بعد أكثر من عام على تردد شائعات بشأن استقالة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، من منصبه، أكدت وكالة "نور نيوز"، التابعة للمجلس، في 21 مايو 2023، استقالة شمخاني بالفعل، ونقلت عنه بيت الشعر، الذي نشره على حسابه على موقع "تويتر"، والذي يرجع للشاعر الإيراني مُحتشم الكاشاني، الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي، وترجمته: "الكلام الذي كان يُقال من وراء حجاب، قيل رمزاً.. وفي نهاية المطاف سمع بالإيماءات، فغادر"، في إشارة إلى اعتزام شمخاني الاستقالة بشكل نهائي.
وقد أصدر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، يوم 22 مايو، قراراً بتعيين الجنرال علي أكبر أحمديان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي، بدلاً من شمخاني. كما أمر المرشد الأعلى، علي خامنئي، في اليوم التالي، بتنصيب شمخاني عضواً في مجمع تشخيص مصلحة النظام ومستشاراً سياسياً له.
صلاحيات المجلس:
تُحدد المادة 176 من الدستور الإيراني مهام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وصلاحياته وآليات عمله. ويعيّن رئيس الجمهورية، الذي يترأس المجلس، الأمين العام الذي يُعد مسؤولاً عن إدارة أمانة المجلس، ومراقبة التنفيذ السليم لقراراته وأموره الإدارية والتنفيذية.
ويتكون المجلس من 13 عضواً هم رؤساء السلطات الثلاث، ورئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة، ومسؤول شؤون التخطيط والميزانية، ومندوبان يعينهما المرشد، ووزراء الخارجية والداخلية والأمن، بالإضافة إلى الوزير ذي العلاقة طبق مقتضيات الموضوع وقائدي الجيش والحرس الثوري.
ويختص المجلس بشكل أساسي بتحديد السياسات الدفاعية والأمنية لإيران فـي إطار السياسات العامة التي يحددها المرشد الأعلى، كما يقوم بمهام تنسيق النشاطات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ذات العلاقة بالخطط الدفاعية والأمنية. وتكون قرارات المجلس نافذة المفعول بعد مصادقة المرشد عليها.
دوافع ضاغطة:
لم تكن استقالة شمخاني، وتعيين أحمديان بدلاً منه، بالإجراء الروتيني والطبيعي في هرم السلطة الإيرانية، وذلك بالنظر إلى أن سلفه في المنصب، سعيد جليلي، قد تمت إقالته بعد تولي الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني الرئاسة في عام 2013. كما أن روحاني نفسه عندما كان يتولى منصب أمين المجلس، لم يترك هذا الموقع إلا بعد مجيء الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد في 2005.
ويمكن تسيلط الضوء على أبرز الدوافع التي أدت إلى إبعاد شمخاني، على النحو التالي:
1- ضغوط الأصوليين لإزاحته: ينتمي شمخاني إلى التيار الإصلاحي في إيران، كما يمتلك علاقات وثيقة بالمرشد الأعلى والحرس الثوري، ويُعد شمخاني المسؤول البارز الوحيد الذي استمر في منصبه منذ عهد حكومة الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، بعد أن تم استبعاد رموز ذلك العهد كافة. وقاد شمخاني مساعي التقارب بين إيران والدول العربية، اعتماداً على أصوله العربية وخبرته في التعامل معها، وقد تكللت تلك المساعي بتوقيعه الاتفاق التاريخي مع السعودية، في بكين، يوم 10 مارس 2023، والذي يقضي بعودة العلاقات مع الرياض، كما وقّع اتفاقات مشابهة مع الجانبين الإماراتي والعراقي.
ودفعت تلك الجهود بشريحة من الأصوليين، إلى الضغط لإزاحة شمخاني من موقعه، خشية أن يُحسب التقارب الإيراني العربي باسم شمخاني والتيار الإصلاحي، الذي كان دائماً ما يتهم التيار المحافظ بأنه سبب القطيعة بين إيران والدول العربية، وأنه أوعز لبعض المتشددين باقتحام السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد عام 2016، ما أسفر حينها عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
2- تمكين الجيل الثاني للحرس الثوري: يُعد شمخاني من مؤسسي الحرس الثوري الإيراني، إذ أسس وترأس فرع الحرس في محافظة خوزستان جنوب غرب إيران، ثم تولى القيادة المشتركة للقوات البحرية لكل من الحرس الثوري والجيش الإيرانييْن. ويُشير استبعاد شمخاني من موقعه كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي إلى إزاحة آخر قيادات الجيل المؤسس للحرس الثوري، والذي ركز دوره على الدفاع عن الثورة والنظام والدولة في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، ومن ثم سيطرة الجيل التالي له، والذي وسّع من سيطرته ونفوذه على مفاصل الدولة ودوائر صنع القرار، وأصبح شريكاً في عديد من المجالات الاقتصادية.
وقد تكرر هذا السيناريو مع عدد من قيادات الجيل الأول للحرس الثوري مثل القائديْن الأسبقيْن للحرس يحيى رحيم صفوي، ومحسن رضائي، اللذين أصبح أولهما مستشاراً للمرشد الأعلى والثاني مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية، كما يصب اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، في يناير 2020، في هذا الاتجاه، إذ إن وجود شخصية بحجم وثقل سليماني كان يُمثل عقبة كبرى أمام السماح بظهور هذا الجيل. وقد كان استبعاد شمخاني وتولي أحمديان، آخر الحلقات في مسلسل تمكين الجيل الثاني للحرس الثوري.
3- الخلافات بين شمخاني ووزارة الخارجية: أثار الدور الذي أداه شمخاني، باعتباره "عرّاب التطبيع" الإيراني مع دول الجوار، حفيظة الدبلوماسيين في بلاده، إذ رأوا ذلك تعدياً على اختصاصاتهم، وتجاوزاً لمهامهم. وربما هذا ما دفع إلى تولي وزارة الخارجية الإيرانية متابعة تنفيذ بنود تلك الاتفاقات، وهو ما تجلى في اللقاء الذي عقده وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في بكين، يوم 6 إبريل 2023، والاتصالات العديدة التي جرت بينهما بعد ذلك؛ في محاولة لتأكيد الدور الحيوي لوزارة الخارجية في تنفيذ السياسة الخارجية لطهران.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر إلى أنه خلال الاجتماع الذي ضم أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني مع خامنئي، في 20 مايو 2023، والذي تمت دعوة جميع السفراء لحضوره للمرة الأولى منذ 3 سنوات، أثار بعض الدبلوماسيين، بإيعاز من الرئيس الإيراني، مسألة تعيين سفراء من خارج السلك الدبلوماسي، مُعبرين عن رفضهم لهذه الممارسة؛ في رسالة مباشرة إلى شمخاني، الذي كان قد ضغط من قبل لتعيين أحد السفراء المقربين منه كسفير لبلاده في الرياض، وهو سعيد إيرواني مندوب إيران بالأمم المتحدة، ليتولى ملف إعادة ترميم العلاقة مع المملكة.
ومن ثم نجح أنصار رئيسي في إقناع المرشد الأعلى بالتخلي عن شمخاني، واستبداله بأحمديان باعتباره شخصية "استراتيجية أمنية وعسكرية"، وليس لديه طموح سياسي، وأن تعيينه يهدف إلى "نزع تسييس" الحسابات الأمنية وصُنع القرار في مجلس الأمن القومي. وقد انصاع خامنئي لهذا الاتجاه، وقام بتعيين أحمديان ممثلاً عنه في المجلس، ما منحه حقوق التصويت وخط اتصال رسمي مباشر مع المرشد الأعلى.
4- تصاعد الاتهامات ضد شمخاني: أثارت قضية إعدام نائب وزير الدفاع الإيراني الأسبق، علي رضا أكبري، على يد السلطات الإيرانية، في يناير 2023، بتهمة التجسس لصالح أجهزة الاستخبارات البريطانية، اللغط حول شمخاني، ومنحت فرصة للتيار الأصولي للنيل منه؛ وذلك على اعتبار أن شمخاني كان يشغل منصب وزير الدفاع عندما كان أكبري نائباً له، كما أكدّ أحد التسريبات التي تم نشرها عن أكبري صلة الأخير المباشرة بشمخاني.
وفي سياق الاتهامات الموجهة لشمخاني، فقد كررت ما يُعرف بـ"جبهة الصمود" أو "جبهة بايداري"، المحافظة المتنفذة، توجيه الاتهامات لشمخاني وعائلته، بالتورط في ملفات فساد. إذ اتهمت صهره ونجليه بالتربح من مجال الالتفاف على العقوبات الأمريكية، من خلال امتلاك شركة للنقل البحري وناقلات نفط، والحصول على ملايين الدولارات شهرياً. وفي اجتماع عُقد في شهر يناير الماضي، بين خامنئي وكبار مسؤولي الأمن، تعرض شمخاني لانتقادات مباشرة بسبب نمط حياة أبنائه القائم على البذخ، في الوقت الذي يئن فيه أغلب الإيرانيين من براثن الفقر والعوز بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، نتيجة للعقوبات. كما اتهمت شمخاني نفسه، بالإمساك بملف العلاقات مع السعودية ودول الخليج للتربح تجارياً من وراء ذلك.
5- انتقاد موقف شمخاني من الاحتجاجات والحجاب: اتهم المحافظون شمخاني بالفشل في إدارة الاحتجاجات التي شهدتها إيران في منتصف سبتمبر 2022، على إثر وفاة الشابة مهسا أميني، في أحد مراكز الاحتجاز التابعة لشرطة الأخلاق في إيران، كما اتهموه بالتقصير عندما رفض التعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين. وفي هذا السياق، طالب النائب السابق في مجلس الشورى الإيراني، حميد رسائي، الذي ينتمي للتيار الأصولي، بشكل متكرر، بإقالة شمخاني لعدم قدرته على قمع التحركات الاحتجاجية، داعياً إلى ضرورة محاسبته على توجهاته الإصلاحية التي تتفق مع توجهات الرئيس السابق روحاني.
كما حمّلت وثيقة إيرانية مُسربة، نشرتها وسائل إعلامية يوم 30 مايو 2023، شمخاني مسؤولية "الفشل" في مكافحة الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر الماضي، وذكرت أن التقارير العديدة التي أرسلها بخصوص ما وصفته بـ"أعمال الشغب" التي وقعت في الأشهر الأخيرة، لم تتضمن أي مقترحات بشأن "العمل لحل المشكلات". كما حمّلت الوثيقة شمخاني مسؤولية "عدم إصلاح التناقضات والقصور والعيوب في أجهزة المخابرات بالدولة والتي انعكست في بعض تقاريره".
من ناحية أخرى، يحمل شمخاني رؤية مغايرة إزاء قضية الحجاب، إذ يرى ضرورة أن تهتم الحكومة أولاً بمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لدى المواطنين، قبل أن تفرض عليهم قوانين تلزم النساء بالحجاب، وهو ما يتعارض مع موقف الأصوليين الذي يتمسكون بسردية تطبيق قوانين الحجاب الإلزامي بالقوة.
6- تمهيد الطريق لخلافة مُجتبى خامنئي: ربما يحمل استبعاد شمخاني دلالة تتعلق بالرغبة في تمهيد الطريق أمام نجل المرشد الحالي، لتولي الخلافة بعد وفاة أبيه، الذي يبلغ من العمر 84 عاماً، إذ تربط أحمديان بمجتبى خامنئي علاقة قوية وموثوقة، ولعل هذا ما دفع الرئيس الإيراني إلى العدول عن اختياره في البداية لسعيد جليلي، والذي كان يشغل منصب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني قبل شمخاني، خلفاً للأخير، حيث قطع مجتبى خامنئي الطريق على تعيينه، ونال موافقة والده على تعيين الجنرال أحمديان في هذا المنصب الحساس.
تداعيات متباينة:
قد تنعكس إزاحة شمخاني عن المشهد السياسي في إيران، على عدد من الملفات الاستراتيجية المهمة بالنسبة لطهران، ومنها الآتي:
1- العلاقات الإيرانية مع الدول العربية: على الرغم من اعتبار شمخاني مهندس التطبيع الإيراني مع دول المنطقة، فمن غير الوارد أن يتأثر مسار التهدئة الإيرانية تجاه المنطقة العربية، بانتهاء مهام شمخاني؛ وذلك لوجود حاجة ومصلحة إيرانية حقيقية في الحفاظ على هذا المسار حالياً. كما أن وجود الضمانة الصينية في الاتفاق الموقع مع السعودية، تجعل هناك مخاطرة لأي محاولة من جانب طهران للتنصل من بنود هذا الاتفاق؛ نظراً لأهمية الصين بالنسبة لإيران، ولأنها تمثل شريكاً اقتصادياً وسياسياً مهماً لها. ويُدلل على ذلك، أنه في اليوم التالي لاستبعاد شمخاني، أعلنت طهران تعيين علي رضا عنايتي سفيراً لها لدى المملكة، الأمر الذي يحمل رسالة تأكيد من جانب إيران أن الاتفاقات مع السعودية ودول المنطقة ستظل سارية دون تأثر.
2- المباحثات النووية مع الغرب: انتقل ملف المباحثات النووية مع الغرب، من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى وزارة الخارجية، عندما تولى شمخاني منصب الأمين العام للمجلس في 10 سبتمبر 2013. ولم يشارك شمخاني بشكل مباشر في المفاوضات النووية، لكنه كان حلقة الوصل بين المرشد الإيراني وفريق المفاوضين النوويين، وأدى دوراً أساسياً في تقدم مسار المفاوضات، التي أفضت إلى توقيع الاتفاق في عام 2015. بيد أنه وبعد انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي في مايو 2018، أعلن أن طهران لن تتفاوض تحت أي ظرف من الظروف على اتفاق نووي جديد مع الغرب.
