أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

أهداف متداخلة:

أسباب اهتمام تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بسوريا

02 أبريل، 2018


تكشف الانتقادات القوية التي وجهها تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" للفصائل الإرهابية المتصارعة في سوريا، في 28 مارس 2018، عن أن الأول يسعى في المرحلة الحالية إلى تأكيد نفوذه باعتباره أحد أبرز التنظيمات الفرعية التابعة لـ"القاعدة"، ودعم قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية نوعية والتواصل مع التنظيمات الإرهابية الأخرى، على غرار "جبهة النصرة" التي غيرت اسمها إلى "جبهة فتح الشام".

كما أنها تشير إلى محاولته تقليص حدة الضغوط التي يتعرض لها نتيجة تزايد الاهتمام الدولي بالحرب ضده في بعض دول الأزمات التي يتواجد بها، وهو ما انعكس في الضربة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على أحد مواقعه في مدينة أوباري بجنوب ليبيا، في 24 مارس 2018، وأسفرت عن مقتل اثنين من قياداته كان أحدهما مسئولاً كبيرًا فيه.

تصعيد مستمر:

شن عبد الملك درودكال، الذي يلقب بـ"أبو مصعب عبد الودود"، زعيم التنظيم حملة قوية، في 28 مارس الفائت، انتقد فيها الفصائل الإرهابية المختلفة التي انخرطت في مواجهات مسلحة فيما بينها داخل سوريا، من خلال تسجيل صوتي نشرته مؤسسة "الأندلس للإنتاج الإعلامي"، التي تعد إحدى الآليات الإعلامية التي يستخدمها التنظيم في توجيه رسائله.

وفي رؤية درودكال، فإن الاقتتال الذي تصاعد خلال الفترة الأخيرة بين تلك الفصائل ساهم في انقسامها وعدم توحدها تحت راية واحدة، معتبرًا ذلك "فتنة أطلت برأسها في الشام". واللافت في هذا السياق، أن هذه الانتقادات ليست الأولى من نوعها التي يحاول من خلالها عبد الودود الإشارة إلى اهتمامه بالتطورات التي تشهدها الأزمة السورية، حيث سبق أن ألقى كلمة مرئية في عام 2012 وجه فيها انتقادات للسياسة التي تتبناها بعض الدول تجاه اللاجئين السوريين، وذلك مع بداية ظاهرة تدفقهم إلى بعض دول المنطقة إلى جانب بعض الدول الغربية.

توقيت لافت:

لا يمكن فصل هذا التصعيد من جانب تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" عن مجموعة من المتغيرات المهمة. إذ أنه يتوازى مع محاولات التنظيم الرئيسي في سوريا، ممثلاً في "جبهة فتح الشام"، التعامل مع التحديات التي يواجهها خلال الفترة الحالية، في ظل تصاعد حدة الانقسامات داخله، فضلاً عن تعدد مواجهاته مع بعض الفصائل الأخرى المنافسة له، في الوقت الذي يسعى فيه إلى تعزيز التحالفات التي توصل إليها مع عدد من المجموعات الإرهابية الأخرى، بل وتوسيع نطاقها، خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي طرأت على الساحة السورية في الشهور الأخيرة وساهمت في تغيير توازنات القوى في اتجاه لا يتوافق مع رؤية التنظيم.

كما أنها تمثل انعكاسًا لتزايد اهتمام المجتمع الدولي بالتهديدات التي يفرضها تصاعد نشاط التنظيم مرة أخرى، عقب تراجع نفوذ تنظيم "داعش"، على نحو بدا جليًا في اتساع نطاق الدور الذي يقوم به داخل بعض الدول مثل النيجر ومالي وتشاد، وإقدامه على تنفيذ بعض العمليات الإرهابية في بوركينافاسو.

