أقرّ الاتحاد الأوروبي، في 4 يوليو 2024، حزمة جديدة من الرسوم الجمركية المُؤقتة بشأن السيارات الكهربائية الصينية بنسب تتراوح بين 17 و38% بغرض تعزيز الحمائية لصناعة السيارات المحلية الأوروبية، وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت عن تلك الرسوم في يونيو الماضي؛ لتُقَر وتدخل حيز التنفيذ بشكل مؤقت لحين انتهاء مهلة التفاوض والحوار مع الصين قبل إقرارها بشكل مُستدام لمدة 5 سنوات في نوفمبر 2024.
سياقات مُتشابكة:
تأتي تلك الخطوة الأوروبية في خضم بعض التطورات سواء على صعيد العلاقات مع الصين، أم على صعيد سوق السيارات الكهربائية؛ وهو ما يمكن إيجازه على النحو التالي:
1. التفوق الصيني بالتصنيع محلياً: يعود الفضل في تفوق التصنيع الصيني للسيارات الكهربائية بشكل رئيس للدعم والحوافز الحكومية التي عززت تنافسية هذه الصناعة؛ بالإضافة لدمج الاستثمارات بمجال البحوث والتطوير بتلك الصناعة في الخطط الخمسية العاشرة والحادية عشرة، وصُنفت تلك الصناعة كإحدى الصناعات الاستراتيجية السبع الناشئة التي تسعى الصين إلى تحقيق الريادة العالمية فيها بحلول عام 2049؛ إذ سيتم تصنيع 80% من السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية في الصين بحلول عام 2025.
على سبيل المثال، تلقت شركة (BYD)2.1 مليار يورو من الإعانات الحكومية المباشرة في عام 2022، وبفعل ضعف الطلب المحلي إلى جانب القدرة التصنيعية العالية؛ أسهم ذلك في الدفع نحو توجيه المخزون الزائد إلى الأسواق الأجنبية وخاصة أوروبا؛ وهذا النمو السريع للحصة الصينية من الأسواق الأوروبية أثار مخاوف الكتلة الأوروبية، مثلما هو الحال بشأن الشركة سالفة الذكر، والتي تتطلع للاستحواذ على 5% من السوق الأوروبية فيما يتعلق بالسيارات الكهربائية.
وفي المقابل، تسعى الشركات الأوروبية للمضي قدماً نحو تعزيز مساهمتها في سوق السيارات الكهربائية، مثل شركة "فولكس فاغن"، التي تقدم أكثر من 30 منتجاً جديداً هذا العام، وتخطط لتطوير وإنتاج سيارة كهربائية بقيمة 20 ألف يورو في أوروبا بحلول عام 2027. بالإضافة لشركة رينو الفرنسية التي أعلنت مايو الماضي أنها تتعاون مع الصين لإنتاج سياراتها الكهربائية لتطرحها بعد تجميعها بفرنسا في السوق بسعر 25 ألف يورو، بالإضافة لشركة (Stellantis) (مالكة العلامتين التجاريتينFiat وPeugeot) التي طرحت هذا العام سيارة (Citroën ë-C3) الكهربائية بقيمة 23300 يورو؛ وسوف تبدأ في سبتمبر المقبل بطرح مبيعاتها التي طورتها بالاشتراك مع شركة Zhejiang Leapmotor) (Technologies Ltd الصينية في السوق الأوروبية.
2. تحقيقات أوروبية لفرض قيود على واردات السيارات الصينية: أطلقت المفوضية الأوروبية، في 4 أكتوبر 2023؛ تحقيقات بشأن صناعة السيارات الصينية؛ للتصدي لممارسات المنافسة غير العادلة وإغراق السوق الأوروبية جراء الدعم الصيني الحكومي غير العادل المُقدم لموردي السيارات الكهربائية؛ مما يدفع المفوضية للتحقيق من أجل تقدير قيمة الرسوم الجمركية التعويضية في غضون 13 شهراً (أي بحلول نوفمبر 2024)؛ ونتيجة لتلك التحقيقات صدر القرار الراهن بشأن الرسوم المؤقتة التي تم إقرارها في يوليو 2024 لحين استكمال التحقيقات.