وربما سعت إيران من خلال تعيين أحمديان، إلى إيصال رسائل مزدوجة لواشنطن والأطراف الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي معها. ففي حين تُمثل رسالة تهديد على أساس أن أحمديان من أشد المدافعين عن نظرية "الدفاع المتكافئ"، والتي تطالب بزيادة قوة الردع الإيرانية في مواجهة تهديدات الأعداء والخصوم، فإنها تسعى أيضاً إلى حلحة مسار المباحثات مع الغرب، وإرسال إشارات إيجابية في هذا الصدد، ومنها تأكيد عبد اللهيان، في اجتماع حضره دبلوماسيون إيرانيون يوم 25 مايو 2023، تحقيق تقدم "جيد" بشأن إمكانية استئناف المحادثات الخاصة بإحياء الاتفاق النووي، والمتوقفة منذ سبتمبر 2022، وذلك من خلال تبادل الرسائل بشكل غير مباشر بين إيران والأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق.
3- زيادة تشدد النظام الإيراني: من المرجح أن يؤدي تغييب شمخاني عن المشهد في إيران، باعتباره آخر الوجوه الإصلاحية بداخله، إلى زيادة تشدد النظام الإيراني، على أساس أنه أصبح أكثر تجانساً وانسجاماً في التعبير عن الصبغة المتشددة، التي طغت عليه منذ تولي إبراهيم رئيسي مقاليد السلطة في أغسطس 2021، ليصبح واحداً من أكثر نظم الجمهورية الإسلامية تشدداً منذ عام الثورة في 1979. إذ إن الأمين الجديد لمجلس الأمن القومي، أحمديان، هو قيادي بارز في الحرس الثوري، وكان يُعرف عنه قربه من قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني. وقد يؤدي ذلك بالنظام إلى تمسكه بتبني سياسات أكثر تشدداً حيال قضايا الداخل فيما يتعلق بالحقوق والحريات، واستخدام أدوات القمع والعنف ضد الأصوات المعارضة.
مستقبل شمخاني:
يمكن استشراف عدد من السيناريوهات لمستقبل شمخاني في النظام السياسي الإيراني، على النحو التالي:
1- السعي لرئاسة البرلمان الإيراني: قد يكون ذلك تكراراً لما قام به سلفه الأسبق في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، الذي ترشح في الانتخابات البرلمانية وترأس السلطة التشريعية 3 فترات متتالية في الفترة من 2008 إلى2020.
2- الترشح لرئاسة الجمهورية: قد يسلك شمخاني مسلك الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2025، ويكون أحد المنافسين للرئيس الحالي، إبراهيم رئيسي. وفي هذه الحال قد يحصل شمخاني على تأييد من المعتدلين والإصلاحيين، باعتباره ممثلاً عن التيارات غير الأصولية، إلا أنه قد يتعرض للاستبعاد من جانب مجلس صيانة الدستور، المعني بالبت في أهلية المرشحين للانتخابات في إيران، مثلما حدث مع علي لاريجاني، في انتخابات يونيو 2021، بما يمهد الطريق لولاية ثانية لرئيسي.
3- تقاعد شمخاني وقيامه بالأدوار الاستشارية التي كُلف بها من قِبل المرشد الأعلى: لكن بالنظر إلى تاريخ شمخاني الذي أمضى جزءاً كبيراً من حياته في مناصب صُنع القرار الرئيسية، فإن مسألة تقاعده تبدو غير مرجحة.
وفي الختام، يمكن القول إن استقالة شمخاني، هي أقرب للإقالة، كما أنها ليست مفاجئة، بل كانت متوقعة منذ فترة، بيد أنه تم إرجاؤها حتى إنهاء المهمة التي كُلف بها وهي إتمام اتفاقات عودة العلاقات مع الدول العربية ولاسيما السعودية، باعتباره وجهاً مقبولاً لدى هذه الدول؛ نظراً لأصوله العربية، وخلفيته في التفاوض مع تلك الأطراف، ثم تم الاستغناء عنه. وبالنسبة لانعكاسات إبعاد شمخاني على السياسة الخارجية تحديداً، فهي تبدو محدودة؛ نظراً لخضوع ملفات السياسة الخارجية، وخاصة الاستراتيجية منها، لصلاحيات المرشد الأعلى حصراً، ومحدودية الهامش المُتاح للمسؤولين الإيرانيين في التحرك في تلك الملفات، واقتصار دورهم على تنفيذ توجيهات المرشد، وهو ما يقلل من أهمية تأثير ذلك الاستبعاد في ملفات إيران الإقليمية والدولية.