أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

محمد بن سلمان في الإمارات

26 نوفمبر، 2018


بعد غيابٍ غير قصيرٍ عن التأثير العربي في التوازنات السياسية بالمنطقة من قبل الدول العربية، غياب خلق فراغاً ملأته الدول الإقليمية من إيران إلى تركيا وصولاً إلى قطر، بعد هذا الغياب الطويل جاء الحضور المهيب للسعودية والإمارات وحلفائهما من الدول العربية.

المحمدان، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية، هما اللذان غيرا المعادلات الإقليمية وأعادا الحضور العربي الكبير لكافة الملفات بالقوة الناعمة والقوة الخشنة، بالسياسة والاقتصاد والتنمية، وبالقوات العسكرية الضاربة، والجيوش الجرارة، والحزم والعزم.

وصل الحضور الإقليمي للدول العربية إلى الحضيض مع ما كان يعرف بـ"الربيع العربي"، وهو الربيع الأصولي الإرهابي الذي هدم استقرار عدد من الجمهوريات العربية وأعادها إلى الوراء عقوداً في سباق التنمية والاقتصاد والتأثير السياسي، ووصل إلى استيلاء عملاء إيران من ميليشيا "الحوثي" على الدولة اليمنية واختطافها واختطاف الشعب اليمني، فوقفت السعودية والإمارات موقفاً تاريخياً لا يمكن أن يُنسى في دعم استعادة الشعب المصري وجيشه للدولة المصرية من يد جماعة "الإخوان"، ودخل الجيشان السعودي والإماراتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" في اليمن.

ضيف الإمارات الكبير حلّ أهلاً ووطئ سهلاً في بلده الثاني، وكانت الإمارات محطته الخارجية الأولى بعد القضية التي نفخ في كيرها كل الإعلام المعادي للبلدين، والتي احتشدت لها دولٌ ومنظماتٌ وتياراتٌ وجماعاتٌ يجمعها جميعاً رغبة عارمةٌ في إفشال النموذج الفذّ الذي بناه الأمير لبلاده وللمنطقة.

الترحيب الإماراتي الاحتفالي ظهر على كافة ملامح أبوظبي، وظهر في كل الأماكن العامة التي ظهر فيها ولي العهد السعودي برفقة أخيه ولي عهد أبوظبي، من سباقات الفورمولا إلى المطاعم، فرح طبيعي بالشقيق والحليف الأقوى في المنطقة، فرحٌ تعززه أواصر القربى والثقافة المشتركة والمحبة الصادقة، يمر في وجوه الناس وكلمات العابرين ويعبّر عنه التقاط الصور مع الأمير والكلمات الطيبة التي تلقى بشكل عفويٍ على مسامعه حيثما حلّ.

التحالف الذي يقوده المحمدان قويٌ ومؤثرٌ وذو وزنٍ ثقيل في المعادلات الإقليمية والدولية، وهو تحالف يبني على الماضي وإرثه العريق ويشيّد على الحاضر ومواجهة تحدياته وصعوباته وفرصه وإمكاناته، ولكن الأهم في هذا السياق هو أنه تحالفٌ يشترك في الرؤية المستقبلية والطموحات الكبيرة وأولويات البناء والتنمية، وتغيير وجه البلدين ورفعة الشعبين وأخذ المنطقة بأسرها إلى آفاقٍ رحبةٍ جديدةٍ لم تطأها قدمٌ من قبل، ولم يتوجه لها رائدٌ سابقٌ، إنه افتراع المستحيل والطموح الذي لا سقف له إلا عنان السماء.

لبناة الأوطان يفتح التاريخ صفحاته البيضاء، يكتبون فيها أمجادهم ومفاخرهم في ترسيخ المنجز، وتطويره وتعزيزه في كل المجالات، والأحلاف الناجحة على طول التاريخ هي التي تركز على تعزيز المشترك وتجمع المصالح وتواجه التحديات وتحقق الأحلام، ولكي تستمر وتنمو وتزدهر، فهي تتسم بالمرونة الضرورية والنوايا الصافية ووضوح الأهداف وحجم الآمال المعقودة عليها.

هذا حديث التاريخ، أما حديث الواقع فهو أن هذا التحالف الذي يقوده "المحمدان" هو أقوى التحالفات في المنطقة، لا تقترب منه أي تحالفاتٍ أخرى، كما أنه أقوى تحالفٍ في تاريخ البلدين، ولأنه تحالفٌ غير مسبوقٍ فنتائجه الحاضرة وتأثيره الفاعل إقليمياً ودولياً يمنح قدرةً على استشراف مستقبله وآمال العراض التي يبشر بها في قادم الأيام.

تحالفٌ بهذا الأثر، وهذا النجاح أثار وسيثير حفيظة كل المشاريع المعادية في المنطقة بدولها وتياراتها وأيديولوجياتها، وكل نجاحٍ يحققه وكل إنجازٍ يظفر به، ووجه وسيواجه بالكثير من الكيد والمكر والعداء من قبل الخصوم المتربصين رافعي شعارات الماضي والتطرف والإرهاب. أخيراً، لا شيء مثل الأزمات الكبرى في إيضاح الحليف من العدو المتربص والكاشح، والمواقف فيها هي التي تظهر معادن الرجال ومكانة الدول.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد