أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

كتلة مُرجِّحة:

مُحددات تصويت "الجيل زد" في الانتخابات الأمريكية 2024

31 أكتوبر، 2024


باعتباره واحداً من أكبر وأكثر الأجيال تنوعاً في تاريخ الولايات المتحدة، يُتوقع أن يؤدي "الجيل زد" دوراً حاسماً في انتخابات الرئاسية الأمريكية، والمقرر إجراؤها في نوفمبر 2024، بين المرشحين: الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب؛ إذ يمثل هذا الجيل نحو 20% من السكان، ويشكلون ما يقرب من 41 مليون ناخب مُؤهّل، وقد يتضاعف تأثيرهم بشكل خاص مع انضمام 8.3 مليون ناخب جديد من هذه الفئة العمرية منذ انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس الأمريكي في نوفمبر 2022. 

ويُشار إلى "الجيل زد" بأنه الجيل الذي ولد بعد منتصف التسعينيات، وهم الأفراد الذي نشأوا في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وأكثر احتكاكاً بالتكنولوجيا عن أي جيل سابق لهم. 

تأثير مُتزايد: 

يتزايد تأثير "الجيل زد" بشكل متواتر، وهو ما يمكن توضيح أبعاده فيما يلي: 

1. الجيل الأكثر تنوعاً: يُعد الجيل زد الأكثر تنوعاً بين الأجيال؛ إذ يُعرّف نسبة كبيرة من أفراده بأنهم ينتمون إلى الأقليات العرقية. ويؤدي هذا التنوع دوراً كبيراً في تشكيل ميولهم السياسية، حيث يميلون بشكل خاص نحو السياسات التقدمية. ووفقاً لجامعة "تافتس"، يُعد "الجيل زد" واحداً من أكثر الأجيال تنوعاً عرقياً وإثنياً؛ إذ يُعرّف 55% بأنهم بيض، و22% لاتينيون، و14% من ذوي البشرة السمراء، و4% متعددو الأعراق، و4% آسيويون، والبقية من أعراق أخرى. وهذا التنوع يُسهم في دفع مجموعة واسعة من الاهتمامات السياسية، مع إيلاء أهمية خاصة للعدالة الاجتماعية والمساواة العرقية بالنسبة لكثيرين منهم.

ومع ذلك، فإن الجيل زد ليس مجموعة مُتجانسة؛ إذ تتباين سلوكياتهم السياسية بناءً على القيم، والهويات، والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية، ومستويات المشاركة. فبينما يهتم الكثير منهم بالقضايا التقدمية مثل: التغير المناخي، والعدالة الاجتماعية، وضبط السلاح، وحقوق الإنجاب، يميل آخرون إلى القيم المحافظة أو الأفكار الليبرالية، ويشترك الجميع في الشعور بالإحباط من السياسة التقليدية، مُفضلين التركيز على الحركات الشعبية خارج النظام الانتخابي التقليدي.

2. دور مُؤثر في الانتخابات: في عام 2022؛ بلغت نسبة مُشاركة "الجيل زد" نحو 28% في الانتخابات العامة في الولايات المتحدة، ولكن دراسة من جامعة "تافتس" تتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 50% في عام 2024. وقد كانت الشابات مؤثرات بشكل خاص في انتخابات 2022؛ إذ صوّت 71% منهن لصالح الديمقراطيين مُقارنة بـ53% من الشباب الذين دعموا الجمهوريين. ويسلط هذا الضوء على القوة المُتزايدة للنساء الشابات اللاتي يمكن أن يكون لهن تأثير كبير مرة أخرى في نتائج الانتخابات.

ومع تضافر "الجيل زد"، و"جيل الألفية"، والذي يُعنى به الجيل الذي ولد في الفترة من بداية الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي؛ فإنهما يشكلان الآن ما يقرب من نصف الناخبين (49%)، وهو رقم هائل. لكن مدى مشاركتهم في التصويت لا يزال غير مؤكد. فبينما تتوقع دراسة جامعة "تافتس" نسبة مشاركة مرتفعة، تبقى مجلةFortune  مُتشككة؛ إذ تُشير إلى أن جزءاً كبيراً من "الجيل زد" قد لا يصوت، لشعوره بأن أياً من الأحزاب السياسية الرئيسية لا يعالج القضايا التي تهمهم بشكل كافٍ. 

