أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

شراكة متنامية:

مستقبل العلاقات التجارية الهندية ـ الخليجية

14 يوليو، 2014


إعداد: مروى صبري

يعود تاريخ العلاقات التجارية بين الهند ومنطقة الخليج إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وحديثاً جاءت الدفعة الكبرى للتجارة بينهما منذ اكتشاف النفط في دول مجلس التعاون الخليجي وتنامي الطلب على السلع والخدمات والأيدي العاملة الهندية. وبناءً على تبدل النظام الاقتصادي العالمي في الوقت الراهن، تنظر دول المجلس إلى الهند حالياً ليس باعتبارها قوة اقتصادية فحسب، وإنما ربما أيضاً كـقوة "توفيقية" قادرة على لعب دور إيجابي في دعم السلام والاستقرار بالخليج.

وعلى الرغم من الروابط الحضارية والثقافية والتجارية والقرب الجغرافي، فإن الهند لا تحتل مرتبة متقدمة بين الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن، بل إن غالبية العلاقات التجارية بين الجانبين لاتزال تدور حول النفط، بينما تمثل السلع غير النفطية نسبة ضئيلة للغاية منها.

في هذا الإطار يتناول الباحث M. Mahtab Alam Rizvi العلاقات التجارية بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي هي موضوع الفصل الرابع من كتاب (التطورات في منطقة الخليج: الآفاق والتحديات بالنسبة للهند خلال العقدين القادمين)، الذي نشره معهد دراسات وتحليلات الدفاع الهندي IDSA في عام 2014.

ارتفاع حجم التبادل التجاري

يبدأ الباحث الدراسة بتوضيح التصاعد الملحوظ في حجم التبادل التجاري بين الهند ودول الخليج العربية، فقد ارتفعت الصادرات الهندية لدول الخليج خلال عقد واحد من 7.07 مليار دولار عام 2003-2004 إلى 51 مليار دولار عام 2012-2013، وبدأت دول الخليج التوجه نحو آسيا عامة، والهند خاصة، نتيجة للتباطؤ الاقتصادي الذي أصاب الأسواق الغربية.

ومن بين دول المجلس، تأتي الإمارات والسعودية على رأس الشركاء التجاريين للهند، حيث تجاوز نصيبهما المشترك من مجمل التجارة بين الهند ودول المجلس نسبة 74% عام 2011-2012. وعلى الرغم من أن الميزان التجاري بين الهند ودول مجلس التعاون يميل بشدة لصالح دول المجلس بسبب اعتماد الهند الشديد على الواردات البترولية، فإن بمقدور نيودلهي تقليص التفاوت عبر زيادة صادراتها للمنطقة من السلع الهندسية والمنسوجات والخدمات الاستشارية وتكنولوجيا المعلومات، لاسيما أن دول المجلس الذي يبلغ ناتجها المحلي قرابة 1.37 تريليون دولار تعطي اهتماماً واضحاً منذ سنوات لتنمية البنية التحتية المادية والاجتماعية اللازمة لتنمية القطاع الخاص، وتعمل بدأب من أجل تنويع اقتصاداتها.

تجارة الهند مع دول مجلس التعاون الخليجي (شاملة النفط والغاز)
(بالمليار دولار أمريكي)

الدولة

2011/2012

2012/2013

الواردات

الصادرات

الإجمالي

الواردات

الصادرات

الإجمالي

السعودية

31.06

5.68

36.74

34.13

9.78

43.91

الإمارات

35.79

35.92

71.72

38.44

36.26

74.70

عُمَان

3.32

1.32

4.65

1.95

2.60

4.55

الكويت

16.37

1.18

17.56

16.57

1.06

17.67

قطر

12.92

0.81

13.73

15.57

0.69

16.30

البحرين

0.88

0.44

1.32

1.32

060

1.32

الإجمالي

100.35

45.36

145.72

107.41

51.00

158.41

 المصدر: وزارة الصناعة والتجارة الهندية.

ويعتقد Alam Rizvi أن الشركات الهندية تواجه بعض الصعوبة داخل الدول الخليجية، منها عدم توحيد دول المجلس للتنظيمات والإجراءات، وتباين قواعد التعامل مع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتباين هياكل التكاليف حتى داخل الدولة الواحدة أحياناً.
وفي المقابل، تشكو دول مجلس التعاون من أنه على الرغم من نيلها مكانة "الدول الأكثر تفضيلاً" داخل الهند، فإن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المستوردة منها لاتزال مرتفعة مقارنة بالضريبة الرمزية البالغة 5% المفروضة على الصادرات الهندية داخل دول المجلس. إلى جانب ذلك، تضطر دول المجلس إلى دفع ضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة المبيعات المركزية. كما تجد الدول الخليجية عوائق أخرى داخل الهند مثل ضرورة الحصول على تراخيص استيراد، وفرض قيود كمية واختبارات إجبارية ودعم الصادرات.

وتتهم الدول الخليجية الهند بفرض قيود على استثمار الشركات الأجنبية بقطاعات معينة، مثل الاتصالات والخدمات القانونية، وتشتكي الشركات الخليجية من مستوى البنية التحتية الهندية التي تعتبر من أكبر التحديات أمام تدفق التجارة والاستثمارات إلى الهند، ومن تعقيد إجراءات الجمارك والاستثمار في الهند.

ويرى Alam Rizvi أنه على الرغم من ارتفاع الاستثمارات الخليجية في الهند خلال السنوات الأخيرة من 223 مليون دولار عام 2005 إلى 2.693.5 مليون عام 2012، فإن حجم الاستثمارات الخليجية يبقى أقل كثيراً عن ما يجب أن تخطط له الهند، وهو ما يوحي بعجز الهند عن جذب اهتمام المستثمرين الخليجيين حتى الآن.

محفزات كبرى لتطوير العلاقات الاقتصادية

تؤكد الدراسة بعد هذا العرض المفصل لواقع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي، إلى وجود مجموعة محفزات كبرى تمثل انطلاقة واعدة أمام مستقبل تطوير هذه العلاقات، من أبرزها:ـ

1. أمن الطاقة الهندي: حيث تمتلك دول الخليج موارد طاقة هائلة من النفط والغاز الطبيعي، ويتنامى إسهامها في أمن الطاقة عالمياً، لاسيما بعد العقوبات الاقتصادية الغربية ضد إيران، ولذا فإن أي تغيير يطرأ على هذه المنطقة سيترك أثراً فورياً وهائلاً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي العالميين، وقطعاً على الاقتصاد الهندي.

2. المناخ الاستثماري أمام مستثمري دول مجلس التعاون الخليجي داخل الهند: لايزال وضع البنية التحتية الهندية أدنى بكثير عن المعايير العالمية، وهي واحدة من أكبر المشكلات أمام التدفقات التجارية والاستثمارية إلى داخل الهند. ومع ذلك، ارتفعت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي بالهند في السنوات الأخيرة، ولكنها أدنى من إمكاناتها الفعلية. ويتعين على الهند تحسين بيئة النشاط التجاري بها إذا ما رغبت حقاً في اجتذاب مزيد من الاستثمارات.

3. السياسة التجارية الهندية: زادت العلاقات التجارية بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي زيادة كبيرة منذ عام 1991، وعليه، أصبحت الإمارات والسعودية من أكبر الشركاء التجاريين والاستثماريين للهند. ويعتمد المسار المستقبلي للتعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين على مدى جدية الهند بخصوص توجيه مزيد من الاهتمام للصادرات وتنويع سلة السلع.

4. سياسة التنويع الاقتصادي بدول مجلس التعاون الخليجي: تعمد غالبية دول المنطقة إلى تعزيز جهود تنويع اقتصاداتها بهدف تنمية قطاعاتها غير النفطية وتقليص الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي. ومع أن هذا الطريق لايزال في البداية، إلا أن استمرار دول الخليج على تلك السياسة ونجاح سياسة التنويع والإصلاحات الاقتصادية، سوف يوفر بالتأكيد فرصاً أكثر بكثير أمام الشركات الهندية بالمنطقة.

ووفقاً لذلك يقترح Alam Rizvi على المسؤولين بدولة الهند اتخاذ بعض الخطوات لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي، أبرزها:ـ

1. على الهند بذل جهود إضافية لجذب الاستثمارات الخليجية عبر تحسين المناخ الاستثماري.

2. من أجل تعزيز الشفافية، يجب أن تعمل الهند مع دول مجلس التعاون الخليجي على ضمان إتاحة الاطلاع على السياسات وقواعد البيانات الرسمية على الصعيد العام، وتحديثها بانتظام.

3. يمكن للهند استغلال خبرتها في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمعاونة دول مجلس التعاون الخليجي على تنويع اقتصاداتها، مما يوجد علاقة تعود بالنفع على الجانبين.

4. ينبغي توسيع نطاق العلاقات التجارية بين الجانبين لما وراء الصادرات والواردات التقليدية.

5. من الضروري تحديد مجالات محددة للتعاون في ضوء الحقائق الاقتصادية الجديدة، مثل زيادة الصادرات الهندية من السلع الهندسية والمنسوجات، وكذلك الخدمات الاستشارية.

6. ينبغي على الهند تقييم احتياجات دول مجلس التعاون الخليجي والفرص المتوفرة بها كل على حدة، ثم التركيز على المجالات التي تتمتع فيها بميزة تنافسية.

7. يجب أن يقوم التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين على استراتيجية طويلة الأمد وآلية فاعلة لتحقيق الأهداف المرجوة للطرفين.

8. ارتفعت العلاقات التجارية الثنائية الهندية ــ السعودية ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن الميزان التجاري يميل بشدة نحو السعودية، لذا يتعين على الهند تشجيع الاستثمارات والمشروعات المشتركة مع الشركات السعودية داخل أي من البلدين، أو حتى في دول أخرى.

9. يجب على الطرفين إقرار اتفاق التجارة الحرة سريعاً لمنح دفعة كبرى للعلاقات التجارية بينهما.