ينطلق الكتاب من حقيقة أننا أصبحنا نعيش في عصر تتغير فيه مفاهيم القوة والهيمنة بشكل جذري، ومع دخولنا هذا العصر الرقمي، نجد أن البيانات الضخمة قد تحولت إلى أداة أساسية؛ بل محورية، في إعادة تشكيل قواعد اللعبة الاقتصادية والسياسية، وكذلك في تحديد ملامح التحديات الأمنية التي تواجهنا. يتناول الكتاب في فصوله الستة، جملة من القضايا المحورية، ففي الفصل الأول، يستعرض «ثورة البيانات الضخمة »، ويرصد التطورات التكنولوجية الهائلة التي جعلت من الممكن جمع ومعالجة كميات هائلة من البيانات بشكل لم يكن يخطر على بال قبل عقود قليلة. أما الفصل الثاني، «اقتصادات البيانات الضخمة »، فيناقش كيف أصبحت البيانات عصب الاقتصاد الحديث؛ إذ تعتمد الشركات اليوم على تحليل البيانات الضخمة لفهم سلوك المستهلكين، وتحديد توجهات الأسواق، وابتكار منتجات جديدة تتناسب مع احتياجات المستقبل. وتحدد البيانات الضخمة اتجاهات النمو الاقتصادي، وتمنح الشركات التي تجيد التعامل معها ميزة تنافسية لا مثيل لها.
وفي الفصل الثالث، «تهديدات البيانات الضخمة والاستقرار الاجتماعي ،» يتناول الكتاب كيف أن التوسع في استخدام البيانات لأغراض سياسية قد يعرّض المجتمعات إلى تلاعب خطر في الرأي العام، ويطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه البيانات في نزاهة الانتخابات وصحة الديمقراطيات الحديثة. ويناقش الفصل الرابع «البيانات الضخمة وصناعة السياسات العامة »، أحد أهم الأدوار الإيجابية للبيانات الضخمة، وهو كيف تؤدي البيانات دوراً أساسياً في تحسين أداء الحكومات عبر صياغة سياسات مستندة إلى أدلة علمية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، بالإضافة إلى دورها المحوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وصناعة النماذج التنبؤية في التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الكوارث. أما الفصل الخامس، «البيانات الضخمة والأمن القومي والاستخبارات »، فيأخذنا إلى تفاصيل العلاقة المعقدة بين البيانات والأمن، وكيف يمكن للدول أن تستخدم البيانات في تعزيز قدرتها على الاستجابة للأزمات الأمنية والتنبؤ بالتهديدات؟ وكيف يتم استغلال البيانات في تعزيز القوة العسكرية وخدمة أهداف الأمن القومي؟ وأخيراً، في الفصل السادس، نتطرق إلى «التنافس الدولي على البيانات الضخمة »، ففي هذا العصر أصبحت البيانات مورداً استراتيجياً تتنافس عليه القوى الكبرى، والتي بدأت تنظر إلى البيانات كجزء لا يتجزأ من أمنها القومي، كما تسعى لحماية مواطنيها من التجسس والاختراقات. وتتصارع الحكومات والشركات على من يمتلك البيانات ومن يستطيع التحكم فيها. وفي ظل غياب قوانين دولية واضحة تنظم هذه العملية، سيكون العالم مقبلاً على المزيد من التوترات.