ومن جانبها، أعلنت المفوضية الأوروبية عن البدء في التسجيل الجمركي لواردات السيارات الكهربائية الصينية، استعداداً لإمكانية فرض رسوم جمركية بأثر رجعي على تلك السيارات في حال إقرار الرسوم الجمركية بشكل نهائي بعد انتهاء التحقيق الأوروبي السابق الإشارة إليه. في حين أن الصين من جانبها تفرض بالفعل تعريفة جمركية بنسبة 15% على السيارات الكهربائية الأوروبية.
3. قيود أمريكية على واردات السيارات الصينية: في مايو 2024؛ اتخذت الإدارة الأمريكية أيضاً قراراً بشأن تغليظ الرسوم الجمركية على مختلف الواردات الصينية ومن بينها السيارات الكهربائية، والتي تمت مضاعفتها بأكثر من 100%، مع الوضع في الاعتبار أن الأثر لتلك الخطوة بالنسبة لسوق السيارات سياسي أكثر منه اقتصادي، نظراً لمحدودية الواردات الأمريكية من تلك المركبات، بالمخالفة للحالة الأوروبية.
ردود الفعل:
لم تكن ردود أفعال مُختلف الأطراف المعنية على نفس الوتيرة، حتى على صعيد الجانب الأوروبي ذاته؛ وهو ما يمكن تبيانه على النحو التالي:
1. التباين في المواقف الأوروبية: ثمّة مُعارضة من قبل ألمانيا التي تُعد أبرز الحلفاء الاقتصاديين للصين بالكتلة الأوروبية، وقد رحب المتحدث باسم المستشار الألماني شتيفن هيبسترايت، بما أبدته المفوضية من إمكانية إجراء مُحادثات مع بكين حينما تم الإعلان عن تلك الرسوم في يونيو الماضي للتوصل لحل توافقي بين الجانبين. وقد وصف وزير الرقمنة والنقل الألماني فولكر ويسينغ، زيادة التعريفات بأنها خطوة مُدمّرة. وأبدى اتحاد صناعة السيارات الألماني رفضه لتلك الرسوم التي ستُسبب عزل السوق الأوروبية والألمانية تحديداً عن الأسواق العالمية.
كما أن السويد والنرويج من جانبهما قد أفادتا بأنهما لن تصوّتا لصالح القرار الأوروبي، وكذلك الحال بالنسبة للمجر التي تعارض ما تصفه بالعقوبات الأوروبية الوحشية التي لا تقدم دعماً للصناعة الأوروبية؛ إنما هي بمثابة عقاب للصناعة الصينية؛ بل قدمت المجر حزمة تتألف من 11 توصية بشأن تسريع التحول للمركبات الكهربائية للاتحاد الأوروبي، داعية إلى التنسيق في الرؤى والمواقف على المستوى الأوروبي بشأن تلك الصناعة. وقد وصف الخبراء الصينيون ذلك الموقف بالانقسام داعين الكتلة الأوروبية لتجاوزه من خلال العودة للتعاون عوضاً عن إثارة الحروب التجارية مع الصين.
وقد أعرب عدد من الشركات الأوروبية عن معارضتهم لفرض رسوم جمركية تعويضية على السيارات الكهربائية الصينية، قائلين إن مثل هذه الخطوة الحمائية لن تضر إلا بصناعة السيارات الأوروبية. ومنهم مجموعة "فولكس فاغن" الألمانية التي رفضت تلك الرسوم؛ نظراً لأنها لا تسهم في تعزيز القدرة التنافسية لصناعة السيارات الأوروبية على المدى الطويل؛ بل سيكون لها آثار سلبية خصوصاً على الصناعة الألمانية. وكذلك الحال بالنسبة لشركة "ستيلانتيس" في هولندا، التي أكدت مُعارضتها التدابير التي تتناقض مع العولمة والمنافسة والتجارة الحرة.
وفي المقابل، رحّبت الشركات الفرنسية بذلك القرار باعتباره يُسهم في تحقيق تكافؤ الفرص للصناعة الأوروبية. وهو الموقف ذاته الذي أبدته الحكومة الإسبانية والفرنسية.
2. الاستياء الصيني: أشارت وزارة التجارة الصينية إلى قلقها واستيائها من ذلك القرار الأوروبي غير القانوني وغير المدروس، مع التحذير بشأن إمكانية اتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل حماية حقوق الشركات الصينية، ووصفت قرار المفوضية بأنه استغلال سياسي للقضايا الاقتصادية والتجارية من أجل اتخاذ تدابير حمائية تضر بالمصالح الصينية.
كما حثّت الصين الاتحاد الأوروبي على تصحيح أخطائه والعودة إلى المسار العقلاني للتعامل مع النزاعات من خلال الحوار والتشاور، مع التأكيد أن الصين تحتفظ بالحق في رفع دعوى نزاع ضد الاتحاد الأوروبي بشأن تعريفات السيارات الكهربائية باعتبار أن ذلك القرار يمثل انتهاكاً لقواعد منظمة التجارة العالمية. وسعت نحو إقناع حلفائها الأوروبيين من أجل مُعارضة ذلك القرار مثل: ألمانيا والسويد والمجر.
3. الرد الصيني المُحتمل: على الرغم من استمرارية المُحادثات بين الجانبين؛ فإن الصين قد أبدت استعدادها للرد على القرار الذي يُعد بمثابة شن لحرب تجارية بقرار مُماثل له من خلال إطلاق تحقيق بشأن مُمارسات الإغراق الأوروبية للسوق الصينية في العديد من القطاعات مثل: الخمور ولحوم الخنزير.
كما أشارت بكين إلى استعدادها لإطلاق رسوم جمركية انتقامية تصل إلى 25% على واردات السيارات المصنوعة في الاتحاد الأوروبي ذات المحركات الكبيرة، مع احتمال فرض رسوم متبادلة على الطيران الأوروبي والسلع الزراعية ومنتجات الألبان والنبيذ؛ بل قد تلجأ كذلك لتقييد صادرات السلع الحيوية لإنتاج السيارات الكهربائية، مثل الليثيوم اللازم لإنتاج البطاريات.
وقد أعلنت وزارة التجارة الصينية عن إجراء تحقيق مُضاد بشأن الدعم الحكومي الأوروبي الذي يمثل عقبة تجارية واستثمارية ضد الشركات الصينية، والذي يُعد من قبيل الممارسات التمييزية المُضرّة بالتنافس العادل، وفق ما أشارت إليه وزارة التجارة الصينية، وتم ذلك بناءً على شكوى من غرفة التجارة الصينية، على أن يركز التحقيق على منتجات مثل: القاطرات والطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح. وأعلنت وزارة التجارة أيضاً أن المنتجين الزراعيين المحليين طلبوا إجراء تحقيق لمكافحة الإغراق في مُنتجات لحم الخنزير؛ ومن المقرر أن تنتهي تلك التحقيقات بحلول مطلع العام المقبل.
تداعيات مُحتملة:
من شأن ذلك القرار أن تكون له العديد من التداعيات، والتي قد تكون لها تأثيرات مستقبلية محتملة؛ وهو ما يمكن تبيانه على النحو التالي:
1. خسائر للمصانع الأوروبية: تخشى العديد من الشركات الأوروبية من أن ترد الصين بالمثل أو أن تمنعها من دخول سوقها، مع الوضع في الاعتبار أن الصادرات الأوروبية للسوق الصينية تشهد تراجعاً بالفعل كما هو الحال في صادرات السيارات الكهربائية الألمانية، التي تراجعت بنحو 15% خلال عام 2023 مُقارنة بمبيعات العام السابق؛ وتتخوف الشركات الأوروبية من أن يؤدي تفاقم الحرب التجارية للإضرار بمصالحها في السوق الصينية؛ مما دفع العديد من تلك الشركات للتعبير عن رفضها لتلك الخطوة من قبل المفوضية الأوروبية.
