منذ الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، شهدت مناطق متفرقة بعدد من البلدان العربية صعوداً مطرداً لتظاهرات وإضرابات معلمي النظامين الأساسي والثانوي، ومنها في المغرب وتونس وكردستان العراق وشمال سوريا. واتخذت احتجاجات المعلمين أشكالاً متنوعة، تراوحت بين امتناع الآلاف منهم عن إعلان درجات الطلاب، وتنظيم تظاهرات حاشدة بشكل دوري، والإضراب الجزئي أو الكلي عن العمل. وإزاء هذه الاحتجاجات، تفاوتت استجابة الحكومات والجهات المعنية بهدف احتواء الأزمة وانتظام الدراسة، غير أن ذلك لم يكن مرضياً للمعلمين الذين زادت كثافة احتجاجاتهم مع مطلع العام الحالي.
وكانت محصلة ذلك عدم قيام مئات المدارس بوظائفها، وإلغاء أجزاء من المقررات الدراسية، وتمديد العام الدراسي الجاري في بعض البلدان لتعويض الطلاب علمياً، والتلويح بإمكانية إلغاء امتحانات الفصل الدراسي الأول ببعض المناطق، ولجوء العديد من الأسر لتحويل أولادهم إلى المدارس الخاصة، هذا فضلاً عن تزايد المخاوف من أن يتحول العام الدراسي الحالي إلى "سنة بيضاء"؛ نسبة إلى فراغ أوراق الطلاب من الحبر الأسود، وأن عقولهم كصفحة بيضاء لم تتلق جديداً لتوقفهم عن الدراسة والتحصيل العلمي.
في ضوء ما سبق، ثمة تساؤلات عدة بشأن مظاهر عودة احتجاجات المعلمين في بعض الدول العربية، والأسباب التي دفعتهم إلى التصعيد الراهن، وكذلك التداعيات المحتملة لهذه الاحتجاجات.
مظاهر الأزمة:
تتعدد مؤشرات أزمة المعلمين في الدول العربية وتصاعد حِدتها منذ الأسابيع الأخيرة من العام الماضي، ومن أبرز هذه المؤشرات ما يلي:
1- طول مدة الاحتجاجات واتساع نطاقها: ترجع جذور احتجاجات المعلمين في العديد من الدول العربية إلى عدة شهور مضت، مما جعلها تتسم بطول الأفق الزمني، واتساع النطاق الجغرافي. فعلى سبيل المثال، لم تشهد العملية التعليمية في إقليم كردستان العراق منذ يوليو الماضي ديمومة كاملة، نتيجة توقف حكومة أربيل عن دفع رواتب المعلمين والموظفين بالإقليم. ومع مطلع العام الجاري، تجددت الاحتجاجات وتصاعدت حِدتها مرة أخرى بسبب استمرار أزمة الرواتب، خصوصاً في محافظتي السليمانية وحلبجة.
وعلى صعيد آخر، نظّم المعلمون في شمال سوريا العديد من الوقفات الاحتجاجية منذ 2021، اعتراضاً على سوء أوضاعهم المعيشية، وتصاعدت حِدة احتجاجات هؤلاء المعلمين خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، متهمين المجالس المحلية بتجاهل مشكلاتهم. ونظمت نقابة المعلمين السوريين الأحرار، في 7 ديسمبر الماضي، وقفة احتجاجية أمام مديريات التربية لعرض مطالبهم على الإدارة.
وفي المغرب، ترجع أزمة المعلمين إلى عام 2016، إذ قررت الحكومة اللجوء إلى نظام التعاقد مع المعلمين دون تعيينهم كموظفين عموميين، لكن منذ أكتوبر 2023، دخلت العملية التعليمية في أزمة، حينما صدّقت الحكومة المغربية على النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم. وأثار النظام الجديد غضب المعلمين الذين وصفوه بـ"المجحف بحقوقهم"، ونظموا احتجاجات واسعة النطاق ضده. ومع أن الحكومة قررت تجميد العمل بهذا النظام في ديسمبر الماضي، لم يُرضِ ذلك قطاعاً واسعاً من المعلمين الذين استمرت وقفاتهم الاحتجاجية، وكان منها مسيرة حاشدة في 5 يناير 2024 بالرباط، تبعتها أخرى في 7 يناير احتجاجاً على قرار وزارة التربية، في اليوم السابق، بوقف ثلاثة آلاف مدرس عن العمل، حسبما أفادت جريدة "هسبريس" المغربية.
