أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

تحديات مختلفة:

هل تستمر الهدنة الروسية- التركية في إدلب؟

22 أبريل، 2020


تواصل روسيا وتركيا اتخاذ إجراءات من أجل استمرار الهدنة في إدلب وفقاً للاتفاق الذي وقع بين الطرفين في 5 مارس الفائت، بالتوازي مع مواصلة المباحثات التي تجري بين الدولتين وإيران في إطار مسار الآستانة، حيث قامت الدولتان بتسيير 5 دوريات مشتركة حتى الآن في المحافظة، مع مراقبة مسار الهدنة. إلا أن ثمة تحدياً رئيسياً يعترض اتفاق إدلب ويجعل فرص انهياره قائمة ولا يمكن استبعادها، ويتمثل في أن جميع اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة في سوريا انهارت من قبل، وهو الأمر الذي يؤشر إلى أن اتفاق إدلب لن يكون، على الأرجح، استثناءاً وأنه سينهار مع الوقت. كما تعترض نظام وقف إطلاق النار في إدلب جملة من العراقيل، أهمها عجز أنقرة عن ضبط تحركات التنظيمات الإرهابية، والتعزيزات العسكرية الضخمة للجيش التركي في إدلب والتي لا تتوافق مع اتفاق الهدنة، والتحركات العسكرية التركية ضد الجيش السوري.

تحركات مشتركة: 

يعتمد اتفاق الهدنة في إدلب، الذي توصل إليه الرئيسان الروسي فيلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في 5 مارس الفائت، على ركيزتين أساسيتين، هما إنشاء ممر أمني على طول الطريق الدولي بين حلب واللاذقية M4 في شمال غرب سوريا، وتسيير دوريات روسية- تركية مشتركة في إدلب. ومن هذا المنطلق، يمكن رصد أبرز الجهود المشتركة التي قام بها الجانبان الروسي والتركي وفقاً لاتفاقهما المشترك بشأن الهدنة في إدلب، وذلك على النحو التالي: 

1- تسيير دوريات روسية- تركية مشتركة في إدلب: سيّرت القوات التركية والروسية، منذ 15 مارس الفائت وحتى يوم 22 إبريل الجاري، 5 دوريات مشتركة على الطريق السريع M4 الذي يربط مدينتى حلب واللاذقية عبر محافظة إدلب، وتجري الدوريات بمشاركة قوات برية وجوية من الطرفين التركي والروسي. ويُشار في هذا الصدد إلى أن القوات التركية تقوم، في بعض الأحيان، بتسيير دوريات منفردة في إدلب، حيث سيّرت وحدها منذ توقيع اتفاق الهدنة مع روسيا 11 دورية في تلك المنطقة. 

2- المراقبة المستمرة لمسار الهدنة: إلى جانب الاتصالات المستمرة على أعلى المستويات بين الطرفين لمتابعة هدنة إدلب، تم تشكيل لجنة روسية- تركية مشتركة لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في سوريا بشكل عام، وتقوم هذه اللجنة، بصفة مستمرة، بمراقبة مدى ثبات هدنتى وقف إطلاق النار سواء في شمال شرق سوريا بين تركيا والجماعات الموالية لها من ناحية والأكراد من ناحية أخرى، أو في إدلب شمال غرب سوريا بين تركيا وحلفاءها من ناحية والجيش السوري من ناحية أخرى. كما توجد قناة اتصال دائمة بين الجيشين التركي والروسي بشأن إدلب تم إنشاءها في 9 مارس الفائت. 

عقبات متعددة: 

تكشف الخبرة السابقة الخاصة باتفاقات وقف إطلاق النار التي تم إبرامها في سوريا عن أن مُحفِّزات انهيارها أكبر بكثير من دوافع بقاءها، ومن هنا لا تستبعد اتجاهات عديدة انهيار الاتفاق الحالي، خاصة أنه يواجه جملة من العراقيل، التي تتمثل في:

1- عجز أنقرة عن ضبط تحركات التنظيمات الإرهابية: يتمثل التهديد الأبرز للهدنة في موقف التنظيمات الإرهابية المسلحة منها، حيث لم تتوصل أنقرة، حتى الآن، إلى آلية تستطيع من خلالها ضبط تحركات التنظيمات الإرهابية والمسلحة في محافظة إدلب ومحيطها، ومازالت المنطقة المحيطة بطريق M4، تشهد تطورات مع مواصلة "هيئة تحرير الشام" الإرهابية ("جبهة النصرة" سابقاً) قطع الطريق ومنع الدوريات الروسية من المرور، مقابل محاولات تركية لتجنب الصدام المباشر لفتح الطريق تطبيقاً للاتفاق. 

2- التعزيزات العسكرية الضخمة للجيش التركي في إدلب: والتي لا تتوافق مع ما يتضمنه الاتفاق. وفي هذا السياق، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 17 إبريل الجاري، إلى أن عدد الأرتال التركية التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف النار الجديد وحتى 17 إبريل الجاري بلغ 2665 آلية، إلى جانب آلاف الجنود، وأضاف: "يرتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة خفض التصعيد في شمال غرب سوريا منذ الثاني من فبراير إلى أكثر من 6070 شاحنة وآلية عسكرية تركية دخلت الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا خلال تلك الفترة أكثر 10300 جندي تركي". وبحسب المرصد كذلك، ارتفع عدد نقاط المراقبة التركية في إدلب إلى 56 نقطة. 

3- التحركات العسكرية التركية ضد الجيش السوري: رغم أن الجيش التركي أعلن، في 5 إبريل الجاري، تقليص حركته العسكرية في سوريا إلى أقل حد بسبب مكافحة خطر تفشي فيروس "كورونا"، إلا أن الأنشطة العسكرية التركية تواصلت في الشمال الشرقي ضد الأكراد والشمال الغربي ضد الحكومة السورية، واللافت في هذا الصدد، على سبيل المثال، أنه في نفس يوم إعلان أنقرة تقليص حركتها بسوريا، جرى استهداف تركي لمواقع قوات الجيش السوري في الفوج 46 بريف حلب الغربي. 

مسار غامض:

على ضوء ذلك، يمكن القول إن احتمالات استمرار الهدنة الروسية- التركية الجارية في إدلب لفترة طويلة لا تزال ضعيفة، وذلك بالنظر إلى التحديات المتعددة التي تعترضها، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى استئناف العمليات العسكرية مرة أخرى، وهو الخيار الذي تستعد له كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع السوري من البداية.