3. تباين مستوى التفاعل السياسي: تُظهر بيانات استطلاعية اختلاف مستويات التفاعل السياسي لدى "الجيل زد"؛ إذ أظهر استطلاع للرأي نشرته موقع شركة ستاتيستا Statista، المتخصصة في البيانات، في أغسطس 2024 أن 32% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً يراقبون الانتخابات عن كثب، بينما 31% مهتمون إلى حد ما، و21% يبدون اهتماماً ضئيلاً، و16% لا يولون أي اهتمام؛ ومع ذلك، كشفت دراسة من جامعة UCLA أن أكثر من نصف "الجيل زد" (56.4%) يبقون على اطلاع جيد بالأخبار، و57% من هؤلاء أعربوا عن اهتمامهم بدعم كامالا هاريس، في المقابل، 70% من الذين لا يتابعون الأخبار بشكل مستمر غير متأكدين من دعمهم لها أو لا يعرفون لمن سيصوتون.

وتُعد منصات التواصل الاجتماعي مثل: TikTok وInstagram وSnapchat هي المنصات الأساسية لتفاعل "الجيل زد" السياسي. ولا يقتصر استخدامهم لهذه المنصات على استهلاك الأخبار، بل أيضاً في تنظيم الحركات. فحملات مثل تلك التي تقوم بها منظمةDoSomething  لزيادة نسبة التصويت في هيوستن، وتكساس لصالح كامالا هاريس، تظهر الأهمية المتزايدة لوسائل التواصل الاجتماعي في الوصول إلى ناخبي "الجيل زد" في المناطق الحاسمة. 

قضايا الاهتمام: 

يمكن رصد أهم اتجاهات "الجيل زد" تجاه بعض القضايا كما يلي: 

1. تكلفة المعيشة: وفقاً لدراسة من U.S. News؛ فإن 70% من الشباب البالغين يشعرون بالقلق بشأن التضخم وتكلفة المعيشة.

2. الإجهاض وحقوق الصحة الإنجابية: تُشير الإحصائيات إلى أن 40% من "الجيل زد" يعتبرون الوصول إلى الإجهاض وحقوق الصحة الإنجابية قضية رئيسية.

3. العدالة الاجتماعية والمساواة العرقية: يعطي 62% من "الجيل زد" الأولوية للعدالة الاجتماعية، مع التركيز على حقوق العرق والمجتمع كعوامل رئيسية في تفضيلاتهم السياسية.

4. التحكم في الأسلحة: وجدت مؤسسةPew Research  أن 60% من "الجيل زد" يفضلون فرض قوانين أكثر صرامة على الأسلحة، رغم أن دراسة أحدث منU.S. News  في يوليو 2024، أظهرت أن القلق بشأن الأسلحة قد انخفض إلى 31%.

5. التغير المناخي: يعطي 76% من "الجيل زد" الأولوية لقضايا المناخ ويدعمون السياسات المناخية الجريئة.

6. أمن الحدود والهجرة: يهتم 26% فقط من "الجيل زد" بأمن الحدود والهجرة، وفقاً لدراسة من U.S. News.

7. وقف إطلاق النار في غزة: يدعم 45% من "الجيل زد" وقف إطلاق النار وفرض حظر على الأسلحة إلى إسرائيل، مدفوعين بمخاوف تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، كما أظهر استطلاع رأي أجرته New York Times  في ديسمبر الماضي أن 55% من المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً يعارضون المساعدات الأمريكية لإسرائيل، في حين أظهر استطلاع آخر من جامعةQuinnipiac  في نوفمبر أن 52% من الناخبين تحت سن 35 يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين مقارنة بإسرائيل.

تنافس مُحتدم:

يسعى المتسابقون الرئاسيون الأمريكيون للحصول على تأييد ودعم "الجيل زد" بطرق مختلفة، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي: 

1. دونالد ترامب: وفقاً لاستطلاعات شبكة CNN الإخبارية من المناظرة الأخيرة، يتصدر دونالد ترامب القضايا الرئيسية مثل: الهجرة، والاقتصاد، والأمن القومي. كما أن دراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث تسلط الضوء على أن ترامب يحافظ على تقدم قوي بين الناخبين البيض بنسبة 56% مقابل 42% لصالح كامالا هاريس؛ ومع ذلك، فإن مواقفه المتعلقة بتحرير الاقتصاد والأمن القومي تتناقض بشكل حاد مع أولويات "الجيل زد"، التي تركز بشكل أكبر على قضايا مثل: التغير المناخي، والعدالة الاجتماعية، والتحكم في الأسلحة.

وعلى الرغم من هذا التباين، يستخدم ترامب منصات التواصل الاجتماعي مثل: تيك توك وإنستغرام بفعالية لاستهداف الناخبين الشباب، وقد بنى قاعدة قوية هناك؛ ومع ذلك، فمن المحتمل أن يجد ناخبو "الجيل زد"، خصوصاً من المجتمعات المهمشة، أن مواقفه بشأن الهجرة والعدالة الاجتماعية تتعارض مع قيمهم. فوفقاً لإحصاءات Statista، فإن دعم ترامب بين الفئة العمرية من 18 إلى 29 عاماً ضعيف، حيث تتقدم كامالا هاريس بنسبة 58% مقارنة بـ27% لصالحه، في حين أشار تقرير آخر إلى أن تأييد روبرت ف. كينيدي جونيور لترامب عزّز شعبيته بين بعض الناخبين الشباب؛ إذ أبدى 30% منهم نظرة إيجابية تجاهه، بينما بقي 31% غير متأكدين.

وأظهرت استطلاعات صحيفتيْ نيويورك تايمز وواشنطن بوست أن 25% من "الجيل زد" –ومعظمهم من البيض، والذكور، والمقيمين في المناطق الريفية– يدعمون ترامب. وتستند جاذبيته في هذه الفئة إلى الحرية الاقتصادية، وحقوق حمل السلاح، والرفض للتوجهات السياسية التصحيحية. هذا الجزء الأصغر من "الجيل زد"، الذي يميل نحو المحافظة، يعطي الأولوية للقيم التقليدية مثل: تحرير الاقتصاد وتقليل تدخل الحكومة. ويركز ترامب بشكل خاص على حقوق السلاح وتحرير الاقتصاد؛ مما يجذب هذه الفئة. 

ويمتد دعم ترامب أيضاً إلى الشباب البيض من الطبقة العاملة، وخاصة الشباب في المناطق الريفية أو التي تعاني من تدهور اقتصادي. فبالنسبة لهؤلاء الناخبين، تُعد قضايا الأمان الوظيفي والفرص الاقتصادية، إلى جانب التشكيك في تنظيم الحكومة، من الشواغل الأساسية. ويعتقد الكثيرون أن الاقتصاد ازدهر خلال رئاسة ترامب، وتلقى شعاراته المتعلقة بـ"أمريكا أولاً" تأييداً واسعاً بينهم.

بالإضافة إلى ذلك، بنى ترامب قاعدة دعم بين طلاب الجيل زد في الجامعات من خلال حركات مثل: Young Americans for Freedom (YAF)، وهي منظمة محافظة شعبية تنظم تجمعات وحملات تحفيز الناخبين في الجامعات. وكانت دوماً نشطة في تعبئة الشباب المحافظين، وأدت دوراً كبيراً في دعم حملة ترامب عام 2016 من خلال الترويج لسياساته التي تدعو إلى حكومة محدودة وقيم تقليدية. 

2. كامالا هاريس: استغلت كامالا هاريس بشكل فعّال وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تيك توك وإنستغرام، للتفاعل مع ناخبي "الجيل زد". وقد عزّزت تأييدها بشكل كبير من خلال دعم شخصيات مُؤثرة لدى الجيل زد مثل تايلور سويفت؛ مما زاد من جاذبيتها، خصوصاً بين الناخبين الشباب الذين قد يشاركون في الانتخابات لأول مرة. هذا التواصل الرقمي كان له تأثير قوي في قدرتها على التواصل مع هذه الفئة.