وفي السياق ذاته، شهدت تونس منذ أواخر عام 2022 موجات متتالية من احتجاجات المعلمين وصلت إلى ذروتها في يوليو الماضي، على خلفية إعفاء وزارة التربية 350 مدير مدرسة ابتدائية من مناصبهم، إلى جانب وقف رواتب أكثر من 17 ألف معلم امتنعوا عن إعلان درجات الطلاب احتجاجاً على سوء أوضاعهم المعيشية. وفي المقابل، قررت نقابة التعليم الأساسي منذ ذلك الوقت تنظيم "يوم غضب وطني" شهرياً، للمطالبة بحقوق المعلمين في مختلف ولايات تونس، وأبرزها الكاف والمنستير وصفاقس وأريانة. وفي 29 ديسمبر الماضي، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بياناً انتقد ما وصفه بـ"الفوضى" التي خلقتها الحكومة في المنظومة التعليمية، ودعا إلى وقفة احتجاجية يوم 4 يناير 2024، اشترك فيها آلاف المعلمين رافعين لافتات "سيب الشهرية هذا حقي مش مزية".
2- إضراب المعلمين عن التدريس: في إطار الضغط على الحكومات، لجأ المعلمون إلى تعطيل العمل بالمدارس بشكل كلي أو جزئي في أيام محددة من أجل تنفيذ طلباتهم. ففي كردستان العراق مثلاً، بلغت الاحتجاجات ذروتها مع شهر سبتمبر الماضي، أي بداية العام الدراسي الجديد، إذ أعلن المعلمون إضراباً عاماً عن العمل بعدما تخلّفت الحكومة عن سداد مستحقاتهم لمدة ثلاثة أشهر، كما قرروا التظاهر بشكل دوري يوم الأحد من كل أسبوع. وبعد الإعلان في 7 يناير 2024 عن فشل مفاوضات حكومة أربيل مع نظيرتها في بغداد لحل أزمة الرواتب المتأخرة، أكد اتحاد معلمي كردستان الاستمرار في الإضراب لحين الحصول على مستحقاتهم.
وبالمثل، نظم المعلمون المغاربة إضراباً لمدة ثلاثة أيام أسبوعياً منذ أكتوبر الماضي، اعتراضاً على النظام الأساسي الذي أقرته الحكومة في نفس الشهر. وعلى الرغم من محاولة الحكومة احتواء غضب المعلمين والاستجابة لطلباتهم المادية، أعلن التنسيق الوطني لقطاع التعليم المغربي في ديسمبر الماضي عن زيادة أيام "الإضراب الوطني" لتصبح أربعة. كما نظم التنسيق الوطني إضراباً عاماً، يوم 9 يناير، ضد ما وصفه بـ"التوقيفات التعسفية" التي اتخذتها وزارة التربية بحق مئات المدرسين المضربين. وعلى نفس المنوال، شهدت تونس إضراب قاده الاتحاد العام للشغل في مايو الماضي، دفاعاً عن حقوق المعلمين بنظام التعاقد، وتكررت الدعوة لإضراب هؤلاء المعلمين مرة أخرى في يناير الجاري، وتحديداً في ولاية القصرين.
3- عدم انتظام العملية التعليمية: صاحب احتجاجات المعلمين بأشكالها المختلفة، تعطيل الدراسة، وانخفاض مستوى التحصيل العلمي للطلاب. فعلى سبيل المثال، تعطلت قرابة 3 آلاف مدرسة بكردستان العراق عن العمل، واشترك حوالي 60 ألف معلم في الإضراب، الأمر الذي حال دون التحاق 40% من طلاب الإقليم بالمدارس العامة، وذلك وفقاً لإحصاءات اتحاد معلمي كردستان.
