أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

اقتصاد إيران والتنصيف الأميركي

18 أبريل، 2019


بتصنيف الحرس الثوري الإيراني، كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، دخلت العقوبات الأميركية على إيران منعطفاً جديداً لاعتبارات عديدة، أولها أن الحرس الثوري يهيمن على ثلث الاقتصاد الإيراني وعلى مفاصله الأساسية، وبالأخص قطاع النفط والغاز ومشاريع البنى التحتية والتجارة وقطاع المال والبنوك والاستثمارات الخارجية التي يمول من خلالها عملياته وتدخلاته في شؤون الدول الأخرى، ذلك يعني أن العقوبات ستطال مرافق الاقتصاد الرئيسة، والتي يديرها الحرس الذي استولى على مؤسسات الدولة بعد سقوط نظام الشاه، بل وهدد ونافس القطاع الخاص، بما فيهم تجار البازار، واستولى على مشاريعهم بحجج واهية، مما حوله إلى «شاهبندر» التجار، علماً بأن المقدرات الاقتصادية الهائلة التي يديرها يتفشى فيها الفساد والمحسوبية، بدليل المرافق التي قام ببنائها في السنوات الأخيرة، بما فيها السدود والجسور والطرق التي انهار معظمها بسبب الفيضانات التي اجتاحت إيران مؤخراً.

لذلك، فإن مراقبة تطبيق هذه العقوبات ليس بالأمر الهين، فأذرع الحرس الثوري الاستثمارية تمتد داخل إيران وخارجها إلى مختلف بلدان العالم وتحت أسماء ومسميات متعددة في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وأفريقيا والأميركيتين، حيث سيعتمد ذلك على مدى جدية الإدارة الأميركية وأجهزتها التي تعرف أكثر من غيرها أساليب عمل مؤسسات الحرس الثوري، والذي تتوافر لديه العديد من المنافذ التي يمكنه العمل من خلالها، فوزير خارجية قطر على سبيل المثال صرح قائلاً «بان العقوبات على الحرس الثوري إجراء أحادي لا يعني قطر»، وذلك في تحدى واضح لقرار الرئيس الأميركي، مما يعني أن السوق القطرية، وبالأخص المالية سوف لن تلتزم بهذه العقوبات، وستوفر منفذاً مهماً للتعاملات المالية والتجارية الإيرانية.

ومع ذلك، فإن الحلقة يمكن أن تضيق على هذه الأنشطة من خلال تتبعها في بلدان أخرى، إذ أعلنت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي فرض عقوبات على شركة شمس للصرافة اللبنانية بعد ثبوت تورطها في تقديم خدمات لميليشيا «حزب الله» وتجار المخدرات من خلال غسيل الأموال ونقلها إلى الحزب الذي يعتبر أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني، إلا أن فعالية هذه العقوبات ستعتمد كثيراً على مراقبة الأسواق التي يمكن النفاذ منها، كالسوق القطرية. 

إلى جانب ذلك يتم تشديد العقوبات الاقتصادية الأخرى على نظام الملالي في طهران، كإمكانية إنهاء الاستثناءات التي منحتها الإدارة الأميركية لثماني دول رئيسة لاستيراد النفط الإيراني، والتي تنتهي مطلع شهر مايو المقبل، وذلك في حالة عدم تمديدها، مما قد يضع صدقية العقوبات ككل على المحك، ففي العام الماضي، أوقفت شركات كبرى مستوردة للنفط الإيراني في كل من الصين والهند وكوريا وارداتها استجابة للعقوبات الأميركية، إلا أنها بادرت إلى الاستيراد مرة أخرى بعد منحها استثناءات مؤقتة.

وفي هذه المرة، بدأت هذه الشركات تجميد عقودها مع شركات النفط الإيرانية استعداداً لانتهاء فترة الاستثناءات وللبحث عن بدائل، فشركات التكرير الهندية أجلت طلبيات تحميل النفط من إيران بانتظار وضوح أمر الإعفاء، وهو ما قد يسري على شركات الدول الثماني الأخرى، مما يعني أن تمديد هذه الاستثناءات سيعني منح طوق نجاة لنظام طهران، ويقلل من فعالية العقوبات. ومع أنه لا أحد يسعى لإلحاق الضرر بالشعب الإيراني، إلا أن على إيران أن تحترم القانون الدولي فتوقف دعمها للإرهاب وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى، وبالأخص العربية منها. 

الملاحظ أن العقوبات الأميركية تلقى مع مرور الوقت المزيد من التأييد، فأوروبا المترددة في البداية بدأت تدرك خطورة برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية الذي يهددها مباشرة، مما دفعها لتأييد الشروط 12 في الاجتماع الأخير لمجموعة السبعة، والتي أعلنها وزير الخارجية الأميركي سابقاً، والتي تضع حداً لممارسة إيران المزعزعة للاستقرار والأمن، وهو ما يعني أن العقوبات هذه المرة ربما تردع نظام متطرف تعود على خداع العالم والمراوغة في علاقاته الدولية، مما سيساهم بدوره في بسط الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية للاقتصاد العالمي.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد