لم تقتصر تأثيرات اختراق الثورة التكنولوجية مجالات الحياة المختلفة على التفاعلات المجتمعية والاقتصادية والسياسية للأفراد والدول، بل امتدت لتخلق ساحة جديدة من الحروب غير التقليدية، بعيداً عن ساحات البر والحو البحر، وهي ساحة الفضاء السيبراني التي توافرت فيها عدة عوامل حفزت بعض الدول والفاعلين من غير الدول على استخدامها كإحدى أدوات الصراع والتنافس والهيمنة والإرهاب غير التقليدي، لدرجة قد تنقل ما يشهده العالم من هجمات إلكترونية مختلفة إلى “حرب سيبرانية” (Cyber War).
ولقد ساعدت عوامل سهولة الاختراق الإلكتروني وانخفاض تكلفة الهجوم والطبيعة غير المتماثلة للهجمات السيبرانية وصعوبة اكتشاف الفاعل وانتفاء أدلة الإدانة المباشرة وغياب أطر قانونية لتحديد التداعيات والعقوبات، على استخدام هذا الفضاء الجديد في شن هجمات سيبرانية مختلفة، تتراوح بين هجمات ذات طبيعة استراتيجية تطال البنية الحيوية الأساسية، وبين هجمات ذات أهدف عسكرية، وأخرى ذات طبيعة سياسية.