أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

ما وراء قانون الجنسية الإسرائيلي

14 أغسطس، 2018


منذ أقل من شهر وافق الكنيست أخيراً على قانون الجنسية الإسرائيلي الذي جاء بتعديل مهم على قانون الجنسية الأساسي لعام 1952. كانت الجلسة عاصفة واستمرت حوالي ثماني ساعات، وكان أعضاء الكنيست منقسمين: 62 عضواً وافقوا على القانون، بينما اعترض عليه 55 عضواً وامتنع عضوان عن التصويت. حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزبه اليميني - الليكود - أن يصدر هذا القانون قبل أن ينفض الكنيست في إجازته الصيفية... وقد نجح نتنياهو في ذلك.

أهم ما في هذا القانون، هو بالطبع - وكما تتفق كل المصادر - هو الناحية العنصرية العرقية في الموضوع. القانون صريح كل الصراحة في تفوق العنصر اليهودي في إسرائيل، دون مراعاة لأي عرقيات أو أديان أخرى - سواء كانوا دروزاً، عرباً مسلمين أو مسيحيين. هو عودة لنظام التفرقة العنصرية الذي تمت هزيمته في جنوب أفريقيا خلال التسعينيات، بل ألمح بعض يهود الشتات أن القانون قد يكون أسوأ لأنه يؤسس لعودة نظام نازي في إسرائيل، هذا النظام الذي قام على تفوق جنسي أو عرقي «الألماني في هذه الحالة» والتي كانت أساسه غرف الغاز للقضاء على اليهود خنقاً، والمعروف بالهولوكست.

في الحقيقة الموضوع أسوأ، بالرغم من قبحه الظاهر للعيان، فإنه يخفي أكثر مما يبطن، نعم هذا القانون عرقي وعنصري، ولكنه - وهذا هو الأخطر - توسعي أيضاً، وفي المقام الأول. فالنقاش الدائر في إسرائيل منذ انتصارها الكبير في حرب سنة 1967 هو كيف تضم المزيد والمزيد من الأراضي العربية. كانت البداية بالطبع بالنسبة للقدس، والذي جاء قرار الضم بعد الحرب مباشرة، وأكده بعد خمسين عاماً في شهر ديسمبر الماضي الرئيس الأميركي ترامب.

ثم جاء بعد ذلك قرار ضم الجولان السوري، بالرغم من عدم جود أي أسانيد دينية تستند إليها إسرائيل - كالعادة - لتبرر ضم هذه الأراضي. ولكن جوهرة التوسع وبصراحة شديدة هي الضفة الغربية، التي كان يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بيجين على تسميتها "جوديا" - أي "الأراضي اليهودية"، والتي يستخدمها العديد من الوزراء الحاليين في إسرائيل، بل يعاقبون أي يهودي من داخل أو خارج إسرائيل على استخدام تسمية أخرى، مثلاً الضفة الغربية.

بالرغم من السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وحتى التوسع عن طريق استيطان صارخ ومتزايد، فإن سياسة الضم المعلن وعن طريق قانون صريح هو الهدف.

الخلاف والصراع بين أغلبية الإسرائيليين - وخاصة داخل الجيش - هو عدم زيادة نسبة السكان العرب، والذين قد يشكلون تهديداً أمنياً، خاصة عندما يصبحون أغلبية داخل دولة إسرائيل. بل إنهم في حالة الانتخابات قد يقوم أحد أحزابهم السياسية بتأليف الحكومة.

أهمية القانون الجديد الذي يضع اليهود فقط في المرتبة الأولى يجد حلاً لمشكلة التوسع وضم الأراضي هذه. بما أن إسرائيل بعد قانون الجنسية دولة يهودية فقط، واليهودي هو المواطن الأول والأصيل في هذه الدولة، يصبح الآخرون - مهما كان عددهم أو أغلبيتهم - في مكانة متدنية، ليس اجتماعياً فقط أو حتى سياسياً، بل دستورياً. قانون الجنسية يسمح إذن بالتوسع وضم أراض جديدة دون إضافة أي وزن للسكان غير اليهود مهما كانت غالبيتهم. هم كالدواب يعملون وحتى يستعبدون، ولكن دون أي تأثير على الدولة.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد