بالإضافة إلى أزمة الروهينجا الممتدة منذ عام 2017، إلى جانب استمرار معاناة الشعب الفلسطيني من جراء الاحتلال الإسرائيلي، والقضاء على تطلعات الشعب الصحراوي في تقرير المصير. 

في هذا الإطار، يرى روبرت مالي، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية، أن عام 2021 سيشهد استمرار مجموعة من الأزمات الدولية التي قد تؤثر على السلم والأمن الدولي، وذلك في مقالته المعنونة "عشرة صراعات يمكن مشاهدتها في عام 2021" والمنشورة في موقع مجلة "السياسة الخارجية" في 29 ديسمبر 2020. وقد حصر هذه الأزمات في عشر أزمات دولية، هي:

الأزمة في أفغانستان: 

فعلى الرغم من التقدم الضئيل في محادثات السلام، إلا أن الأمور في أفغانستان قد تسوء بصورة كبيرة في عام 2021. فبعد ما يقرب من عقدين من القتال، وقّعت الحكومة الأمريكية اتفاقًا مع متمردي حركة طالبان في فبراير 2020، تعهدت واشنطن بمقتضاه سحب قواتها من أفغانستان في مقابل تعهد طالبان بمنع التعامل مع الإرهابيين، والدخول في محادثات مع الحكومة الأفغانية. ولكن اتخذت الحكومة الأفغانية خطوة إلى الخلف عندما تعمدت تأخير عمليات تبادل الأسرى لمدة 6 أشهر، لما رأت أن إطلاق سراح 1000 من القوات الحكومية والمسؤولين الذين احتجزتهم طالبان مقابل إطلاق سراح 5000 مقاتل من طالبان، أمر غير متوازن. 

وقد رد المتمردون على تلك الخطوة بتصعيد الهجمات والقيام بعمليات الاغتيال. كما تخلّت طالبان عن أي ضبط للنفس في الأشهر الأخيرة التي شهدت تصعيدًا في التفجيرات الانتحارية والهجوم على المدن. وهذا الوضع المأزوم يُعزَى بطبيعة الحال إلى انتفاء الثقة بين الحكومة وطالبان، فكبار المسؤولين في الحكومة لا يثقون في طالبان، ويرون أن المفاوضات قد تؤدي إلى فقدان مناصبهم الحكومية، في حين يعتقد قادة طالبان أنهم الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، وقد عزز من هذا الاعتقاد بدء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. فترامب سحب الآلاف من القوات الأمريكية مما أدى إلى انزعاج الحكومة، لأن الانسحاب كان مشروطًا -وبصورة ضمنية- في اتفاق السلام بإحراز تقدم ملموس في محادثات السلام، وهو ما لم يحدث. 

لذلك، فإن مصير أفغانستان أصبح يقع على عاتق كابول وطالبان ومدى استعدادهما في المقام الأول لتقديم تنازلات لتسريع عملية التسوية السياسية. كما أصبح يعتمد –كذلك- على موقف إدارة بايدن، التي قد تربط الانسحاب الأمريكي بإحراز تقدم حقيقي في محادثات السلام. والحقيقة قد يكون موقف إدارة بايدن من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان سلاحًا ذا حدين، إذ قد يؤدي تعجيل الانسحاب إلى زعزعة الاستقرار وربما يقود إلى اندلاع حرب أهلية موسعة ومتعددة الأطراف. 

كما قد يؤدي الاحتفاظ بقوات أمريكية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان إلى تأجيج الوضع كذلك؛ إذ لن تقبل طالبان ولا القوى الإقليمية المناهضة للوجود الأمريكي في كابول بهذه الخطوة. وهذا قد يؤدي في نهاية المطاف إلى توقف المحادثات وتكثيف طالبان لهجماتها المختلفة.

الأزمة في إثيوبيا 

اندلعت هذه الأزمة عندما بدأت القوات الفيدرالية الإثيوبية هجومًا موسعًا في 4 نوفمبر في إقليم تيجراي بعد هجوم دموي شنته القوات التيجرانية في المنطقة أسفر عن الاستيلاء على وحدات عسكرية فيدرالية. وقد خلّفت هذه الحرب بعد سيطرة الجيش على ميكيلي عاصمة الإقليم، العديد من الضحايا في ظل حالة من التعتيم الإعلامي. كما أدت إلى نزوح أكثر من مليون شخص داخليًا، وفرار حوالي 50 ألف شخص إلى السودان. وهذا الصراع الدائر في الإقليم يُعتبر جزءًا من صراع أوسع بين مؤيدي النظام الفيدرالي الإثني الإثيوبي ومعارضي هذا النظام الذين يعتقدون أنه يرسخ من الهوية العرقية، ويعزز من الانقسام المجتمعي. 

ومن الواضح أن الوضع في إثيوبيا قد أضحى أكثر تعقيدًا، خاصةً بعد أن سيطرت القوات الفيدرالية على ميكيلي والمدن الأخرى، ورفضت إجراء أي محادثات مع قادة جبهة التحرير الشعبية لتيجراي. وبدلًا من ذلك، قامت السلطة المركزية بتعيين حكومة إقليمية مؤقتة في الإقليم، كما أصدرت أوامر اعتقال بحق 167 من مسؤولي وضباط جيش تيجراي، وهذا بالطبع سيعزز من المشاعر الانفصالية للتيجرانيين، وسيقود إلى أزمة سياسية شديدة لا سيما في ظل تعرض التيجرانيين لعمليات تطهير عرقي موسعة. لذلك، سيكون من المهم التحرك نحو البدء في حوار وطني شامل لمعالجة الانقسامات العميقة في البلاد قبل أن يصبح مستقبل إثيوبيا قاتمًا.

الأزمة في منطقة الساحل الإفريقي

تفاقمت الأزمة مستمرة في منطقة الساحل الإفريقي مع تزايد العنف العرقي وتوسع الإرهابيين في نفوذهم. فقد كان عام 2020 هو الأكثر دموية في تاريخ الأزمة التي اندلعت في عام 2012، عندما اجتاح المتشددون شمال مالي. فمنذ ذلك التاريخ توسعت الهجمات الإرهابية، وزادت عمليات التجنيد بين صفوف المتمردين، في الوقت الذي لم تتمكن فيه السلطات الحكومية من استعادة المناطق الريفية التي فقدها المسلحون من جراء عمليات مكافحة الإرهاب التي قامت بها فرنسا في تلك المناطق. 

ومما زاد من خطورة الأوضاع، ارتكاب قوات الأمن الحكومية عددًا من الانتهاكات، إلى جانب مساهمة المليشيات العرقية التي حشدتها سلطات مالي وبوركينافاسو لمحاربة الجهاديين، في تغذية العنف الطائفي. فالنهج العسكري في دول مثل مالي وبوركينافاسو والنيجر قد أسهم في السنوات الأخيرة في تغذية العنف الطائفي والتشدد الإسلامي في منطقة الساحل الإفريقي مما يُنذر بعواقب وخيمة.

الأزمة في اليمن

أدى (كوفيد-19) إلى تفاقم معاناة المدنيين الذين يعيشون حياة محاصرة بالفقر والجوع والأمراض، حتى أضحت البلاد على حافة مجاعة محتملة. وقد كانت أمام اليمنيين فرص سانحة قبل عام لإنهاء هذه الحرب، ولكن المتحاربين بددوها. فبدلًا من الدخول في مسار المفاوضات الذي ترعاه الأمم المتحدة، تصاعد القتال، خاصة في مأرب، واصطدمت جهود صنع السلام التي تبذلها الأمم المتحدة بالمزيد من العراقيل، لا سيما وأن الأمور قد خرجت عن سيطرة الحكومة والحوثيين، حيث أصبح هناك فاعلون آخرون لديهم مصالح مختلفة، وهو ما يوجب على الأمم المتحدة ضرورة توسيع إطار عملها ليشمل هؤلاء، خاصة المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب أفراد القبائل في الشمال، لأنه بدون استيعاب هذه الأطراف الجديدة سيكون عام 2021 عامًا حرجًا بالنسبة لليمن، سيما مع استمرار الحرب وانتشار الأمراض وتلاشي احتمالات التسوية السياسية.

الأزمة في فنزويلا:

منذ ما يقرب من عامين والبلاد في حالة يُرثى لها، بسبب حملة الضغط الشديدة التي تقودها الولايات المتحدة والتي تنطوي على فرض عقوبات على كاراكاس، والسعي إلى عزلها دوليًا، والوقوف وراء محاولة فاشلة للانقلاب على مادورو. وفي ظل هذه الأوضاع السيئة، التي تتمثل في عجز الحكومة نتيجة للعقوبات الأمريكية، مع تصاعد وتيرة أزمة كورونا؛ وصلت الظروف المعيشية للفنزويليين إلى الحضيض، خاصة في ظل حالة الانهيار الاقتصادي التي تعيشها البلاد، والتي زادت من فقر المواطنين، وأدت إلى فرار أكثر من 5 ملايين مواطن إلى كولومبيا. 