وفقاً لاستطلاعات CNN من المناظرة الأخيرة، تتصدر هاريس القضايا المتعلقة بحماية الديمقراطية وحقوق الإجهاض. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال أن تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة، إلى جانب تراثها الهندي والإفريقي، يميزها عن مُنافسيها؛ ومع ذلك، وجدت دراسة صادرة عن جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس UCLA   أن هوية هاريس العرقية والجنسية ليست الدافع الرئيسي لدى ناخبي "الجيل زد". في الواقع، ذكر ما يقرب من 82.7% من الجيل زد أن مواقفها السياسية، و"رسائلها المفعمة بالأمل"، وحضورها القوي على وسائل التواصل الاجتماعي هي الأسباب الرئيسية لدعمها.

وتحافظ هاريس على دعم كبير بين الناخبين من ذوي البشرة السمراء (84% مقابل 13% يدعمون ترامب) وبين الناخبين الآسيويين (61% مقابل 37%)، بينما يميل الناخبون اللاتينيون، الذين كانوا منقسمين بين بايدن وترامب، الآن نحو هاريس بنسبة 57% مقابل 39%. ووجدت دراسة أجراهاPew Research  أن نسبة تأييد هاريس بين الناخبين من ذوي البشرة السمراء الشباب (أعمار 18 إلى 49) ارتفعت من 52% في مايو إلى 70% في أغسطس 2024. بالإضافة إلى ذلك، فإن الناخبين من ذوي البشرة السمراء الحاصلين على شهادات جامعية يميلون لدعمها أكثر (84%). وهو اتجاه يعكس أنماط التصويت العامة؛ إذ تحصل هاريس على دعم أكبر بين الخريجين الجامعيين (56%) مقارنة بغير الخريجين (41%).

بينما تحظى هاريس بدعم كبير من الناخبين التقدميين واليساريين من "الجيل زد"، الذين ينشطون في مجالات العدالة الاجتماعية، والعمل البيئي، والإصلاح الاقتصادي؛ فإنها تواجه مُنافسة من مرشحين مثل: كورنيل ويست وجيل ستاين، اللذين يجذبان الناخبين الذين يؤيدون الأفكار التقدمية. تجذب هاريس أيضاً الناخبين الذين يركزون على الإصلاحات النظامية، وخاصة في معالجة قضايا عدم المساواة العرقية والجندرية. ومع ذلك، بدءاً من 7 أغسطس 2024، رفضت حركات مثل: Black Lives Matter  تأييدها بسبب قضايا عرقية لم تُحل في ظل الإدارة الحالية، فضلاً عن المخاوف المتعلقة باتساع الفجوة بين المجتمعات البيضاء والسوداء. وبالمثل، لم تحصل هاريس بعد على تأييد مجموعة Dream Defenders.  

وإحدى المزايا الرئيسية لهاريس بين "الجيل زد" هي دفاعها عن قوانين التحكم في الأسلحة، وهي قضية محورية لحركةMarch for Our Lives  التي يقودها الطلاب، والتي كانت من أشد المؤيدين لتشديد قوانين الأسلحة. بالإضافة إلى ذلك، تستقطب هاريس دعم الناخبين من "الجيل زد" الذين يعطون الأولوية لحقوق الصحة الإنجابية، خاصة الوصول إلى الإجهاض.

وينقسم الناخبون المسلمون بين دعم كامالا هاريس وجيل ستاين؛ إذ تؤدي حركة Uncommitted Movement   دوراً كبيراً في هذا الانقسام. بينما تتفق الحركة مع ستاين في العديد من القضايا؛ فإنها تعتقد أن فرصتها في الفوز بالانتخابات ضعيفة؛ ونتيجة لذلك، تدعم هاريس، التي صرحت علناً عدة مرات بأنها تعمل من أجل وقف إطلاق النار في غزة. وتخطط حركةUncommitted  لدفع هاريس نحو تغييرات أكبر في سياساتها تجاه إسرائيل بعد الانتخابات، مستخدمة نفوذها لتشجيع موقف أقوى. يعكس هذا التحدي الأوسع الذي تواجهه هاريس في توحيد ناخبي "الجيل زد"، ولاسيما في مسائل السياسة الخارجية مثل: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

3. جيل ستاين (حزب الخضر): على الرغم من أن معظم الاستطلاعات التي نشرتها Statista تُشير إلى أن جيل ستاين وكورنيل ويست يحظيان بدعم محدود من "الجيل زد"، خاصة من خلال الاستطلاعات التقليدية؛ فإن ستاين حصلت على دعم كبير عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل TikTok، فالعديد من طلاب الجامعات يدعمون ستاين بنشاط ويشجعون الآخرين على التصويت لها أو للدكتور ويست.

