أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

القمة والمشكلات العربية

03 أبريل، 2017


بدأت التحليلات لنتائج القمة العربية تنحو كالعادة منحى التعليلات القريبة، مثل القول إنها ما حلّت أيّ مشكلة بسبب الخلافات المستعصية، أو أنّ المقصود بها كان إرضاء هذا الطرف أو ذاك. ولا شيء أبعد عن الحقيقة من هذه التأويلات، فقد حمل كلُّ مسؤولٍ في البلدان الأربعة أو الخمسة ذات المشكلات القاسية رأيه ورأي السلطات التي يترأسها بالطبع، لكنّ البارز كان أنه ما من أحدٍ من المشاركين خالف المنطق الذي كان يسير عليه قبل القمة، فقبل القمة وبعدها ظلَّ الجميع يقولون بالحلول السياسية للمشكلات، مثل ما هو حاصل في سوريا وليبيا واليمن. وحتى في العراق ورد القول في مقررات القمة بضرورة المصالحة الوطنية خلال القضاء على «داعش» وبعده.

وإذا بدأْنا بليبيا، فهناك حل دولي وافقت عليه أطراف ليبية في اجتماعات الصخيرات بالمغرب، واتُّخذ بنتيجته قرارٌ دولي، فتشكل مجلسٌ رئاسي وحكومة توافق، لكن ذلك لم يحل المشكلة لأن مجلس النواب المنتخب لم يوافق على الحل، وحدث شبه انفصال للشرق الليبي الذي تقوم فيه حكومة، وفيه أكثر قوات الجيش الوطني التي استولت قبل مدة على الهلال النفطي. وإلى ذلك فإن حكومة الوفاق ومقرها طرابلس، خرجت عليها حكومة قديمة، كما اشتبكت ميليشيات متعددة بالعاصمة وما تزال. وهكذا فحتى في طرابلس ومناطق غرب ليبيا ليس هناك استقرار، ولا حكومة مسيطرة. لذلك تحدث مؤتمر القمة عن الحل السياسي التوافقي، الذي يحفظ وحدة ليبيا، ويُنهي الحروب الداخلية.

وفي المشكلة السورية المستعصية، كان الجميع ومنذ سنوات يدعون للحلّ السياسي، والذي قال به ووضع له خريطة مؤتمر جنيف-1 عام 2012، والقرار الدولي رقم 2254. إنّ هذا الحلَّ الذي يتضمن انتقالاً سياسياً، وقف في وجهه منذ البداية نظام الأسد، وإيران، ثم انضمت إليهما روسيا الاتحادية. ومنذ عام 2013 وحتى اليوم تدور المعارك والمفاوضات على هدفٍ وحيد هو نقض القرار الدولي، والإبقاء على النظام الذي هجَّر عشرة ملايين بالداخل والخارج وقتل نصف مليون. وزاد من صعوبة المسألة استيلاء «داعش» على مناطق بسوريا والعراق، وانصراف الدوليين إلى مكافحة «داعش» دونما تدخلٍ من النظام وإلى حدٍّ ما من إيران وروسيا. طالب العرب بالحل السياسي الذي ورد في مقررات جنيف، وفي القرار الدولي 2254. ومع أن المقررين وافق عليهما الجميع، فإن النظام وروسيا وإيران لا يقبلون إنفاذهما. وما يزال الحصار والتهجير جاريين في أنحاء شتى من سوريا. والواضح أنه لا حل إلا بالانتقال السياسي الذي يحفظ وحدة البلاد، ويعيد السوريين إلى بيوتهم التي تهدمت أو ما بقي منها.

وفي اليمن هناك حل وضعه مجلس الأمن في القرار 2216. وقد تدخلت دول الخليج وعلى رأسها السعودية لإنفاذه، لكن إيران -كما في سوريا والعراق- تتدخل بكثافة وتدعم أطراف الانقلاب على الشرعية. ورغم ذلك فإنّ دول الخليج ما تحدثت عن الغَلَبة، بل عن الحل السياسي. ولذلك فإنّ هذا الحلّ يمكن أن يحصل في عام 2017 بعد أن أهلك الحوثيون وصالح الناس تحت وطأة الحصار والقتل!

لقد اقترن ذكر تدخلات إيران و«حزب الله» الإرهابي عدة مرات في مقررات القمة، لكنْ جرى تحييد لبنان فلم تُدن القمة إرهاب «حزب الله» فيه واستيلاءه على مؤسسات الدولة، وتدخله في سوريا، بل أثنت على انتخاب لبنان رئيساً، وتشكيله لحكومة وحدة وطنية. وتضامنت القمة معه في تحرير أرضه، وفي مساعدته لمواجهة ضخامة اللجوء السوري.

لكنّ اللافت كان إقبال رئيس لبنان الجديد قبل القمة على تأكيد الحاجة لميليشيات الحزب، وترحيبه بالتدخل في سوريا لمكافحة الإرهاب. وقد دعا العربَ إلى الحوار لحلّ الخلافات، وعرض وساطته في ذلك. بينما المعروف عنه خلال كفاحه لربع قرن ليكون رئيساً للجمهورية، أنه كان دائماً ضد الحوار الوطني، وضد التوافق على حلولٍ سياسية للأزمات. والمعروف أنّ مجلس الأمن وفي مواجهة إخلال الرئيس بالقرارات الدولية، دعاه أخيراً لاستعادة الحوار الوطني من أجل حل مشكلة السلاح غير الشرعي، وبالطبع لن يستجيب الرئيس لذلك ما دام يؤيد السلاح غير الشرعي أو يعتبره شرعياً!

*نقلا عن صحيفة الاتحاد