ولقد أضحى الأمل الوحيد للخروج من هذه الأزمة معلقًا على موقف إدارة بايدن الجديدة، والتي قد تعمل على تغيير المسار والتخلي عن فكرة إسقاط مادورو، وإطلاق جهود دبلوماسية تهدف إلى إرساء الأساس لتسوية تفاوضية بمساعدة كل من قادة اليمين واليسار في أمريكا اللاتينية، إلى جانب اتخاذ خطوات إنسانية فورية للتخفيف من أزمة فنزويلا المتعلقة بفيروس كورونا، والالتزام برفع العقوبات تدريجيًا، في مقابل التزام كاراكاس بإطلاق سراح السجناء السياسيين وتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة في عام 2024. ولكن في الوقت الحالي، تبدو التسوية بعيدة المنال بسبب حالة الانقسام السياسي الكبيرة في فنزويلا.

الأزمة في الصومال

تلوح الانتخابات في الصومال في الأفق وسط خلافات مريرة بين الرئيس محمد عبدالله محمد (فارماجو) وخصومه، سيما في ظل استمرار الحرب ضد حركة الشباب والتي تدخل عامها الخامس عشر. فالمزاج العام قبل الانتخابات أصبح مشحونًا في ظل توتر العلاقات بين مقديشو وبعض مناطق الصومال، مثل بونتلاند وجوبالاند، اللتين لطالما كان قادتهما منافسين للرئيس ويخشيان من إعادة انتخابه. ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى الخلافات حول توزيع السلطة والموارد بين المركز والأطراف. 

وفي ظل الانغماس في هذا الخلاف السياسي، تزداد قوة حركة الشباب، إذ أصبحت تسيطر على أجزاء واسعة من جنوب ووسط الصومال، كما تقوم بمهاجمة العاصمة بانتظام. وهذا التحدي الذي تمثله حركة الشباب لا يمكن مواجهته بالقوة، وإنما من خلال البدء في محادثات جادة للدخول في عملية تسوية سياسية، ولكن لا يوجد أي مؤشر واضح على إمكانية تحقق ذلك في الوقت الحالي. 

وأمام هذه الصعوبات قد يتأزم الوضع الأمني، لا سيما في ظل السعي نحو تسليم المسؤولية الأمنية الأساسية للقوات الصومالية بنهاية عام 2021، على الرغم من أن هذه القوات ما زالت ضعيفة وغير مستعدة لقيادة جهود مكافحة التمرد، وخاصة في ظل عزم إدارة ترامب على سحب القوات الأمريكية وتدريب الجيش الصومالي وتوجيهه لملء حالة الفراغ الأمني. 

وقد أصبح الأمر متوقفًا الآن على نتائج الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في فبراير القادم. فالانتخابات النزيهة قد تسمح -إلى حد كبير- بتكثيف الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن العلاقات الفيدرالية والترتيبات الدستورية وتسريع عملية إصلاح قطاع الأمن. في حين قد تؤدي الانتخابات غير النزيهة إلى حدوث أزمة سياسية، وتوسيع الهوة بين مقديشو والمناطق الأخرى، وبما يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف بين القبائل، وتوطيد سيطرة حركة الشباب.

الأزمة في ليبيا

أصبح التوصل إلى سلام دائم في ليبيا أمرًا شاقًا. فعلى الرغم من توقيع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، وحكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج وبدعم من تركيا، اتفاقًا لوقف إطلاق النار في 23 أكتوبر 2020، مما أدى إلى إنهاء المعركة التي اندلعت في طرابلس وأماكن أخرى منذ أبريل 2019، والتزام الطرفين بسحب القوات من الخطوط الأمامية، وطرد المقاتلين الأجانب، ووقف جميع التدريبات العسكرية الأجنبية؛ إلا أن المتابع يرى أن كلا الطرفين قد تراجع عن الوفاء بوعوده. 

فلا تزال القوات في الخطوط الأمامية، كما تواصل طائرات الشحن العسكرية الأجنبية الهبوط في القواعد الجوية مما يشير إلى استمرار الدعم الأجنبي لكلا الطرفين. وبالمثل، تعرقلت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة من أجل إعادة توحيد ليبيا نتيجة للخلاف بين الأطراف حول خارطة الطريق، وحول الإطار القانوني الذي سيحكم الانتخابات المزمع عقدها بنهاية عام 2021، وحول معايير تقاسم السلطة. 

وفي الوقت الذي تحمل فيه القوى الأجنبية وجهات نظر متضاربة أيضًا. فتركيا تريد حكومة موالية لها وخالية من أنصار حفتر، بينما تريد القاهرة وأبو ظبي تقليل نفوذ أنقرة وتعزيز نفوذ السياسيين الموالين للجيش الوطني الليبي. وفي ظل هذا الوضع المأزوم، ينبغي على الأمم المتحدة المساعدة وبصورة عاجلة في صياغة خارطة طريق لتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة، ولتهدئة التوترات بين الفرقاء الإقليمين، وإلا زادت مخاطر العودة إلى الحرب مرة أخرى.

