أخبار المركز
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)
  • محمود قاسم يكتب: (الاستدارة السريعة: ملامح المشهد القادم من التحولات السياسية الدرامية في كوريا الجنوبية)
  • السيد صدقي عابدين يكتب: (الصدامات المقبلة: مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في كوريا الجنوبية)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)

اختبار الديمقراطية:

ماذا تحمل انتخابات جنوب إفريقيا في مايو 2024؟

24 أبريل، 2024


تنطلق الانتخابات العامة السابعة بجنوب إفريقيا، في 29 مايو 2024؛ إذ تشكل التجربة المقبلة مرحلة مهمة في التاريخ السياسي للبلاد، نظراً لخصوصيتها، بعدما بلغت حدة المنافسة بين المؤتمر الوطني الحاكم، وأحزاب المعارضة أوجها؛ مما يعكس احتمالية أن تشهد الانتخابات المقبلة تغيرات أكبر من المعتاد، وسيتم خلالها اختيار أعضاء الجمعية الوطنية، إلى جانب اختيار أعضاء الهيئات التشريعية بالمقاطعات والمجالس البلدية، فيما يتم انتخاب رئيس الجمهورية بشكل غير مباشر، بواسطة أعضاء الجمعية الوطنية. 

وبناءً على ذلك، يستعرض التقدير أبرز الأحزاب السياسية المتنافسة، ومستوى ثقلها الانتخابي، إلى جانب تناول الأزمات الداخلية التي يمر بها المؤتمر الوطني الحاكم، وتأثيرها في مُستقبله السياسي، فيما يسلط التقدير الضوء على أبرز التحديات التي تواجه دولة جنوب إفريقيا، وإلى أي مدى سيكون لها تأثير في مخرجات الانتخابات العامة المقبلة.

الأحزاب المُتنافسة: 

تنطلق الانتخابات العامة بجنوب إفريقيا، في خضم العديد من الأزمات التي تواجهها البلاد؛ مما سينعكس سلباً على معدلات تأييد المؤتمر الوطني الحاكم المتربع على سدة الحكم، منذ نهاية مرحلة الفصل العنصري عام 1994، في الوقت ذاته هناك حالة من التنافسية الكبرى، نظراً لتعدد المشاركين في السباق الانتخابي المقبل مُقارنة بالانتخابات السابقة، وفي هذا الصدد نرصد أبرز الأحزاب المؤثرة التي تتمتع بثقل سياسي كبير، وقاعدة تصويتية مُؤثرة، وذلك على النحو التالي: 

1. المؤتمر الوطني الإفريقي: يُعد المؤتمر الوطني الإفريقي من أقوى الأحزاب السياسية الجنوب إفريقية؛ إذ يتولى حكم البلاد منذ عام 1994، بعد القضاء على الفصل العنصري، حينها تولى نيلسون مانديلا، رئاسة البلاد في أول انتخابات ديمقراطية، وفي حال فوز الحزب في الانتخابات المقبلة، يكون قد أكمل 30 عاماً في السلطة، وعلى مدار ثلاثة عقود، ارتكزت الخطة الانتخابية للمؤتمر الوطني على استقطاب الأغلبية المطلقة للأصوات، وتجنب الدخول في تحالفات؛ مما يمكنه من تشكيل الحكومة بشكل مُنفرد، وبالرغم من دعم الحزب الشيوعي، والنقابات العمالية للحزب خلال تلك الانتخابات، فإن الحزب ما زال مُتمسكاً بتجنب الائتلافات، وهو ما أكّده رئيسه سيريل رامافوزا، الذي أكّد ثقته الكاملة في حصول الحزب الحاكم على الأغلبية المطلقة دون الحاجة للدخول في تحالفات.

