أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

إكسبو المستدام:

كيف يُحدث المعرض طفرة عالمية في الطاقة المتجددة؟

13 أكتوبر، 2021


شهدت السنوات الماضية تصاعداً في الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، ففي عام 2020 وحده، زادت الاستثمارات العالمية في هذا القطاع بمعدل 9% مقارنة بعام 2019، لتبلغ نحو 502 مليار دولار وفقاً لبيانات وكالة بلومبيرغ. وبرغم ظروف كورونا، تم استثمار نحو 303 مليارات دولار في مشروعات الطاقة الشمسية، ونحو 50 مليار دولار في طاقة الرياح، ونحو 139 مليار دولار في المركبات الكهربائية.

ويأتي نمو الاستثمار في الطاقة المتجددة على هذا النحو، تتمة للعقد الممتد بين عامي 2010 و2019، حيث بلغ الاستثمار العالمي في هذا القطاع نحو 2.6 تريليون دولار، وفق تقرير الاتجاهات العالمية للاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2019. وقد أدى ذلك لتضاعف قدرة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة عالمياً (باستثناء محطات الطاقة المائية الكبيرة) أربع مرات تقريباً، من خلال زيادتها من 414 غيغاوات إلى 1,650 غيغاوات على مدار العقد.

ومنذ سنوات تعتبر مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة أحد محاور اهتمام دولة الإمارات، ومن الآليات المحورية المعتمدة ضمن استراتيجياتها الهادفة للاستدامة، ما جعلها تساهم بفاعلية في الجهود العالمية للاعتماد على أحدث الابتكارات لتمكين الطاقة المتجددة، ومعالجة مظاهر التغير المناخي. كما أنها تؤدي دوراً رئيسياً في دعم أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة للعام 2030. ويأتي اهتمام معرض إكسبو 2020 دبي، ضمن الاهتمام الإماراتي بتلك القضايا الحيوية، وكجزء لا يتجزأ من الرؤية الإماراتية الشاملة.

الطاقة الشمسية في إكسبو

منذ وضع أجندته، يسعى إكسبو 2020 دبي ليكون أكثر معارض إكسبو الدولية استدامة على الإطلاق؛ ولإدراك هذا الهدف، فبجانب اهتمامه باستكشاف فرص التنمية الشاملة والمستدامة، والتحرك نحو الاقتصاد القائم على الابتكار في الدول المشاركة، فإنه يعطي الطاقة النظيفة وحلولها أولوية كبيرة في أجندته، كما أنه حرص منذ البداية على الاعتماد على الطاقة النظيفة، لتأمين مصادر الطاقة المستخدمة في إنشاء مبانيه ومرافقه، فضلاً عن أجنحة الدول والشركات والأجنحة المتخصصة. 

وفي هذا الإطار خصصت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، بوصفها شريك الطاقة المستدامة الرسمي لإكسبو 2020 دبي، نحو 4.3 مليار درهم لتزويد المعرض بالكهرباء والمياه، لتزويد المعرض بالطاقة، باستخدام الأنظمة الذكية، ومن خلال مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يمد مرافق المعرض بنحو 464 ميغاوات من الكهرباء. 

وبجانب ذلك، تعد الطاقة المتجددة مصدراً أساسياً للطاقة في جناح الاستدامة "تيرا"، الذي يعد أحد أهم ملامح إكسبو 2020 دبي، ويغطيه نحو 4,912 لوحاً شمسياً، ضمن "مظلة تيرا"، البالغ عرضها 130 متراً، وبمساحة إجمالية تبلغ 12,000 متراً مربعاً؛ كما أنه محاط بأشجار الطاقة، البالغ عددها 18 شجرة. وتساهم هذه المصادر مجتمعة في إنتاج 4 غيغاواط/ساعة من الطاقة سنوياً.

ولا يقتصر الأمر على المرافق العامة لإكسبو، بل يمتد الاستخدام المكثف لمصادر الطاقة المتجددة كذلك إلى أجنحة الدول المشاركة، التي اجتهدت كل منها في الاستعانة بكل ما هو جديد في مجال الاعتماد على الطاقة النظيفة، كأحد الآليات والأساليب التي من خلالها تقوم هذه الدول بالترويج لقدراتها ومنتجاتها في هذا القطاع، عبر إطلاع العالم كافة على ما توصلت إليه من ابتكارات وتكنولوجيات جديدة. 

هذا الأمر يجعل جميع المباني والمرافق وأجنحة الدول الموجودة في مقر إكسبو تعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة في تأمين أكثر من 50% من احتياجاتها من الكهرباء، طوال فترة المعرض الممتدة لستة أشهر، كما أنها تساعد على تزويد المرافق والأبنية المتبقية بعد انتهاء المعرض، بنسبة أعلى من حاجاتها من الطاقة، مع الأخذ في الاعتبار أن المرافق التي ستبقى بعد انتهاء المعرض تمثل نحو 80% من المرافق والأبنية القائمة الآن.

