صدر عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبـي، العدد 15 من سلسلة "دراسات المستقبل" بعنوان "الاستخبارات الاستباقية: التنبؤ وبناء سياسات الأمن القومي" من تأليف محمد العربي، الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية ورئيس برنامج الاستشراف الاستراتيجي بالمركز. وتسعى هذه الدراسة إلى توضيح طبيعة وظيفة "التنبؤ"، وموقعها المركزي في دورة الاستخبارات الحديثة.
تتناول الدراسة المقاربات التقليدية في الاضطلاع بهذه الوظيفة والتـي ارتبطت بالأدوات التقليدية في جمع ومعالجة وتحليل المعلومات الاستخباراتية، وكذلك الاتجاهات الجديدة في التنبؤ الاستخباراتي، والتـي أخذت في الظهور، مع تعقد نماذج التحليل والظواهر واتساع نطاق عمل أجهزة الاستخبارات، ومن ثم انفتاحها على مقاربات الاستشراف الحديثة مثل التنبؤ الفائق، وحشد المصادر وإدماج الذكاء الاصطناعي.
في عالم الاستخبارات، تستهدف التنبؤات استباق الأحداث المستقبلية وتجنب المفاجآت الاستراتيجية ومساعدة عملية اتخاذ القرار على توجيه الموارد المحدودة إلى أكثر الجوانب والقضايا أولوية حسب استراتيجية الأمن القومي. أي أن هدف التنبؤات الاستخباراتية هو تعزيز "مزايا القرار" لدى أجهزة الدولة في مقابل المخاطر والتحديات. ويشار إلى هذه الوظيفة باعتبارها استخبارات استباقية تقوم على مفهوم إمكانية تغيير الدولة/ صناع القرار، المخرجات المستقبلية لحدث أو قضية ما من خلال اتخاذ إجراءات أو تبني سياسات حولها في الحاضر.
كذلك، تحاول هذه الدراسة الإسهام نظرياً في تطوير الفهم العام لوظائف الاستخبارات الحديثة في الأوساط البحثية العربية التي تعاني فقراً حقيقياً في إنتاج الدراسات الأمنية بشكل عام والاستخباراتية على وجه الخصوص. كما تحاول الدراسة توضيح الترابط بين حقل الدراسات الأمنية ودراسات الاستشراف، وتأكيد أن إدماج أدوات الاستشراف صار ضرورة لتطوير هذه الحقول، وكذلك تعزيز الأدوات اللازمة لإنتاج تصورات عملية حول مستقبل العالم.