أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

التنظيف الافتراضي:

"غسيل المعلومات"..محاولة لتفسير الكراهية الإلكترونية عربيًّا

28 ديسمبر، 2016


شكَّل الفضاء الإلكتروني جزءًا أصيلا من التحولات الرئيسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال العقد الأخير. ففي سياق محاولات بعض النظم العربية التضييق على الحريات والحقوق في المجال العام، نشأت حركات وأجيال جديدة تحاول تأسيس مجال عام خاص بها خارج عن سيطرة هذه الأنظمة، يمكن من خلاله صياغة خطاب معارض لهذه الأنظمة. 

ومن ثم، كان للفضاء الإلكتروني دور وظيفي في اتساع شروخ البنية الاستبدادية بالمنطقة، والوصول إلى لحظة الثورات العربية بما انطوت عليه من قدرة الفضاء الإلكتروني على الحشد في مواجهة عددٍ من الأنظمة الحاكمة، والمطالبة برحيلها.

ما حدث بعد ذلك كان أكثر تعقيدًا، فبعد رحيل الأنظمة الحاكمة في دول مثل تونس ومصر وليبيا واليمن، دخلت المنطقة ككل (وليس فقط دول الثورات) مرحلة انتقالية متعثرة، تم التكريس خلالها لتباينات وتمايزات فكرية وسياسية أكثر عمقًا وعنفًا في آن واحد تجلت ملامحها في الفضاء الإلكتروني الذي بات يشهد اعتمادًا متزايدًا على خطاب الكراهية، ومحاولات لإضفاء الشرعية والقبول بمفردات هذا الخطاب عبر عملية تنظيف افتراضي Virtual Cleaning تُعيد إنتاج الكراهية والعداء بشكل أكثر احترافية. 

غسيل المعلومات وخطاب الكراهية:

ارتبطت البدايات الأولى لظاهرة "الكراهية الإلكترونية" بالمجتمعات الغربية، لا سيما خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم، وإعادة إحياء الكثير من الحركات العنصرية. ولعل النموذج الأبرز على ذلك الموقع الإلكتروني "ستورم فرونت" المتطرف، الذي تأسس عام 1995 على يد دون بلاك؛ حيث كان الهدف من الموقع إعادة إحياء وتجديد خطاب جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية البيضاء. وحينما أطلق دون بلاك هذا الموقع كان يعتقد أن الإنترنت يمثل فرصة لنقل رسالته العنصرية إلى قطاعات واسعة من الجمهور بتكلفة زهيدة مقارنةً بوسائل الإعلام التقليدية. 

خلال السنوات التالية، كانت ظاهرة الكراهية الإلكترونية تكتسب المزيد من الزخم، وخاصة مع ما يمتلكه الفضاء الإلكتروني من قدرة على تطوير ظاهرة الكراهية، وإعادة تمثيل الجماعات المعبرة عنها. واتساقًا مع هذه المعطيات، تمت صياغة مقاربة "غسيل المعلومات Information Laundering" كمقاربة مركزية تصلح لتفسير التطورات التي طرأت على خطابات الكراهية.

تُعبر هذه المقاربة -في أبسط تعريفاتها- عن قدرة الفضاء الإلكتروني على شرعنة خطاب الكراهية، فمن خلال الاندماج في المسارات الافتراضية المختلفة (على غرار محركات البحث، ومواقع الإنترنت والمدونات، وشبكات التواصل الاجتماعي) تحدث عمليةٌ يطلق عليها آدم كلاين Adam klein، تنظيفًا افتراضيًّا Virtual Cleaning لخطابات الكراهية التقليدية، التي تتعرض لإعادة هندسة وتصميم تتحول على إثرها الأفكار المتطرفة إلى جزء من أجندة تعليمية أو سياسية أو حتى روحانية ذاتية.

وهكذا، يُصبح الهدف النهائي لعملية غسيل المعلومات إدماج مفردات الكراهية ضمن معارف عامة تُضفي عليها طبقة خارجية من الشرعية، لا تثير الكثير من الرفض حيالها. وقد ظهر لهذه الفكرة -على سبيل المثال- تجليات في بعض الأدبيات التي تناولت العنصرية البيضاء في مجتمعات غربية، وافترضت أن أكبر خطر يُشكله انتشار الخطاب العنصري الأبيض في الإنترنت -وحملة التنوير العنصري التي يروج لها- هو تهديد التراكم العلمي، والإنتاج المعرفي الخاص بموضوعات العرق والعنصرية والحقوق المدنية في العصر الرقمي.

وتنبني أطروحة "غسيل المعلومات" على ثلاث فرضيات رئيسية، هي:

(*) الفرضية الأولى: وتشير إلى وجود جماعات الكراهية Hate Groups التي تدعو إلى العنف والعداء غير المبرر تجاه أشخاص أو مجموعات لها سمات عرقية، أو دينية، أو جهوية، أو حتى جنسية. وتَستخدم لتحقيق أهدافها أدوات متعددة بما فيها الفضاء الإلكتروني الذي قدَّم لهذه الجماعات إطارًا يُمكن من خلاله الوصول إلى الجماهير بشكل غير مسبوق، وإعادة تدوير خطابها، وتجديد صياغته.

فمثل هذه الجماعات توظف الفضاء الإلكتروني كأداة للاتصال، بحسب نظرية التقارب الرمزي Symbolic Convergence theory، في نقل الأفكار والروايات، سواء كانت خاصة بها أو تلك المتعلقة بالأغيار، وبالتبعية تشكيل وعي الجماعة، وتدعيم الهوية المشتركة لأعضائها. 

(*) الفرضية الثانية: وهي تتعلق بالفوضى الافتراضية القائمة على السمات الذاتية للفضاء الإلكتروني، إذ إنه لا يخضع لذات الدرجة والأطر التنظيمية الخاصة بالإعلام التقليدي، فنحن إزاء مساحة لا متناهية من الأفكار تتسم بالتخمة المعلوماتية، وحرية طرح رؤى متباينة، سواء كانت معتدلة أو متطرفة، وذلك في ظل الافتقار إلى الضوابط والقيود السياسية والإعلامية، وعدم القدرة على تحديد هوية الفاعلين الحقيقية، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب التأكد من صحة ودقة المحتوى الإعلامي الذي يتم عرضه في الفضاء الإلكتروني، وبالتالي السماح لجماعات الكراهية بتحقيق أهدافها.

(*) الفرضية الثالثة: وهي تنصرف إلى معادلة الإدراك في مقابل الواقع، فالأمر الأهم بالنسبة لآليات غسيل المعلومات هو مدركات متلقي الرسالة الدعائية، فليس من المهم بالنسبة لجماعات الكراهية أن تنقل الواقع بشكل موضوعي إلى مخيلة المتلقي، ولكن الأولوية تكون لإعادة تشكيل مدركات الفرد حتى تصبح متماشيةً مع أهداف هذه الجماعات ورسالتها.

فالإدراك -بحسب آدم كلاين- يمكن أن يؤسس لحقائق بمرور الوقت، وذلك عبر التكرار والاستمرارية في استدعاء مفردات محددة بغية ترسيخ صور ذهنية لدى الفرد (قد لا يشعر الفرد أنها تحمل مدلولات كريهة) تصبح على المدى البعيد مناط حكمه، وتصوراته، ومواقفه.

أنماط غسيل المعلومات:

تشكل مقاربة "غسيل المعلومات" مقدمةً أوليةً لفهم ظاهرة الكراهية الإلكترونية في المنطقة العربية التي شهدت خلال السنوات الماضية، لا سيما بعد الثورات العربية، موجة هائلة من التطرف المجتمعي، والكراهية الواقعية، كان لها امتداداتها في الفضاء الإلكتروني بطبيعته الفوضوية، وقدرته على شرعنة –أو التنظيف الافتراضي- خطابات الكراهية من خلال نمطين أساسيين:

1- النمط الانطباعي: وهو يعتمد بشكل كبير على التجارب الشخصية الخاصة، والانطباعات العاطفية المرتبطة بالخبرات الحياتية المنتقاة، التي لا تحتاج بشكل كبير إلى محتوى معرفي متماسك، وهو ما يستلزم الاستدعاء المستمر لمجموعة من الصور السريعة الحركة، والموسيقى، والمؤثرات الصوتية، والتركيز على تجارب معينة تخدم الأهداف الضمنية لصانع الرسالة الإعلامية.

لقد كان لهذا النمط جاذبيته في سياق ما بعد الثورات العربية؛ إذ إن عددًا من حالات الكراهية التي نشأت بالمنطقة منذ ذلك الحين، كانت تتجنب التعبير المباشر عن بنيتها المعرفية، وفي المقابل تستخدم الأحداث اليومية، والأدوات الرمزية، والصور بشكل متحيز وجزئي (منها مثلا الاستخدام البراجماتي لصور ضحايا الحروب القائمة بالمنطقة)، يُتيح لها اختزال الواقع لصالحها، وتغيير مدركات الأفراد ليصبحوا أكثر تقبلا لخطاب الكراهية، والجماعات المعبرة عنه.

