أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ملفات ضاغطة:

الأبعاد السياسية لتعديل المناهج الدراسية في دول الإقليم

17 أكتوبر، 2016


شهدت المناهج الدراسية في عدد من دول الإقليم، وخاصة في العامين الأخيرين، تعديلات جزئية أو تغييرات كلية، بالحذف أو الإضافة، في مواد بعينها، مثل التربية الدينية، واللغة العربية، والتربية الوطنية، والتاريخ، بحيث تحولت إلى "ملف ضاغط" على أجندة الحكومات، لأنها ترتبط بعدة محددات، ومنها محاربة نزعات التطرف والإرهاب، وتجاوز التوجهات الأيديولوجية لنظم الحكم السابقة، وحظر الدعاية للتيارات والحركات السياسية، ومنع الترويج للمذاهب الدينية، وإضفاء صبغة دينية على المقررات التعليمية، وعدم الاعتراف بمناهج ونتائج الشهادات التعليمية في مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية، وتزايد التدخلات الأجنبية في الشئون الثقافية والتربوية الداخلية، وفقدان الهوية الذاتية لطالبي اللجوء في دول الجوار، وإبراز الخصومة الشخصية بين الدول العربية والقوى الإقليمية، وتقليص حدة المواجهة بين الدول العربية وإسرائيل.

وقد جاءت الموجة الأولى لتسييس تعديل أو تغيير المقررات التعليمية في دول الإقليم في أعقاب الضغوط التي تعرضت لها بعض الدول العربية لمراجعة مقررات التعليم لكافة المراحل الدراسية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 تحت دعاوى تحريضها على الإرهاب، خاصة في علوم الدين والشريعة والتربية الوطنية. 

وبدأت الموجة الثانية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، حيث تم تغيير المقررات التعليمية التي كانت سائدة خلال فترة حكم صدام حسين على مدى ربع قرن. ثم جاءت الموجة الثالثة بعد توابع الحراك الثوري عام 2011 لتشمل دول الإقليم بشكل واسع.

ورغم أنه لم يتم الاطلاع على المقررات التعليمية التي تعرضت للتغيير في هذه الدولة أو تلك، إذ يستوجب ذلك قدرات مؤسسية وجهودًا أكاديمية تتجاوز الأدوار الفردية للباحثين والخبراء؛ فإنه تم الاطلاع على عدة وسائل إعلامية ومعرفية، وتصريحات رسمية معبرة عن توجهات الحكومات في الإقليم، لسد نقص "الاطلاع المباشر" على محتوى تلك المناهج. وهنا، يمكن القول إن هناك تعددًا في الأبعاد السياسية الدافعة لإجراء تعديلات في مناهج التعليم في دول الشرق الأوسط، في سياق الموجة الثالثة، وذلك على النحو التالي:

تأويلات مغلوطة:

1- محاربة نزعات التطرف والإرهاب: احتوت بعض أجزاء مناهج التعليم على كلمات أو فقرات قد تكرس للتطرف والغلو الديني. وفي هذا السياق، ساد توجه لحذف "الفتوحات الإسلامية" من كتب التاريخ المقررة في عدد من الدول العربية.

وهنا، فإن المشكلة لا تكمن في سرد أحداث أو التركيز على شخصيات تاريخية، وإنما تكمن في بعض الكلمات أو الفقرات التي يمكن أن تحض على العنف. ومن هذا المنطلق، شهدت المناهج المصرية تعديلات في العامين الأخيرين، إذ تم حذف درس القائد صلاح الدين الأيوبي محرر القدس المقرر على طلاب الصف الخامس الابتدائي. كما تم حذف ستة فصول من قصة عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي.

وقد كان الهدف من هذا التعديل تنقيح المناهج من الإشارات المختلفة للتحريض على العنف والتطرف. وفي هذا السياق، عبرت وزارة التربية والتعليم، في 20 مارس 2015، عن هذه الرؤية، ببيان رسمي جاء فيه: "إن القرار جاء بناء على توصية من اللجنة المشكلة من مركز تطوير المناهج، والمكلفة بإجراء جميع المراجعات لكتب اللغة العربية من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي بهدف تنقيحها من الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أى توجهات سياسية أو دينية أو أى مفاهيم يمكن أن تُستغل بشكل سيئ".

كما أخضعت وزارة التربية الوطنية المغربية مناهج ومقررات التربية الإسلامية في المدارس المغربية لـ"المراجعة الشاملة"، بالشراكة مع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، حيث تم حذف سورة "الفتح" واستبدالها بسورة "الحشر"، لا سيما في ظل وجود تخوفات من تأثير التيارات الدينية المتطرفة وتوظيفها السيئ لمناهج التعليم، خاصة أن هذه التيارات إما معادية للإسلام أو جاهلة بمقاصده. 

وقد جاء ذلك تفعيلا لتوجيهات الملك محمد السادس، في فبراير 2016، بضرورة مراجعة مناهج تدريس التربية الدينية وفق القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي، الداعية إلى الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات، بحسب البيان الرسمي الذي قدم رؤية استراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية والبحث العلمي خلال الفترة (2015 - 2030)، لا سيما بعد تفكيك أجهزة الأمن لعشرات الخلايا الجهادية، وانضمام عدد من المغاربة إلى التنظيمات الإرهابية.

وينطبق الأمر نفسه على مقاربة الأردن لتغيير مناهج التعليم، فوفقًا لنائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم محمد ذنيبات في تصريحات صحفية مختلفة، فإن تغييرات المناهج الدراسية هي جزء من استراتيجية الدولة لمحاربة التطرف في المجتمع. فقد ظهر الفكر المتطرف داخل المجتمع الأردني -وخاصة في صفوف الشباب- بسبب تأثرهم بالصراعات الإقليمية وانتشار التنظيمات الإرهابية. كما أصدر وزير التربية والتعليم العالي الكويتي بدر العيسى، في 13 يوليو 2016، قرارًا باعتماد المناهج الوطنية التي تركز على التسامح واحترام الآخر ونبذ التطرف.

خصام الماضي: 

2- تجاوز التوجهات الأيديولوجية لنظم الحكم السابقة: تحرص النظم الجديدة على تغيير المناهج الدراسية التي تُحدث خصامًا مع العهود السياسية البائدة، وهو ما ينطبق على مناهج التعليم الليبية بعد انهيار نظام معمر القذافي، بدءًا من الصف الأول الابتدائي مرورًا بالصف الثالث الإعدادي وانتهاء بالمرحلة الجامعية، حيث تغيرت غالبية المناهج بعد ثورة فبراير 2011 وخاصة مقولات "الكتاب الأخضر".

فقد خلت المناهج الدراسية من التوجهات الأيديولوجية التي روجت لحقبة القذافي، لا سيما مادتي "المجتمع الجماهيري" و"الوعي السياسي" المقررتين على طلبة المرحلة الجامعية. وقد تكرر ذلك التوجه في كتب التاريخ التونسي بعد قيام ثورة "الياسمين" في يناير 2011، إذ قامت وزارة التربية بعد سقوط نظام بن علي بحذف كل النصوص المتعلقة بنظام 7 نوفمبر 1987 بعد عزل الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة لأسباب صحية.

3- حظر الدعاية للتيارات والحركات السياسية: وهو ما أعلنته وزارة التربية والتعليم المصرية في عام 2013 بأنه تم تنقية المناهج من الإضافات التي أدخلتها جماعة الإخوان المسلمين بعد وصول ممثلهم إلى الحكم في منتصف يونيو 2012، إذ تضمن مقرر التربية الوطنية للثانوية العامة صورًا لرموز إخوانية أو متحالفة معها. وقد بلغ الأمر حد طباعة إشارة رابعة على كتاب علم النفس لطلاب المرحلة الثانوية التي تحمل علامة الأصابع الصفراء التي يرفعها الإخوان، نظرًا لأن الكتب كانت تطبع في دور نشر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، على نحو ما أشار إليه وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمود أبو النصر بعد ثورة 30 يونيو.

