أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

الامارات اليوم:

عوامل عدة تفرض ميل العلاقات الأوروبية - التركية إلى التهدئة

17 أبريل، 2021


خرج اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في 25 مارس الفائت، بعدد من القرارات حول كيفية التعامل مع تركيا خلال الفترة المقبلة، وذلك بالاعتماد على نهج «المسار المزدوج» الذي تمت مناقشته في اجتماعات أكتوبر وديسمبر 2020، وانعكس في تقرير «وضع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين تركيا والاتحاد الأوروبي» الذي أعده نائب رئيس المفوضية الأوروبية، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، وتضمن ما يلي:

1أدوات عقابية


دعا الاتحاد تركيا إلى الامتناع عن تجديد الاستفزازات في شرق المتوسط، محذراً من أنه إذا اختارت أنقرة خلاف ذلك، فإن التكتل سيستخدم الأدوات والخيارات المتاحة له للحفاظ على مصالحه ومصالح أعضائه، والحفاظ على استقرار المنطقة، على أن يتم وضع أنقرة تحت «المجهر» الأوروبي حتى اجتماع القادة القادم في يونيو المقبل.

2حوافز اقتصادية

أشار القادة الأوروبيون إلى استعداد الاتحاد لتعميق التعاون الاقتصادي مع تركيا، وذلك من خلال زيادة التجارة البينية، ومناقشة تحديث الاتحاد الجمركي التركي (بدأ العمل به منذ عام 1995)، إضافة إلى التعاون في مجالات أخرى مثل الصحة العامة، وحرية انتقال الأفراد بين تركيا ودول الاتحاد، والمناخ ومكافحة الإرهاب.

3تعزيز التعاون في مجال الهجرة غير الشرعية

تم تكليف المفوضية الأوروبية بتقديم اقتراح بإطار مالي يسمح بعرض مستمر للمساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي للاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان، مع تكثيف التعاون في الحد من الهجرة غير الشرعية.

موقف أنقرة

كان لافتاً عدم صدور مواقف تركية حادة تجاه قرارات الاتحاد الأوروبي، على عكس ما كان يحدث في السنوات الأخيرة، في إشارة واضحة إلى تقبل الأولى الصيغة التي اعتمدها الاتحاد، وذلك في إطار السياسة الجديدة الرامية لتقليص حدة التوتر مع العالم الخارجي. ويُشار في هذا الصدد إلى أنه صدر بيان عن وزارة الخارجية التركية رداً على القرارات الأوروبية، ركّز على المحددات التالية:

1مهاجمة «خصوم تركيا» في الاتحاد

تمت الإشارة إلى أهمية عدم انصياع قادة الاتحاد الأوروبي إلى بعض الدول التي تتسم علاقاتها مع تركيا بالتوتر، وعلى رأسها فرنسا (لم يتم ذكر دول بعينها)، وهو ما انعكس في البيان الذي جاء فيه أن «العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي (الواردة في تقرير جوزيب بوريل) قد تم تناولها وصياغتها من خلال وجهة نظر أحادية الجانب، تأثراً بمزاعم ضيقة الأفق لعدد من الدول الأعضاء».

2التركيز على العلاقات الاستراتيجية

أكد البيان أهمية تطوير علاقات تركيا مع التكتل الأوروبي على أساس التعاون والمصالح المتبادلة، وذلك في ضوء العضوية الأوروبية، وتأمل أنقرة في أن لا يتسبب ربط خطوات الحد من التوتر وفتح قنوات حوار بالظروف الواردة ببيان القمة، أو تطرقها لمجالات معينة فقط، الأمر الذي يشير إلى أن تركيا ترفض تدخل الاتحاد في شؤونها الداخلية في ما يتعلق بمجالي حقوق الإنسان والديمقراطية، فضلاً عن انتقاد تواجدها في عدد من الملفات الإقليمية (سواء منطقة الشرق الأوسط، أو شرق المتوسط، أو القوقاز)، وهي رسالة تستهدف توجيه الاتحاد لعدم الاعتماد على تلك الملفات للفصل في شكل العلاقات بين الجانبين.

3مواصلة التدخلات الخارجية

أشار البيان إلى أن «أنقرة ستواصل جهودها الرامية لحل الأزمات الإقليمية مثل ليبيا وسورية وجنوب القوقاز»، ولفت في هذا الصدد إلى إمكانية التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مثل هذه الملفات، ما سيسهم في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، وهي مزاعم لا تتوافق مع المعطيات الموجودة على الأرض التي تشير إلى أن تدخلات أنقرة كانت سبباً رئيساً في تأجيج تلك الأزمات وعرقلة جهود تسويتها.

متغيرات عدة

في إطار تقييم ما سبق، يمكن الإشارة إلى أهم المتغيرات التي قد تحكم العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة، وذلك على النحو التالي:

1الدفع نحو التهدئة

يتضح من توجهات الاتحاد الأوروبي وتركيا سعيهما للتهدئة والاعتماد على نمط التعاون بدلاً من النزاع، وهو ما تمت الإشارة إليه في البيان التركي بـ«الأجندة الإيجابية»، والتي تتضمن التعاون في العديد من المجالات وليس الاقتصادية فحسب، وذلك لاعتبارات متعددة تتعلق بالعلاقات التاريخية بين الجانبين، وأهمية تركيا لاقتصادات دول الاتحاد، فضلاً عن اعتبارات استراتيجية ترتبط بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إضافة إلى كون أنقرة دولة صاعدة في مجالات النقل بأنواعه (بضائع - طاقة..) سواء عبر البر أو البحر، مما يعزز من سلاسل الإمداد لأوروبا، خصوصاً أن البديل هو ممارسة ضغوط من كلا الجانبين، لن تسفر، وفقاً لمزاعم اتجاهات في أنقرة، عن تغيير ملموس في سياسات تركيا.

2تقليص حدة التصعيد

يعكس بيان قمة قادة الاتحاد الأوروبي تلافيه بعض العبارات مثل كلمة «عقوبات»، حيث تم استخدام صيغة أخرى هي «الأدوات والخيارات المتاحة للحفاظ على مصالحه ومصالح أعضائه»، الأمر الذي يبرز اتجاه الطرفين إلى تخفيف نبرة التجاذب بينهما، بهدف تجنب حدوث تصعيد إعلامي واحتواء تبني أي خطابات شعبوية تؤثر في العلاقات بين تركيا والاتحاد، وذلك مع استثناء أي تصعيد في العلاقات الثنائية، خصوصاً مع فرنسا.

3عدم حسم الملفات الشائكة

خصوصاً النزاع مع قبرص واليونان، حيث يرجح أن تسعى أنقرة لإطالة فترة المفاوضات معهما بقدر الإمكان، دون التوصل لحلول نهائية لإنهاء النزاع في ما بينها، وفي هذا السياق يُشار إلى دعوة تركيا الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل دورها كشريك في بعض الملفات الإقليمية، الأمر الذي تأمل منه أنقرة غض الطرف الأوروبي عن تحركاتها في تلك الملفات، أو عدم ربطها بمستوى العلاقات بين الطرفين، وهو الذي سيؤدي بدوره لعدم حسم أي من تلك الملفات.

ويتوازى ذلك مع محاولة تغليب المصالح المتبادلة في بعض الملفات باعتبار أنها تمثل الحافز الرئيس لاستمرار العلاقات الإيجابية والحد من التوتر، وبالتالي لا يستبعد أن تتراجع أهمية الملفات الخلافية في قائمة أولويات علاقات الاتحاد وتركيا بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

4دعم أميركي

بالنظر إلى علاقات الولايات المتحدة وتركيا خلال الفترة الأخيرة، والإشارات الإيجابية بين الجانبين، منها اتصال بين وزيري دفاع البلدين، ولقاء وزيري خارجيتهما، والتشديد الأميركي على أهمية وجود تركيا في حلف الناتو، فإن ذلك سيكون له تأثير ملموس في العلاقات الأوروبية - التركية، خصوصاً أن واشنطن وبروكسل تسعيان لاستعادة تحالفهما التقليدي بعد تأثر العلاقات بينهما في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

مسار التهدئة

يكشف العديد من المؤشرات عن اعتماد الاتحاد الأوروبي وتركيا مسار التهدئة خلال الفترة المقبلة، وذلك من خلال تغليب لغة المصالح لمواجهة التحديات الناجمة عن التطورات العالمية، إلا أن ذلك يرتهن بمدى تقبل تركيا للشروط الأوروبية، واتجاه الشريك الأوروبي إلى غض الطرف عن بعض الملفات التي تتدخل فيها أنقرة، وذلك لتجاوز أي خلاف ينشأ بينهما، ولكن هذا لا يعني انتهاء التجاذب بين الطرفين في بعض الملفات، وإنما يعني أن مسار التهدئة سيضع سقفاً لأي تصعيد محتمل بينهما، خصوصاً مع وجود متغير جديد هو تعزيز مسارات الحركة الأميركية - الأوروبية تجاه بعض الملفات الحيوية، بما يدفع أنقرة لأن تصبح قريبة من ذلك الحلف بدلاً من معاداته.


المصدر : الامارات اليوم