جدير بالذكر أن لدى شركات السيارات الأوروبية استثمارات مُكثّفة بالصين بفعل الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية في الإنتاج خصوصاً فيما يتعلق بإنتاج قطع الغيار وخصوصاً البطاريات التي يواجه إنتاجها أوروبياً ركوداً بفعل العديد من العراقيل مقابل التفوق الصيني في هذا الصدد؛ مما يجعل الرسوم الجمركية تمثل تهديداً للقدرة التنافسية للسيارات الكهربائية الأوروبية على المدى الطويل.
جدير بالذكر أن السيارات الصينية تُباع حالياً في أوروبا بأسعار أعلى من الصين؛ بما يعني أنها بإمكانها أن تحتفظ بأرباحها حتى مع الرسوم الجمركية المقررة بل وتحقق أرباحاً أكثر من تلك التي يمكن أن تحققها في السوق الصينية، على سبيل المثال، فإن منتجات شركة (BYD) يُتوقع أن تحقق أرباحاً في السوق الأوروبية حتى لو فُرضت عليها رسوم جمركية بنسبة 30%؛ وهنا تُشير بعض التقييمات إلى أن الخاسر الأكبر قد يكون المنتج والمستهلك الأوروبي لا الصيني.
2. بحث الصين عن أسواق بديلة: هناك مستفيدون من احتدام الحرب التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي؛ من أجل استقطاب الشركات الصينية لأسواقهم مثلما هو الحال بالنسبة لتركيا وتايلاند والمجر. فقد افتتحت شركة (BYD) مصنعاً للسيارات الكهربائية في تايلاند وهو أول مصنع للشركة في جنوب شرقي آسيا، وستبلغ الطاقة الإنتاجية له 150 ألف مركبة سنوياً بما في ذلك المركبات الهجينة القابلة للشحن.
هذا بالإضافة لمصنعها في المجر الذي من المقرر أن يبدأ عملياته الإنتاجية في غضون ثلاث سنوات. والإعلان عن تأسيس مصنع شركة (BYD) في تركيا لإنتاج السيارات الكهربائية بقدرة إنتاجية تبلغ 150 ألف سيارة سنوياً، بموجب اتفاق وقّعته الشركة مع وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي فاتح قاجر، وبحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتُقدر قيمة تلك الصفقة الاستثمارية بنحو مليار دولار.
كما توجهت الشركات الصينية إلى الأسواق غير الأوروبية تحسباً لاحتدام وتيرة الحرب التجارية، فأصبحت الصين أكبر مصدر للسيارات إلى إسرائيل هذا العام لتستحوذ على نحو 68% من السوق الإسرائيلية منذ بداية العام الجاري حتى مايو الماضي، كما ارتفعت صادراتها كذلك لروسيا والبرازيل؛ بل باتت حصة السيارات الكهربائية الصينية تمثل نحو 74% من أسواق جنوب شرق آسيا.
وقد تتمكن الشركات الصينية من تجنب الرسوم الجمركية من خلال تصنيع السيارات داخل أوروبا، من خلال تدشين مصانع هناك على غرار مصنع شركة (BYD) في المجر وشركة (Chery) في كتالونيا بإسبانيا.
3. عرقلة الحياد الكربوني الأوروبي: قد تتعرض جهود الكتلة الأوروبية للعرقلة بشأن تصفير الانبعاثات الكربونية عبر التوسع في استخدام السيارات الكهربائية بحلول 2030؛ لما قد يترتب على تلك الرسوم من ارتفاع لأسعار تلك السيارات؛ ومن ثم تراجع الطلب عليها، ولعل العقبة الرئيسية التي تحول دون بلوغ ذلك الهدف كانت ارتفاع تكلفة تلك السيارات، وقد أعلنت بعض الشركات بالفعل مثل "تسلا" عن زيادة أسعار سياراتها.
