أخبار المركز
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (تأملات حول فشل جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية)
  • محمد محمود السيد يكتب: (آليات التصعيد: خيارات إسرائيل إزاء معادلات الردع الجديدة مع إيران)
  • شريف هريدي يكتب: (الرد المنضبط: حسابات الهجمات الإيرانية "المباشرة" على إسرائيل)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)

دوافع مختلفة:

احتمالات ارتفاع تمثيل المرأة في المناصب الاقتصادية بالمنطقة

15 أغسطس، 2017


تشير التقييمات الدولية إلى أن الفجوة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط تقلصت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت المرأة أكثر تأثيرًا في الحياة السياسية والاقتصادية، وباتت تشارك بصفة أكبر في المجالس التمثيلية وتقلد المناصب وملكية الشركات والحصول على الأراضي وغيرها من الأنشطة. 

 وقد بدأ دور المرأة يتزايد، لا سيما فيما يتعلق بشغل مناصب إدارية، وذلك لاعتبارات عديدة، منها الإصلاحات التشريعية والسياسية التي أجرتها بعض الحكومات في المنطقة، إضافة إلى تصاعد اتجاه المرأة لممارسة بعض الأعمال الحرة، ورغبة تلك الحكومات في تحسين صورتها الدولية.

 وقد تزايد الجدل حول هذه القضية في دول عديدة بالمنطقة خلال الفترة الأخيرة، على غرار إيران التي قدمت نماذج متباينة في هذا السياق، حيث تم تعيين أول امرأة في منصب رئيس مؤسسة الطيران المدني الإيرانية، في 11 يوليو 2017، في الوقت الذي استبعدت فيه النساء من تولي حقائب وزارية في التشكيلة الحكومية الجديدة التي قدمها الرئيس حسن روحاني إلى البرلمان لنيل الثقة في 8 أغسطس الحالي.

مؤشرات عديدة:

في السنوات الماضية، واجهت المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عوائق عديدة أمام مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية، وتمثلت إما في ضعف البيئة التشريعية المساندة لها، أو في وجود أنماط ثقافية غير مؤيدة لتعزيز دورها. 

لكن حاليًا، تشير التقييمات الدولية إلى أن الفجوة بين الجنسين بمنطقة الشرق الأوسط تقلصت بوتيرة سريعة في السنوات الماضية، بعدما أتيحت للمرأة فرص أكبر في المجالات الأساسية مثل التعليم والصحة والوظائف العامة والخاصة، وهو ما تكشف عنه المؤشرات التالية: 

1- دور متزايد: تكشف التقارير الدولية أن تمثيل المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط في ارتفاع مستمر، حيث لديها حاليًا إمكانية المشاركة في العديد من الأنشطة الرئيسية. 

ووفق تقرير الفجوة بين الجنسين 2016 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد بلغ التقارب في الفرص بين الجنسين في  منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من 60%، وهى نسبة متقدمة عن السنوات الماضية. ومع ذلك، لا تزال المنطقة تحتل المرتبة الأخيرة عالميًا على المؤشر العام، خلف منطقة جنوب آسيا. وفي الوقت نفسه، فإن تقييم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس متجانسًا في المؤشر العام، حيث يوجد تباين لكنه طفيف بين الدول في تمثيل المرأة في الحياة العامة السياسية والاقتصادية.

تقييم بعض دول المنطقة في مؤشر الفجوة بين الجنسين 2016


Source: The Global Gender Gap Report 2016, World Economic Forum.

2- الوصول للتعليم: يشير البنك الدولي إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل قريبة من تحقيق المساواة في مجال التعليم بالنسبة للجنسين مقارنة مع الدول متدنية ومتوسطة الدخل الأخرى حول العالم. وعلى الرغم من التباين الإقليمي في المساواة في مجال التعليم، فإن الجنسين يملكان مستويات متقاربة نوعًا ما في المؤهلات العلمية، وهناك شبه تكافؤ في المرحلتين الابتدائية والثانوية بفجوة تبلغ 2% و3% على التوالي، بينما تزداد إلى 7% في مرحلة التعليم العالي.

3- فرص العمل: تصل نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة بمنطقة الشرق الأوسط إلى 27%، وهى نسبة تبدو منخفضة مقارنة بالمعدل العالمي الذي يبلغ أكثر من 50%، لكن تجدر الإشارة أيضًا إلى أن مشاركة المرأة في القوى العاملة على مدى العقدين الماضيين كانت تصل إلى 21% عام 1990.

وتشير اتجاهات عديدة إلى أن الفوائد المحتملة من دعم مشاركة النساء في القوى العاملة عديدة. وعلى سبيل المثال، إذا كانت مشاركة المرأة في أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساوية لنسبة الرجال، فسيضيف ذلك، حسب بعض التقديرات، نحو 600 مليار دولار إلى النواتج المحلية لاقتصادات المنطقة. 

عوامل مختلفة:

ربما يمكن تفسير تصاعد ظاهرة تقلد المرأة العديد من المناصب العامة والخاصة في المجال الاقتصادي، وعلى الأخص في قطاع البنوك، في ضوء عوامل عديدة، يمكن تناولها على النحو التالي:

1- إصلاحات عديدة: في السنوات الماضية، أصبحت الحكومات في المنطقة الشرق الأوسط أكثر انفتاحًا على تقديم الدعم لتمثيل المرأة سياسيًا من خلال طرح العديد من الإصلاحات التشريعية أو السياسية، وهو ما أتاح فرصًا لتعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة بالمنطقة. وبصفة عملية، أصبحت المرأة أكثر تمثيلاً في تشكيل الحكومات بمنطقة الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال حصلت المرأة في الحكومة التونسية التي شكلت في أغسطس 2016 على 4 حقائب وزارية من أصل 25 حقيبة. 

2- تحسين الصورة: لجأت بعض الحكومات في المنطقة إلى تعزيز فرص تولي المرأة بعض المناصب العامة من أجل تحسين صورتها العالمية في مجالات دعم حقوق المرأة فضلا عن تجنب الانتقادات الدولية في هذا السياق. وقد انعكس ذلك في قيام الحكومة الإيرانية بتعيين فرزانه شرفبافي رئيسًا لشركة الطيران الإيرانية الرسمية لتكون أول إمرأة تتقلد هذا المنصب منذ تأسيس الشركة عام 1944، وذلك في الوقت الذي تتواصل الفجوة بين الرجل والمرأة في تقلد المناصب العامة في إيران منذ فترة طويلة، والتي بدت جلية في غياب النساء عن التشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس حسن روحاني إلى البرلمان، في 8 أغسطس 2017. 

 ورغم أن روحاني حاول تقليص تداعيات ذلك من خلال تعيين شخصيات نسائية في منصب نائب الرئيس، إلا أن ذلك لا ينفي أن ثمة عقبات عديدة تحول دون تفعيل المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة الإيرانية. 

3- رائدات الأعمال: رغم أن حصة النساء في كافة دول المنطقة من مجموع العاملين في مشروعات تجارية خاصة لا تزال صغيرة، إلا أن مشاركة المرأة في الأعمال والأنشطة التجارية بشكل عام سجلت نموًا كبيرًا أكثر من أي وقت مضى. وقد شجع ذلك تعاون الحكومات الإقليمية مع الهيئات الدولية لتطوير برامج دعم المرأة في مجال ريادة الأعمال ومساعدتها على تأسيس مشروعاتها التجارية.

ملكية المرأة للأعمال في منطقة الشرق الأوسط (%) 


المصدر: منظمة العمل الدولية، المرأة في قطاع الأعمال والإدارة 2016.

4- اتجاه متزايد: لا زالت النساء المديرات التنفيذيات المسئولات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأقل تمثيلاً على الصعيد العالمي، حيث تبلغ نسبتهن 13% من مجموع المسئولين مقابل نسبة عالمية تبلغ 21%. ومع ذلك، فإن تقلد المرأة أيضًا المناصب الاقتصادية العامة والخاصة يتزايد على غرار الاتجاه العالمي في هذا الصدد، ولا سيما مع اتساع نطاق قبول الحكومات لقيام المرأة بهذا الدور، حيث تتولى المرأة العديد من المناصب الإدارية العليا في بعض دول المنطقة، مثل القطاع المصرفي وغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى. 

وختامًا، يمكن القول إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية باتت أكبر من أى وقت مضى، وهو ما قد يسمح لها مستقبلاً بتقلد مزيد من المناصب العامة في المجال الاقتصادي تحديدًا وتوسيع نطاق دورها كرائدات أعمال أيضًا.