يعتبر العامل الديمغرافي أحد محددات قرارات الدول لخوض الحروب وشنّها، وتحديداً نسبة المواطنين من الذكور الشباب إلى عدد السكان. ومع ذلك، فإن هذه القاعدة لا تنطبق على روسيا، التي بدأت الحرب وسط أزمة ديمغرافية حقيقية بها، لم تزدها الحرب إلا شدة. صحيح أن هناك أسباباً ديمغرافية قديمة تقف وراء تغير تركيبة السكان في روسيا، إلا أن الوضع المعقد الحالي للحرب قد يفرض عواقب خطيرة في هذا الصدد.
أولاً: هجرة خارجية بسبب الحرب
أثارت الحرب في أوكرانيا موجتين كبيرتين من الهجرة الروسية. كانت الأولى في ربيع عام 2022 ؛ حيث فرّ الكثير من المواطنين الروس خوفاً من التجنيد الإجباري وإغلاق الحدود. وفي الغالب، كان معظم الذين غادروا من المتعلمين والمستقرين مادياً. ولكن في غضون بضعة أشهر، هدأت حالة الذعر الأولية، وعاد الكثيرون. أما الموجة الثانية، فكانت في نهاية سبتمبر 2022 ؛ عندما أعلن فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية. وهذه المرة غادر روسيا في
المقام الأول رجال في سن التجنيد، أي ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و 45 عاماً. وعلى النقيض من مهاجري الموجة الأولى، كان العديد من هؤلاء يفتقرون إلى خطة واضحة، وإمكانية الاستقرار المادي، وخيار العمل عن بعد. ونتيجة لذلك، لم يكن . . .