أخبار المركز
  • شريف هريدي يكتب: (الرد المنضبط: حسابات الهجمات الإيرانية "المباشرة" على إسرائيل)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (عام على حرب السودان.. ترابط المسارين الإنساني والسياسي)
  • د. أحمد أمل يكتب: (إرث فاغنر: هل قاد "التضليل المعلوماتي" النيجر للقطيعة مع واشنطن؟)
  • عادل علي يكتب: (موازنة الصين: دوافع تزايد الانتشار الخارجي للقوة البحرية الهندية)
  • إبراهيم فوزي يكتب: (معاقبة أردوغان: لماذا خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية التركية 2024؟)

مناهج التنبؤ:

كيف يمكن تجنب صدمات المستقبل؟

12 مايو، 2014

مناهج التنبؤ:

عقد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بالتعاون مع المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة حلقة نقاشية، يوم 12 مايو 2014، بعنوان "كيف يمكن تجنب صدمات المستقبل؟"، ركزت على مناهج التنبؤ الحديثة في العلوم السياسية والأمن القومي، وكيف يمكن أن تساعد الباحثين، في مراكز التفكير المختلفة، في أنشطتهم العلمية الخاصة بدعم عملية صنع القرار.

تطرق اللواء أسامة الجريدلي، مستشار المركز الإقليمي، والمتحدث الرئيسي للحلقة، إلى أبرز الخطوات العملية والمنهاجية التي ترشد إلى وضع تحليلات وتقديرات عميقة تقود إلى وضع أسس لعملية التنبؤ. وقد شارك بالحلقة النقاشية د. محمد عبد السلام، المدير الأكاديمي بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي، والدكتور محمد قدري سعيد، المستشار العلمي بالمركز الإقليمي، إضافة إلى الخبراء والباحثين من كلا المركزين.

وقد أشار الجريدلي إلى أن بداية الاهتمام بتقديرات المواقف تعود إلى الحرب العالمية الثانية، حيث بدأت بعض الجهات على مستوى العالم الاهتمام بهذا المجال، وتم وضع مجموعة من الأسس العلمية التي يمكن من خلالها وضع تقديرات موقف سليمة ودقيقة.

ويمكن إيجاز أبرز النقاط التي تضمنتها الحلقة النقاشية، فيما يلي:

1 ـ ضرورة الوعي بأشكال تقديرات المواقف، فتقدير الموقف هو تقدير نصي يرتكز على معلومات موثوقة ومحللة، مشفوعة ببدائل الرأي، وتُرفَع في الوقت المناسب إلى الجهة المعنية لاتخاذ القرار.

ويختلف مفهوم ومنهجية التقدير عن تقدير الموقف؛ فتقدير الموقف يخضع لسلسلة من المراحل تتم بشكل معين، لا تقف عند حد التقدير، بل تنتهي بعملية صياغة بدائل للرأي، ثم يتم رفع التقدير للقيادة المتخذة للقرار.

2 ـ مراعاة كافة الأبعاد وليس إطاراً معيناً أو وحيداً، في تقديرات المواقف، حيث تكون البداية بالحدث وتحليله، ثم تحليل العلاقات الارتباطية بين أبعاده، ووزن أو تقييم (تثمين) أولوية كل بعد، ثم النظر في مدى أهميته وهل يستحق الدخول في مرحلة التقدير، أم الاكتفاء بوضعه في إطار نوع آخر من المخرجات مثل التقرير.

ويتسم تقدير الموقف بشمولية كبيرة، حيث يتم تناول كافة الأبعاد كما سبق الإشارة؛ البعد الداخلي والخارجي والإقليمي ومواقف كافة الأطراف المعينة والرأي العام وغيرها.. حتى ينتهي بمجموعة من السيناريوهات، وبدائل الرأي.

3 ـ أن هناك مجالات عمل متخصصة تحيط بكل شكل من أشكال التقديرات، أهمها:

ـ الأمن القومي، الذي يرتبط عموما بحصانة الدولة، بمعناها الشامل، بالحصول على المعلومة الموثوقة والمحللة والمشفوعة ببدائل الرأي، ويتمثل الجانب الآخر في منع الخصم من الحصول على المعلومة، ومن ثم حماية كيان الدولة. فتقدير الموقف يجري على القضايا شديدة الأهمية التي تمس الأمن القومي. وتتمثل مهمة التقديرات في مواجهة التهديدات المتعلقة بالأمن القومي، أو والمخاطر المتعلقة بالمصالح الحيوية للدولة، ومن ثم تساهم في عملية وضع السياسات ووضع الخطط.

كما أنها تساهم في إدارة الأزمات، فثمة علاقة بين تقديرات المواقف وإدارة الأزمات، إذ تنبع المهمة الأساسية في منع الأزمة من الحدوث. وذلك في إطار مستويات أربعة هي أولاً المنع. ثانياً التحضير والاستعداد في ظل قرب حدوث الأزمة. ثالثًا: مرحلة الرد على الأزمة (لم تصمم التقديرات لهذا الغرض). رابعًا: العودة لمرحلة الوضع الطبيعي السابق لحدوث الخطر.

ـ علوم المستقبل، فثمة علاقة بين تقدير الموقف ومجال علوم استشراف المستقبل, وان اختلفا في المدة الزمنية، حيث إن تقديرات الموقف تستهدف المدى القصير أو المتوسط.

4 ـ تخضع عملية تقدير الموقف لدورة عمل محددة تشمل الخطوات التالية:

ـ تدقيق المعلومة: فالأصل في تقدير الموقف أنه لا يتعامل مع الأخبار، ولكن مع معلومات موثوقة، لأن كل ما يأتي من مصادر مختلفة تعتبر أخبارًا إلى أن يتم توثيقها. فالتقدير يرتكز بالأساس على المعلومة، فإذا كانت خاطئة يترتب عليها تحليل وتقدير خاطئ.

وتنقسم المعلومات إلى ثلاثة أنواع:ـ

المعلومة الموثوقة؛ وهى معلومة محددة المصدر، مع مصداقية عالية.

المعلومة المضِلة: تتسم بكونها معلومة، ولكنها مضللة، أي تأتي قصدًا إلى المحللين لتوجه الانتباه إلى اتجاه مغاير لتشتيت الانتباه، ومن ثم فعلى من يقوم بالتقدير التفرقة بين هذين النوعين من المعلومات؛

أخبار لا ترقى لأن تكون معلومة حيث تحتاج إلى تأكيد أو نفي.

ـ التحليل: تستند هذه المرحلة على المعلومة الموثوقة، إذ يتم تحويلها إلى أجزاء يتم إعادة تركيبها لاستخراج الروابط الموجودة بينها، ومنها تظهر معلومات وأنماط جديدة.

ـ التقييم: يرتبط التقييم بشقين: الأول يتعلق بتقييم المعلومة الأولية.. هل تؤثر على الأمن القومي بالفعل؟ حيث يتعامل تقدير الموقف مع القضايا التي تمس الأمن القومي. ويرتبط الشق الثاني بتفريعات المعلومة التي تم الحصول عليها من خلال التحليل؛ فإذا وصل المحلل إلى نتيجة أن المعلومة وتحليلها تمس الأمن القومي لابد أن تدخل إلى مرحلة التقدير.

5 ـ ثمة اعتبارات عامة يجب أخذها محل اعتبار لدى تقدير الموقف، من أبرزها:

ـ أن يتصف التقدير بالشمولية، فلا يستطيع فرد واحد فقط القيام به، ولابد من مجموعة عمل تتكون من التخصصات المختلفة، وبالتالي تحتاج التقديرات إلى عمل جماعي وعنصر التخصص.

ـ وضع بدائل الرأي، فأحيانًا يكون هناك ميل للتوسط في التقدير (مسك العصا من المنتصف)، وهذه النوعية من التقديرات تربك متخذ القرار أكثر من كونها تدعمه، ومن ناحية أخرى هناك أوقات من عدم التأكد القطعي التي تمكن من وضع تقدير موقف واحد محدد، وفي هذه الحالة يتم وضع مجموعة من البدائل تلبي الاحتمالات المحتملة.

ـ يرتبط تقدير الموقف بالمناخ العام للموقف، هل هو مناخ طبيعي غير معقد أم أنه متشابك وغير محدد المعالم، ومثال ذلك الأزمة السورية حيث هناك أطراف عديدة يجب دراستها لدى تقدير الموقف. وفي هذه الحالة قد يتطلب التعقيد الشديد إلى وضع تقديرات مواقف مفصلة لكل طرف.

ـ يختلف منظور التهديدات والمخاطر في تقديرات المواقف، فثمة تهديد مرتفع الحدة يمس كيان وأمن الدولة، وثمة خطر يمس المصالح، وتفرق الدول بحسب المواقف بين ما يمثل تهديدًا وما يمثل خطرًا، وثمة دولة مثل إسرائيل لا تفرق بين التهديد والخطر؛ لذا غالبًا ما يكون رد فعلها عسكري. ومن ثم من المهم على المشتغل بتقديرات المواقف دراسة مفاهيم الآخر في تعريف المخاطر والتهديدات.

ـ تجنب جمود الصورة الذهنية والتصورات المسبقة، فعلى من يتعامل مع تقديرات المواقف أن يتجنب آرائه المسبقة وصوره الذهنية، ليكون محايدًا وموضوعيًا إلى القدر الذي لا يؤثر على تحليله ورؤيته وأخذ المتغيرات الجديدة محل دراسة دائمة.