الأزمة الإيرانية-الأمريكية

أدى مقتل سليماني في يناير 2020 إلى تعزيز التوترات الأمريكية-الإيرانية. كما سعت إدارة ترامب جاهدة إلى الضغط على النظام الإيراني بالخروج من الاتفاق النووي، وفرض المزيد من العقوبات القاسية على طهران أملًا في التنازل عن برنامجها النووي وتخفيف نفوذها الإقليمي؛ إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار طهران في تطوير برنامجها النووي وبشكل غير مسبوق ودون التقيد بخطة العمل الشاملة المشتركة. فطهران أصبحت تمتلك صواريخ باليستية أكثر من أي وقت مضى. 

وقد زاد من التوتر بين الجانبين -كذلك- مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، مما دفع طهران إلى التهديد بتوسيع برنامجها النووي. ولا تزال مخاطر المواجهة قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض قائمة، خاصة في ظل استهداف المليشيات الشيعية الموالية لإيران للأمريكيين في العراق. وعلى الرغم من وجود بوادر لحل الأزمة، حيث أعلنت إدارة بايدن عن سعيها للعودة إلى الاتفاق النووي مرة أخرى، في مقابل إعلان إيران عن استعدادها للالتزام المتبادل بذلك الاتفاق؛ إلا أن الوقت قد لا يسعف الطرفين، لأنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في إيران في شهر يونيو القادم، ومن المتوقع أن يفوز فيها مرشح أكثر تشددًا، مما سيزيد من حالة التوتر الإقليمي والاستقطاب في المنطقة، وينذر بنشوب صراع إقليمي.

العلاقات الروسية-التركية

من المعلوم أن روسيا وتركيا ليستا في حالة حرب، حيث تغلب على علاقاتهما التعاون. ومع ذلك، تدعم الدولتان -في الكثير من الأحيان- أطرافًا متناحرة، كما في حالة سوريا وليبيا. كما تتنافس الدولتان على النفوذ كما في حالة القوقاز. وعلى الرغم من أن أردوغان وبوتين قد أظهرا قدرًا من المرونة في التعامل مع بعض الأزمات الخطيرة، مثل حادثة إسقاط تركيا طائرة روسية عام 2015؛ إلا أن أي خلاف قد يؤدي إلى تفاقم الصراع بين الدولتين. وإحدى المناطق المرشحة لذلك هي سوريا. فتركيا تعتبر من أبرز الخصوم للأسد ومن أقوى الداعمين للمتمردين، في حين تُعتبر روسيا حليفًا قويًا للأسد، فقد تدخلت في عام 2015 في الأزمة السورية، ونجحت في تحويل مسار الحرب لصالحه. كما قد تتأزم علاقة الدولتين نتيجة للوضع في ليبيا، إذ تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني، في حين تدعم روسيا الجيش الوطني بقيادة حفتر. 

أزمة تغير المناخ

يمكن القول إنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة سوف يرتفع خطر الصراع المتعلق بالمناخ في السنوات المقبلة. على سبيل المثال، أدى الجفاف في شمال نيجيريا إلى تكثيف القتال بين الرعاة والمزارعين بسبب نقص الموارد، وقد نتج عن ذلك في عام 2019 مقتل ضعف عدد الأشخاص الذين قتلوا في صراع بوكو حرام. 

وفي البلدان الهشة في جميع أنحاء العالم، يعاني ملايين الأشخاص من موجات حرارة قياسية وارتفاع مستويات سطح البحر، وقد يقود ذلك إلى عدم الاستقرار بسبب تفاقم مشكلات انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه، ونقص الموارد. فبعض الدراسات تشير إلى أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار نصف درجة مئوية قد يرتبط بزيادة خطر نشوب صراع مميت بنسبة 10 إلى 20%.

كما يعتقد علماء الأمم المتحدة أن الانبعاثات الحرارية قد أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجة واحدة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع بمقدار نصف درجة إضافية بحلول عام 2030. وعلى الرغم من هذه المؤشرات السلبية، إلا أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل، فقد وضعت إدارة بايدن أزمة المناخ على جدول أعمالها، ودعا بايدن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من مخاطر عدم الاستقرار المرتبطة بالأزمة. كما تعهدت الحكومات والشركات الغربية بتقديم 100 مليار دولار سنويًا بدءًا من عام 2020 للدول الفقيرة من أجل التكيف مع تغير المناخ.

المصدر:

Robert Malley, "10 Conflicts to Watch in 2021", Foreign Policy, December 29, 2020.