وفي تونس، اشترك في الاحتجاجات آلاف المعلمين مِمن أصابتهم قرارات وزارة التربية بوقف الرواتب، أو تضرروا من نظام التعاقد المتبع. وفي المغرب، شارك في إضراب شهر ديسمبر الماضي حوالي 40% من المعلمين، ولم يتلق 87% من تلاميذ النظام الأساسي المتطلبات التي تمكنهم من أداء الامتحانات، وفقاً لإحصائيات وزارة التربية المغربية. وتزداد الأمور وطأة في الشمال السوري الذي تعاني بعض مدارسه من انفلات الأمن، وتسرب مئات المعلمين وآلاف الطلاب للعمل بالقطاع الخاص لمواجهة أعباء الحياة.
أسباب الاحتجاجات:
تتعدد الدوافع التي قادت المعلمين إلى تصعيد وتيرة احتجاجاتهم في الأسابيع القليلة الماضية، ومن أبرزها الآتي:
1- سوء الظروف المعيشية للمعلمين: ترجع احتجاجات المعلمين، في جانب كبير منها، إلى عدم استجابة الحكومات لبعض المطالب الاقتصادية في ضوء الارتفاع العام لمستويات التضخم في بعض الدول العربية وانخفاض قيمة العملات المحلية. في هذا الإطار، يطالب المعلمون المغاربة بتحسين مستوى مداخيلهم، وخفض ضرائب الأجور، وزيادة المعاشات، وإلغاء الجزاءات والعقوبات التأديبية، وإدماج المعلمين بعقود مؤقتة، البالغ عددهم 140 ألفاً، كموظفين عموميين. من جانبها، تطالب النقابات التعليمية التونسية الحكومة بالتراجع عن حرمان المعلمين المضربين من رواتبهم لما أصاب الآلاف من ضرر بالغ، وكذلك تشغيل حاملي الإجازة التربوية والتعليمية دون عقود أو إعادة هيكلة عقودهم بحيث توضح مدة العقد، وإمكانات تجديده، وإقرار حقهم في المستحقات والعلاوات والمنح كغيرهم من زملائهم.
فيما يشكو المعلمون في شمال سوريا من التفاوت الشاسع في الأجور بين المدارس التي تحظى برعاية منظمات دولية أو إشراف تركي، وتلك التابعة لوزارة التربية بحكومات المعارضة، وكذلك انخفاض قيمة رواتب تلك الفئة إذ يتراوح متوسط راتب المعلم بين 50 و60 دولاراً شهرياً، أي أقل من خط الفقر العالمي. هذا فضلاً عن تراجع قيمة الليرة السورية والتركية، وما يصاحب ذلك من انخفاض جودة حياة المعلمين وأسرهم. وعلى صعيد آخر، أدى عدم حصول معلمي كردستان العراق على رواتب الأشهر الأربعة الأخيرة إلى أزمة معيشية تفاقمت حِدتها نتيجة عدم توصل حكومة العراق وإقليم كردستان لاتفاق نهائي ينهي معاناتهم.
2- غياب الثقة بين الحكومات وممثلي المعلمين: ينعكس ذلك في دعوات التظاهر والإضراب التي تقودها النقابات التعليمية وتنسيقيات الأساتذة، احتجاجاً على القرارات والسياسات الحكومية. في هذا الإطار، اتهمت نقابة المعلمين السوريين الأحرار، في 6 ديسمبر الماضي، أجهزة حكومية بنهب أموال الجهات الدولية المانحة. وأضافت أنه بينما تقدم هذه الجهات دعماً مالياً يصل إلى 300 يورو شهرياً، لا يتقاضى المعلم أكثر من 50 يورو. فيما رفض اتحاد معلمي كردستان العراق دعوة حكومة الإقليم، في شهر يناير الجاري، لوقف الإضراب والعودة للتدريس، لعدم ثقتهم في قدرة حكومة الإقليم على حل أزمة المستحقات المتأخرة.
وعلى صعيد آخر، يتهم الاتحاد العام التونسي للشغل حكومة بلاده بالتعسف ضد المعلمين المُضربين، والرغبة في "الانتقام" منهم بمنع استحقاقات الآلاف بطريقة غير قانونية منذ يوليو الماضي، وحرمان المدرسين العاملين بنظام التعاقد من رواتبهم منذ سبتمبر الماضي. وفي المقابل، عَبرت الحكومة عن استيائها من تحريض الاتحاد المعلمين على حجب درجات الطلاب، الأمر الذي وصفه وزير التربية التونسي بـ "الجريمة"، مؤكداً عدم التراجع عن القرارات التأديبية بحق هؤلاء المعلمين.
وفي المغرب، تولدت أزمة عدم الثقة نتيجة تمسك الحكومات المتعاقبة منذ عام 2016 بتوجيهات البنك الدولي وخطته لإصلاح النظام الاقتصادي التي قضت بتقليص أعداد الموظفين العموميين ووضع حد أقصى للتعيينات. فيما يرفض المعلمون المضربون اقتراض الحكومة من البنك الدولي بدعوى إصلاح القطاع التعليمي، وينظرون لمتطلبات البنك الدولي كضغوط خارجية تربط التعليم بمٌقتضيات الخصخصة، وأفكار "الليبرالية الجديدة" دون مراعاة لاحتياجاتهم الاقتصادية.
ومن دلالات أزمة عدم الثقة أيضاً، أنه بينما تمثل النقابات حاضنة لاحتجاجات المعلمين في تونس، يرفض معلمو المغرب أن تمثلهم النقابات التعليمية من الأساس، ويعتبرونها صوتاً للحكومة وليس للدفاع عن مصالحهم، بل ويضغطون على الحكومة كي تعترف بتنسيقيات الأساتذة كممثل لمطالبهم في أية عملية تفاوضية بشأن حقوقهم. وفي المقابل، ترفض حكومة المغرب ذلك باعتبار أن أعضاء النقابات منتخبون ولديهم رخصة قانونية تمكنهم من التفاوض معها خلافاً للتنسيقيات، وهو ما دفع المعلمين إلى تنظيم مسيرات احتجاجية في 5 يناير الجاري بالرغم من أن الحكومة استجابت للكثير من مطالبهم الاقتصادية. وفي مواجهة ذلك، أوقفت وزارة التربية في المغرب عدداً من المضربين عن العمل في ضوء اقتراب نهاية الفصل الدراسي الأول وخوفها من عدم انتظام الامتحانات، مما أشعل الاحتجاجات بصورة أكبر.
3- فشل الأطراف الفاعلة في الوصول إلى تسوية سياسية: تعود احتجاجات المعلمين في إقليم كردستان العراق تحديداً إلى تفاقم الأزمة السياسية بين الحكومة الاتحادية من ناحية، وحكومة الإقليم من ناحية أخرى. ويتبادل الطرفان التهم بشأن الجهة المُعرقلة لحل أزمة تأخر المستحقات المالية، ويُلقي كلاهما باللوم والمسؤولية على الطرف الآخر. من ناحيتها، تُرجِع حكومة أربيل، برئاسة مسرور بارزاني، الأزمة إلى تأخر الحكومة الاتحادية في إرسال مستحقات المعلمين والموظفين، ولذلك ناشدت المجتمع الدولي بدعمها مادياً، وحمّلت حكومة بغداد مسؤولية تأزم معيشة مواطني الإقليم وما أصابه من عدم الاستقرار. في المقابل، تتهم أطراف حزبية مشاركة في الحكومة الاتحادية، الحزب الديمقراطي الكردستاني بتضخيم أعداد موظفيه والتعاون مع جهات خارجية كالولايات المتحدة للحصول على مكاسب سياسية ومالية أكبر.