وتتماشى منصة ستاين، التي تركز على العمل المناخي، والرعاية الصحية الشاملة، والسياسات المناهضة للحروب، مع بعض من أهم القضايا التي تهم "الجيل زد"؛ إذ إن التزامها بالإصلاح البيئي الجذري يجذب بشكل خاص الناخبين الشباب الذين يشعرون بخيبة أمل من الأحزاب السياسية التقليدية.

ورغم أن ستاين تجذب جزءاً أصغر من "الجيل زد"؛ فإن مؤيديها متحمسون، خاصة فيما يتعلق بالعدالة المناخية. وتقدر Pew Research   أن نحو 15% من ناخبي "الجيل زد" منفتحون على دعم مرشحي الأحزاب الثالثة؛ إذ يتركز معظم مؤيدي حزب الخضر في المناطق الحضرية التقدمية مثل: بورتلاند وسياتل، ويعمل Green Party Youth Caucus، وهو جناح شبابي لحزب الخضر، على تعبئة الناخبين الشباب حول قضايا مثل: التغير المناخي، والرعاية الصحية، والعدالة الاجتماعية. وقد شارك في الحملات السابقة لستاين ويواصل الدعوة إلى بدائل سياسية من خارج الحزبين الرئيسيين.

وتجذب ستاين أيضاً ناخبي "الجيل زد" الذين يدافعون بحماس عن حقوق الفلسطينيين، بفضل موقفها القوي المناهض للحرب وتركيزها على حقوق الإنسان. فحركات مثل: Students for Justice in Palestine (SJP)  وCode Pink، وهي منظمة شعبية مكرسة لإنهاء التدخل العسكري الأمريكي، من المرجح أن تدعم حملتها. وتضم Code Pink  مجتمعات كبيرة من اليهود والمسلمين، ومن المتوقع أن يصطفوا خلف ستاين؛ بسبب دفاعها المستمر عن السلام وحقوق الإنسان. 

4. كورنيل ويست (حزب الوحدة/المستقلين): تركز منصة كورنيل ويست على العدالة الاقتصادية والسياسات المُناهضة للشركات الكبرى؛ وهو ما يتماشى بقوة مع قيم "الجيل زد". كما أن التزامه بإنهاء العنصرية النظامية ودعم حركات العدالة الاجتماعية يجعله مرشحاً جذاباً للناخبين من "الجيل زد" الذين يبحثون عن إصلاحات سياسية كبيرة، وخاصة بين الفئات السياسية النشطة والمثقفة. كما يجذب ويست الناخبين الذين يريدون مرشحاً مُناهضاً للحرب بشكل واضح، حيث وعد بإنهاء الإبادة في غزة وتجنب الدعم العسكري لإسرائيل؛ مما يضعه خارج تأثير مجموعات مثل AIPAC.

ومع ذلك، يواجه ويست تحديات في التواصل مع الناخبين الأصغر سناً من "الجيل زد"، وخاصة أولئك القادمين من الخلفيات الريفية أو الطبقات العاملة. وقد تبدو منصته، رغم جاذبيتها للناخبين الأكثر تعليماً أو نشاطاً سياسياً، مفرطة في الجانب الفكري أو بعيدة عن واقع بعض الفئات في هذا الجيل.

ويحظى ويست بدعم قوي بين الناخبين اليساريين النشطين سياسياً من "الجيل زد"، الذين يشعرون بخيبة أمل من كلا الحزبين الرئيسيين؛ إذ أظهر استطلاع نشرته Statista في 26 أغسطس 2024 أن 18% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً ينظرون إلى ويست بشكل إيجابي أو إيجابي جداً، بينما يرى 13% أنه غير مؤيد إلى حد ما، و8% يرونه غير مؤيد جداً. فيما لا يزال 62% من الناخبين غير متأكدين أو غير مطلعين على مواقفه؛ مما يشير إلى إمكانية نمو دعمه في المستقبل. 

كما جذب ويست دعماً من طلاب الجامعات الذين يهتمون بالإصلاحات الجذرية للنظام؛ إذ إن ارتباطه بحركة Black Lives Matter (BLM) له أهمية كبيرة، حيث قامت الحركة بتعبئة العديد من الناخبين الشباب من خلال الاحتجاجات الواسعة والحملات الرقمية. وساعد هذا الدعم على زيادة نسبة مشاركة الشباب في التصويت لصالح بايدن في انتخابات 2020، خاصة بين أولئك الذين يعطون الأولوية للعدالة العرقية والمساءلة عن الشرطة.

هذا إلى جانب أن اختيار ويست الناشطة في حركة BLM، ميلينا عبدالله، كنائبة له في حملته الرئاسية يمكن أن يعزز جاذبيته بشكل أكبر بين الناخبين الشباب الواعين اجتماعياً، وقد يؤدي إلى حصوله على دعم أعضاء BLM ونشطاء آخرين في انتخابات 2024. 

5. تشيس أوليفر (حزب الليبرتاريين): تركّز منصة تشيس أوليفر الليبرتارية على الحريات الشخصية، وتدخل حكومي محدود، وخفض الضرائب، كما أن مواقفه بشأن القضايا الاجتماعية، مثل تقنين المخدرات، قد تلقى صدى لدى شريحة أصغر من ناخبي "الجيل زد". ويجذب أوليفر بشكل خاص أفراد ما يُسمّى مجتمع الميم (المثليون الجنسيون) وبعض المحافظين البيض، وآخرين ممن يعطون الأولوية للحرية الشخصية وحقوق الأفراد.

تاريخياً، تميل الحملات الليبرتارية إلى جذب مجموعة محددة من الناخبين الشباب. بينما يميل غالبية "الجيل زد" نحو التقدمية، هناك فئة صغيرة -خاصة من الناخبين الشباب الذكور- قد تنجذب إلى تركيز أوليفر على الحرية الشخصية وتقليل تنظيم الحكومة؛ إذ تتماشى مع رؤيتهم حول الاستقلال الفردي والحد من تدخل الدولة.

وفي التقدير؛ يمكن القول إنه مع اقتراب انتخابات 2024، ستؤدي وجهات النظر السياسية المتنوعة لـ"الجيل زد" دوراً حاسماً في تحديد النتائج. وتشمل أولوياتهم قضايا مثل: التغير المناخي، والعدالة الاجتماعية، والحرية الاقتصادية، وحقوق الإنجاب؛ مما يجعلهم قوة لا يمكن للمرشحين تجاهلها. وعلى الرغم من ميل العديد من ناخبي "الجيل زد" نحو السياسات التقدمية؛ فإن "الجيل زد" بعيد عن الوحدة؛ إذ يمتد دعمه عبر الطيف السياسي من كامالا هاريس وجيل ستاين إلى دونالد ترامب وتشيس أوليفر وكورنيل ويست، الذي يدعو إلى إصلاحات سياسية. 

وتؤثر عدة عوامل رئيسية في قرارات "الجيل زد" في هذه الانتخابات؛ وتشمل هذه العوامل القضايا الاقتصادية، والتغير المناخي، والوضع في غزة الذي يحتل أولوية كبيرة للعديد من الحركات. كما تُعد حقوق الإجهاض ذات أهمية بالغة؛ وإذا تمكنت كامالا هاريس من تحفيز الناخبين الشباب حول هذه القضية، فقد تحصل على مزية كبيرة، خاصة مع العدد الأكبر من النساء الشابات المسجلات للتصويت مقارنة بالرجال الشباب. في المقابل، يحتفظ ترامب بدعم قوي من الطبقة العاملة؛ بسبب الاعتقاد بأن الاقتصاد ازدهر خلال فترة رئاسته؛ ومع ذلك، قد تستفيد هاريس من تراجع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة التي قد تؤدي إلى انخفاض أسعار المساكن والتضخم.

ويبقى جزء كبير من هذا الجيل من دون حسم لموقفه التصويتي؛ مما يجعله هدفاً رئيسياً لمرشحي الأحزاب الثالثة الذين قد يغيرون مسار الانتخابات. وعلى الرغم من أن المرشحين التقدميين قد يكونون أكثر انسجاماً مع أولويات "الجيل زد"؛ فإن خيبة الأمل من النظام السياسي التقليدي قد تدفع البعض إلى الامتناع عن التصويت والتركيز بدلاً من ذلك على الحركات المحلية.