4- منع الترويج للمذاهب الدينية: اتجهت بعض دول الإقليم إلى تنقية مناهج التعليم التي يمكن أن تساعد طائفة معينة على التأثير فيها، لا سيما مع افتتاح مراكز ثقافية تخدمهم، على نحو ينطبق على المركز الثقافي الإيراني في السودان في عام 1988 في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي.

فقد ألغت وزارة التربية والتعليم العام السودانية، في 3 نوفمبر 2014، تدريس مواد كانت تروج للمذهب والفكر الشيعي في كتاب المطالعة والأدب للصفين الثاني والثالث الثانوي. وجاءت هذه الخطوة بعد قرار وزارة الخارجية السودانية، في 31 أغسطس 2014، بإغلاق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم.

5- إضفاء صبغة طائفية على المقررات التعليمية: وهو ما برز جليًّا في الحالة اليمنية بعد سيطرة جماعة الحوثيين على محافظات عدة، لا سيما بعد صدور تصريحات حديثة عن قيادات حوثية بضرورة إجراء تغييرات في المناهج الدراسية، سوف تحمل أبعادًا طائفية.

فقد أشار رئيس اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين في لقاء مع قيادات وزارة التربية والتعليم، في سبتمبر 2015، إلى أن "المناهج الحالية تم فرضها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن مؤامرة تستهدف الهوية اليمنية الإسلامية"، وأضاف أن "هذه المناهج قد سببت تراجعًا ملموسًا في الواقع التعليمي انعكس على مخرجات التعليم وقدرات الأجيال وارتباطها بهويتها ومجتمعها وقضاياها المصيرية".

وهنا يُمكن فهم تحذير نائب وزير التربية والتعليم اليمني الدكتور عبدالله سالم لملس، في 21 أغسطس 2016، من مغبة إقدام الحوثيين على تعديل المناهج الدراسية، أو تغيير أجزاء منها، حيث أشار إلى أن قيادة الوزارة الشرعية وجّهت مركز البحوث التربوية بالاطلاع على كل الكتب الدراسية، وفي حالة وجود تعديل على صفحات هذه الكتب سيتم توقيف أي كتاب، وعدم تدريسه في المناطق المحررة، وأن الوزارة اتخذت قرارًا قبل أربعة أشهر بأن تعتمد الكتب المدرسية التي طبعت في عام 2014، وعدم اعتماد أي طبعات لاحقة، لا سيما في ظل محاولات الحوثيين تشكيل لجان سرية لإدخال تعديلات في مناهج الصفوف الأربعة الأولى من المرحلة التأسيسية، خاصة أن الأطفال هم الشريحة التي تتقبل أفكارًا يتم تلقينها لهم في تلك المرحلة.

عسكرة الطائفية:

وتستند تخوفات الحكومة الشرعية من لجوء جماعة الحوثيين إلى تسييس المناهج الدراسية إلى الخبرات السابقة لتلك الجماعة؛ حيث غيرت المناهج المقررة على طلاب المدارس في صعدة (معقلهم)، لتتحول تلك المدارس من مهمتها التعليمية والتثقيفية إلى أبنية لتجنيد الأطفال في أتون الصراع الداخلي المسلح، والعمل على دمج أفكارها داخل المدرسة عبر مدرسين من أتباعها، والتضييق على المدرسين الذين ينحدرون من المحافظات والمناطق اليمنية ذات المذهب السني لترك مدارس صعدة أو اعتقالهم ونفيهم.

بل إن الأكثر من ذلك، هو أن يخرج المعلمون في اليمن عن سياق المناهج الدراسية المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم ويعملوا على استغلال الحصص الدراسية لتعليم الطلاب مبادئ الحوثيين، ويتوازى مع ذلك توزيع الحوثيين "ملازم" حسين بدر الدين الحوثي، وهي أدبيات دينية سياسية طائفية ألفها مؤسس الجماعة، ويتم توزيعها على الطلاب في المدارس لقراءتها، ويعد من أبرزها ملزمتا "خطورة المرحلة" و"مسئولية آل البيت".

تقويض داعش:

6- عدم الاعتراف بمناهج ونتائج الشهادات الدراسية في مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية: وهو ما ينطبق على الطلبة العراقيين الذين خسروا عامهم الدراسي الثاني في مناطق سيطرة "داعش"، ولم يستطع هؤلاء النزوح إما لضعف إمكاناتهم المالية أو لمنعهم من المغادرة، إذ لا تعترف وزارة التربية العراقية بالمدارس الخاضعة لتنظيم "داعش"، لأن كوادر التنظيم غيروا المناهج وألغوا بعضها، ما دفع الوزارة إلى إصدار قرار يقضي بعدم الاعتراف بتلك المدارس ولا بالشهادات الصادرة عنها في مختلف المراحل الدراسية وخاصة في مناطق الصراع في الموصل والأنبار.

وفي الوقت الذي تشير فيه بعض وسائل الإعلام العراقية إلى أن "داعش" ألغى عددًا من المواد الدراسية، مثل اللغة الإنجليزية والجغرافيا والتاريخ والعلوم، فإن وسائل إعلامية أخرى تذهب إلى نفي تلك الأنباء، وتشير إلى أن التنظيم أو بالأحرى "ديوان التعليم" فيه تعمد تغيير بعض المناهج التي أدرجتها وزارة التربية خاصة المواد التي تتوافق مع المذهب الشيعي، وألغى التنظيم هذه المواد باعتبار أن منطقته "سنية"، وأضاف حصة تربية جهادية للطلاب الذكور. 

7- تزايد التدخلات الأجنبية في الشئون الثقافية الداخلية: تصاعدت أزمة تعليمية في الجزائر، في مارس 2016، بعد تسريب وثيقة تضم أسماء خبراء فرنسيين يشرفون على تعديلات المناهج الدراسية، في العلوم الإنسانية والطبيعية، وليس فقط اللغة الفرنسية أو الرياضيات، وتطالب بتدريس اللغة الأمازيغية، وتقترح تقديم تعليم اللغة الفرنسية إلى الصف الثاني من التعليم، وتقليل الساعات المخصصة للتربية الإسلامية.

وقد قاد ذلك إلى تصاعد الخلافات بين الحكومة من جانب والأحزاب السياسية والقوى الإسلامية وبعض التنظيمات المدنية من جانب آخر على خلفية الاعتراض على مشاريع الإصلاح التربوي التي تقودها الوزيرة نويرة بن غبريت، أو ما يطلق عليه "إصلاحات الجيل الثاني"، وهو ما ساهم في معاودة طرح أزمة الهوية داخل المجتمع الجزائري على النقاش العام، لا سيما أن قطاعًا منه ينظر لفرنسا على أنها دولة استعمار، فضلا عن التخوفات التي تطرحها بعض التحليلات من اندلاع فتنة طائفية وجهوية عند وضع الدارسين في شعبة الآداب في المرحلة الجامعية أمام خيارين بين التربية الإسلامية واللغة الأمازيغية كمادتين أساسيتين من مواد الهوية الوطنية، وهو ما تنفيه الحكومة الجزائرية. 

وفي هذا السياق، انتقد رئيس الوزراء عبدالملك سلال، في سبتمبر 2016، المزايدات السياسية المرتبطة بإصلاح نظام التعليم، قائلا: "إن المدرسة ليست مجالا للمزايدة والمناورة السياسية، وثوابت الأمة هي أساس المدرسة الجزائرية"، وطالب بإطلاق نقاش بناء حول الأداء التربوي بهدف تحسينه وإيصال المعرفة، لأنه "حان الوقت للمرور إلى الجيل الثاني للتعلم من دون المساس بثوابت الأمة، بدلا من الرجوع إلى هذا النقاش البيزنطي حول لغة التدريس والدين الإسلامي والأمازيغية".

ذوبان الهوية:

8- فقدان الهوية الذاتية لطالبي اللجوء لدول الجوار الجغرافي: وينطبق ذلك بشكل واضح على اللاجئين السوريين الدارسين في المدارس التركية، إذ بدأت تتضح ملامح مشروع تقوم به مؤسسات الدولة لترسيخه في عقول السوريين، بحيث تبدو السيطرة التركية واضحة في جميع المدارس السورية المقامة على أراضيها، وأبرزها فرض 5 ساعات أسبوعية لتعليم اللغة التركية من الصف الأول، وإلغاء اللغة الإنجليزية، ومنع تعليق خريطة سوريا التي تضم لواء الإسكندرونة. 

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كايناك، في أكتوبر 2016: "سندرس الطلاب السوريين اللاجئين مناهجنا، سنعطيهم دروسًا في التاريخ والقيم، لأن المناهج السورية كانت مبنية على أساس العداء للدولة العثمانية والتركية منذ زمن حافظ الأسد الأب، فالخرائط الرسمية التي يعتمدونها لا تزال تظهر ولاية هاتاي داخل حدود سوريا"، وأضاف: "ما يثير الدهشة أكثر أن الحزام الذي يريد حزب العمال الكردستاني وجناحه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي إنشاؤه في شمال سوريا، يتم نقشه في أذهان الأطفال السوريين منذ سنين، وعلينا أن نغير هذه المفاهيم".

حواجز نفسية: 

9- إبراز الخصومة السياسية بين الدول العربية والقوى الإقليمية: وهو ما تشير إليه العلاقة العدائية بين نظام الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي وصلت إلى المساس بمنهج التاريخ المقرر على طلاب سوريا المقيمين في مناطق سيطرة قوات الجيش النظامي، حيث أشار الموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم السورية، في 7 أغسطس 2016، إلى إدخال تعديلات في العام الدراسي 2016-2017، في عبارات كتاب التاريخ للصف الثامن، لتصويب الأخطاء، ويشمل استخدام مصطلح "الاستيلاء" على القسطنطينية بدلا من "فتح" القسطنطينية، وتغيير اسم محمد الفاتح، سابع السلاطين العثمانيين، إلى محمد الثاني. 

10- تخفيف حدة المواجهات بين الدول العربية وإسرائيل: وهو ما ينطبق على التغييرات التي طرأت على مناهج التعليم في الأردن، خلال عام 2016، ومنها إلغاء بطولات قومية مثل حذف قصة الطيار الأردني فراس العجلوني وبطولته العسكرية، فضلا عن حذف الكثير من الآيات في مقرر التربية الإسلامية التي يمكن تأويلها من جانب بعض التيارات "الداعشية" على أنها تدعو إلى قتال اليهود.

وقد دفع ذلك بعض التيارات الإسلامية واليسارية في عدة مدن أردنية إلى رفع شعارات "نعم للتطوير.. لا للتطبيع"، فيما اعتبرتها قطاعات مجتمعية أردنية "نوعًا من الحرب على الإسلام" واعتبرها اتجاه ثالث تنازلا لمصالح مادية لأن التغيير في المناهج تزامن مع التوقيع على اتفاقية الغاز مع إسرائيل، وهو ما ردت عليه الحكومة الأردنية في مؤتمر صحفي، في 5 أكتوبر 2016، بأن "التعديلات المدرسية لم تمس العقيدة الإسلامية أو القضية الفلسطينية"، وأن "أي جهة أجنبية لم تتدخل في قضية تعديل المناهج الدراسية".

خلاصة القول، إن الموجة الراهنة لتغيير أو تعديل المناهج الدراسية، سواء من جانب الدول أو من قبل التنظيمات الإرهابية، سوف تقود إلى إثارة التوترات الداخلية بين الحكومات والتيارات الإسلامية المعارضة، وكذلك بين التيارات السلفية والقوى المدنية في الدول المستقرة، فضلا عن أنها قد تساهم في الترويج لأفكار الميلشيات المسلحة المسيطرة على مناطق جغرافية محددة، وترسيخ مقررات تعليم داعمة للجهاد في بؤر خاضعة لتنظيمات الإرهاب، مع التخفيف والتكثيف من جرعة العداء الأزلي والحديث بين دول عربية وقوى إقليمية.