2- الروح التقنية والأكاديمية: يُولي هذا النمط أهمية كبيرة لقضية المصداقية الخاصة بخطاب الكراهية؛ حيث تحاول الكثير من جماعات الكراهية شرعنة خطابها بإضفاء صبغة علمية أكاديمية -أو ما يُطلق عليه الروح التقنية والأكاديمية academic and techno ethos- على هذا الخطاب. وفي هذا الإطار، يشير شين بورومان إلى أنه "عندما تتوافر الروح الأكاديمية في العمل، يصبح القارئ أكثر اقتناعًا بأن الكاتب عقلاني، وفرد ذكي منخرط في حوار صادق يتسم بالأمانة العلمية، وهو ما يقود القراء إلى الاعتقاد بأن الكاتب أخلاقي في بناء الحجج".

الاستناد إلى تلك المقولة يعني أن الكثير من مستخدمي الإنترنت اعتادوا إعطاء المصداقية لمواقع إلكترونية تتسم بعدد من المعايير، كالتصميم الفني، ودرجة الجاذبية والتطور، وعدد زوار الموقع. ومثل هذا الأمر، منح لجماعات الكراهية -بما في ذلك الموجودة بالمنطقة العربية- فرصةً أكبر لإعادة هندسة مفرداتها التقليدية، والتجلي بمظهر مغاير عبر إنفاق الأموال على تصميم مواقع أكثر احترافية، والمبالغة في استخدام مصطلحات من قبيل الخبير الاستراتيجي والأكاديمي والناشط السياسي.

محفزات الكراهية الإلكترونية:

ثمة علاقة تفاعلية بين ما يحدث في الفضاء الإلكتروني والواقع المجتمعي بالمنطقة العربية، وبقدر ما أثر الفضاء الإلكتروني في هذا الواقع، بقدر ما اكتسب منه مفردات الصراع والكراهية والطائفية. فالواقع انطوى على عددٍ من المحفزات المعززة للكراهية الإلكترونية، بقدراتها المشرعنة، وتمكنها من جذب الكثيرين في مجتمعات تشهد حالة من عدم التسامح، والشعور بالحرمان النسبي. وبوجه عام تمثلت محفزات الكراهية الإلكترونية فيما يلي:

1- إخفاق الثورات: فالثورات بطبيعتها حالة خيالية تندلع من تطلعات مثالية لتغيير الواقع، والاستعاضة عنه بحالة طوباوية خاصة. ولكن بمرور الوقت تتصادم هذه المخيلة مع واقع ما بعد الثورة المحتدم بالمنافسة والصراع، وتتقلص ثورة التطلعات المتولدة من رحم الثورة، ومن ثم تتزايد الإحباطات، وخاصة لدى الحركات التي بادرت بالثورة دون أن تجني ثمارها، أو تحقق طموحاتها.

حدث هذا الأمر في الثورات العربية، وعلى وجه الخصوص الأجيال الشابة التي كانت تطمح إلى مجتمع مختلف، ولكنها سرعان ما أُصيبت بالإحباط والعزلة. وفي هذا السياق الانعزالي والشعور بالاختلالات المجتمعية، يُمكن للفضاء الإلكتروني أن يضطلع بوظيفتين جوهريتين: فهو من جهة يوفر مساحة للهروب من الواقع بكل مشكلاته بما في ذلك الإعلام التقليدي الذي يُنظر إليه حينها على أنه جزء من المشكلة، ومن جهة أخرى يسمح استنادًا إلى نمط غسيل المعلومات الانطباعي بتحويل حالة الإحباط إلى حالة كراهية ضد من يُعتقد أنهم السبب في إفشال الثورات، سواء كانوا أنظمة حاكمة أو فلولا (بالمعنى المتعارف عليه بعد الثورات) أو فصيلا سياسيًّا ما.

2- الصراعات الطائفية: وبالرغم من أنها لم تكن نتاج الثورات العربية، إلا أن الثورات أعطتها دوافع جديدة تعزز من حدتها، لا سيما مع الحروب داخل سوريا واليمن، والتعاطي معها من منظور الصراع الطائفي بين الشيعة والسنة، فضلا عما أنتجته الثورات من مطالب طائفية (اشتركت فيها طوائف وديانات مختلفة) ظلت لعقود تتعرض لقمع الأنظمة الحاكمة. وكان من الطبيعى أن يمتد هذا الصراع الطائفي إلى الفضاء الإلكتروني الذي ظل يُنظر إليه على أنه جزء هام من المنافسة الزمانية والمكانية بين الطوائف المختلفة، فضلا عن استثمار هذا الفضاء في شرعنة روايات الكراهية الطائفية وتنظيفها افتراضيًّا، وإضفاء صبغة علمية وأخلاقية ودينية عليها تُخرجها من طور الروايات المُدانة إلى الروايات المقبولة بشكل غير واعٍ.

3- الاستقطاب الإلكتروني: ففي الاستقطاب السياسي الحادث في المنطقة العربية، تم التكريس لاستقطاب إلكتروني تجلى بشكل أساسي في ثنائية الديني والمدني، حيث ظهرت مواقع إلكترونية ومدونات ومواقع للتواصل الاجتماعي لها انتماءاتها الضيقة، لتدافع عن مصالح كل فصيل في مواجهة الفصائل الأخرى المنافسة، وأثناء هذا الدفاع تخلقت حالة من الكراهية تستند إلى تنزيه الذات، وتشويه صورة الأطراف الأخرى، ووصمهم بصفات سلبية.

وفي هذا الإطار، يشير مارك لينش إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي قامت بوظيفة مختلفة بعد الثورات العربية، حيث تحولت إلى ساحة للصراع الأيديولوجي غير العقلاني بين التيارين المدني والإسلامي، وذلك بالاستناد إلى ثنائيات وسرديات أخلاقية عن الشخص الجيد والشخص السيئ.

4- الاستغلال الإرهابي: إذ إن جزءًا لا يستهان به من الكراهية الإلكترونية في المنطقة العربية يرتبط ببزوغ التنظيمات الإرهابية، وتزايد اعتماد هذه التنظيمات على الفضاء الإلكتروني في تحقيق أهدافها التي تراوحت بين الترويج لأفكارها، وترهيب المجتمع، وتجنيد عناصر جديدة. 

فالكثير من التنظيمات الإرهابية في المرحلة الراهنة تعمل من خلال ما يُعرف بـالشراكة الافتراضية virtual partnership، حيث تظهر العناصر الراديكالية داخل الدول وتستقي أفكارها وتوجهاتها من التنظيمات الإرهابية (خاصة القاعدة وداعش)، وذلك بالاعتماد على المواد الفكرية، والتسجيلات الصوتية، والفيديوهات الخاصة بتلك التنظيمات، والمنتشرة على شبكة الإنترنت. وعبر هذا المسار، ينشأ نمط من التحالفات الأيديولوجية الافتراضية دون أن تكون هناك أي صلات تنظيمية رسمية في الواقع. 

وحتى في هذه الحالة كان لعملية التنظيف الافتراضي ديناميتها الخاصة، بدأت على استحياء مع بزوغ تنظيم داعش، حينما ظهرت بعض المواقع الإلكترونية (بما في ذلك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي) تحاول الدفاع عن التنظيم وعنفه، باعتباره نشأ كرد فعل على تعرض السنة في العراق لاضطهاد من جانب الشيعة، وتمت صياغة خطاب لا يستند فقط إلى الجانب العاطفي، ولكنه أيضًا يستحضر جانبًا معرفيًّا لدعم هذه الفكرة.

وفيما كان تنظيم داعش يسيطر على المزيد من الأراضي داخل العراق وسوريا، كان هذا الخطاب يبحث عن المزيد من النصوص والحجج التي تبرر ما يفعله التنظيم، وفي الوقت ذاته تقنع أفرادًا عاديين بأن ما يصنعه التنظيم أمر ضرورى وحتمي، لا ينتمي من قريب أو بعيد إلى منظومة الكراهية.

رؤية ختامية:

تبدو العلاقة بين واقع المجتمعات العربية والفضاء الإلكتروني علاقة متشابكة يصعب معها التحديد الدقيق لاتجاه العلاقة السببية بين المتغيرين. وبالرغم من ذلك، فالأمر المؤكد أن الفضاء الإلكتروني كان -ولا يزال- له دور فيما وقع بالمنطقة من صراعات وأزمات، لا سيما مع تشكل حالة الكراهية الإلكترونية، وما امتلكته من تأثيرات متعددة تبلورت في القدرة على شرعنة مفرداتها، وإمكانية الوصول إلى قطاعات واسعة أصبحت تعتمد على الفضاء الإلكتروني بشكل حصري في الحصول على المعلومات، علاوةً على تشويه مدركات هذه القطاعات، ودفعها في النهاية إلى الاحتشاد في مواجهة الخصوم.

وعلى الرغم من التعقيدات التي اكتسبتها حالة الكراهية الإلكترونية بالمنطقة بفعل عمليات التنظيف الافتراضي التي تعرضت لها طيلة السنوات الماضية، فإن احتمالات تراجع تلك الحالة ستظل مرتهنة بالتعامل مع مغذيات الكراهية بالمنطقة، وفي مقدمتها التهديدات الإرهابية، وأزمات دولة ما بعد الربيع العربي، وانكشاف عجز الأنظمة الحاكمة عن التأسيس لنموذج جديد للحكم يتجاوز عن أزمات الماضي، ويخلق إطارًا هوياتيًّا متماسكًا للتسامح والتعايش بين كافة المكونات المجتمعية، بما يستدعيه من ضرورة إحداث تغييرات في الصور الذهنية البغيضة التي تم تشييدها خلال العقود الماضية.