أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

هسبريس:

"الاستهلاك المزدوج" .. مجتمع العلامات التجارية يغيّر مفاهيم التسويق العالمي

27 أكتوبر، 2021


غيَّرت مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الفيس بوك مفاهيم التسويق والاستهلاك في عالمنا المعاصر، خاصة مع بروز مجتمعات العلامات التجارية على الوسائل والأدوات المتعددة للتواصل التي توجهت بصورة كبيرة لاستخدام تلك المنصات في دعم عملية الاستهلاك للسلعة والترويج لها. ولعل هذا المسار نشأ بالأساس عن التفاعلات الاجتماعية في الفضاء الإلكتروني، إذ استهدفت الشركات الكبرى في العالم التركيز على القيم الاستهلاكية للعلامات التجارية المختلفة التي تروج لها، من خلال استخدام المفهوم المزدوج لقيمة الاستهلاك، والذي يعني تحويل القيمة التي يدركها ويكونها المستهلك حول منتج معين إلى قيمة يولدها من منظور نقل الثقة ويقوم بنقلها وتداولها تلقائياً لآخرين؛ مما يُعزز من فرص تلك الشركات من التسويق لمنتجاتها، ومن ثم تحقيق المكسب.

في هذا السياق، عرض مقال تحليلي كتبه كويكون يانج، وآخرون حول مفهوم الاستهلاك المزدوج في مجتمع العلامة التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي “The dual concept of consumer value in social media brand community: A trust transfer perspective” فكرة نظم المعلومات الخاصة بمجتمع العلامات التجارية، وتنظيمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأداة لتحقيق قيم مضافة، ورؤى الشركات حول كيفية استخدام مجتمعات العلامات التجارية عبر الفضاء الاجتماعي التواصلي كأداة استراتيجية لتحقيق قيم الأعمال.

معادلة التجارة الاجتماعية

أنشأت مواقع التواصل الاجتماعي قناة اتصال تجارية جديدة، وأسهمت بصورة كبيرة في فتح المجال واسعاً أمام ترويج المنتجات والعلامات التجارية المختلفة، وتقديم الخدمات للمستهلكين، حيث أوجدت نمطاً من أنماط التجارة يُعرف باسم “التجارة الاجتماعية”، والتي تستهدف تحقيق مزايا تنافسية للشركات التجارية، كما أنها تسهم في زيادة المبيعات لتلك الشركات عبر التفاعلات البينية مع المستهلكين. إذ يُمكن النظر إلى مجتمعات العلامات التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي (على سبيل المثال صفحات العلامات التجارية على الفيس بوك) كنوع من التجارة الاجتماعية، حيث يمكن للشركات تحقيق مزايا تنافسية على رأسها – على سبيل المثال – الوعي بالعلامة التجارية؛ وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبيعات من خلال التفاعل مع المستهلكين.

في هذا الإطار، يشير التحليل إلى أن مجتمع العلامات التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعني استخدام العلاقات الاجتماعية البينية والتفاعلات المختلفة بين المستهلكين لدعم علامة تجارية بعينها، وذلك عبر تحويل اهتمامهم من الاستهلاك غير المنظم إلى التوجه لتسويق العلامة التجارية ذاتها، ويمكن توضيح تلك المعادلة في التسويق الاجتماعي، من خلال النقاط الآتية:

1) الانتشار والتسويق: تسهم مواقع التواصل الاجتماعي في توسيع دائرة التواصل والانتشار للشركات التجارية المختلفة، وذلك من خلال منشوراتها التجارية وتفاعلات المستهلكين معها، أو من خلال التفاعلات المتداخلة بين المستهلكين وبعضهم البعض مما يساعد في نشر السلع والمنتجات الخاصة بالشركات العالمية، ومن ثمَّ يمكن القول إن مجتمعات العلامات التجارية تُشكل فرصة فريدة للشركات المالكة لها للتواصل مع المستهلكين وتعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وبالتالي تحقيق زيادة في المبيعات.

2) خلق قيم للعملاء: تستهدف مجتمعات العلامات التجارية الترويح للسلع والمنتجات الخاصة بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على سلوك المستهلكين وذلك من خلال تحفيز ثلاث قيم وهي النفعية، والسعادة، والقيم الاجتماعية، والتي تُنتج من خلال المزج بين القيم المباشرة (أي نية الشراء)، وغير المباشرة التي تتولد لدى المستهلك عبر الحديث عن تلك العلامة التجارية.

3) الثقة وتعزيز التجارة الاجتماعية: تؤدي الثقة دوراً مهماً في التجارة الاجتماعية لكونها العامل الرئيسي في خلق بيئة مناسبة وآمنة تدعم القيمة التي يولدها المستهلك، فهي ترتبط بصورة إيجابية بالتوجهات التسويقية المختلفة، فالثقة في منتج أو خدمة بعينها، تكون حافزاً وراء توجه الفرد للتعامل مع الشركة مقدمة الخدمة.

هنا، يُعزز السياق والتفاعلات الاجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فكرة الثقة لدى المستهلكين مما يُسهل عملية تبادل المعلومات حول المنتج، وتأتي المحصلة النهائية في كسب ثقة المستهلك في العلامة التجارية ويحقق ذلك أيضاً انتشاراً واسعاً للعلامة بما يزيد من المنتج الخاص بها.

القيمة المزدوجة للمستهلك

أصبحت مجتمعات العلامات التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمنزلة طرق مهمة للشركات لخلق قيم لعملائها (أي القيمة التي يدركها المستهلك)، مع استخلاص القيم منها أيضاً (أي القيمة التي يولدها المستهلك)؛ مما يعكس المفهوم المزدوج لقيمة المستهلك في المجتمع، الأمر الذي يُمكن الاستخلاص منه أن قيمة المستهلك يُعد مفهوماً مزدوجاً، ينتج عن ضخ الشركات منتجات وخدمات متعددة عبر منصات التواصل الاجتماعي، والذي يبلور بدوره “قيمة” لدى المستهلك وفقاً لتقييمه لتلك المنتجات.

وتخضع عملية تقييم وتفضيل المستهلكين للمنتجات المختلفة لأمرين، الأول الفوائد المتصور الحصول عليها نتيجة لشراء ذلك المنتج، والثاني التكاليف الخاصة بها، وجدير بالذكر أن ثمة دراسات وأدبيات قليلة أوضحت الميكانزمات التي تعتمد عليها الشركات التجارية في استنتاج القيمة المدركة لدى المستهلك، ولكن ومن خلال التحليل، اتضح أن عملية تحديد توجهات الأفراد تجاه منتج معين تخضع لثلاثة أبعاد:

(1) القدرة على التنبؤ، أي أن قدرة الأفراد على توقع الاحتياجات المستقبلية تعتبر مصدراً لخلق ثقة لديهم تساعد بصورة كبيرة في بلورة توجهاتهم حول منتجات وسلع معينة، ومن ثمَّ تولد لديهم قيمة وهي الشراء.

(2) التنوع وتعدد البدائل، ذلك أن تعزيز قيمة الشراء لدى المستهلكين على شبكات التواصل الاجتماعي يأتي عبر التعددية والتنوع وحجم البدائل المعروضة من تلك السلع، فمن خلال الإلمام بهذا التنوع، والبدائل تتشكل الخبرات المتنوعة للمستهلكين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يتم تبادلها بأدوات عِدة، لذا يمكن اعتبار أن التجارة الاجتماعية على تلك المنصات بمنزلة المظلة الشاملة لكافة السلع والخدمات.

(3) التفاعلات الداخلية، أي أن تبادل المعلومات بين الأفراد حول المنتجات المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر المنشورات والرسائل والتعليقات المختلفة حولها، يساهم في تشكيل توجه المستهلك وتوليد قيمة الشراء ويجعل منصات التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة وملائمة للتسوق عبر الإنترنت، كما أن تلك التفاعلات المتعددة تولِّد قيمة اجتماعية مشتركة حول العلامة التجارية نفسها.

نتيجة لذلك، فإن الشركات العالمية تستهدف بصورة كبيرة في بلورة صورة ذهنية جيدة لدى منتجاتهم تساهم في توجيه المستهلكين إليها؛ ما يحقق معه قيمة نفعية تتمثل في اتخاذ قرار الشراء المبني على المعلومات والمعرفة المسبقة.

نقل الثقة وقيمة السعادة

تعد الثقة مرتكزاً مهماً في التجارة الاجتماعية؛ لكونها عاملاً مساعداً في تحويل القيمة التي يدركها المستهلك حول أهمية هذا المنتج إلى إجراء فعلي حيال ذلك المنتج، سواء بالشراء أو بنقل الخبرات حول ذلك المنتج، فمجتمع العلامات التجارية يساعد على توفير فرص متعددة أمام قرارات الشراء لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التسوق الإلكتروني (عبر الإنترنت)، كما أنه يولِّد قيماً أخرى كما هي الحال بالنسبة لقيمة السعادة والناجمة عن التعليق على المنتجات المختلفة لمساعدة الآخرين في اتخاذ قرار الشراء وذلك في ضوء تجاربهم المختلفة، أو ترشيح تلك المنتجات لآخرين عبر تعليقاتها، أو عمل مشاركة لبعض المنتجات، والتي تعكس تأييد الشخص أو المستهلك لذلك المنتج أو تلك السلعة.

بالتالي، تعد قيمة السعادة بعداً رئيسياً آخر للقيمة التي يدركها المستهلك والتي تفرزها الشركات في سياق مجتمع العلامة التجارية لمواقع التواصل الاجتماعي، ولعل القيمة أو المنفعة المزدوجة في تلك الجزئية تتمثل فيما تقدمه مواقع التواصل من تسهيل التفاعل الاجتماعي للمستخدمين عبر الإنترنت، ومن ثمَّ فهي تعزز الترابط الاجتماعي بين المستخدمين، إلى جانب قيمة الشراء للمنتجات المختلفة.

انطلاقاً من ذلك، فإن الشركات يمكن أن تستنتج الرغبات لدى المستهلكين بصورة مباشرة، وغير مباشرة، من خلال استراتيجية “WOM” (Word-of-mouth marketing)؛ والمقصود بها أي “اتصال شفهي وغير رسمي يحدث شخصياً أو عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو أي وسيلة اتصال أخرى، والتي تؤثر بشكل كبير على سلوك الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يسهم في زيادة أرباح الشركات من خلال المعاملات التجارية المباشرة وغير المباشرة، خاصة أن تلك الآلية تُمثل قيمة وظيفية تؤثر على كثافة الاستخدام التي بدورها تؤثر على الانطباعات المختلفة تجاه العلامة التجارية، وهو الأمر الذي يخلق حالة من الثقة تجاه علامة تجارية معينة لدى المستهلكين قبل أن ينخرطوا في مجتمعات العلامات التجارية الموجودة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

اتصالاً بالسابق؛ فإن نقل الثقة يمتد من شخصٍ لآخر، وفقاً للخبرات المختلفة التي يبنيها أحدهم تجاه منتج معين، وفي ظل التعامل عبر واقع افتراضي، فإن المستهلكين يكونون بمنزلة الخطوة الأولى لبناء الثقة في ضوء تجاربهم المختلفة وعبر تناقل تلك الخبرات مع أشخاص آخرين، وتلك الخطوة تحدث من خلال عمليتين الأولى: عملية الاتصال، والناجمة عن التفاعلات الشخصية والثانية هي: العملية المعرفية التي تكونت في ضوء تراكم الخبرات السابقة، ويُمكن إيضاح ذلك من خلال النموذج النظري الذي اعتمد عليه التحليل، والمتمثل في:

نتائج أساسية

يخلص المقال إلى نتائج أساسية حول مجتمعات العلامة التجارية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرزها:

– أن مواقع التواصل الاجتماعي تُعد حيزاً حيوياً أمام الشركات العالمية لتسويق منتجاتهم وكسب ثقة الكثيرين من مستخدمي تلك المواقع، خاصة أن القيمة النفعية ترتبط بصورة إيجابية بالثقة في مجتمع العلامات التجارية الافتراضي.

– بإمكان المستهلكين الانخراط في مجتمع العلامات التجارية المتوافق مع ميولهم ورغباتهم، الأمر الذي يولد لديهم قيماً مدركة ومشتركة، تتحول إلى قيم متولدة تُعزز من قيم استهلاكهم لذلك المنتج.

– ثقة المستهلكين تُعزز بقدر كبير من الثقة في العلامات التجارية الموجودة على تلك الشبكات، والتي تسهم في مجمل الأمر في تسويق تلك العلامات، ومن ثمَّ توسع بدورها نطاق الاهتمام بها وزيادة مبيعاتها.

– قدرة الشركات المختلفة على جذب انتباه المستهلكين على منصات التواصل الاجتماعي، تؤثر على ثقتهم تجاه منتجات تلك الشركاء، وبالتالي تولد لديهم قيمة الشراء المتكرر، وتُعد قيمة السعادة لدى المستهلكين التي يولدها النقاش حول منتجات معينة ذات تأثير كبير على ثقافة المستهلكين.

– الثقة في منصات وأدوات التواصل الاجتماعي من بين المعززات للثقة في المنتج نفسه، الأمر الذي يدعم مزيداً من التفاعلات حول ذلك المنتج، مما قد يؤثِّر بشكلٍ أو بآخر على توافر نية الشراء أو الاستخدام.

في الأخير، فإن العلاقة الترابطية بين العلامات التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي، دفعت الشركات الكبرى لمزيد من الوجود على منصات التواصل الاجتماعي للتفاعل مع المستهلكين، وذلك تحقيقاً للتسويق بصورة أوسع إلى جانب تحقيق مبيعات أكبر لتعظيم فوائدها.

*لينك المقال في هسبريس*