أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)
  • إيمان الشعراوي تكتب: (الفجوة الرقمية: حدود استفادة إفريقيا من قمة فرنسا للذكاء الاصطناعي 2025)
  • حسين معلوم يكتب: (تفاؤل حذر: هل تشكل الانتخابات المحلية فرصة لحلحلة المسار الليبي؟)
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)

النموذج السنغافوري:

تجارب آسيوية ناجحة للحد من انتشار "كورونا"

05 مارس، 2020


لم تعد قوة الدول القومية تُقاس بحجم ما تمتلكه من ثراوت طبيعية أو بشرية، أو قوة اقتصادية أو عسكرية فحسب؛ بل أصبحت هذه القوة مرهونة -بدرجة كبيرة- بقدرة الدول على منع نشوء مسببات الأمراض، وكذلك الاكتشاف المبكر والإبلاغ عن الأوبئة ذات الطابع العالمي، إضافة إلى الاستجابة السريعة والتعامل الناجح معها.

وفي ظل ما يُمثله تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية في 30 يناير الماضي "حالة طوارئ صحية عامة تُثير قلقًا دوليًّا"، من اختبار حقيقي لقدرات الدول القومية على التصدي له بفاعلية؛ فقد تباينت أنماط استجابة الدول الـ(77) التي انتشر فيها فيروس كورونا حتى الآن، وكذلك مستوى النجاح الذي حققته في مواجهته، الأمر الذي يتطلب التعرف على الأسباب التي جعلت بعض الدول أكثر نجاحًا من غيرها في التعامل مع انتشار الفيروس، وأهم الاستراتيجيات التي اتبعتها للتقليل من مخاطره.

إجراءات تنفيذية متنوعة:

كان انتشار فيروس كورونا بمثابة لحظة كاشفة عن درجة استعداد وجاهزية دول العالم للتصدي للتهديدات غير التقليدية، وقد عانت بعض دول العالم، ليس فقط النامية والفقيرة، بل أيضًا الغنية والمتقدمة، من التخبط والعجز عن إدارة هذه الأزمة الصحية الخطيرة بصورة سليمة، وسَجلت عددًا كبيرًا من حالات الإصابة والوفاة.

وبالرغم من عدم وجود دولة في العالم مستعدة بشكل كامل للاستجابة بفاعلية لتفشي الأمراض والأوبئة على نطاق واسع، فإن هناك فجوات واضحة بين الدول، مما يعني أن هناك دولًا أكثر نجاحًا في التصدي لفيروس كورونا من غيرها. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن سنغافورة وتايوان وفيتنام تأتي في مقدمة دول العالم التي حققت حتى الآن نجاحات ملحوظة فيما يتعلق بجهود احتواء الفيروس، والحيلولة دون انتشاره على نطاق واسع بين مواطنيها، وذلك على الرغم من وقوع البلدان الثلاثة داخل الإقليم الجغرافي المباشر للصين التي تُعد بؤرة انتشار الفيروس في قارة آسيا والعالم أجمع، إلى جانب الروابط البشرية والتجارية القوية التي تجمعها مع الصين.

فعلى سبيل المثال، تجذب سنغافورة التي يبلغ عدد سكانها 5.7 ملايين شخص، 3.62 ملايين زائر صيني سنويًّا. كما تُعد الصين أكبر شريك تجاري لسنغافورة. وتقع تايوان على بعد 81 ميلًا قبالة ساحل البر الرئيسي للصين، وبلغ عدد العمالة التايوانية في الصين 404 آلاف شخص، ووصل عدد السائحين الصينيين إلى تايوان إلى 2.71 مليون سائح في عام 2019. أما فيتنام فقد استقبلت حوالي 4 ملايين زائر صيني خلال الفترة ما بين شهري يناير وسبتمبر 2019 فقط.

ومن خلال تتبع أساليب ونُهُج البلدان الثلاثة في التعامل مع فيروس كورونا، يتضح أنها تميزت بعدة خصائص مكّنتها من تحقيق النجاح في مواجهة الفيروس، ومنها:

1- سرعة الاستجابة: كشفت الممارسات المتبعة من قبل البلدان الثلاثة عن اتخاذها جميعًا خطوات استباقية عديدة للحد من انتشار الفيروس، كما يتضح فيما يلي:

أ- سنغافورة: اتخذت السلطات الصحية قرارًا سريعًا في يناير الماضي، بخضوع جميع مرضى الالتهاب الرئوي، لاختبار فيروس كورونا، مما سهّل من فرص الكشف عن حالات الإصابة بين الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ سفر حديث إلى الصين. وقامت الحكومة السنغافورية بتقديم العلاج المجاني لجميع الحالات المشتبه فيها والمؤكدة إصابتها بفيروس كورونا.

وأوقفت الخطوط الجوية السنغافورية الرحلات الجوية بين سنغافورة وبكين وشانغهاي وقوانغتشو حتى 29 مارس الجاري. كما تم تأجيل بطولة سنغافورة سيفنز للرجبي حتى شهر أكتوبر القادم. 

ورفعت البلاد حالة تأهبها لفيروس كورونا إلى اللون البرتقالي، وهي ثاني أعلى درجة تهديد، وقامت بفرض الحجر الصحي على كل من كان لديه سجل سفر للصين، وأي شخص كان على اتصال وثيق مع شخص مريض. وفرضت الحكومة على كل من يدخل المستشفيات وأماكن العمل ضرورة قياس درجة حرارته أولًا، وتم إلغاء الأنشطة الخارجية والفاعليات داخل المدارس حتى شهر نهاية شهر مارس الجاري.

ب- تايوان: بدأت مراكز مكافحة الأمراض في فحص جميع ركاب الرحلات الجوية المباشرة من مدينة ووهان الصينية في 31 ديسمبر الماضي، أي قبل وقت طويل من رصد أول حالة إصابة بالفيروس داخل البلاد. وقامت تايوان بتوظيف التكنولوجيا المتقدمة من أجل التصدي للفيروس. فمن خلال مسح رمز الاستجابة السريعة، تمكنت السلطات الصحية من الحصول على معلومات سريعة حول عادات السفر لمرشحي الحجر الصحي المحتملين.

وعززت تايوان من اكتشاف حالات الإصابة بالفيروس من خلال البحث بشكل استباقي عن المرضى الذين يعانون من أعراض تنفسية حادة (استنادًا إلى معلومات مستقاة من قاعدة بيانات التأمين الصحي الوطنية)، وتم إعادة خضوعهم لاختبار فيروس كورونا. كما قامت الحكومة بتوفير الأدوية المضادة للفيروسات مجانًا للمرضى الذين يعانون من أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، بغض النظر عن جنسياتهم. 

ومن خلال قيامها بدمج قاعدة بيانات التأمين الصحي الوطنية في قاعدة بيانات الهجرة والجمارك، تمكنت تايوان من إيجاد سجلات كاملة ببيانات كافة الأشخاص، خاصة أولئك المعرضين لمخاطر عالية (السفر مؤخرًا إلى مناطق التنبيه من المستوى 3) في آخر 14 يومًا، من خلال خضوعهم للفحص الطبي الدقيق والحجر الصحي.

وصنفت الحكومة فيروس كورونا على أنه مرضٌ مُعْدٍ قانونًا في 15 يناير الماضي، مما سمح بالحجر الصحي للأشخاص الذين ثبتت إصابتهم، ومنع جميع سكان البر الرئيسي الصيني من دخول البلاد في 6 فبراير الماضي. واتّبع المسؤولون في تايوان نهجًا "أكثر استباقية" مقارنة بأجزاء أخرى من آسيا من خلال إيقاف الرحلات الجوية من الصين قبل الكثير من أقرانها في جميع أنحاء آسيا. ورفعت تايوان تحذيرات السفر الخاصة باليابان وكوريا الجنوبية إلى المستوى الثاني، كما نصحت بعدم السفر إلى هونج كونج وماكاو.

ووضعت مراكز السيطرة على الأمراض في تايوان نظامًا صارمًا لتقنين الحصول على الأقنعة الطبية، وفرضت الحكومة حظرًا في أواخر شهر يناير الماضي على شحن أو إخراج الأقنعة الطبية خارج تايوان لثني الناس عن إعادة بيعها بأسعار باهظة خارج البلاد. كما حذرت البائعين من أنهم سيواجهون غرامات تصل إلى 50 مليون دولار أو السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات في حال قيامهم بتخزين الأقنعة أو زيادة أسعارها. وربطت الحكومة مبيعات الأقنعة بأرقام الهوية الوطنية. وسرعان ما تمكنت تايوان من إنتاج حوالي 2 مليون قناع يوميًّا في نهاية يناير الماضي، والجهود جارية لزيادة الإنتاج اليومي إلى 10 ملايين قناع.

ج- فيتنام: في نهاية شهر يناير الماضي، أوقفت فيتنام حركة الطيران مع الصين، وأغلقت جزئيًّا حدودها البرية معها، ومنعت المجموعات السياحية القادمة من الصين من دخول أراضيها. وفرضت البلاد حجرًا صحيًّا كان الأول خارج الصين على منطقة سون لوي القريبة من العاصمة هانوي، ويسكنها 10 آلاف شخص، خشية تفشي فيروس كورونا. ومنذ أن أصبحت كوريا الجنوبية أكبر مركز لفيروس كورونا خارج الصين، أمر رئيس الوزراء الفيتنامي "نجوين شوان فوك" بفرض حظر على المسافرين من هناك. وفي الوقت نفسه، أعلنت فيتنام أن المسافرين الإيرانيين والإيطاليين سيخضعون للحجر الصحي لمدة 14 يومًا عند وصولهم إلى البلاد.

وقلّل الإغلاق الفوري للمدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد من المخاطر. وبعد اكتشاف ستة مرضى مصابين فقط في البلاد، أعلنت فيتنام أن الفيروس وباء، لتكون واحدة من أولى الدول التي قامت بذلك. وفي 28 يناير الماضي، أمر رئيس الوزراء "نجوين شوان فوك" بحظر استيراد الحيوانات البرية إلى فيتنام، لمنع انتشار الفيروسات عن طريق الحيوانات.

2- الالتزام بمبدأ الشفافية: في حين واجهت بعض دول العالم ومنها إيران، فيروس كورونا بالإنكار، واتهام أعداء البلد بالمسؤولية عن تفشيه ؛ كانت الشفافية والتدفق الحر للمعلومات من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في التصدي للفيروس في البلدان الثلاثة، وذلك على النحو التالي:

أ- سنغافورة: قام رئيس الوزراء "لي هسين لونج"، بأخذ زمام المبادرة لتهدئة المخاوف من انتشار الوباء. ونشر شريط فيديو بثلاث لغات على صفحته على Facebook في 8 فبراير الماضي حث فيه السنغافوريين على أن يظلوا متحدين وحازمين، وأكد أن الأمة أفضل استعدادًا للتعامل مع هذا الوضع مقارنة بما كانت عليه وقت اندلاع فيروس سارس.

وقال أيضًا إن الحكومة ستغير نهجها إذا أصبح الفيروس منتشرًا بصورة أكبر، وأضاف أنه سيُبقي الجمهور "على علم بكل خطوة على الطريق". كما شدد رئيس الوزراء السنغافوري على أن "الخوف يمكن أن يضر أكثر من الفيروس نفسه". وكان للخطاب تأثير قوي، حيث مثّل رسالة طمأنة للمواطنين، مما حد من انتشار الذعر والارتباك بينهم.

