أسفرت نتائج الانتخابات التركية التي أُجريت يوم 14 مايو 2023 عن جولة ثانية للانتخابات الرئاسية في 28 مايو الجاري، بين مرشح تحالف "الجمهور" الحاكم، الرئيس رجب طيب أردوغان، ومرشح تحالف "الأمة" المعارض، كمال كليجدار أوغلو، حيث لم يتمكن أي منهما من تحقيق نسبة الحسم المطلوبة للفوز (50%+1). بينما فاز تحالف "الجمهور" بأغلبية المقاعد البرلمانية، على حساب تحالف "الأمة".
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه التحالف الحاكم في هذه الانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي، فإن النتائج كشفت بدورها عن بعض ملامح التحول في الخريطة السياسية التركية التي بدأت إرهاصاتها مبكراً منذ جولتي الانتخابات السابقة في عامي 2015 و2018، حيث كان لها تأثيرها الواضح على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الحالية.
نتائج الانتخابات
عكست نتائج الانتخابات التركية، بشقيها البرلماني والرئاسي، بعد جولتها الأولى، تغيراً في الأوزان النسبية للمرشحين والأحزاب، ويمكن تحليل مؤشرات هذه النتائج من خلال النقاط التالية:
1- ارتفاع نسبة مشاركة الناخبين: بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت في 14 مايو الجاري، ما يقارب 87% على مستوى الداخل التركي، بواقع 53 مليوناً و993 ألفاً و51 ناخباً، من أصل 64 مليوناً و190 ألف ناخب، وجاءت أصوات 52 مليوناً و626 ألفاً و979 منهم صحيحة. وتعكس هذه النسب فارقاً ضئيلاً بينها وبين نسب المشاركة في انتخابات عام 2018، والتي بلغت فيها نسبة المشاركة .286% بواقع 51 مليوناً و188 ألف ناخب، أي بمعدل مشاركة أقل عن الانتخابات الراهنة فيما يتعلق بعدد الناخبين والنسب التصويتية. وبلغت نسبة تصويت الأتراك بالخارج 53% بواقع مليون و769 ألف ناخب مغترب، بنسبة مشاركة هي الأعلى منذ عام 2011، وبفارق 8% عن نسب تصويت عام 2018.
2- فوز تحالف "الجمهور" بالأغلبية البرلمانية: فاز تحالف "الجمهور" الحاكم (حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية، وحزب الوحدة الكبرى، وحزب الرفاه من جديد) بأغلبية المقاعد البرلمانية بواقع 53.7% (322 مقعداً من إجمالي 600). فيما حصل تحالف "الأمة" المعارض (حزب الشعب الجمهوري، وحزب الجيد، وحزب السعادة، وحزب المستقبل، وحزب الديمقراطية والتقدم، والحزب الديمقراطي) على نسبة 35.5% (213 مقعداً)، وجاء في المرتبة الثالثة تحالف "العمل والحرية" (حزب الشعوب الديمقراطي "اليسار الأخضر"، وحزب العمال التركي) بنسبة 10.8% (65 مقعداً).
3- تصدر حزب العدالة والتنمية: على مستوى الأحزاب بعيداً عن التحالفات، حصل حزب العدالة والتنمية على مقاعد نسبتها 44.5% من إجمالي مقاعد البرلمان (267 مقعداً من 600)، وجاء في المرتبة الثانية حزب الشعب الجمهوري بنسبة 28.2% (169 مقعداً)، ثم حزب اليسار الأخضر "الشعوب الديمقراطي" 10.2% (61 مقعداً)، وحزب الحركة القومية 8.3% (50 مقعداً)، وحزب الجيد أو الخير 7.3% (44 مقعداً)، وحزب الرفاه من جديد 0.8% (5 مقاعد)، وجاء في المرتبة الأخيرة حزب العمال التركي بنسبة 0.7% (4 مقاعد).
4- إعادة بين أردوغان وكليجدار أوغلو: على مستوى الانتخابات الرئاسية، حصل مرشح تحالف "الجمهور" الحاكم، الرئيس أردوغان، على نسبة 49.51% من أصوات الناخبين، يليه مرشح تحالف "الأمة" المعارض، كمال كليجدار أغلو، بنسبة 44.88%، وفي المرتبة الثالثة جاء مرشح تحالف "الأجداد"، سنان أوغان، بنسبة 5.17%، وفي المرتبة الرابعة والأخيرة جاء المرشح محرم إنجه الذي أعلن انسحابه من السباق الانتخابي بنسبة 0.44%.
اتجاهات التصويت
عكست نتائج الانتخابات التركية، والسلوك التصويتي للناخبين، بعض ملامح التغير في الخريطة الانتخابية على المستوى البرلماني والرئاسي، والتي يُمكن توضيحها على النحو التالي:
1- تراجع شعبية التحالف الحاكم: على الرغم من إحراز التحالف الحاكم تقدماً بهامش ضئيل عن المعارضة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، فإن ذلك لم ينعكس في النسب التصويتية التي نالها مقارنة بنتائجه في الانتخابات السابقة عام 2018. فعلى مستوى الانتخابات الرئاسية، لم يتمكن الرئيس أردوغان من حسم الانتخابات من الجولة الأولى، وذلك لأول مرة منذ توليه الحكم كرئيس للجمهورية في عام 2014، حيث حاز ما نسبته 49.51%، في تراجع بمقدار 3.1% عن نسبة التصويت التي نالها في انتخابات 2018 (52.6%). وانعكس هذا التراجع في عدد المدن الداعمة لأردوغان، حيث حظي بالدعم في 51 مدينة في انتخابات 2023، وهو ما يُمثل تراجعاً بـ12 مدينة مقارنة بانتخابات 2018 التي حصل خلالها على دعم 63 مدينة.
وعلى المستوى البرلماني، شهد أيضاً التحالف الحاكم تراجعاً في تمثيله، حيث فاز بنسبة 53.7% من مجموع عدد المقاعد (322 مقعداً) بتراجع 3.6% عن نتائج انتخابات 2018 التي حصل فيها على نسبة 57.3% (344 مقعداً).
ومن ثم، تعكس هذه النسب استمرار التراجع النسبي لشعبية حزب العدالة والتنمية، وهو ما كشفت عنه سابقاً الانتخابات المحلية لعام 2019، خاصة في المدن الكبرى (إسطنبول وأنقرة)، اللتين تمكنت المعارضة من الفوز بمنصب العمدة في كل منهما. ويفسر استمرار هذا التراجع في شعبية الحزب الحاكم وزعيمه أردوغان، عدة عوامل؛ يأتي في مقدمتها ربما رغبة الناخبين في التغيير، خاصة في ظل التحولات الحادثة في التركيبة الديمغرافية للناخبين من أجيال الشباب. علاوة على تحفظهم على الإدارة الاقتصادية لأردوغان، والتي ربما كان لها تأثير سلبي أيضاً في الدعم التصويتي له وتحالفه الانتخابي، وفقاً لما أكدته العديد من استطلاعات الرأي قبيل الانتخابات، حيث أوضحت أن هذه الإدارة تتسبب في ابتعاد ناخبي حزب العدالة والتنمية ببطء عنه، وهو ما انعكس في تراجع معدلات التصويت للرئيس أردوغان وخسارته الدعم التصويتي في عدد من المدن.
2- الصعود النسبي للمعارضة: عكست نتائج الانتخابات الحالية صعوداً ملحوظاً للمعارضة وشعبيتها، التي تعززت نسبها التصويتية على المستويين البرلماني والرئاسي، مقارنة بالانتخابات السابقة في عام 2018. فقد شهد الدعم التصويتي الذي حظي به المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو ارتفاعاً بمعدل 14.2% (44.88%) مقارنة بالدعم التصويتي الذي حصل عليه المرشح المنافس لأردوغان في انتخابات 2018، وهو محرم إنجه، والذي كان 30.64%. أيضاً شهد تحالف "الأمة" المعارض ارتفاعاً بـ4% في نسب مقاعده (35.5%) أو ما يعادل 213 مقعداً، مقارنة بالدعم التصويتي الذي ناله في انتخابات 2018، والذي بلغ حينها 31.5% من مجموع عدد مقاعد البرلمان (189 مقعداً).
3- ميل المدن المركزية للمعارضة: عكست الخريطة التصويتية للناخبين في المدن التركية المختلفة ميلاً واضحاً للمعارضة في المدن المركزية. فعلى مستوى الانتخابات الرئاسية، تفوق كمال كليجدار أوغلو في مدينة أنقرة بحصوله على 47.31% من الأصوات، في مقابل 46% للرئيس أردوغان. وفي مدينة إسطنبول، تفوق أيضاً كليجدار أوغلو بنسبة تصويت بلغت 48.55%، في مقابل 46.69% لأردوغان. وفي مدينة أضنة، حاز كليجدار أوغلو على 50.89% في مقابل 43.92% لأردوغان. كما فاز كليجدار أوغلو في مدينة أنطاليا بنسبة 53.13% في مقابل 39.85% لأردوغان. وقد مهدت نتائج الانتخابات المحلية لعام 2019 لهذا السلوك التصويتي الذي يميل للمعارضة، خاصة في أنقرة وإسطنبول اللتين يحكمهما عمدتان من المعارضة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من ميل السلوك التصويتي للناخبين بتلك المدن الكبرى للمعارضة في الانتخابات الرئاسية، فإن ذلك لم يحدث على مستوى الانتخابات البرلمانية، حيث تفوق تحالف "الجمهور" الحاكم في كل من (أنقرة، وإسطنبول، وأضنة)، باستثناء مدينة أنطاليا التي فاز فيها تحالف "الأمة" بنسبة 43.6% بفارق ضئيل مقداره 2.6% عن تحالف "الجمهور". وقد يفسر ذلك تراجع شعبية أردوغان في صفوف الداعمين التقليديين لتحالفه في هذه المناطق. وبالتالي، اتجه الناخبون إلى التصويت لمنافسه كليجدار أوغلو، دون أن ينسحب ذلك على التصويت ضد التحالف الحاكم في الانتخابات البرلمانية. وقد يكون هذا التوجه مدفوعاً أيضاً برغبة الناخبين في إحداث توازن بين السلطة التنفيذية التي كانت ستتولاها المعارضة في حالة فوز كليجدار أوغلو، والبرلمان الذين أرادوا أن تكون الأغلبية فيه للتحالف الحاكم.
محددات حاكمة
أسهمت جملة من العوامل، سواءً المرتبطة بالتركيبة الحزبية واتجاهات السلوك التصويتي للناخبين أو تلك المتعلقة بمتغيرات السياق الداخلي، في تشكيل مخرجات العملية الانتخابية بشقيها الرئاسي والبرلماني على النحو المبين سلفاً. ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:
1- تفتت الأصوات في السباق الرئاسي: برز هذا المتغير بشكل واضح في نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث أدى تفتت أصوات الناخبين لصالح المرشح الرئاسي لتحالف "الأجداد"، سنان أوغان، بنسبة 5.17% - وهي النسبة التي كان يحتاجها الرئيس أردوغان لحسم السباق الرئاسي من الجولة الأولى - دوراً في الذهاب إلى جولة ثانية، حيث لم يتمكن أي من أردوغان أو كليجدار أوغلو من الحصول على النسبة المطلوبة (50+1%) لحسم الانتخابات من الجولة الأولى. وقد هيأ هذا الوضع أن يؤدي أوغان دور "صانع الملوك" في الجولة الثانية من الانتخابات، حيث سيكون دعمه لأي من المرشحين له دور في ترجيح كفة أحدهما على الآخر.
2- تراجع دور الأكراد كـ"صُناع للملوك": كان لحضور التصويت الكردي دور خافت في الانتخابات الرئاسية، فعلى الرغم من ترجيح التقديرات لأداء الناخبين الأكراد دور "صانع الملوك" في ترجيح كفة المعارضة ضد التحالف الحاكم، وحسم السباق الرئاسي من الجولة الأولى، خاصة بعد إعلان حزب الشعوب الديمقراطي دعمه لكليجدار أوغلو؛ بيد أنهم أسهموا فقط في تعزيز نسب تصويت التحالف المعارض، خاصة في المدن الواقعة في جنوب شرق تركيا ذي الغالبية الكردية، بحيث يكون هناك جولة انتخابية ثانية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا التحالف غير الرسمي بين حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد – المرتبط بحزب العمال الكردستاني بحسب ما يتردد حوله – وتحالف "الأمة" المعارض، سيكون له أثره في تعزيز احتمالية دعم مرشح تحالف "الأجداد" القومي، سنان أوغان، للرئيس أردوغان في الجولة الثانية.
3- بروز دور القوميين: يُعد التيار القومي أحد المكونات الرئيسة في تركيبة الناخبين الأتراك، حيث يُمثل ما يزيد عن 20% من كتلة الناخبين، وهو ما يجعل للناخبين القوميين دوراً مؤثراً في ترجيح كفة تحالف أو مرشح على الآخر. ووفقاً لطبيعة التركيبة الحزبية للتحالفات التي خاضت الانتخابات، فقد عكست فرصاً وحظوظاً أكبر للرئيس أردوغان في الحصول على الدعم التصويتي للقوميين، وذلك لعدة أسباب من أبرزها، التحالف غير الرسمي بين حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وتحالف "الأمة"، وهو ما أدى إلى بروز نزاعات داخل المعارضة بين حزب الجيد القومي، وباقي أحزاب التحالف. ومن ثم، أسهم ذلك في تعزيز الخطاب القومي لأردوغان لتوظيف ذلك النزاع الناشئ، والعمل على ربط تحالف المعارضة بالأحزاب الموالية للأكراد والمدعومة من حزب العمال الكردستاني، وقد أسهم هذا الخطاب في استقطاب أصوات القوميين لصالح للرئيس التركي.
4- ضعف فاعلية الأحزاب الصغيرة: بخلاف ما سعى له تحالف المعارضة عبر ضمه للأحزاب الصغيرة المنشقة عن التحالف الحاكم، من أجل استقطاب وتفتيت أصوات القوميين الداعمة للأخير، فقد حصلت هذه الأحزاب على 37 مقعداً في البرلمان عن طريق قوائم حزب الشعب الجمهوري، بالرغم من تدني مستويات تصويت الناخبين لها. إذ حصد حزب الشعب الجمهوري 169 مقعداً، من بينها 14 مقعداً لحزب الديمقراطية والتقدم الذي يرأسه علي باباجان، إلى جانب 10 مقاعد لحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو، و10 مقاعد لحزب السعادة الذي يرأسه تمل كارا مولا أوغلو، و3 مقاعد للحزب الديمقراطي برئاسة غولتكين أويصال. وبهذه النتيجة، تقلصت حصة حزب الشعب الجمهوري داخل البرلمان التركي إلى 130 نائباً (لوجود مقعدين آخرين لحزبي التغيير والجيد على قوائم حزب الشعب)، وذلك على عكس انتخابات عام 2018 التي حصد فيها حزب الشعب الجمهوري منفرداً 146 مقعداً. وهذا ما أكده عضو هيئة الإدارة العليا لحزب السعادة، قائلاً إنه بالرغم من أن نسبة التصويت لحزبه في البرلمان لم تتجاوز 1%، فإنه سيكون ممثلاً في البرلمان القادم بـ10 نواب للمرة الأولى منذ تاريخ تأسيسه.
5- تأثير محدود لكارثة الزلزال: على عكس التوقعات التي دفعت بتراجع نسب التصويت للتحالف الحاكم في المناطق المنكوبة جراء زلزال "6 فبراير"، فقد احتفظ الرئيس أردوغان بنسب تصويت عالية في غالبية المدن المُتضررة. فعلى سبيل المثال، تفوق أردوغان في كل من كهرمان مرعش، وملطية، وأديامان، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا، وعثمانية. بينما خسر أردوغان بهامش ضئيل في مدينة هاتاي، حيث فاز كليجدار أوغلو بنسبة 48.07% في مقابل 48.03% لأردوغان. وفي أضنة تقدم أيضاً كليجدار أوغلو بحصوله على 50.8% في مقابل 43.9% لأردوغان.