ومنذ نهاية العام الماضي، اشتد الخلاف بين حكومتي بغداد وأربيل بشأن قانون الموازنة العامة الذي أقره البرلمان العراقي في يونيو الماضي، وقضى بأن تسلم أربيل إيراداتها من تصدير النفط، البالغ 400 ألف برميل يومياً، للحكومة الاتحادية نظير حصول الإقليم على حصته بالموازنة. ووافقت أربيل في ضوء انخفاض صادرات الإقليم النفطية بسبب حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية بباريس في مارس الماضي قضى بتغريم تركيا 1.5 مليار دولار نتيجة قيام أربيل بتصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي دون إذن الحكومة الاتحادية بالمخالفة لعقود قانونية سابقة، ومن ثَم أوقفت أنقرة وارداتها من نفط الإقليم، فانخفضت عوائده التي تنفق منها الحكومة الاتحادية على رواتب موظفيه. وفي الوقت ذاته، لم تنجح مساعي تسوية الخلاف بين بغداد وأنقرة بشأن الغرامة المالية بعد بما يسمح لأربيل بعودة التصدير لمستوياته السابقة.
في هذا السياق، لجأت الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني، لتسوية مؤقتة مع حكومة أربيل في سبتمبر الماضي، قَدمت بمقتضاها 2.1 تريليون دينار عراقي في صورة قروض للإقليم على دفعات ثلاث لدفع رواتب الأشهر الثلاثة بين يوليو وسبتمبر 2023. ومع ذلك، لم يستطع الطرفان تجاوز الأزمة أو تحويل التسوية المؤقتة لاتفاق نهائي بخصوص تعديل الموازنة، ولم يتلق معلمو الإقليم رواتبهم عن الأشهر الأربعة الماضية، كما تعثرت المفاوضات بين الحكومتين في 8 يناير الجاري، إذ فشل وفد من حكومة إقليم كردستان، شمل وزيري المالية والاقتصاد، في حل معضلة الرواتب المتأخرة أو فصل موازنة الإقليم عنها، حسبما أعلنت "وكالة أنباء العالم العربي".
مسارات محتملة:
تختلف التصورات المتوقعة بشأن مصير احتجاجات المعلمين من بلد عربي لآخر، في ضوء تفاوت حجم معضلة قطاع التعليم ذاته ودرجة التوافق بين الأطراف الفاعلة. ففي شمال سوريا، ترتبط احتجاجات المعلمين باعتبارات سياسية وأمنية وأخرى اقتصادية واجتماعية، أبرزها انخفاض متوسط الأجور، وغياب العدالة التوزيعية، وتسرب آلاف الطلاب من التعليم؛ وهي كلها مشكلات بنيوية تعاني منها المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، ولذلك من المُتوقع أن تستمر احتجاجات المعلمين في هذه المناطق بين الحين والآخر.
وفي كردستان العراق، من الأرجح أن تستمر احتجاجات المعلمين في ضوء ضبابية مسار التفاوض بين بغداد وأنقرة بشأن عودة تصدير نفط الإقليم. ومن المُرجح أيضاً أن تستغل مختلف الأطراف الداخلية أزمة الرواتب سياسياً، خاصةً في ضوء اقتراب الانتخابات البرلمانية بالإقليم والمُزمع إقامتها في شهر فبراير 2024. فمن ناحية، يتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الحكومة الاتحادية بتعمد إحراجه واستغلال الرواتب كورقة ضغط سياسية، بينما يتهمه منافسه؛ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بسوء الإدارة واختلاق الأزمة.
وبالمثل، ربما تتعقد الأمور في المغرب بعد قرار وزارة التربية توقيف عدد من الأساتذة لامتناعهم عن العمل، ورفض تنسيقيات الأساتذة القرار وإعلانها زيادة أيام الإضراب. أما في تونس، فمن المُتوقع أن تتأرجح وتيرة الاحتجاجات صعوداً وهبوطاً مع انتظام أكبر للعملية التعليمية، خاصةً في ضوء إعلان وزارة التربية عن زيادة رواتب المعلمين بنظام التعاقد خلال العام الحالي.