ب- تايوان: بالرغم من عدم إطلاع منظمة الصحة العالمية تايوان رسميًّا على الإجراءات اللازمة لمواجهة الفيروس؛ إلا أن الحكومة اتخذت على الفور تدابير لمنع انتشاره. حيث قامت بتأسيس مركز القيادة المركزية للوباء (CECC) في يناير الماضي، والذي يقوم بصورة شبه يومية بعقد مؤتمر صحفي للإعلان عن أحدث إجراءات ومعلومات عن الفيروس، وكذلك توضيح الشائعات التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويستخدم العديد من أعضاء الحكومة والسياسيين التايوانيين أيضًا أدوات رقمية للتواصل مع الجمهور، من خلال الاعتماد على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية مثل Facebook وLINE وYouTube لإبقاء الجمهور على اطّلاع بكل ما هو جديد بشأن الفيروس.

بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص رقم مجاني ليكون بمثابة خط ساخن للمواطنين للإبلاغ عن الأعراض أو الحالات المشبوهة بها. ومع انتشار المرض، وصل هذا الخط الساخن إلى كامل طاقته، لذا طُلب من كل مدينة رئيسية إنشاء خط ساخن خاص بها.

ج- فيتنام: تُقدم الحكومة إحاطةً يوميةً للشركات والجمهور بكافة المستجدات المتعلقة بالفيروس، وقامت وزارة الصحة بإنتاج فيديو لإبراز كيفية الوقاية من الفيروس، والتأكيد على دور النظافة الشخصية وغسل اليدين وتجنب ملامسة الوجه قبل غسل اليدين في الوقاية من الإصابة. 

3- توظيف الإجراءات القانونية:  أصدرت البلدان الثلاثة مجموعة من القوانين والتشريعات التي تُجرّم نشر الشائعات وتتصدى لجشع التجار، مما ساهم في التخفيف من حدة التوترات خلال هذه الأوقات الأكثر صعوبة، وذلك كما يتضح فيما يلي:

أ- سنغافورة: قامت بتجريم انتهاك قيود السفر ونشر المعلومات المضللة أو الشائعات الكاذبة. حيث يتم تغريم كل من تثبت إدانته بانتهاك قانون الأخبار الجديد بما يصل إلى 60 ألف دولار سنغافوري، أو يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

ب- تايوان: وفقًا لمقترحات تقدم بها رئيس الوزراء، من المتوقع أن يواجه قريبًا منتهكو الحجر الصحي لفيروس كورونا ما يصل إلى عامين في السجن أو غرامة قدرها مليوني دولار تايواني إذا وضعوا آخرين في خطر العدوى. كما سيواجه من ينشر معلومات كاذبة حول تفشي المرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو غرامات أقصاها 3 ملايين دولار.

ج- فيتنام: هددت السلطات كل من ينشر أخبارًا مزيفة بغرامات ضخمة وكذلك التعرض للسجن، وقامت بفرض عقوبات مماثلة على الصيدليات التي قامت برفع أسعار أقنعة الوجه وغيرها من المستلزمات الطبية.

4- الاهتمام بالفئات والقطاعات الأكثر تضررًا: اتخذ المسؤولون في البلدان الثلاثة عدة إجراءات لتقليل الآثار الاقتصادية السلبية المترتبة على انتشار فيروس كورونا، وذلك على النحو التالي:

أ- سنغافورة: خصصت الحكومة 4 مليارات دولار سنغافوري (2,8 مليار دولار أمريكي) في ميزانية سنغافورة الوطنية لعام 2020 لدعم الاقتصاد القومي. ونصحت الحكومة المؤسسات المالية في البلاد باتخاذ تدابير واحتياطات إضافية، ومنها: إدارة الطلب المتزايد المحتمل على الخدمات المالية مثل السحوبات النقدية والمعاملات عبر الإنترنت.

وأنشأت الحكومة وشركات الاستئجار الخاصة صندوقًا بقيمة 55 مليون دولار أمريكي، للتخفيف من الآثار الاقتصادية لانتشار الفيروس، ويحصل من خلاله سائقو سيارات الأجرة والسائقون المستأجرون من القطاع الخاص على إغاثة قدرها 14 دولارًا أمريكيًّا يوميًّا لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من 14 فبراير الماضي. مما يعكس التعاون والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في سنغافورة.

ب- تايوان: قدم رئيس وزراء تايوان "سو تسينج تشانج"، في 3 مارس الجاري، مشروع موازنة خاصة بقيمة 60 مليار دولار تايواني (مليارا دولار أمريكي)، إلى البرلمان وذلك بهدف مساعدة قطاعات التصنيع والسياحة والنقل والتجارة والمشروعات الأخرى المتضررة من فيروس كورونا.

وفي السياق ذاته، قامت الحكومة التايوانية بتعويض الأفراد المعزولين ماديًّا، كما أدخلت نظام "إجازة الرعاية الوبائية" الذي يسمح بالحصول على إجازة لرعاية المرضى، وفي حال رفضت شركة ما منح الموظف إجازة مدفوعة الأجر يتم معاقبتها.

ج- فيتنام: أعلنت وزارة التخطيط والاستثمار أن الحكومة بصدد إعداد حزمة من الحوافز الاقتصادية لمساعدة الشركات على مواجهة آثار الفيروس.

نجاحات ملحوظة:

ساهمت الإجراءات التي نفّذتها كل من سنغافورة وتايوان وفيتنام في الحد من انتشار الفيروس بين مواطنيها بدرجة كبيرة، وهو ما كان له انعكاسات مهمة على تلك الدول، وذلك على النحو التالي:

1- محدودية حالات الإصابة المؤكدة: في حين كان أكبر عدد من حالات الإصابة والوفاة بسبب فيروس كورونا على مستوى العالم، في كل من الصين، وكوريا الجنوبية، بينما احتلت اليابان المركز الثالث على مستوى قارة آسيا، والخامس عالميًّا، وذلك حتى 4 مارس 2020؛ فقد سجلت كلٌّ من سنغافورة وتايوان وفيتنام -على الجانب الآخر- عدد حالات إصابة أقل بكثير بفيروس كورونا (110، 42، 16 حالة على التوالي).

2-قلة حالات الوفاة: لم تسجل كل من سنغافورة وفيتنام أي وفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا، في حين سجلت تايوان حالة وفاة واحدة فقط، وذلك حتى 4 مارس 2020. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فقد أعلنت فيتنام في 25 فبراير الماضي، عن تعافي كافة المصابين لديها البالغ عددهم 16 مصابًا، ولم تسجل البلاد أيضًا حالات إصابة جديدة خلال الأسبوعين الماضيين.

3- نجاحات طبية: تبذل المؤسسات الوطنية في تايوان جهودًا حثيثة للبحث عن علاج لفيروس كورونا، ويشير المسؤولون في البلاد إلى إحراز تقدم ملحوظ في إنتاج عقار مضاد للفيروسات.  جدير بالذكر أن تايوان لديها نظام متطور للرعاية الصحية، وبحسب المؤشر العالمي للرعاية الصحية الذي أصدره مؤخرًا موقع "Numbeo" لعام 2019 فإن تايوان جاءت في المركز الأول في المؤشر الذي تضمن 89 دولة، وذلك بالنظر إلى عدة عوامل، من بينها: امتلاكها كفاءات بشرية طبيبة متطورة، وتوافر التجهيزات والطرق التكنولوجية الحديثة في التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى قرب المرافق الصحية وتوافرها.

وفي السياق ذاته، حققت فيتنام تقدمًا علميًّا في مكافحة المرض، وقامت بتطوير مجموعات اختبار متقدمة لفيروس كورونا أسرع بثلاثة أضعاف، وأرخص من مجموعات الاختبار الحالية المستخدمة. وتوفر مجموعة الاختبار الجديدة النتائج في 70 دقيقة بدلًا من أربع ساعات، وذلك بتكلفة منخفضة تقدر بنحو 350 ألف دونج فيتنامي. إضافة إلى ذلك، فإن فيتنام تعكف في الوقت الراهن على إنشاء نظام عالمي للإنذار المبكر.

