أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (خمسة سيناريوهات للتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران)
  • مهاب عادل يكتب: (رسائل الإصلاح: كيف انعكست أزمات الشرق الأوسط في الدورة الـ79 للأمم المتحدة؟)
  • د. هايدي عصمت كارس تكتب: (بين العزلة والانقسام: دوافع تفضيل أوروبا هاريس على العودة المحتملة لترامب)
  • مركز "المستقبل" يُشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (قوة صاعدة: فرص الإمارات في سباق الذكاء الاصطناعي)

الطرف الثالث:

حدود تأثير أحزاب الظل في انتخابات الرئاسة الأمريكية

24 سبتمبر، 2024


يعتمد النظام الانتخابي الأمريكي الحالي بشكل أساسي على أساس وجود حزبيْن رئيسييْن: الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي؛ إذ يمثل الحزبان التياران الرئيسيان في الحياة السياسية الأمريكية؛ وهو ما يترتب عليه تدفق غالبية التبرعات المالية لصالح أحد الحزبين، بالإضافة إلى اعتبار الحزبين بمثابة القنوات الأساسية للعمل السياسي. وقد أصبح هذا الأمر بمثابة عرف سياسي أمريكي، وذلك رغم عدم وجود مانع قانوني يحول دون وجود أو منافسة أحزاب أخرى أو حتى مستقلين لمرشحي الحزبين. 

مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024؛ أدّى تزايد الاستياء من النظام الثنائي إلى اهتمام مُتزايد بمرشحي الأحزاب الثالثة والمستقلين. ورغم أن هؤلاء المرشحين لم يفوزوا من قبل في انتخابات رئاسية، فإن لديهم تأثيراً في النقاشات السياسية، ونتائج الانتخابات، والمناقشات المُستقبلية حول السياسات. 

مرشحو التيار الثالث:

فيما يلي أهم المرشحين المستقلين في الانتخابات الأمريكية 2024: 

1. روبرت ف. كينيدي الابن (مُستقل): هو أحد أفراد عائلة كينيدي السياسية الشهيرة، بدأ حملته كمنافس لترشيح الحزب الديمقراطي ضد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن. ومع ذلك، نظراً لاختلافاته مع توجهات الحزب وتركيزه على قضايا مثل: الصحة البيئية، والنشاط المعادي للشركات، والتشكيك في التدخل الحكومي، قرر الترشح كمرشح مُستقل. رغم تعليق حملته وتأييده للمرشح الجمهوري والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لا يزال كينيدي مُدرجاً على بطاقات الاقتراع في عدّة ولايات، مثل ويسكونسن. 

2. كورنيل ويست (مُستقل/حزب الوحدة): هو أكاديمي شهير ومُدافع عن العدالة الاجتماعية، يترشح كمُستقل في انتخابات 2024، ومُدرج على بطاقة الاقتراع في نيوجيرسي تحت حزب الوحدة. تركز منصته على العدالة العرقية والاقتصادية، ومناهضة الحكم المرتبط بالشركات، وإنهاء التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج. يجذب ويست الناخبين التقدميين الذين يشعرون بالضيق جراء سياسات الحزب الديمقراطي الوسطية. من الإنجازات الكبيرة التي حققها ويست هو إدراجه على بطاقات الاقتراع في جميع الولايات الخمسين، بإجمالي 501 صوت انتخابي؛ مما يمنحه منصة وطنية واسعة غير معتادة لمرشحي الأحزاب المستقلة. وفقاً لاستطلاع أجرته شركة Statistica في 26 أغسطس 2024، رأى 18% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 عاماً أنه المرشح المفضل لديهم، بينما كان لدى 29% منهم نظرة سلبية تجاهه.

3. جيل ستاين (حزب الخضر): هي طبيبة ومرشحة قديمة لحزب الخضر. تُعيد الترشح في انتخابات 2024 بعد ترشحها في انتخابات 2016. تركز منصتها على البيئة، والعدالة الاجتماعية، والرعاية الصحية الشاملة، وتتبنى موقفاً مُعادياً للشركات؛ مما يجذب الناخبين الذين يعتقدون أن أياً من الحزبين الرئيسيين لا يعالج تغير المناخ بشكل كافٍ. بدءاً من 27 أغسطس، كانت ستاين تترشح في 26 ولاية، بما في ذلك ولايات رئيسية مثل: تكساس وفلوريدا وكاليفورنيا. كان لستاين تأثير في الانتخابات السابقة، ولاسيما في 2016، عندما حصلت على أكثر من 31 ألف صوت في ولاية ويسكونسن، وهي ولاية فاز بها ترامب بفارق أقل من 23 ألف صوت.

4. تشيس أوليفر (حزب الليبرتاريين): هو مرشح حزب الليبرتاريين لعام 2024، ويمثل منصة تدعو إلى دور محدود للحكومة المحدودة، وإلغاء التنظيمات الاقتصادية، وتدعيم الحرية الشخصية. يركز أوليفر على خفض الضرائب، وخصخصة الخدمات العامة، وإلغاء تجريم المخدرات. كما يسير على خطى المرشحين الليبرتاريين السابقين مثل: غاري جونسون وجو جورجنسن، معبراً عن القيم الأساسية للحزب المتعلقة بالحرية الشخصية، والحكومة المحدودة، والسياسة الخارجية غير التدخلية.

تحديات ماثلة:

يواجه المرشحون من الأحزاب الثالثة والمستقلين عقبات كبيرة تقف أمام تحقيقهم نجاحات ملموسة في الانتخابات الرئاسية لثلاثة أسباب رئيسية:

1. جهود الأحزاب الكبرى لاستيعاب تأثير الأحزاب الثالثة: في النظام السياسي الأمريكي؛ يسعى الحزبان الديمقراطي والجمهوري عادةً إلى استيعاب أو استقطاب المرشحين المستقلين وحركات ما يسمّى بـ"التيار الثالث". وتساعد هذه الاستراتيجية على الحد مما يسمّونه "تأثير المفسد spoiler effect"، الذي قد يُقسّم قاعدة الناخبين ويُضعف فرصهم في الفوز بالانتخابات. ويحرص كلا الحزبين على توحيد الدعم وغالباً ما يسعى كل منهما لاستقطاب المرشحين من الأحزاب الثالثة الذين يتشابهون في المعتقدات الأيديولوجية لدمجهم في منصتهم الأوسع.

فعلى سبيل المثال، حالة روبرت ف. كينيدي الابن، الذي بدأ كمرشح ديمقراطي قبل أن يطلق حملة مُستقلة، ولاقى برنامجه الانتخابي، الذي انتقد فيه تدخل الحكومة وتأثير الشركات، استحسان الناخبين عبر الطيف السياسي؛ مما شكل تهديداً مُحتملاً لكلا الحزبين الرئيسيين. ومع ذلك، كان يُنظر إلى حملته على أنها ستحصل على الأصوات من الديمقراطيين أكثر من الجمهوريين؛ نظراً لانتمائه الأولي إلى الحزب. إدراكاً لهذا، قامت حملة دونالد ترامب بمحاولات لاستقطاب كينيدي الابن تحت مظلة الجمهوريين؛ مما أدى في النهاية إلى حصول ترامب على تأييد كينيدي. وقد ساعدت هذه الخطوة على تحييد كينيدي كتهديد لقاعدة الناخبين الجمهوريين وجذبت الديمقراطيين الذين انجذبوا إلى خطابه المعادي للمؤسسة؛ مما وسع من جاذبية ترامب.

2. دور الإعلام في دعم أو إضعاف مُرشحي الأحزاب الثالثة: في انتخابات الرئاسة لعام 2024، لجأ مرشحو الأحزاب الثالثة والمستقلون بشكل مُتزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة ميل وسائل الإعلام الرئيسية إلى تهميشهم. وتوفر وسائل التواصل الاجتماعي لهؤلاء المرشحين وسيلة مُباشرة للتواصل مع جمهورهم، وتوسيع نفوذهم، ولاسيما بين الناخبين الشباب والغاضبين؛ مُتجاوزةً الحواجز التقليدية للإعلام. 

ومن بين المرشحين الرئيسيين من الأحزاب الثالثة: كورنيل ويست، وجيل ستاين، وهما الأكثر نجاحاً في بناء قاعدة جماهيرية قوية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أدرك كلاهما إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لتضخيم منصاتهم وتجاوز التركيز الإعلامي الرئيسي على الحزبين الرئيسيين.

ويتصدر كورنيل ويست من حيث الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يمتلك 823 ألف مُتابع على فيسبوك، ومليون مُتابع على إكس (تويتر سابقاً)؛ ما أتاح له حضوراً كبيراً على إكس ومُتزايداً على تيك توك؛ حيث لديه 22300 متابع؛ وهو ما ممكنه من التواصل مع المستخدمين الشباب المشاركين سياسياً. واستغل ويست هذه المنصات بفعالية للترويج لبرنامجه التقدمي والتفاعل مع جمهور يتجاوز نطاق وسائل الإعلام الرئيسية.

كما حققت جيل ستاين حضوراً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ تمتلك 527 ألف مُتابع على فيسبوك و367200 متابع على إكس. وتركز ستاين على القضايا البيئية والعدالة الاجتماعية؛ مما يلقى صدى لدى التقدميين والمهتمين بتغير المناخ. ويمتلك حسابها على تيك توك 65 ألف مُتابع؛ مما يُظهر قدرتها على التكيف مع المنصات الجديدة والتواصل مع الناخبين الشباب. ورغم أن عدد متابعيها أقل قليلاً من ويست؛ فإن تاريخها السياسي القوي وقاعدتها الموالية يجعلانها قوة يُحسب لها حساب على وسائل التواصل الاجتماعي. ويمتلك حزب الخضر نفسه 102500 متابع على إكس و161 ألف على فيسبوك.

في المقابل، يتأخر تشيس أوليفر عن ويست وستاين من حيث التأثير في وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يمتلك 12 ألف متابع على فيسبوك، و27100 متابع على إكس. ومع ذلك، يعوّض حزب الليبرتاريين الذي يمثله أوليفر عن ذلك ببصمة أكبر؛ حيث يمتلك 697 ألف متابع على فيسبوك و368700 على إكس. وعلى تيك توك، حصل الحزب على 430900 إعجاب؛ مما يُشير إلى وجود قوي في مجال التفاعل الرقمي، حتى وإن لم يتطابق عدد مُتابعي أوليفر الشخصي مع نظرائه.

3. صعوبات التمويل: أحد أكبر العوائق التي تواجه المرشحين المستقلين والأحزاب الثالثة في النظام السياسي الأمريكي هو تأمين التمويل الكافي لحملاتهم. على عكس الحزبين الرئيسيين - الديمقراطي والجمهوري - اللذيْن يستفيدان من شبكات مانحين راسخة، ودعم الشركات، والوصول إلى لجان العمل السياسي (PACs)؛ إذ يواجه مرشحو الأحزاب الثالثة صعوبة في جمع الأموال اللازمة لإدارة حملات تنافسية. ويؤثر هذا النقص في التمويل في كل شيء؛ بدءاً من بنية الحملة والإعلانات وصولاً إلى التواصل مع الناخبين وتحفيزهم؛ مما يحد بشدة من قدرتهم على تحقيق تقدم على المستوى الوطني.

وقد اعتمدت جيل ستاين منذ فترة طويلة على التبرعات الشعبية والأموال العامة المطابقة لتمويل حملاتها. فغالباً ما تردع مواقف حزب الخضر المعادية للشركات المانحين الكبار من الشركات؛ مما يترك الحزب معتمداً على التبرعات الصغيرة من الناخبين المدافعين عن البيئة والنشطاء التقدميين. ففي عام 2016، تمكنت حملة ستاين من تأمين الأموال العامة المطابقة؛ مما ساعد على تعزيز وجودها في ولايات رئيسية. وفي انتخابات 2024، أصبحت ستاين ثاني مرشح يحصل على تمويل عام، وهو مصدر دعم حاسم للحملات الأصغر مثل حملتها. ويتيح التمويل العام للمرشحين المؤهلين الحصول على أموال حكومية مُقابل كل دولار يجمعونه، ولكن ذلك يأتي مع قيود، بما في ذلك سقوف إنفاق صارمة تجعل من الصعب التنافس مع خزائن الحزبين الرئيسيين.

ورغم ذلك؛ فإن قدرة ستاين على جمع أموال كبيرة في حملاتها السابقة تُظهر مرونة حزب الخضر في جذب المؤيدين الملتزمين. ومع ذلك، لا يزال الحزب يواجه صعوبات عندما يتعلق الأمر بجمع الأموال على نطاق واسع للوصول إلى عدد أكبر من الناخبين. ورغم أن برنامج ستاين يروق لفئة معينة من الناخبين؛ فإن اعتماد حزب الخضر على التبرعات الشعبية يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين؛ إذ إن هذه التبرعات غالباً ما تكون أقل بكثير مقارنة بالموارد المتاحة لمرشحي الحزبين الرئيسيين.

ويواجه كورنيل ويست تحديات مالية أشد حدة؛ إذ بصفته وافداً جديداً على السباق الرئاسي، لا يمتلك ويست شبكة تمويل واسعة مثل المرشحين من الأحزاب الأكثر رسوخاً. وكافحت حملته لجمع أموال كبيرة؛ مما قيد قدرته على بناء بنية تحتية قوية للحملة. ومثل ستاين، اعتمد ويست على التبرعات الشعبية، ولكن وضعه المستقل والقاعدة الصغيرة لحزب الوحدة يضيفان عقبة أخرى عندما يتعلق الأمر بتأمين الموارد اللازمة لإدارة حملة وطنية.

وعلاوة على ذلك، يجعل برنامج ويست - الذي يركّز على العدالة العرقية، والإصلاح الاقتصادي، ومعاداة الشركات - من الصعب جذب التبرعات الكبيرة من الشركات. ويضعه هذا في موقف مشابه لستاين؛ إذ يعتمد على التبرعات الفردية الصغيرة من الناخبين التقدميين الذين يدعمون رسالته. ومع ذلك، ومن دون نفس مستوى الشهرة والبنية التنظيمية مثل ستاين أو حتى بعض مرشحي الأحزاب الثالثة الآخرين، يواجه ويست معركة شاقة في جمع الأموال اللازمة للتنافس بفعالية في سباق 2024.

ومن ناحية أخرى، يستفيد تشيس أوليفر، مرشح حزب الليبرتاريين لعام 2024، من بنية حزبية أكثر رسوخاً عندما يتعلق الأمر بجمع الأموال، ولكن الحزب الليبرتاري لا يزال يواجه صعوبة في التنافس مع القوة المالية للحزبين الرئيسيين. ويميل حزب الليبرتاريين إلى جذب التبرعات من الأفراد الأثرياء الذين يتماشون مع منصته التي تدعو إلى الحكومة المحدودة والحرية الشخصية. على عكس حزب الخضر أو حزب الوحدة، كان الليبرتاريون أكثر نجاحاً تاريخياً في جذب التبرعات الكبيرة من الناخبين المحافظين مالياً الذين يدعمون مواقفهم المؤيدة للأعمال التجارية.

ومع ذلك، لا يزال حزب الليبرتاريين يواجه تحديات في توسيع نطاق جمع الأموال للتنافس مع الديمقراطيين والجمهوريين. ورغم أن الحزب يستفيد من قاعدة دعم ثابتة، بما في ذلك التبرعات من أفراد في قطاعي التكنولوجيا والمالية؛ فإن هذه المُساهمات غالباً ما تكون غير كافية لإدارة حملة وطنية تنافسية كاملة. وتعتمد استراتيجية جمع الأموال اللامركزية لحزب الليبرتاريين - المشابهة لحزب الخضر - على الجهود الشعبية؛ مما يحد من قدرته على الاستثمار بشكل كبير في الإعلانات والجهود التوعوية في جميع الولايات. 

تأثير طويل الأمد:

على المدى الطويل، تُسهم الأحزاب مثل: حزب الليبرتاريين، وحزب الخضر، وحزب فوروارد، وحزب الوحدة في الدفع باتجاه الإصلاحات الانتخابية، مثل: التصويت حسب التفضيل المرتب والانتخابات التمهيدية المفتوحة. وقد توفر هذه الإصلاحات للناخبين مزيداً من المرونة، وتقلل من الخوف من "إضاعة" أصواتهم على مرشحين غير رئيسيين. وفيما يلي يمكن استعراض الآتي:

1. حزب الليبرتاريين: يمتلك حزب الليبرتاريين أكبر إمكانات طويلة الأجل بين حركات الأحزاب الثالثة. فقدرته على الوصول إلى بطاقات الاقتراع في جميع الولايات الخمسين تمنحه ميزة هيكلية كبيرة على الأحزاب الثالثة الأخرى. هذا الانتشار الواسع يسمح للحزب بالمشاركة في كل دورة انتخابية؛ مما يعزز رؤيته وبنية انتخابية راسخة. وتجذب منصة الحزب الليبرتارية - التي تدعو إلى التدخل الحكومي المحدود، والحريات الشخصية، والحرية الاقتصادية - مجموعة متنوعة من الناخبين، بما في ذلك الجمهوريين المحافظين مالياً والديمقراطيين الليبراليين اجتماعياً. هذه المرونة الأيديولوجية الواسعة تجعله بديلاً طويل الأجل قابلاً للتطبيق للحزبين الرئيسيين.

وفيما يتعلق بالأداء، أظهر حزب الليبرتاريين نمواً ثابتاً. ففي عام 2016، حصل غاري جونسون على ما يقرب من 4.5 مليون صوت، وهو إنجاز كبير لمرشح من الأحزاب الثالثة. ويحقق الحزب أداءً جيداً باستمرار عبر الانتخابات، رغم أنه لم يتمكن بعد من تحويل هذا النجاح إلى تأثير تشريعي ملموس.

2. حزب الخضر: يُعد حزب الخضر، الذي تأسس في عام 1984، قوة تقدمية مهمة، مع منصة تركّز على البيئة، والعدالة الاجتماعية، والاشتراكية الديمقراطية. واقتراحه الرئيسي، "الصفقة الخضراء"؛ إذ يدعو إلى التحول إلى الطاقة المتجددة لمواجهة كل من التدهور البيئي وعدم المساواة الاقتصادية. ومع ذلك، يعاني الحزب من صعوبة في الوصول إلى بطاقات الاقتراع؛ مما يجعله يواجه صعوبة في بناء وجود وطني. رغم ذلك، كان لحزب الخضر لحظات تأثير كبيرة، ولاسيما في عام 2000 مع رالف نادر، وفي عام 2016 مع جيل ستاين، التي حصلت على عدد كافٍ من الأصوات في الولايات المتأرجحة للتأثير في نتيجة الانتخابات.

ويجذب حزب الخضر بشكل أساسي التقدميين، المدافعين عن البيئة، ونشطاء العدالة الاجتماعية، لكن اقتراحاته الراديكالية بشأن الإصلاحات الاقتصادية والبيئية يمكن أن تنفر المعتدلين والناخبين الوسطيين. ولزيادة قابليته للتنافس، يجب على حزب الخضر توسيع منصته وجاذبيته خارج قاعدته الأساسية، على أن الحزب قد يحتاج إلى مزيد من الجهد لتحقيق وصول كامل إلى بطاقات الاقتراع، وإبراز الفوائد الاقتصادية للاقتصاد الأخضر لتوسيع قاعدته الشعبية. 

3. حزب فوروارد: تأسس حزب فوروارد على يد أندرو يانغ، ويقدم نهجاً جديداً للسياسة الأمريكية، داعياً إلى إصلاحات انتخابية مثل: التصويت حسب التفضيل المرتب والانتخابات التمهيدية المفتوحة. وتم تصميم هذه الإصلاحات لتقليل الاستقطاب السياسي ومنح المرشحين المعتدلين والمستقلين فرصة أكبر في الانتخابات. ويشمل برنامج يانغ أيضاً الترويج للدخل الأساسي العالمي (UBI)، الذي يهدف إلى معالجة الاضطراب الاقتصادي الناجم عن الأتمتة والذكاء الاصطناعي، والعمل المناخي، مع استثمارات في تقنيات الطاقة النظيفة.

ورغم حداثة حزب فوروارد؛ فإن تركيزه على الإصلاحات النظامية وكسر الحواجز في النظام السياسي الحالي قد لاقى استحساناً لدى الناخبين الذين سئموا الجمود الحزبي. ومع ذلك، لم يبن الحزب بعد حضوراً انتخابياً قوياً خارج نطاق العلامة التجارية الشخصية لأندرو يانغ، كما أن افتقاره إلى الاعتراف الوطني والوصول إلى بطاقات الاقتراع يحد من تأثيره الفوري؛ ومن ثم فهو يحتاج إلى توسيع الحضور الانتخابي عبر زيادة المرشحين في الانتخابات المحلية، وتوسيع نطاق برنامجه ليشمل قضايا أخرى مثل الرعاية الصحية. 

4. حزب الوحدة: يتخذ حزب الوحدة نهجاً وسطياً؛ إذ يؤكد المسؤولية المالية، والحزبية المشتركة، وإصلاح الرعاية الصحية. فعلى عكس حزبي الخضر أو الليبرتاريين، اللذين يتخذان مواقف أكثر تطرفاً، يسعى حزب الوحدة إلى توحيد الناخبين الذين سئموا من التطرف الحزبي. ومع ذلك، يعاني حزب الوحدة من صعوبة الوصول إلى بطاقات الاقتراع والتعرف الوطني؛ مما يجعل من الصعب عليه التنافس في السباقات الكبرى. ويركز حزب الوحدة على الانتخابات المحلية ويهدف إلى بناء حضوره ببطء.

في الختام، يمكن القول إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 تشكل لحظة حاسمة لمرشحي الأحزاب الثالثة والمستقلين، مع شخصيات مثل: كورنيل ويست، وجيل ستاين، وتشيس أوليفر؛ إذ تقدم وجهات نظر جديدة تتحدى هيمنة النظام الحزبي الثنائي. ورغم أن هؤلاء المرشحين يواجهون عقبات هائلة مثل: الوصول المحدود إلى بطاقات الاقتراع، والتغطية الإعلامية، والتمويل؛ فإن منصاتهم تتزايد شعبيتها بين الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من الوضع السياسي الراهن.