• Login

توسيع الخيارات:

لماذا يسعى تنظيم "داعش" إلى تعزيز نشاطه في الهند؟

23 June 2021


أعلنت السلطات الهندية، في 19 يونيو الجاري، عن إحباطها مخطط تبناه تنظيم "داعش" لتأسيس فرع جديد في أدغال وغابات جنوبى البلاد بولايات كيرالا والبنغال الغربية وكارناتاكا وتاميل نادو وأندرا براديش، وذلك بعد نحو شهر من قيام التنظيم بتنفيذ عملية إرهابية ضد أحد المعابد الهندية في مدينة سريناغار، وهى العملية الثالثة في أقل من شهرين التي يعلن التنظيم مسئوليته عنها. وربما يمكن تفسير ذلك في ضوء اعتبارات عديدة يتمثل أبرزها في محاولة التنظيم استغلال انهماك الدولة في مكافحة انتشار فيروس كورونا، فضلاً عن الرد على التحالف القائم بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب استغلال وجوده في الهند لتعزيز نفوذه في أفغانستان، التي يتصاعد فيها انتشار التنظيمات الإرهابية الأخرى، لاسيما تنظيمى "القاعدة" و"طالبان".

تحركات مستمرة:

تصاعدت حدة العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم "داعش" داخل الهند خلال الربع الثاني من عام 2021، حيث تمكن من تنفيذ ثلاث عمليات إرهابية ضد قوات الأمن خلال الفترة ما بين أبريل إلى يونيو من هذا العام، بالتوازي مع قيامه ببث صور لتجمع عناصره في إحدى المناطق بالهند، في 6 مايو من العام نفسه، كنوع من استعراض القوة وتأكيد اتجاهه إلى توسيع نطاق نشاطه عبر فرعه في الهند، وهو ما أشارت إليه السلطات الأمنية الهندية عقب إعلانها، في 19 يونيو الجاري، إحباط مخطط لإنشاء فرع جديد للتنظيم في أدغال وغابات جنوبى البلاد، حسب ما نشره موقع "ون إنديا". وقد كشفت التحقيقات أن عناصر الخلية التي كانت تسعى لتحقيق هذا الهدف، كان يهدفون إلى شن هجمات ممنهجة تستهدف قتل قادة سياسيين وضباط شرطة ومسئولين حكوميين. 

دوافع عديدة:

ربما يمكن تفسير اتجاه التنظيم إلى تفعيل نشاطه على الساحة الهندية في ضوء دوافع عديدة، يتمثل أبرزها في:

1- إعادة بناء فرع التنظيم: على الرغم من أن التنظيم أعلن عن وجوده في الهند في 10 مايو 2019، إلا أن عملياته في الداخل الهندي توقفت منذ ما يقرب من عام، حيث كانت آخر عملية إرهابية نفذها في 3 يوليو 2020، بمنطقة سريناغار بالقرب من مقاطعة كشمير، وهو ما جعل فرع التنظيم في الهند من الأفرع الأقل فاعلية مقارنة بباقي أفرع التنظيم الإرهابي. ومن هنا، يسعى فرع التنظيم في الهند عبر تنفيذ عمليات إرهابية بالداخل الهندي إلى إعادة إثبات وجوده، لاسيما مع إعلان التنظيم الرئيسي التركيز على آسيا خلال المرحلة المقبلة، عبر الاعتماد على آلية الانتشار والتمدد اللامركزي، التي تقوم على تكوين مجموعات وكيانات صغيرة الحجم تكلف بعمليات محدودة يحاول من خلالها التنظيم توسيع شريحة المؤيدين والمتعاطفين معه من خلال عمليات خاطفة تثبت قدرته على تنفيذ هجمات إرهابية وتجاوز الإجراءات الأمنية التي تفرضها السلطات. 

2- استغلال الأزمات: يحاول التنظيم استغلال الانتشار الواسع لفيروس كورونا في الهند، في الوقت الحالي، والذي أدى إلى انهماك السلطات الهندية في التعامل مع تداعياته، وانخراط قوات الأمن في تلك الجهود، على نحو وفر مساحة للتنظيم من أجل السعى إلى محاولة توسيع نطاق عملياته وإعادة التموضع في مناطق جديدة داخل الهند.

3- استقطاب عناصر جديدة: مع بدء تصاعد أزمة وباء كورونا على مستوى العالم، وضع تنظيم "داعش" استراتيجية جديدة للاستفادة من انتشار الوباء لتحقيق العديد من المكاسب، وهو ما أعلنه التنظيم في رسالة تم نشرها عبر إصداره الرسمي ممثلاً في جريدة "النبأ" في العدد 223، حيث سعى إلى توظيف انتشار الفيروس في تعزيز قدرته على ضم وتجنيد عناصر هندية جديدة، ومن هنا دعا التنظيم في رسائله باللغة الهندية المواطنين الهنود إلى الانضمام إليه، باعتبار أن ذلك يمثل، في رؤيته، "محاولة لتجنب الإصابة بالبلاء".

4- توسيع نطاق "الهلال الداعشي" الآسيوي: كان لافتاً أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي نفذها تنظيم "داعش" في الهند جاءت بعد سلسلة من العمليات الإرهابية النوعية التي أعلن مسئوليته عنها في أفغانستان، على نحو دفع اتجاهات عديدة إلى ترجيح اتجاه التنظيم نحو تأسيس محور "داعشي" جديد في القارة الآسيوية، يضم الهند وباكستان وأفغانستان ودول آسيا الوسطى.

5- تأسيس مركز مؤقت محتمل: لا يمكن الفصل بين محاولات التنظيم إعادة التموضع داخل الهند، والضربات القوية التي يتعرض لها في دول مثل العراق وسوريا، حيث سعى إلى توفير بديل جديد يمكن الانتقال إليه في حالة تراجع القدرة على الاحتفاظ بمناطق نفوذه في الدولتين، وهى الاستراتيجية نفسها التي لجأ إليه في مرحلة ما بعد هزيمة الباغوز في مارس 2019، عندما اتجه إلى الانتقال إلى منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، بما يعني أن "داعش" يحاول توسيع هامش الخيارات المتاحة أمامه للتعامل مع الضغوط القوية التي يتعرض لها.

6  دعم النفوذ في أفغانستان: كشفت تقارير عديدة أن "داعش" يقوم بتجنيد هنود لإرسالهم للقتال داخل أفغانستان، خاصة في ظل تصاعد حدة الصراع مع قوى وأطراف عديدة مناوئة له في الفترة الحالية. ووفقاً لهذه التقارير، فإن التنظيم يركز على مقاطعة كيرالا في المقام الأول، حيث تمكن من استقطاب بعض مواطنيها، على نحو بدا جلياً في مشاركة أحد الهنود في الهجوم على معبد للسيخ في أفغانستان في 25 مارس 2020، وهو ما أسفر عن مقتل 28 شخصاً.

في النهاية، يشير إعلان السلطات الهندية عن إحباط محاولة تأسيس فرع جديد لـ"داعش" في الهند، إلى أن التنظيم ما زال يسعى إلى تنفيذ عملية إعادة تموضع داخل الهند وخارجها، وذلك لتأكيد قدرته على تجاوز الأزمات التنظيمية والتمويلية التي واجهها على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة.