ركزت المناقشات المعنية بتغير المناخ لفترات زمنية ممتدة على الأسباب الفيزيائية والعوامل المادية والأنشطة البشرية، بيد أن هناك تساؤلات مُلحة دفعت إلى الاهتمام بالعوامل غير المادية، ولاسيما الاجتماعية والثقافية، مثل: كيف تؤثر معتقدات البشر وموروثاتهم الثقافية في استجاباتهم للظواهر المناخية والعمليات البيئية؟ وهل يمكن للأعراف والعادات الاجتماعية والفجوة بين الجنسين والمستوى المعيشي، وغير ذلك من العوامل الاجتماعية أن يؤثر سلباً أو إيجاباً في تغير المناخ؟ ولا شك أن تلك التساؤلات تزيد تعقيد ظاهرة تغير المناخ ذات الطابع العالمي، وتسلط الضوء على العلاقة بين الهوية المجتمعية والسلوكيات البيئية، وبين الثقافات السائدة وفاعلية الجهود الرامية إلى مكافحة تغير المناخ.
وتتزايد أهمية دراسة تأثير الاستجابات الثقافية والأوضاع الاجتماعية في تغير المناخ على الرغم من التحديات التي تكتنف ذلك، ولاسيما أنه يتطلب إشراك الفئات المهمشة والضعفاء في تصميم وتنفيذ تدابير التكيف، إما بطرق بسيطة تشمل تخزين المياه العذبة أثناء الفيضانات، ورفع مستوى المنازل القريبة من البحر وغير ذلك، وإما بطرق أكثر تعقيداً وارتباطاً بالمرونة الاجتماعية والاقتصادية؛ لتتطلب تحسين سُبل العيش والحد من ضعف الفئات الاجتماعية المُعرضة بشكل خاص لمخاطر تغير المناخ، وهو ما يتجلى في عدد من الحالات والنماذج الدولية التي تتضح فيها العلاقة بين البيئات الاجتماعية والثقافية وتغير المناخ.