وبفعل الاعتماد الرئيس على سلاسل الإمداد الصينية في التحول الأوروبي الأخضر، فتلك الرسوم ستضر بصناعة السيارات الكهربائية الأوروبية؛ ومن ثم التحول للطاقة النظيفة والمضي قدماً في الصفقة الخضراء؛ خاصة في ظل الهيمنة الصينية على سلاسل توريد المعادن الحرجة الضرورية لتلك القطاعات؛ وهو الخطر الذي تهددت به اليابان بالفعل جراء الخلاف بين البلدين بشأن جزر سينكاكو/ دياويو.
في المقابل، يرى البعض أن تلك الرسوم ستكون مُفيدة على المدى الطويل من خلال مُساهمتها في توطين الصناعات والوظائف الخضراء أوروبياً بدلاً من الاعتماد المستمر على الاستيراد من الصين.
4. مُستقبل القرار: ثمة عدد من السيناريوهات المحتملة؛ من بينها إمكانية إقرار تلك الرسوم بشكل نهائي في حال تعثر التفاهم بين الجانبين بشأنها للوصول لحل وسط، وإن كان من الممكن -ولكن من غير المرجح- ألا يستمر سريان تلك الرسوم بشكل دائم، في حال تم التصويت في نوفمبر المقبل ضدها من قبل ما لا يقل عن 15 دولة من دول الكتلة الأوروبية (65% من سكان الكتلة الأوروبية) وهو أمر قد يتحقق بفضل المعارضة من قبل ألمانيا والسويد والنرويج والمجر؛ بما قد يخلق أغلبية معارضة داخل المفوضية وعبر لجنة أدوات الدفاع التجاري التابعة لها؛ خصوصاً لو نجحت الصين في استخدام آلية الإكراه الاقتصادي والتلويح بالرد على الإجراء الأوروبي بإجراءات مماثلة على نحو يدفع الدول الأوروبية للامتناع عن المضي قدماً في مُعاداة المصالح الصينية؛ لما في ذلك من إضرار بمصالحهم، وفي ظل الضغط الذي تمارسه الشركات الأوروبية ذاتها ضد ذلك القرار.
5. الإبقاء على قنوات التواصل: أشار سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصين خورخي توليدو، خلال مؤتمر في بكين في يوليو 2024، إلى وجود مُشاورات مع الحكومة الصينية بشأن هذه القضية منذ أشهر، إلّا أن نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، لم يتلق اتصالاً من وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو، لبدء المشاورات إلا مؤخراً، ولم يتخذ الأخير تلك الخطوة إلّا بفعل الدفع الألماني له للقيام بها.
وبالتوازي مع ذلك، فقد أشارت المفوضية الأوروبية لاستمرارية الحوار مع الشركاء الصينيين للتفاهم بشأن القضايا العالقة في هذا الإطار وللوصول لنتائج إيجابية قبيل الإقرار النهائي للرسوم في نوفمبر 2024، فثمّة مهلة للتفاوض وتصحيح الوضع؛ وهو ما يعني إمكانية أن يقوم الطرفان بحل الخلافات بينهما بطرق وقنوات دبلوماسية من خلال التواصل والحوار.
وفي التقدير، يمكن القول إنه نظراً للاحتياج والاعتمادية المُتبادلة بين الطرفين؛ فالعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي تختلف عن الحالة الأمريكية، ومن غير المرجح أن تدخل الصين في مواجهة وحرب تجارية مع الكتلة الأوروبية على غرار ما حدث مع الولايات المتحدة في عهد ترامب؛ نظراً للانكماش الاقتصادي الذي تعانيه الصين، فضلاً عن أهمية السوق الأوروبية للصادرات والاستثمارات الصينية؛ وهو ما يقلل من فرص اللجوء الصيني لإجراءات انتقامية مُجحفة أو شن حرب تجارية واسعة النطاق؛ مما يعزز فرص الحوار والتفاوض والضغط بين الجانبين مع استمرار الصراع الاقتصادي طويل المدى بين الجانبين دون فك الارتباط، خصوصاً في ظل تخوف الصين من تصاعد المد القومي داخل أوروبا على نحو يمثل تهديداً لمصالحها الاقتصادية بالأساس؛ مما يدفعها للحذر في رد فعلها.