أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

التهديد من الداخل:

استراتيجية "الإخوان المسلمين" لاختراق المجتمع الأمريكي

16 نوفمبر، 2016


عرض: سارة محمود خليل، باحثة ماجستير في العلوم السياسية

لم يقتصر نشاط جماعة الإخوان المسلمين على منطقة الشرق الأوسط، إذ استطاعت التمدد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصةً منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي حينما احتدم الصدام بين الجماعة والنظام الحاكم في مصر. ففي غضون سنوات قليلة، تمكن الإخوان المسلمون من التأثير في المجتمع الأمريكي عبر تأسيس شبكة ضخمة من المؤسسات الدعوية والإعلامية والبحثية والتجارية التي هيمنت على تمثيل الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار، صدر كتاب "الإخوان المسلمون: التهديد في الفناء الخلفي" للضابطة الأمريكية المتقاعدة "كاثي هينرز" في عام 2016، والتي تعمل في الوقت الحالي محاضِرة بوزارة الأمن الداخلي الأمريكية. ومن الجدير بالذكر أن توجهات هذه الكاتبة تميل إلى اليمين المتطرف بعض الشيء، إلا أن هذا لا ينفي أهمية الكتاب، خاصةً أنها اعتمدت فيه على مجموعة من الوثائق والمقابلات، بالإضافة إلى خبرتها العملية في هذا الصدد، حيث إنها ألقت العديد من المحاضرات الأكاديمية حول نشاط الجماعة.

التغلغل الإخواني:

أشارت الكاتبة إلى أن العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والولايات المتحدة بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، وشهدت تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وبالتالي فإن تنامي نفوذ الجماعة وتغلغلها في المجتمع الأمريكي لا بد أن يكون مصدر قلق لجميع الأمريكيين، موضحة أن أعضاء ومؤيدي الجماعة لم يتغلغلوا داخل الإدارة الأمريكية فحسب، ولكن في المؤسسات العسكرية والقانونية والتعليمية والدينية أيضًا.

ويميل الإخوان المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى عدم الاندماج في المجتمعات الغربية بصورة كاملة، وتأسيس ما يُشبه جيتوهات مغلقة خاصة بهم، حيث يرون أن الجاليات الإسلامية يجب أن تتبنى اتجاهًا دينيًّا محافظًا يقيهم من الذوبان في الغرب، مع عدم الانعزال عن السياقات الاجتماعية والسياسية بالدول الغربية. في الوقت نفسه، تسعى هذه الجماعة لاحتكار تمثيل الجاليات الإسلامية في مختلف الدول الغربية، سواء بصورة رسمية قانونية، أو عبر آليات فرض الأمر الواقع والظهور الإعلامي.

وتشير الكاتبة إلى أن الإخوان المسلمين يحاولون تطبيق خطتهم من خلال مجموعة من المنظمات التابعة لهم والفاعلة داخل المجتمع الأمريكي والتي تتبنى مفهوم "الجهاد"، ومن أبرزها الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA) وهي أكبر منظمة للمسلمين في أمريكا الشمالية، وتُدير معظم المساجد والمراكز الإسلامية. 

استراتيجية الإخوان:

ثمَّة استراتيجية معينة -حددتها الكاتبة- تسعى جماعة الإخوان لتنفيذها من أجل إحكام سيطرتها على المجتمع، وتتمثل فيما يلي:

1- التسلل إلى الداخل Infiltration: ينتقل المسلمون بأعداد كبيرة إلى الدول غير الإسلامية، سواء من خلال الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، مما أدى إلى زيادة أعداد المسلمين هناك، وبالتالي زيادة معدل المواليد من المسلمين، مما يؤدي إلى خلق صراعات ثقافية.

وذكرت الكاتبة أن أحد الأسباب الرئيسية لزيادة أعداد المسلمين يكمن في سياسات إدارة أوباما؛ ممَّا جعلها تُوجه اللوم إليها لتعاطفها مع الجماعات الإرهابية وتدعيمها، فقد عقدت صفقات مختلفة مع الإخوان المسلمين. كما أطلقت إدارة أوباما برنامج إعادة توطين اللاجئين ((PRP الذي سمح للاجئين العراقيين بدخول الولايات المتحدة وكان بينهم عناصر تابعة للقاعدة، وذلك على حد ادعاء الكاتبة.

بناء على ذلك، انتقدت الكاتبةُ الإدارةَ الأمريكية لتوفيرها مزايا عديدة للأجانب، وتركها الطبقة الوسطى والعسكريين المتقاعدين بدون وظائف، وأشادت بقرار عدد من الولايات الأمريكية بعدم استقبال اللاجئين السوريين، بما يُوقف مهامهم الجهادية، على حد قولها.

وأشارت الكاتبة إلى أن الإخوان في هذه المرحلة اعتمدوا على تصوير عناصرهم على أنهم مسالمون وضحايا لسوء الفهم والعنصرية، وأطلقوا دعوات للحوار بين الأديان وتجريم الإسلاموفوبيا. كما اعتمدوا على انتشار المراكز الإسلامية والمساجد التي لم تعد للصلاة فحسب، بل أصبحت تقدم خدمات عديدة للجاليات المسلمة كبديل عن الدولة.