الهيدروجين الأخضر في إكسبو

يعتبر الهيدروجين الأخضر من مصادر الطاقة المعتمدة في إكسبو 2020 دبي، حيث يحتضن المعرض منشأة هيدروجين خضراء تعمل بالطاقة الشمسية على نطاق صناعي، كأول منشأة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي ثمرة تعاون بين هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) وشركة سيمنز للطاقة، والذي يمثل جزءاً من جهود الدولة للوصول إلى "حياد الكربون". 

وبجانب الأهمية الكبيرة لاستخدام الهيدروجين الأخضر في إكسبو دبي، فإن المعرض يعزز الجهود العالمية في إطار التحول لاستخدام هذا الخيار النظيف لتوليد الكهرباء، ويُبرز أهمية التعاون الدولي في ذلك، لاسيما أن هذا الخيار يظل أمامه الكثير من التحديات لكي يتحول لمصدر معتمد للطاقة على نطاق واسع عالمياً. فبرغم أن هناك ما يصل إلى 320 مشروعاً تجريبياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أجزاء مختلفة من العالم الآن، لكن مازال العالم لم يتمكن بعد من خفض تكلفة توليد الكهرباء من خلاله، وتشير التقديرات إلى أن تكلفة الطاقة التي ينتجها الهيدروجين الأخضر حالياً تتراوح بين 3 دولارات و6.5 دولار للكيلوجرام الواحد.

وبالتالي فإن اهتمام إكسبو 2020 دبي بالهيدروجين الأخضر، وإبرازه كخيار للطاقة النظيفة، وإدراجه ضمن فعاليات المعرض المتعلقة بالمناخ والطاقة النظيفة والاستدامة، ستحفز الجهود العالمية الساعية إلى تمكينه، وتخفيض تكلفة استخدامه، كما أن ذلك سيحفز التنافس العالمي في تطوير التكنولوجيا المرتبطة به، من أجل أن يكون منافساً للوقود الأحفوري الذي تصل تكلفة توليد الكمية نفسها من الطاقة من خلاله ما يتراوح بين ثلث وسدس تكلفة تولديها من خلال الهيدروجين الأخضر.

شراكة عالمية في الطاقة النظيفة 

بشكل عام، فالاستخدام المكثف للطاقة المتجددة في معرض إكسبو 2020 دبي، وقبل أن يكون جزءاً من محاور الاهتمام والتركيز الرئيسي للمعرض، الذي يتخذ من الاستدامة موضوعاً أساسياً ضمن موضوعاته، فهو جزء لا يتجزأ من الرؤية الشاملة وطويلة الأمد لدولة الإمارات، التي تستضيف المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، والتي تضم في عضويتها أكثر من 170 دولة، بما يجعل منها منصة للتعاون الدولي في تطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة وفي التمويل وتنسيق السياسات وبناء القدرات.

وبشكل عام، ولأن إكسبو 2020 دبي يعتبر أضخم حدث دولي يقام منذ بداية جائحة كورونا حتى الآن، فضلاً عن كونه الحدث العالمي الأهم على الإطلاق الذي يقام في منطقة الشرق الأوسط، فإن هذا يجعله منصة لطرح الحلول المبتكرة، ودعم السياسات العالمية في مجال الطاقة المتجددة، وتنسيق الجهود الدولية في تمكين تلك المصادر، وتعظيم الاستفادة منها، لاسيما في الدول الفقيرة. فضلاً عن كل ذلك، فإن إكسبو له دور حيوي في نشر الوعي العالمي بأهمية ودور الطاقة المتجددة، كأحد الخيارات التنموية، بجانب دورها في تعزيز الجهود العالمية المرتبطة بالتغير المناخي، لاسيما في ظل عدد الزوار الكبير المتوقع أن يتدفق إلى الحدث من جميع أنحاء العالم، والمقدر بنحو 25 مليون زائر.

وبشكل مجمل، يأتي معرض إكسبو 2020 دبي بما يحتويه من مبادرات، وإطلاق تكنولوجيات جديدة، واستثمارات دولية في مجال الطاقة المتجددة، ليمثل محطة جديدة لدولة الإمارات، ضمن مسيرتها الداعمة للجهود الدولية في هذا الإطار؛ كما أن المعرض يحفز الاستثمارات العالمية للتدفق على خيارات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وغيرها من مصادر الطاقة التي يمكن أن تتيح التكنولوجيات المتطورة استخدامها في المستقبل القريب والبعيد، بما يجعل المعرض بمنزلة الشراكة العالمية الجديدة من أجل الطاقة النظيفة.