يمكن أن نعزو أسباب معظم حروب المنطقة إلى النزاع على النفط، مباشرة أو غير مباشرة، واليوم نحن في خضم حرب نفطية إقليمية كبرى. إيران تريد استخدامه ضد الغرب، وخصومها يريدون خنقها به.
وقد هدد إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني، السعودية ودول الخليج دون أن يسميها بأن «أي طرف يحاول انتزاع حصة إيران بسوق النفط إنما يرتكب خيانة عظمى بحق إيران وسيدفع ثمنها يوماً ما»، وذلك بعد التفاهم الهاتفي بين العاهل السعودي والرئيس الأميركي حول دعم استقرار النفط، وما قاله الرئيس دونالد ترمب بأن السعودية ستدعم استقرار السوق بمليوني برميل إن تطلب الأمر ذلك.
مع هذا فإن هبوط أسعار النفط هو أقل ما يزعج النظام الإيراني خاصة مع تناقص قدراته على الإنتاج نتيجة سلسلة ضربات سريعة وجهتها إدارة ترمب، من منع الشركات النفطية الأميركية وغيرها من التنقيب والإنتاج والشحن والتأمين. وزاد الضغط على طهران بجولات وزير الخارجية الأميركي، وتراجع أسواق كبرى مثل الهند عن شراء البترول الإيراني. ومنذ بداية حرب ترمب الاقتصادية على طهران انهار الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته، وعادت المظاهرات إلى شوارع المدن الإيرانية، وعلى مدى ثلاثة أيّام كانت طهران تعيش تحت وطأة المحتجين على سوء الوضع الاقتصادي.
والعقوبات الاقتصادية المتسارعة مؤثرة جداً، وبالتأكيد أفضل من المواجهة العسكرية التي قد تقع نتيجة تمدد النظام الإيراني وحروبه الخارجية. بهبوط مداخيل حكومة الرئيس حسن روحاني فإنها فعلياً بدأت انحداراً غالباً سينتهي بسقوطها ما لم تحصل على موافقة المرشد الأعلى بتقديم تنازلات كبيرة. والأمر مستبعد في المرحلة الحالية وحتى نهاية العام الحالي.
تهديدات نائب الرئيس الإيراني موجهة للسعودية لأنها أفسدت عليها قدرتها على مقاومة المقاطعة، وسدت حاجة أسواق إيران مثل الهند. بزيادة الإنتاج أيضاً تفشل طهران في ورقتها الوحيدة مع واشنطن، وهي أن نقص الإمداد قد يضطر إدارة ترمب للتراجع عن مقاطعة إيران بترولياً.
تستطيع إيران أن تبيع نفطها لكن بكميات قليلة وبأسعار زهيدة وهي ستفقد فوراً مداخيلها الرئيسيّة التي تدفع بها للحرب في سوريا واليمن وبالطبع في لبنان. من المستبعد أن تمتنع عن دفع مرتبات موظفيها وتمويل دعم السلع الرئيسية لمواطنيها لأنه يعجل بنهاية النظام الذي يجلس على صفيح ساخن منذ عام ونصف تقريباً.
لعبة النفط مهمة في الحرب الأميركية الخليجية - الإيرانية. لعله أهم سلاح في استراتيجية الضغط على إيران للتراجع والقبول بالشروط الأميركية الاثنى عشر، أو ربما يؤدي إلى انهيار النظام لاحقاً. لا ننسى أنه بالنفط وصل آية الله الخميني إلى سدة السلطة عندما نجحت الحركة المناهضة للشاه في وقف المصافي، وانقطاع تصدير النفط، وأصبح خروج الشاه مطلباً داخلياً وخارجياً.
*نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط