أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" في أبوظبي، العدد الثامن والعشرين من دورية "اتجاهات الأحداث"، والذي يتناول أهم التحولات الأمنية والسياسية التي شهدها إقليم الشرق الأوسط والعالم، مثل: التهديدات الثقافية، وتصاعد التنافس الصيني – الهندي في غرب المحيط الهندي، وفرص تحدي القوى الدولية للعقوبات على إيران، وانتشار صراعات التسوية بالمنطقة العربية وتهديدات الأمن البيولوجي، فضلاً عن استراتيجية مواجهة التحديات الأمنية المزمنة وكيفية فهم النظام السياسي الأمريكي.
أرض الأزمات:
في صدارة العدد، تناول الدكتور محمد عبدالسلام، مدير مركز المستقبل للأبحاث والدارسات المتقدمة، في افتتاحية الدورية تحت عنوان "أرض الأزمات: البحث عن "بجعة بيضاء" في منطقة الشرق الأوسط" قضية التفاعلات "غير المنطقية" في الشرق الأوسط، والتي تجاوزت كل الملامح غير التقليدية التي تم الاعتياد عليها، وتم التسليم بها باعتبارها (New Normal)، لدرجة أنه صار من الصعوبة فهم ما يحدث بين أية أطراف متحالفة أو متصارعة.
فقد اختلطت قواعد الصراعات والتحالفات معاً، كما يتضح في حربي أفغانستان وسوريا على سبيل المثال، وباتت "المباريات الصفرية" هي الإطار الحاكم للتفاعلات الإقليمية. ويطرح الدكتور عبدالسلام تساؤلاً حول مستقبل النظام العربي في ضوء الطوفان الإقليمي، الذي اجتاح حدود المنطقة العربية، ووصل إلى داخلها، ومحاولة أطراف دولية إحداث انهيارات كبيرة، أو تنتظر "الثورات التالية" في المنطقة.
التهديدات الثقافية:
سعى الدكتور خالد حنفي، الباحث في الشؤون الأفريقية، في الدراسة المعنونة: "التهديدات الثقافية: أشكال وتحولات توظيف البعد الثقافي في التفاعلات الدولية" تحليل ظاهرة توظيف الدول للبعد الثقافي في تفاعلاتها الخارجية، لتحقيق أغراض سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو غيرها، وهو ما ارتبط بتحوّل توازنات القوى في النظام الدولي، وصعود الصين والهند وروسيا وغيرها، كقوى دولية منافسة للنموذج الأورو/أمريكي في التدفقات الثقافية في البيئة الدولية.
وتتعرض الدراسة إلى تحليل أبعاد التحولات في توظيف البعد الثقافي في التفاعلات الدولية، عبر تناول مداخلها المفسرة، وأنماطها، ومحدداتها، مع إيضاح حدود القابلية والممانعة لذلك، في ضوء تصاعد أهمية الأمن الثقافي، ضمن سياقات انتشار الإرهاب العابر للحدود، والجدال العالمي حول عودة الدولة، وتزايد اللجوء للحمائية الثقافية في التفاعلات الدولية.
استقرار إيران والناتو العربي:
حاول قسم آراء المستقبل في هذا العدد الإجابة على بعض التساؤلات المثارة إقليمياً ودولياً، فقد تناول الدكتور د. سلطان النعيمي، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإيرانية، في مقاله "هل النظام الإيراني مستقر؟"، الجدل الدائر حول مدى استقرار النظام الإيراني، خاصة في ضوء بروز عدد من المؤشرات التي تكشف عن وجود اضطرابات سياسية وأمنية، وأزمات اقتصادية تعانيها طهران.
وسعى الأستاذ الدكتور، أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الإجابة على تساؤل: "ما هي احتمالات تأسيس ناتو عربي؟"، إذ يشير في هذا الإطار إلى سعي واشنطن إلى تأسيس تحالف أمني من ثماني دولة عربية تحت مسمى "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، والذي يهدف إلى مواجهة التهديدات الإيرانية، ويستعرض الدكتور أحمد يوسف التحديات التي تواجه إنشائه، والتي رافقت كل المحاولات السابقة لإقامة مظلة أمنية للمنطقة تحت الرعاية الأمريكية.
ويشير الأستاذ الدكتور ديفيد ستيان، أستاذ العلاقات الدولية، في كلية بيربك، بجامعة لندن، عند إجابته على تساؤل "كيف تؤثر بكين على أوضاع القرن الأفريقي؟" إلى أن فرص التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين قائمة، خاصة مع وجود قواعد عسكرية للدولتين في جيبوتي، وبروز مخاوف في الكونجرس الأمريكي من هذا الوجود.
ويكشف د. جاسم محمد، الخبير في قضايا الإرهاب والاستخبارات، في موضوعه المعنون "لماذا تدير الاستخبارات الأمريكية أنشطة تجارية؟" عن كيفية إدارة أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنشطة تجارية بغرض الحصول على مصادر تمويل إضافية، فضلاً عن توظيفها كواجهات من أجل الحصول على المعلومات، وامتلاك أدوات نفوذ على شركات التكنولوجيا.
التهديدات التكنولوجية وصراعات التسوية:
يناقش باب "تحليلات المستقبل" عدداً من الاتجاهات الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، حيث ركز الأستاذ شحاتة العربي، الخبير المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، في موضوعه المعنون "الوجه الآخر: تصاعد التهديدات الأمنية للشركات التكنولوجية الكبرى" على تحليل التهديدات المتصاعدة لشركات التكنولوجيا على الأمن القومي للدول، سواء بسبب وضعها الاحتكاري، أو سهولة توظيف منتجاتها في اختراق المجتمعات، وانتهاك خصوصية الأفراد، والإضرار بالأمن القومي للدول، الأمر الذي دفع الحكومات إلى مراجعة أدوارها ومحاولة وضع أطر تشريعية لضبط عملها.
وتناول أ. محمد بسيوني عبدالحليم، الباحث في العلاقات الإقليمية موضوعاً بعنوان "تناقضات المصالح: انتشار أنماط صراعات التسوية في المنطقة العربية" حيث أكد أن مبادرات تسوية الصراعات في المنطقة العربية لم تؤدِ إلى تخفيض حدتها بقدر ما أنتجت موجة جديدة من "صراعات التسوية" بسبب التعارض الحاد بين مصالح الفاعلين المنخرطين في الصراعات والخلافات حول تحديد المناطق المحظورة ونطاقات النفوذ بين أطراف الصراع والقوى الإقليمية والدولية المتدخلة في الصراعات، بالإضافة إلى تداعيات تشكل اقتصادات الحرب وتصاعد فوضى العنف والتدخلات الخارجية في الصراعات الداخلية بالمنطقة العربية.
ويناقش عبدالله عيسى الشريف، باحث الدكتوراه في العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، في جامعة القاهرة، فرص نجاح القوى الرئيسية ممثلة في الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين في تحدي العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وذلك في موضوع "تحدي واشنطن: احتمالات مقاومة القوى الدولية للعقوبات على إيران".
ويرى بريندون كانون، الأستاذ المساعد في الأمن الدولي والمدني، قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، في موضوع "تنافس استراتيجي: صراع محتدم بين بكين ونيودلهي في غرب المحيط الهندي"، أن هناك مؤشرات قوية على صعود التنافس الصيني - الهندي في غرب المحيط الهندي، ارتباطاً بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، والتي تهدف إلى تعزيز نفوذ بكين في أقاليم العالم المختلفة، بما في ذلك إقليم الشرق الأوسط، الأمر الذي أثار هواجس الهند والولايات المتحدة، ودفعهما لتبني سياسات لتحجيم النفوذ الصيني المتصاعد هناك.
ويحلل الدكتور محمد ياغي، مدير المشاريع في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في موضوع "دور نشط: أسباب التحول في سياسة ألمانيا الشرق أوسطية" أسباب التحوّل في السياسة الخارجية الألمانية تجاه الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة، على نحو ما وضح في تبنيها مواقف حادة تجاه بعض قضايا المنطقة، مثل التحذير من إقدام النظام السوري على شن هجوم عسكري ضد إدلب، بالإضافة إلى مطالبتها بالالتزام بالاتفاق النووي الإيراني.
ورصدت أ.سمية متولى السيد، المدرس المساعد بقسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة وباحثة الدكتوراه بجامعة إيسكس بالمملكة المتحدة، تصاعد ظاهرة "القبلية الجديدة في تحليل بعنوان "New Tribalism: تأثيرات ضاغطة لـ "سياسات الهوية" في الدول الغربية"، إذ أكدت أن الاستقطاب بين الجماعات الأولية في الدول الغربية قد أدى إلى تصاعد عنف التيارات القومية واليمينية وتحفز الأقليات والجماعات الليبرالية للدفاع عن بقائها، وهو ما يرتبط باحتدام صراعات الهوية داخل المجتمعات الغربية، وتصاعد الانقسامات المجتمعية والتنافر بين الجماعات المختلفة والعداء المتصاعد للعولمة.
صراع فضائي وتهديدات بيولوجية:
على مستوى الموضوعات الاقتصادية، ركز أ. إبراهيم الغيطاني، رئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبوظبي على قضية "Start Up Dilemma: تصاعد تحديات بقاء الشركات الناشئة على المستوى الدولي"، إذ أشار إلى أن الشركات الناشئة باتت تواجه تحديات متصاعدة تعوق قدرتها على النمو وتهدد بقاءها، ويتمثل أهمها في المنافسة الشديدة من جانب الشركات الكبرى وانتشار سياسات الحمائية وتراجع مصادر التمويل والاستحواذ عليها بصورة سريعة من جانب الكيانات الاحتكارية الضخمة.
وتشير نامراتا جوسوامي، الزميلة الأولى في معهد الولايات المتحدة للسلام بواشنطن، في موضوع "صراع مستقبلي: نشاط دولي واسع لاستغلال موارد الفضاء الخارجي"، إلى تنامي اهتمام الدول الكبرى والمتوسطة باستغلال الثروات الطبيعية في الفضاء الخارجي، وإصدارها تشريعات تنظم عمل شركاتها الخاصة فيه، الأمر الذي دفع القوى الكبرى إلى تعزيز وجودها العسكري في الفضاء الخارجي، خاصة في ظل عدم وضوح القواعد الدولية المنظمة للاستثمار في الفضاء الخارجي.
ويتناول أ. أحمد حمدون، مدرس العلوم السياسية المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة، موضوعاً بعنوان "الأمن البيولوجي: تنامي مخاطر "الوباء القادم" في العالم"، حيث يشير التحليل إلى تزايد تهديدات الأمن البيولوجي بسبب انتشار الأوبئة المعدية وعودة بعض الأوبئة القديمة وتزايد مقاومة الفيروسات والبكتيريا للمضادات الحيوية نتيجة للطفرات الجينية وتداعيات التغير المناخي والتطور في وسائل شن الحروب البيولوجية، ويرتبط ذلك بتزايد تأثيرات العولمة وانتشار الاستخدامات المزدوجة للأبحاث البيولوجية.
حالة سوريا والوساطة الأوروبية:
ركز قسم "نقاش المستقبل" على عدد من التطورات التي شهدها الشرق الأوسط، إذ أشار الأستاذ أحمد كامل البحيري، الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، خلال حلقة نقاشية عقدت في مركز المستقبل، إلى محددات مستقبل التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وخرائط تمركز التنظيمات الإرهابية في سوريا، ومستقبل تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، بالإضافة إلى مسارات انتقال المقاتلين الأجانب ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر الصراعات، وتحديداً في سوريا.
وتحدث الدكتور كريستيان كوخ، مدير مركز الخليج للأبحاث بجنيف، في لقاء عقده مركز المستقبل عن دور الدول الأوروبية في أزمات منطقة الشرق الأوسط، وسعيها لاستعادة دورها النشط في حل وتسوية هذه الأزمات، ومنها أزمة الاتفاق النووي الإيراني، والأزمة القطرية الحالية.
المسلمون في الصين وكوريا الشمالية:
ناقش قسم "كيف يفكر العالم الثاني؟" عدداً من الموضوعات والقضايا، في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى روسيا، فقد تناول جمال محمد عمر، الباحث الموريتاني، في موضوع "اضطرابات مزمنة: تراجع فرص التغيير السياسي في الكونغو والكاميرون"، مسببات عدم الاستقرار السياسي التي تعاني منها الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية على مدار عقود، وفرص خروجهما من هذا الوضع.
وسعى محمد سنان، الباحث بالمركز الدولي لأبحاث العنف السياسي والإرهاب بسنغافورة، لتحليل مشكلة الأقليات المسلمة في الصين وكوريا الجنوبية، خاصة تحسب الدولتين تجاه إمكانية ظهور تنظيمات إرهابية في المجتمعات الإسلامية في كلا البلدين، فضلاً عن تنامي المخاوف لدى السلطات الصينية من النوازع الانفصالية لأقلية الإيجور المسلمة في إقليم شينجيانج.
شعبية بوتين وطرد اللجان الأممية:
تناولت جوليا ترويتسكايا، كبير المراسلين في وكالة الأخبار الدولية، "روسيا سيغودنيوا" موضوع "حرب معلوماتية: شعبية بوتين في ساحات المواجهة الإعلامية بين روسيا والغرب"، حيث أشارت إلى شن الغرب حرباً معلوماتية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومحاولة الإيحاء بتراجع مستوى شعبيته.
وتناولت أدريانا كوبيلوس جارسيا، المتخصصة في السياسة العامة بالجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، في موضوع "تحد أممي: طرد جواتيمالا ونيكاراجوا لجان الأمم المتحدة" أسباب قيام كل من جواتيمالا ونيكاراجوا، بطرد اللجان التابعة للأمم المتحدة، بعد أن اعتبرتا التقارير اللاتي أصدرتها تدخلاً في شؤون بلادهما الداخلية، وانتقاص من سيادتهما واستقلالهما الوطنيين.
عالم متعدد الأقطاب:
يناقش قسم حالة العالم التحولات المتلاحقة التي يشهدها النظام العالمي، حيث تناول موضوع "خطوط التماس: حدود التحالف والصراع في عالم متعدد الأقطاب" الذي أعدته أ. كارن أبو الخير، مستشار الشؤون الدولية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، على المقاربات المطروحة لفهم التحولات في النظام الدولي باتجاه التعددية القطبية والتغير في خرائط التحالف والصراع، إذ يؤكد الموضوع أن الخطوط الفاصلة بين الحرب والسلام في التفاعلات الدولية قد أصبحت مبهمة إلى حد كبير، بحيث باتت القوى الرئيسية تنتهج أنماطاً من التفاعل قد لا ترقى إلى مستوى المواجهة الكاملة، لكنها تحمل بعض صفات الصراع بين الدول.
هيكلة الشرق الأوسط:
يركز قسم حالة الشرق الأوسط على موضوع بعنوان "Regional Dynamics: مشروعات هيكلة إقليم الشرق الأوسط"، والذي أعده أ. محمد عبدالله يونس، مدرس العلوم السياسية المساعد، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، حيث يتناول أطروحات مراكز التفكير والدوريات الغربية حول التحولات التي يشهدها النظام الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط ومداخل التعامل مع حالة "اللانظام" و"الفوضى" بالإقليم، وفقاً لتقييماتها، بالإضافة إلى اتجاهات إعادة هيكلة الإقليم التي تشمل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وبناء التحالفات الإقليمية وإعادة الهيكلة الداخلية وتأسيس الشبكات الاقتصادية وبناء القدرات الذاتية.
ويتضمن العدد كذلك مراجعات لأهم الكتب الصادرة حديثاً عن دور النشر العالمية، مثل كتاب بناء الأمة: لماذا تندمج بعض الدول وتتفكك دول أخرى؟ وكتاب مسارات السلام: اقترابات شاملة لمنع الصراعات العنيفة، وكتاب مناهضة التعددية: التهديد الشعبوي للديمقراطية الليبرالية، وكتاب التحول الأبيض: الشعبوية والهجرة ومستقبل الأغلبية البيضاء وكتاب النجم الأحمر والهلال: الصين والشرق الأوسط وكتاب دول الخليج العربية والغرب: المدركات والحقائق..الفرص والمخاطر.
مواجهة التحديات الأمنية المزمنة:
يسعى ملحق "مفاهيم المستقبل" للعدد 28 من مجلة اتجاهات الأحداث الصادر بعنوان "Non-Traditional Strategies: حلول استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية المزمنة" لرصد كيفية تشكيل توظيف الدول للتحالفات الأمنية في مواجهة التهديدات الأمنية.
ويشير في هذا الإطار إلى أربعة مفاهيم أساسية، إذ يقوم الدكتور علي جلال معوض، مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في موضوع "Active Denial: تقييم فاعلية الردع عبر المنع في التفاعلات الصراعية" ببيان أبعاد مفهوم الحرمان النشط كآلية لتطمين الحلفاء في مواجهة الدول المعادية، وذلك عبر تعزيز التنسيق العسكري بين الدول الحليفة في مواجهة تهديد مشترك، وذلك بهدف إقناع الدولة المعتدية بصعوبة تحقيق أي أهداف تسعى إليها من وراء العدوان على أي دولة عضو في التحالف.
ويتناول الأستاذ عبداللطيف حجازي، الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبي، مفهوم "الانخراط المستمر" في الصراعات الداخلية وتوضيح أبرز أشكاله في تحليله المعنون ":Persistent Engagement استراتيجية مواجهة الصراعات الممتدة غير التقليدية"، حيث يشير إلى أبرز السياسات التي تتبعها الدول لتعزيز وتأهيل القوات الأمنية للدول الحليفة من أجل مساعدتها على مواجهة حركات التمرد والجماعات الإرهابية، ودون أن تتكبد الدولة الداعمة خسائر مادية وبشرية فادحة.
وتتناول الدكتورة إسراء إسماعيل، الخبيرة في الدراسات السياسية والأمنية، في تحليلها " Strategic Coercion: حدود تأثير السياسات الإكراهية في العلاقات الدولية" مدى فاعلية استراتيجية "الإكراه الشامل" في إجبار الدول على تغيير سياستها المثيرة للاضطرابات الإقليمية، كما في حالة الولايات المتحدة في حصارها لكوريا الشمالية، إذ عمدت إلى توظيف العقوبات العسكرية والاقتصادية، بالإضافة إلى الحصول على دعم الحلفاء في فرض حصار على بيونج يانج لإجبارها على تغيير سياساتها الإقليمية.
وأخيراً، يتناول الدكتور شادي عبدالوهاب منصور، رئيس وحدة تقدير الاتجاهات الأمنية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، مفهوم استراتيجية الوقيعة، وأبرز تطبيقاته في العلاقات الدولية في الموضوع المعنون: "Wedge Strategy: تفكيك التحالفات المعادية المهددة للأمن القومي للدولة"، حيث يشير إلى أسباب تطبيق الدول لهذه الاستراتيجية في مواجهة التحالفات المهددة لأمنها القومي، بالإضافة إلى أبرز أشكالها، والإشارة إلى أبرز الأمثلة الدولية في هذا الإطار.
أسس النظام الأمريكي:
يصدر تقرير المستقبل هذا العدد تحت عنوان "The President: كيف يمكن فهم النظام السياسي الأمريكي"، والذي أعده أ. حسام إبراهيم، نائب مدير "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، حيث يتناول عدة قضايا تتعلق بالتحولات الراهنة في النظام السياسي الأمريكي، يتمثل أهمها في: صلاحيات الرئيس في النظام الأمريكي والإشكاليات المرتبطة بالرئيس، مثل تعارض المصالح وإجراءات عزل الرئيس وتسلسل السلطة الذي يحدد من يتولى المنصب في حالة عزل الرئيس.
ويتناول التقرير أيضاً دور الكونجرس في النظام السياسي وعلاقته بالمؤسسات التنفيذية ودور الرئيس الأمريكي في صنع السياسة الخارجية، بالإضافة إلى رصد وتحليل تأثير وسائل الإعلام في دوائر صنع القرار في واشنطن، كما يتطرق التقرير لتداعيات سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي والتوترات التي يتوقع أن تهيمن على العلاقة بين الرئيس ومجلس النواب مع بدء الدورة التشريعية الجديدة في 3 يناير 2019، والتي قد تصل إلى البدء في إجراءات عزل الرئيس بعد صدور تقرير لجنة مولر، وإن كانت سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ ستجهض أي محاولة في هذا الصدد.
وتوصل التقرير إلى أن مراجعة العلاقة بين الرئيس والكونجرس تكشف عن كون الرئيس هو قلب النظام السياسي ويضطلع بمهام متعددة يتمثل أهمها في قيادته للسلطة التنفيذية ممثلةً في الإدارة التي يختارها، وكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية. ويتولى مجلسا الشيوخ والنواب مهام صياغة والتشريعات وإقرار الميزانية والمصادقة على قرار شن الحرب، بالإضافة إلى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. كما يقوم الكونجرس بمجلسيه بإدارة عملية عزل الرئيس عقب توجيه لائحة اتهام له من مجلس النواب والتصويت عليها في مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين.