أخبار المركز
  • إصدارات جديدة لمركز "المستقبل" في معرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الفترة من 6-17 نوفمبر 2024
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

استمرار الاستقطاب:

أبعاد الأزمة السياسية في إسرائيل وتداعياتها الإقليمية

08 يونيو، 2023

استمرار الاستقطاب:

استضاف مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، الأستاذ سعيد عكاشة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يوم الأربعاء الموافق 17 مايو 2023، للحديث عن تطورات الأزمة السياسية في إسرائيل، على خلفية قوانين الإصلاح القضائي التي تحاول الحكومة الإسرائيلية تمريرها، وتداعيات تلك الأزمة وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط.

تفكيك الأزمة

في بداية الحلقة، تطرّق سعيد عكاشة إلى تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تولّت مقاليد الحكم في أواخر ديسمبر 2022؛ فهي حكومة ائتلافية (كما جرت العادة في كافة الحكومات الإسرائيلية منذ عام 1948) تتكوّن من قوى اليمين العلماني (مُمثلة في حزب الليكود) واليمين الديني (مُمثلة في باقي أحزاب الائتلاف).

ينتمي حزب الليكود إلى تيار الصهيونية التصحيحية (الذي ظهر على يد زئيف جابوتنسكي في عشرينيات القرن الماضي)، وهو تيار امتلك أفكاراً يمينية متطرفة، من أشهرها ما أطلق عليه "الجدار الحديدي"، والمقصود به السعي إلى ممارسة واستعراض القوة لمنع العرب من التدخل في المشروع الصهيوني. أمّا تيار الصهيونية الدينية، والذي تنتمي إليه بعض أحزاب الائتلاف، فهو يدافع بالأساس عن أفكار دينية، ولكن في إطار الأيديولوجية الصهيونية.

يشير عكاشة إلى أن جوهر الأزمة السياسية الحالية في إسرائيل هو وجود بنيامين نتنياهو في منصب رئاسة الوزراء، بسبب حالة العداء التي تناصبها له تيارات المعارضة، وتحديداً اليسار، وهو ما أدى إلى عقد خمسة انتخابات تشريعية في أقل من أربع سنوات. والدليل هو أن النقاش حول الإصلاح القضائي في إسرائيل ليس وليد الشهور الأخيرة، ولكنه بدأ منذ ما يقرب من عشر سنوات. وغالباً ما يتجدد النقاش حول إصلاحات قضائية ضرورية كل فترة.

ويؤكد عكاشة أن هناك تيارات سياسية في إسرائيل تحاول استغلال الأزمة الراهنة، لإعادة موضعة نفسها داخل الساحة مرة أخرى، بعدما توارت عن الأنظار وتراجعت أسهمها السياسية. وتحديداً اليسار الإسرائيلي، والذي يعاني من حالة هزيمة في إسرائيل منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، حيث تمتلك أحزاب اليسار أربعة مقاعد فقط في الكنيست الحالي، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الكنيست القادم ربما يكون بلا أي مقاعد لليسار.

ويرى عكاشة أن نتنياهو استطاع – إلى الآن - إدارة الأزمة السياسية بشكل جيد، حيث حال دون إسقاط حكومته كما كانت تسعى المعارضة، ودفع بمشروع الإصلاح القضائي لتقوية موقفه التفاوضي مع المعارضة واليسار الإسرائيلي. ويذهب عكاشة إلى أن اختفاء نتنياهو من المشهد السياسي لن يخدم اليسار أو تيارات المعارضة، بل من المتوقع أن يُدعِّم موقف قوى اليمين أكثر، فقد تسبّب وجود نتنياهو في إحداث خلافات بين الليكود وباقي أحزاب اليمين العلماني (مثل حزب "إسرائيل بيتنا")، والتي انتقلت بدورها إلى صفوف المعارضة. لذا بعد تواري نتنياهو عن رئاسة الليكود، ربما تتحد أحزاب اليمين العلماني مُجدداً وتصبح أكثر قوة.

تداعيات داخلية وإقليمية

يرى عكاشة أن حالة الاستقطاب السياسي التي تعاني منها إسرائيل ستستمر طالما ظلّ بنيامين نتنياهو في منصبه، ومع ذلك فما زال نتنياهو قادراً على مواجهة هذا الاستقطاب، وما زال يمتلك حكومة قوية بـ64 مقعداً في الكنيست، وربما ينجح في نهاية الأمر في تمرير قوانين الإصلاح القضائي، دون تقديم تنازلات كبيرة.

ويشير عكاشة إلى أن هناك عنصرين فارقين في تثبيت وتقوية مكانة نتنياهو، الأول هو ثقة الشارع الإسرائيلي في اليمين فيما يتعلق بالشؤون العسكرية والأمنية، ونتنياهو يملك رصيداً من الثقة لدى الجمهور في هذا الصدد، ولا عجب أن مؤشرات استطلاع الرأي الخاصة بنتنياهو قد تحسّنت في أعقاب عملية "السهم والدرع" في قطاع غزة.

العنصر الثاني يتعلق بالاقتصاد، حيث ما زالت إسرائيل تتمتع باقتصاد قوي، وكافة المؤشرات التي تربط بين تمرير قوانين الإصلاح القضائي وتراجع الاقتصاد الإسرائيلي، ما زالت في طور التوقعات. ولكن العنصر الذي قد يؤثر فعلاً في الاقتصاد الإسرائيلي، وقد يُضعِف موقف نتنياهو، هو انضمام شركات "الهاي تك" – بقوة - إلى صفوف معارضة نتنياهو.

وعلى الصعيد الإقليمي، فلا شك أن نتنياهو سيسعى إلى الاستمرار في تحسين علاقته مع دول اتفاقات أبراهام، خاصةً أن هذه الاتفاقات صارت أهم عناصر إرثه السياسي. وفيما يخص الملف الإيراني، فأغلب الظن أن نتنياهو لن يُقدِم على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، لأسباب فنية تتعلق بصعوبة توجيه ضربات ناجعة للترسانة النووية الإيرانية، المنتشرة تحت الأرض في أكثر من موقع، ولأسباب تتعلق برفض النخبة العسكرية الحالية الإقدام على هذه الخطوة، خاصةً في ظل استمرار معارضة واشنطن لها. لذلك من المُرجح أن تستمر الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على تنفيذ عمليات تخريبية تجاه البرنامج النووي الإيراني، بغرض إضعافه وتأجيل حصول طهران على سلاح نووي.