2- توطيد السلطة Consolidation of Power: وتعد المرحلة الثانية نتاجًا لعمليات التسلل الإخواني للداخل الأمريكي، فكلما زاد النمو السكاني للمسلمين، اتسعت دائرة اختراق الجماعة في المجتمع. وتقوم هذه المرحلة على استغلال الجمعيات الخيرية من أجل تجنيد المؤيدين، وتنظيم رحلات للطلاب في المدارس إلى المساجد التي يقودها أئمة متشددون، وتعيين بعض وعاظ المساجد والأئمة المتطرفين.

وتتجه جماعة الإخوان -خلال هذه المرحلة- إلى تأسيس قاعدة سياسية إسلامية، فقد شكَّلت مؤخرًا مجلس المنظمات الإسلامية (USCMO) الذي يتألف من ثماني جماعات إسلامية، جميعها تنتمي للإخوان المسلمين، والذي ادعى في وقت سابق أنه ستكون لديه القدرة على التأثير في نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وما دفع الكاتبة للدعوة إلى ضرورة مراقبة عمل تلك المنظمات وسلوكيات أعضائها، أنها أصبحت أكثر تغلغلا داخل المجتمع الأمريكي، وخصوصًا بين شباب الجامعات وطلاب المدارس، بالإضافة إلى وقوع معظمها في مناطق حيوية في الولايات المتحدة. وانطلاقًا مما سبق، أوضحت الكاتبة، أنه على الرغم من أن المرحلة الثانية لم تُستكمل بعد إلا أن أغلبها بدأ تنفيذه.

3- حرب مفتوحة OPEN WAR: عرضت الكاتبة بعض التصورات التي يمكن أن تبدو متطرفة للغاية، إلا أنها توضح مخاوف بعض الفئات في المجتمع الأمريكي؛ إذ إنها تتصور أن المرحلة القادمة ستأتي بحرب مفتوحة بين الإخوان المسلمين والمجتمع الأمريكي تشبه ما يقوم به داعش في العراق وسوريا، وسينضم إلى جبهة الإخوان المسلمين في هذه المعركة بعض المسلمين، على حد زعمها.

وأشارت الكاتبة أن الإخوان المسلمين يستغلون التبادل الثقافي وحوار الأديان من أجل الهيمنة الثقافية على المجتمع الأمريكي للوصول إلى مرحلة الحرب المفتوحة؛ حيث تؤكد مراجعة بعض الإصدارات والمنشورات التي تصدرها مؤسسات وهيئات الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية مدى حضها على الاغتراب والانعزال عن المجتمع، وانتقاد القوانين الأمريكية من منظور مدى اتفاقها مع الشريعة الإسلامية، وتتضمن مطالب بتأسيس نظم تعليمية واجتماعية وثقافية وقضائية وقانونية تخص المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية دون غيرهم. 

شبكات تهريب الأموال:

اعتمد التنظيم الدولي للإخوان المسلمين على النظم المالية المرنة في الولايات المتحدة الأمريكية لإدارة التدفقات المالية وتنميتها من خلال الاستثمارات في مختلف الأنشطة التجارية والعقارية، وضخ الأموال في فروع التنظيم المختلفة على امتداد دول العالم، فضلا عن تلقي المساهمات المالية من بعض المتبرعين والهيئات المانحة التي يتم نقلها لبعض فروع التنظيم المسلحة مثل حركة حماس.

ويُمكن اعتبار قضية "بنك التقوى" أحد أهم مؤشرات الممارسات المالية المشبوهة للإخوان المسلمين، حيث اتهمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في نوفمبر 2001 كلا من يوسف ندا وغالب همت بالقيام بأنشطة اقتصادية مالية داعمة للإرهاب من خلال بنك التقوى في جزر البهاما ومجموعة الشركات والمؤسسات الاقتصادية التابعة له في سويسرا وإيطاليا والولايات المتحدة.

وتم وضع أسماء كلٍّ من: يوسف ندا، وغالب همت، ضمن قائمة الأمم المتحدة لدعم الإرهاب، وتم تجميد أرصدة وأعمال "مؤسسة ندا للإدارة" وبنك التقوى، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قامت بفك تجميد الأرصدة بعد عام 2012، فإن الاتهامات لهم بالتورط في تمويل الإرهاب لا تزال قائمة.

وخلُصَت الكاتبة إلى أن جماعة الإخوان لم تعد مجرد منظمة في الولايات المتحدة، بل صارت مرتبطة بشبكات معقدة من المصالح والجماعات المتطرفة. وعلى الرغم من دعواتهم إلى التعايش والاعتدال والحوار بشكل علني، إلا أن أفكارهم تنطوي على ما يرسخ الاغتراب والانفصال الثقافي، يضاف إلى هذا قيامها بتأسيس شبكات لنقل وتهريب الأموال إلى بعض التنظيمات الإرهابية في سوريا، وقطاع غزة، واليمن.

المصدر:

Cathy Hinners, Muslim Brotherhood: The Threat in Our Backyard,Space Independent Publishing Platform, April 2016