دلالات مختلفة:

يطرح هذا الاتجاه الجديد الذي يتبناه التنظيم دلالات عديدة يتمثل أبرزها في:

1- تحدى الجهود الدولية: تشير اتجاهات عديدة إلى أن حرص التنظيم خلال الفترة الحالية على إبداء مزيد من الاهتمام بدعوة الفصائل الإرهابية المسلحة في سوريا إلى الوصول لمحاور توافق، يعود إلى محاولته توجيه رسالة تحدي إلى القوى المعنية بمكافحة نشاط التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، من خلال الإيحاء بأن الضغوط التي يتعرض لها التنظيم في تلك المنطقة لن تدفعه إلى وقف مساعيه لدعم التواصل مع التنظيمات الإرهابية الأخرى الموجودة في مناطق الأزمات، والتركيز على مواجهة الضربات العسكرية التي يتعرض لها من جانب تلك القوى.

ومن هنا، لا تستبعد تلك الاتجاهات أن يتوازى ذلك مع اتجاه التنظيم إلى محاولة شن عمليات إرهابية جديدة ربما تستهدف القوات الأممية الموجودة في مالي، على غرار العملية التي قام بتنفيذها ضد قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مينوسما) في 28 فبراير 2018 وأسفرت عن مقتل أربعة جنود.

2- توجيه رسائل ضمنية: مفادها الإيحاء بأن التنظيم تمكن من دعم قاعدته الإرهابية خلال الفترة الماضية، لدرجة حولته إلى تنظيم عابر للحدود، استطاع، وفقًا لمزاعمه، أن يتواصل مع الفصائل الإرهابية المسلحة التي تنشط في بعض دول الأزمات، وفي مقدمتها سوريا، مستغلاًَ في هذا السياق ضعف تنظيم "داعش"، على نحو دفع بعض قادة وكوادر الأخير إلى دعوة الأول إلى تنحية الخلافات من أجل مواجهة قوة الساحل التي سيتم تشكيلها لمكافحة التنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة.

3- تقليص الضغوط: رغم تصاعد نشاط التنظيم وسعيه إلى تكريس نفوذه بين التنظيمات الإرهابية الموجودة في تلك المنطقة، إلا أن ذلك لا ينفي أن بعض قادته أبدوا قلقًا ملحوظًا إزاء احتمال أن يكون الهدف التالي للعمليات العسكرية التي تشنها بعض القوى الدولية والإقليمية المعنية بالحرب ضد الإرهاب، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقتها من خطورة التركيز على إضعاف "داعش" فقط، بشكل قد يؤدي إلى إفساح المجال أمام عودة تنظيم "القاعدة" إلى صدارة التنظيمات الإرهابية من جديد.

ومن هنا، فإن محاولة التدخل من أجل دعم فرص وصول التنظيمات الإرهابية إلى محاور توافق مشتركة في سوريا ربما يكون من أجل عدم تركيز العمليات العسكرية على مواقع التنظيم خلال المرحلة القادمة، باعتبار أن الحرب ضد الإرهاب لم تنته بعد في كل من العراق وسوريا، لا سيما بعد أن حاول تنظيم "داعش" الظهور مجددًا في بعض المناطق داخل الدولتين.

4- دعم بقاء "القاعدة" داخل سوريا: خاصة في ظل الضغوط التي يتعرض لها في المرحلة الحالية، مع استمرار الانشقاقات داخل المجموعات الإرهابية الموالية له، وهو ما يبدو أنه دفع درودكال إلى اعتبار تلك المواجهات لا تستند، في رؤيته، إلى أساس شرعي، في محاولة لتجنب إضعاف "القاعدة" لصالح التنظيمات المنافسة له.

ورغم ذلك، فإن هناك اتجاهات ترى أن حرص التنظيم على تبني تلك السياسة ربما يكون مؤشرًا إلى تراجع دوره خلال الفترة الماضية بشكل قلص من هامش الخيارات المتاح أمامه، على ضوء اتساع نطاق العمليات العسكرية التي يتعرض لها داخل بعض الدول التي ينشط فيها.