4- الرفع من الوجهات المعرّضة لانتقال الفيروس: قرر المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، في 27 فبراير الماضي، رفع فيتنام من قائمة الوجهات المعرضة لانتقال فيروس كورونا، وأشاد المسؤولون في المركز بجهود الحكومة الفيتنامية في مكافحة فيروس كورونا، خاصة تنفيذ المراقبة والحجر الصحي والعلاج بشكل شامل وجذري. 

5- الإشادة الدولية: نالت جهود سنغافورة في معالجة مكافحة فيروس كورونا ونهجها في التواصل مع الجمهور استحسان الخبراء والمراقبين من جميع أنحاء العالم. وقد أشادت منظمة الصحة العالمية بالحكومة السنغافورية لكفاءتها وشفافيتها في إدارة الأزمة. وطالب مسؤولو منظمة الصحة العالمية البلدان الأخرى بأن تحذو حذوها. كما نشرت صحيفة "بلومبرج" الأمريكية ذائعة الصيت، مقالًا في 10 فبراير الماضي، أشادت فيه بنهج سنغافورة في إدارة أزمة انتشار فيروس كورونا. وأكدت الصحيفة أنه "بينما يسود الذعر قارة آسيا، فإن سنغافورة تمثل نموذجًا لبلدان أخرى للحد من الذعر والشائعات ونظريات المؤامرة".

وفي الوقت نفسه، وجدت دراسة حديثة في جامعة هارفارد أن مقاربة سنغافورة لتفشي فيروس كورونا هي "المعيار الذهبي" للكشف عن الحالات، حيث يستخدم الباحثون سنغافورة كمعيار لبلدان أخرى. وأضافت الدراسة: "من بين البلدان ذات حجم السفر الكبير، أظهرت سنغافورة أعلى نسبة من الحالات المكتشفة إلى حجم السفر اليومي"، وكانت لديها تقارير مفصلة للغاية عن الحالات خلال اندلاع فيروس كورونا.

وفي السياق ذاته، أشادت منظمة الصحة العالمية بنجاح فيتنام في التعامل مع انتشار الفيروس، والذي أرجعته إلى الاستثمار طويل الأجل في الصحة العامة. وعزا الدكتور "كيدونج بارك"، ممثل منظمة الصحة العالمية في فيتنام، النجاح إلى "الاستباقية من خلال الاكتشاف المبكر، والعزلة المبكرة، والاتساق الحكومي طوال فترة الاستجابة، مما أدى إلى وقف انتشار المرض، وإنقاذ الآلاف من الأرواح".

6-  معدل الثقة في الحكومة: بناءً على استطلاع للرأي أجرته مؤسسة الرأي العام التايوانية في 24 فبراير الماضي، شمل 1079 شخصًا تم اختيارهم عشوائيًّا، حصل وزير الصحة والرفاه في تايوان على معدل تأييد تجاوز 80% بسبب نجاحه في التعامل مع الأزمة، كما حصل الرئيس ورئيس الوزراء على معدل تأييد عام قارب نسبة الـ70%. كما منحت شبكة التلفزة المحلية TVBS الحكومة نسبة تأييد بلغت 82% بسبب مقاربتها الناجحة في التعامل مع هذه الأزمة الصحية. 

ختاماً يمكن القول إنه من خلال الاعتراف المبكر بالأزمة، والإحاطات الإعلامية اليومية للجمهور، والرسائل الصحية البسيطة والدقيقة في الوقت المناسب؛ يمكن أن تتمكن الحكومات من طمأنة المواطنين، وأن تقدم نماذج ناجحة للاستجابة السريعة والفعالة لهذه الأزمة الصحية العالمية.