5- رغبة الشباب في التغيير: كان للحضور البارز للشباب التركي في العملية الانتخابية وفقاً للكتلة التصويتية التي أُضيفت أخيراً إلى قائمة الناخبين قبل الانتخابات (ما يقارب 4 ملايين و904 آلاف و672 شاباً)، تأثيره في تعزيز النسب التصويتية للمعارضة بدافع الرغبة في التغيير، وهذا ما أكدته العديد من استطلاعات الرأي.
تقدم أردوغان
في ضوء معطيات السباق الانتخابي التركي وما أفرزه من نتائج قادت إلى حسم أغلبية المقاعد البرلمانية لصالح التحالف الحاكم، فإنه من المتوقع أن تتحدد مسارات الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية بين أردوغان وكليجدار أوغلو، وفقاً للسيناريوهين التاليين:
1- أرجحية فوز الرئيس أردوغان: يُعد هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث، حيث تتعزز حظوظ وفرص الرئيس التركي الحالي للفوز على منافسه كليجدار أوغلو؛ وذلك نظراً لعدة عوامل من أبرزها:
أ- تعزز شعبية تحالف "الجمهور" الحاكم واستقراره بعد فوزه بالأغلبية البرلمانية، وهو ما سيقود العديد من الناخبين إلى حسم موقفهم المتردد بدعم أردوغان، خاصة بعد حصوله على أكثرية الأصوات التي تفوق بها على كليجدار أوغلو في الجولة الأولى.
ب- التأييد المُحتمل لأردوغان من قِبل سنان أوغان، حيث سيسعى الرئيس التركي إلى تعزيز خطابه القومي في الدعاية الانتخابية حتى موعد الانتخابات يوم 28 مايو الجاري، وذلك من أجل استقطاب دعم أوغان، الذي حصل على نسبة 5.17% من الأصوات في الجولة الأولى، ما يؤهله لأداء دور "صانع الملوك". وتتعزز مؤشرات التقارب بين الجانبين؛ نظراً للتقارب في وجهات النظر حول الملف الكردي، واحتمالية الوصول إلى تقارب بشأن ملف عودة اللاجئين السوريين خاصة في ضوء تطورات الموقف التركي من النظام السوري والاتجاه إلى المصالحة وتطبيع العلاقات معه، وهو ما سيسهل بدوره التفاهم بشأن تسريع إجراءات عودة اللاجئين السوريين. وبالتالي، سيساعد حسم هاتين المسألتين على إعلان أوغان دعمه لأردوغان، ما سينعكس في تعزيز نسبته التصويتية وبلوغ نسبة الحسم التي يحتاجها أردوغان للفوز في الجولة الثانية.
2- محدودية فوز كليجدار أوغلو: تُعد فرص فوز مرشح المعارضة محدودة؛ نظراً لتراجع تحالف "الأمة" في الانتخابات البرلمانية، وحصده المرتبة الثانية في عدد المقاعد بعد تحالف "الجمهور". فضلاً عن عدم قدرة كليجدار أوغلو على حسم الانتخابات الرئاسية أو التفوق في النسب التصويتية على الرئيس أردوغان في الجولة الأولى. وبالتالي قد تُضعف هذه النتائج من رهان الناخبين على المعارضة. أيضاً، تتضاءل فرص تقارب كليجدار أوغلو مع أوغان في الجولة الثانية، في ظل التحالف غير المُعلن بين تحالف "الأمة" وحزب الشعوب الديمقراطي، حيث صرح أوغان في مناسبات عديدة أنه يرفض التعاون مع الأحزاب المتهمة بدعم حزب العمال الكردستاني المُصنف كمنظمة إرهابية في تركيا.
ويبدو أن أوغان سيتجه إلى دعم المرشح الرئاسي الذي يرى فيه القدرة على تحقيق هدفه بإعادة اللاجئين السوريين ومحاربة ما يصفه بـ"الإرهاب الكردي"، وهو ما يتحقق في الوقت الراهن من خلال أردوغان صاحب الأغلبية في البرلمان التركي، والذي تتعزز حظوظه في الفوز بانتخابات الرئاسة في الجولة الثانية إذا ما نال نسبة تصويت ناخبي تحالف "الأجداد"، في حين سيظل كليجدار أوغلو بحاجة إلى دعم تصويتي أكبر ليصل إلى نسبة الحسم المطلوبة للفوز.