ورغم تمكن المؤتمر من الحصول على الأغلبية المطلقة على مدار قرابة ثلاثة عقود، فإنه بالنظر إلى نتائج بعض الجولات الانتخابية بداية من انتخابات عام 2009 نجد تراجعاً واضحاً في عدد المقاعد التي تمكن المؤتمر من الفوز بها؛ إذ شهدت انتخابات 2019 حصول الحزب على 57.7% من إجمالي المقاعد، والتي تُعد أقل نسبة في تاريخه، فيما يتوقع أن تتراجع النسبة مجدداً بشكل أكبر خلال الانتخابات المقبلة؛ مما يشكل تهديداً لمستقبل المؤتمر؛ وهو ما يرجع للعديد من المشكلات التي عجز الحزب الحاكم عن حلها، كارتفاع معدلات البطالة، وانتشار الفقر، وتدني مستويات المعيشة، ناهيك عن ارتفاع معدلات الفساد، في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل المشكلات الداخلية، وحالة التشرذم التي عانى منها المؤتمر على مدار ما يزيد عن عقد، وبجانب تلك المشكلات المزمنة هناك العديد من المستجدات الدولية التي تؤثر سلباً في الداخل؛ كالتداعيات الناجمة عن جائحة "كورونا"، وموجات الانقلابات المتسارعة التي عصفت بغالبية دول القارة. 

2. التحالف الديمقراطي: يُعد من أقوى المنافسين للحزب الحاكم، ويتولى زعامته السياسي، جون ستينهاوزن، فيما تشير غالبية استطلاعات الرأي إلى قدرته على حصد ما بين ربع وثلث الناخبين، خلال الانتخابات المقبلة؛ بفضل برنامجه الانتخابي القائم على الحكم الرشيد ومكافحة الفساد، فمنذ انتخابات 2019 تمكن من الحصول على 84 مقعداً، من أصل 400 بالجمعية الوطنية، واستعداداً للانتخابات المقررة نهاية مايو 2024، قام الحزب بتأسيس ائتلاف مع ستة أحزاب من المعارضة؛ مما سيعزز فرص تفوقه خلال الانتخابات المقبلة. 

3. المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية: يُعد ثالث أكبر أحزاب المعارضة ثقلاً سياسياً، تحت قيادة الزعيم السابق لرابطة شباب حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، جوليوس ماليما، يتبنى الحزب خطاباً يسارياً مُناهضاً للرأسمالية والإمبريالية، بينما ترتكز توجهاته على العديد من السياسات الشعبوية المتمحورة حول ضرورة توفير الدولة وحدات لإسكان المواطنين، والعمل على تأميم المناجم، وباقي القطاعات الاقتصادية للدولة، وإعادة توزيع الأراضي، وتمكن الحزب خلال الانتخابات السابقة من تحقيق مكاسب أدت إلى تزايد نسبة تمثيله بالجمعية الوطنية من 6% في انتخابات 2014 إلى أكثر من 10% خلال انتخابات 2019، فيما تشكل الظروف الاقتصادية الحالية فرصة سانحة لتقدم الحزب بحلول جذرية ذات نهج مُختلف عن المؤتمر؛ مما سيعزز قاعدته الجماهيرية.

4. حزب إنكاثا: يُعد من الأحزاب المعارضة المهمة، ويعتمد بشكل كبير على جماعة "الزولو"، كقاعدة تصويتية له، في الوقت ذاته يتبنى سياسات اقتصادية واجتماعية محافظة، ومع ذلك تتسم نسبة تمثيله بالجمعية الوطنية بالتذبذب المستمر، ففي أول انتخابات عقدت عام 1994 حصل على 40 مقعداً، وبدأت نسبة تمثيله تشهد تراجعاً، وصولاً لانتخابات 2014 حينما حصل على 10 مقاعد، فيما حصد 14 مقعداً خلال الانتخابات الأخيرة عام 2019.

5. جبهة الحرية: تُعد من أبرز الأحزاب المعارضة، ذات التوجه اليميني المحافظ، وتعتمد على الأقلية البيضاء كقاعدة تصويتية لها. ومما سبق يمكن اعتبار حزبي إنكاثا وجبهة الحرية، الأقل قدرة على المنافسة خلال الانتخابات المقبلة نتيجة ميولهما اليمينية، وتبنيهما سياسات اقتصادية واجتماعية مُحافظة، وهو ما لن يتماشى مع التحديات والمتغيرات التي تمر بها البلاد خلال الفترة الراهنة، في المقابل يُصنف حزبا التحالف الديمقراطي، والمقاتلون من أجل الحرية، باعتبارهما المنافسان الأهم لحزب المؤتمر الوطني.

6. السماح للمستقلين بدخول الانتخابات: تشهد الانتخابات المقبلة في جنوب إفريقيا العديد من المتغيرات المهمة، لعل أبرزها توقيع الرئيس سيريل رامافوزا، على قانون يسمح للمرشحين المستقلين بالمشاركة في الانتخابات العامة، جاء هذا القانون بعد إصدار المحكمة الدستورية حكماً يقضي بعدم قانونية منع المرشحين المستقلين من خوض الانتخابات دون عضوية حزب سياسي، ورغم أن التعديلات الأخيرة تسمح بتوسيع المشاركة السياسية، لكن وُجهت لها العديد من الانتقادات، بزعم أنها تسهم في خلق حالة من التنافس غير المتكافئ بين المرشحين المستقلين، والأحزاب السياسية؛ إذ سيتنافس المستقلون على 200 مقعد، فيما تتنافس الأحزاب على 400 بالجمعية الوطنية.

ومن المُحتمل أن يُسفر دخول المستقلين إلى حلبة الانتخابات إلى إرباك حسابات ليس فقط الحزب الحاكم، وإنما أيضاً أحزاب المعارضة؛ إذ قد تهبط شعبية بعضهم، في ضوء تُهم الفساد، والأزمات الكبرى التي أدت إلى تزايد السخط الشعبي. 

أزمات حزب المؤتمر: 

يمكن استيضاح أبرز ملامح عدم التوازن السياسي، التي يمر بها حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والتي أثرت بشكل مباشر في قاعدته التصويتية خلال الفترة الراهنة على النحو التالي:

1. تراجع الدعم الشعبي: كما سبقت الإشارة، فإن مستوى التأييد الشعبي لحزب المؤتمر الوطني قد شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، رغم تمكنه من الفوز بستة انتخابات عامة متتالية منذ عام 1994، وقد اتضح ذلك خلال الانتخابات المحلية التي تم إجراؤها عام 2021، بعدما حصل الحزب على نسبة تصويت أقل من 50% (حصل على حوالي 46%) على المستوى الوطني، مقابل حصول الحزب المعارض الرئيسي التحالف الديمقراطي على 21.8% من إجمالي الأصوات، بينما حصل المقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية على 10.4%، في حين بلغت نسبة مُشاركة الناخبين في التصويت أقل من 50%، بواقع 12 مليون ناخب، من أصل 26؛ ما يعني انخفاض نسبة المشاركة بمقدار 10%، مقارنة بالانتخابات المحلية المُنعقدة في 2016، فيما يتوقع أن يستمر انخفاض الدعم الجماهيري للمؤتمر خلال الانتخابات المقبلة. 

وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "برنثرست" حول توجهات التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة، انخفاض شعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من 52 إلى 39%؛ ما يعني احتمالية تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات العامة المقبلة، فيما أظهرت نتائج الاستطلاع أيضاً ارتفاع نسبة التصويت لصالح التحالف الديمقراطي من 23 إلى 27%؛ ما يعني اقتراب تشكل تحالف لليمين والوسط على رأسه حزب التحالف الديمقراطي.

2. تشرذمات داخلية: تجلت تلك الانقسامات في العديد من القضايا، لعل أبرزها تصاعد الخلاف حول "قاعدة التنحي" التي تبنتها اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب عام 2020، وتقضي بضرورة تنحي الأعضاء الذين توجه إليهم تُهم الفساد، أو تعليق أدوارهم داخل الحزب، لحين البت في الدعاوى المرفوعة، فعلى سبيل المثال، تم إجبار الأمين العام السابق للحزب، إيس ماجاشولي، في مايو 2021 على التنحي بعد ثبوت تورطه في قضية فساد، أثناء إدارته لولاية فري ستيت، وتعالت الأصوات الرافضة لتلك القاعدة داخل الحزب؛ إذ اتهموا الرئيس رامافوزا، بتوظيفها لإبعاد المعارضين لبعض قراراته داخل الحزب. 

من جهة أخرى، ظهرت انقسامات تتعلق بتسمية رئيس الحزب، خلال المؤتمر الخامس للحزب المُنعقد في يوليو 2022؛ إذ كان من المقرر حينها اختيار الرئيس المقبل للحزب استعداداً للانتخابات المقررة مايو 2024، وانقسمت الأصوات بين داعمين للرئيس رامافوزا، وآخرين داعمين لجاكوب زوما، وحينها واجه الرئيس رامافوزا، معارضة كبيرة من قبل الموالين للرئيس السابق جاكوب زوما، بزعم تصاعد موجات الغضب إزاء الرئيس رامافوزا، نتيجة تدهور أوضاع البلاد، واتهامه بالفساد المالي في فبراير 2022؛ مما سيؤثر سلباً في فرص انتخابه، ومع ذلك تمكن رامافوزا، من الحصول على الدعم الكافي، بعدما عقدت غالبية مناطق الحزب الحاكم مؤتمرات لانتخاب مسؤولين كبار جدد؛ لضمان ولائهم ودعمهم للرئيس رامافوزا، ورغم قدرة رامافوزا على تجاوز تلك المعضلة، فإن المؤشرات الحالية، وما تمر به البلاد من تحديات وأزمات عميقة، يُنذر بتهديد كبير لشعبيته، وتراجع قدرته على حصد أغلبية مطلقة خلال السباق الانتخابي المقبل.

3. تغيرات السياسة الخارجية للحزب: انتهج المؤتمر الوطني الإفريقي خلال السنوات الأخيرة سياسة خارجية انتقائية، أدت إلى فقدانه حلفائه الغربيين التقليديين، مقابل التوجه لروسيا والصين، ما من شأنه التأثير في مجريات الانتخابات المقبلة؛ بحيث سيوجه الغرب كامل الدعم لأحزاب المعارضة، فيما أظهر استطلاع رأي تم إجراؤه على 1500 من المواطنين، اعتقاد 43% منهم، أن مصلحة جنوب إفريقيا ترتبط بتموقعها مع الدول الغربية؛ مما يعني أن قرار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بالتحول إلى دول "البريكس" سيفقده العديد من الأصوات.

سيناريوهات مُرتقبة: 

تتسم الفترة المقبلة بخصوصية كبيرة في التاريخ السياسي لدولة جنوب إفريقيا، كما تشكل في الوقت ذاته تهديداً لمستقبل المؤتمر الوطني الحاكم، مُقابل صعود نفوذ أحزاب المعارضة، التي تسعى مُؤخراً لتدعيم قوتها من خلال الدخول في ائتلافات، يمكن أن تؤدي إلى تقليص الأغلبية البرلمانية للمؤتمر الوطني، وعليه يمكن استشراف مآلات الانتخابات العامة المقبلة من خلال عدة سيناريوهات: 

1. السيناريو الأول: أغلبية مُطلقة للحزب الحاكم: يفترض هذا السيناريو إعادة هيكلة الحزب الحاكم لسياساته، وتحركه صوب استعادة شعبيته، والعمل على توحيد جبهته الداخلية، وتنحية الخلافات، لحين الفوز في الانتخابات المقبلة، ومع ذلك يظل هذا السيناريو الأضعف؛ نتيجة العديد من المشكلات البنيوية التي تواجه التكوين الداخلي للحزب، بسبب الانقسامات بين أعضائه وتحوله إلى فرق متنازعة، ولاسيما بعد أزمة محاكمة الرئيس السابق جاكوب زوما، بتهم فساد، ناهيك عن إظهار العديد من استطلاعات الرأي خسارة شعبية المؤتمر بما يزيد عن 60% من قاعدته الجماهيرية، من جهة أخرى فبالنظر إلى نتائج الانتخابات الخاصة بالحزب منذ عام 2019 نجدها تتراجع بشكل واضح على صعيد نسبة التصويت لصالحه، كما أن استشراء الفساد، واستمرار أزمة الطاقة، وفشل الحزب الحاكم في وضع حلول جذرية للأزمات؛ أدى إلى افتقاد الثقة في قدرته على تحقيق الاستقرار وتلبية احتياجات المواطنين.

2. السيناريو الثاني: الأغلبية المُطلقة للتحالف الديمقراطي: تعكس المؤشرات تصدر التحالف الديمقراطي الواجهة السياسية، وامتلاكه مقومات استقطاب التأييد الشعبي، ولاسيما مع تبنيه خطاباً شعبوياً يرتكز على احتياجات المواطنين الرئيسية، وقد أظهرت العديد من الاستطلاعات حالة كبيرة من القبول المجتمعي له، من جهة أخرى سعى التحالف إلى تعزيز قاعدته الجماهيرية عبر التحالف مع ستة أحزاب أخرى للمعارضة، بعد أعوام من فشل المحاولات الائتلافية، وضعف الأحزاب المكونة لها؛ مما يُعزز حظوظه الانتخابية المقبلة، ويُعد ذلك من السيناريوهات الممكنة الحدوث.

3. السيناريو الثالث: تشكيل حكومة ائتلافية: يفترض هذا السيناريو عدم قدرة أي من الأحزاب على الحصول على أغلبية مطلقة؛ وهو ما سيدفع نحو تحقيق سيناريو تشكيل حكومة ائتلافية، ففي نوفمبر 2023، كشف استطلاع رأي، شمل 2000 ناخب، وأجرته مؤسسة (Rivonia Circle)، ومقرها جوهانسبورغ، عن عدم قدرة أي من الأحزاب الحالية على الحصول على أغلبية مطلقة، وعدم امتلاكها شعبية كبيرة لدى الناخبين، فيما كشف الاستطلاع عن انخفاض معدل دعم المؤتمر الوطني من 57% في انتخابات 2019 إلى 41% في الانتخابات المرتقبة؛ لذا يُعد تشكيل حكومة ائتلافية هو السيناريو الأكثر ترجيحاً.  

وفي التقدير، يُمكن القول، إن الانتخابات العامة التي ستشهدها جنوب إفريقيا، نهاية شهر مايو 2024؛ ستكون الأكثر إثارة للجدل، فلأول مرة يصبح المشهد الانتخابي غير معتاد، نتيجة تراجع شعبية المؤتمر الوطني، الذي ظل مُحتفظاً بالأغلبية المطلقة، وأحقّية تسمية رئيس البلاد منذ القضاء على نظام الفصل العنصري؛ وهو ما يرجع إلى التباينات التي يشهدها الحزب داخلياً، ناهيك عن الأزمات والتحديات التي عجز الحزب الحاكم عن إيجاد حلول لها؛ مما أثر في شرعيته وشعبيته.

وفي المقابل تُعد الانتخابات المقبلة فرصة لأحزاب المعارضة ينبغي استغلالها على الوجه الأمثل عبر إتمام تحالفات قوية، وتبني برامج انتخابية وخطط مرنة، للتجاوب مع الأزمات التي تشهدها البلاد؛ مما قد يمكنها من إزاحة الحزب الحاكم بعد ثلاثة عقود من السيطرة على السلطة.