أكد محمد بوشيخي، باحث مغربي متخصص في القضايا الجيو-سياسية، أن “السياسة الخارجية لحركة طالبان تتبلور في اتجاه التحرر من الضغوط الغربية، والحد مما تعرف بـ’الوصاية الباكستانية’ من جهة، وترك الباب مفتوحا أمام دول العالم والجوار”.
وفي ورقة بحثية منشورة على صفحات مجلة “المستقبل” للأبحاث والدراسات المتقدمة بيّن بوشيخي أن “هذا الأمر سيغري روسيا والصين، ودول الجوار الأخرى، ما سيشكل مدخلا للحصول على الاعتراف الدولي وفك الحصار الحاصل على الحركة”.
وتابع بوشيخي ضمن ورقته: “روسيا والصين تبنّتا دبلوماسية ساهمت في تشجيع مقاومة طالبان للضغوط الغربية، خاصة أن البلدين لا يهتمان بالشق الحقوقي والديمقراطي في علاقاتهما الدولية، وطموحهما فقط هو تعزيز النفوذ دوليا”.
“في ضوء خلافات طالبان مع خصومها الغربيين والباكستانيين، وتقوية التحالف مع الصين وروسيا، أصبحت دول أخرى مجاورة تنتظم في صف عدم الانحياز في ملف الحركة، بين تجنب خلافات معها وفي الوقت نفسه عدم نهج علاقات متقدمة”، يورد الباحث ذاته.
وشددت الورقة التي جاءت تحت عنوان “جيوبوليتيك أفغانستان/ دول الجوار مدخلا للاعتراف الدولي وفك الحصار عن حركة طالبان”، على أن “طالبان في سياستها الخارجية جعلت استقلالها أمرا ثابتا، واستلهمت الفكر الإستراتيجي في تعاملها مع دول الجوار، كحلقة وصل معها، إلى مستويات صياغة كل من الصين وروسيا مقاربة مصلحية للمسألة الأفغانية، وذلك بما يخدم نفوذهما معا في مواجهة الهيمنة الغربية في آسيا الوسطى، وهو ما جعل الدول الأخرى تتخذ تقريبا المسار نفسه”، مشيرة إلى أن “هذا الأمر ساعد طالبان على تطويق الحصار الغربي ضدها، وفتح نوافذ على المستوى الإقليمي تنذر بالمزيد من التوسع لفك العزلة الحاصلة”.
كما تحدث بوشيخي عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الأمر، مبينا أنه “من المحتمل أن تمس التحولات الحاصلة كذلك مواقف الدول الغربية، في مقدمتها واشنطن، التي تنتهج موقفا مزدوجا في أفغانستان؛ تجنبت إدراج طالبان ضمن لائحة المخاطر الإرهابية، وتعاملت معها ككيان قيادي بمستويات متفاوتة، في وقت أنشأت بعثة دبلوماسية خاصة بأفغانستان في الدوحة”.
وخلص الباحث نفسه إلى أن “تطوير مسـتوى التفاعل الأمريكي مع طالبان سـيبقى أمرا لا بد منه، وحينها لن تتردد الدول الأوروبية في السير في الاتجاه نفسه، خاصة أن هذا التكتل كان سباقا إلى إعادة فتح تمثيليته في كابول سنة 2022 عن الولايات المتحدة الأمريكية”، لافتا إلى أن “موقف الأوروبيين من طالبان قد يكون الأكثر تقدما في حالة عودة ترامب إلى كرسي الرئاسة الأمريكية في الانتخابات القادمة بأفكاره اليمينية المثيرة لقلقهم”.