أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

سيناريو التأخير:

مستقبل عملية رفح بين تهديدات إسرائيل وضغوط أمريكية

01 أبريل، 2024


بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي رقم 2728، في الخامس والعشرين من مارس 2024، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، تزايدت الآمال بإمكانية إنهاء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ السابع من أكتوبر الماضي، أو على الأقل احتمالية أن يردع هذا القرار إسرائيل عن المُضي قُدماً في تنفيذ عملية برية واسعة النطاق في مدينة رفح جنوب غزة. وعلى الفور، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قرار مجلس الأمن، معتبراً أن صدوره سيعوق المفاوضات الجارية مع حماس للتوصل إلى هدنة تتخللها عملية تبادل للرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين.

تأثير وقف إطلاق النار:

قبل صدور القرار 2728، وبالتحديد منذ الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضي، ظلت تل أبيب تردد على لسان نتنياهو وعضو مجلس الحرب، بيني غانتس، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، بأنها تستعد لشن عملية برية في رفح للقضاء على ما تبقى من عناصر حماس في غزة. 

وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن المُشار إليه ينص على وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان المبارك، بما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وامتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، وتوسيع نطاق تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع بأكمله وتعزيز حمايتهم؛ يسود اعتقاد بأن صدور هذا القرار جاء فقط من أجل منع إسرائيل من تنفيذ عملية رفح خلال ما تبقى من أيام شهر رمضان، وأن امتناع الولايات المتحدة عن استخدام "الفيتو" ضده، مع تأكيدها أنه قرار غير ملزم (القرار الملزم هو ما تصوت لصالحه تسع دول من الخمسة عشر عضواً، على أن يكون الخمسة الكبار بين التسعة أصوات الموافقة)، ربما يوضح طبيعة الهدف المحدود من صدور القرار، وهو الضغط على تل أبيب لثنيها عن عملية رفح واستبدالها بعمليات نوعية واستخباراتية قد تحقق هدف القضاء على حماس، أو على الأقل تأخير تنفيذ هذه العملية إلى ما بعد نهاية شهر رمضان لتفادي استفزاز مشاعر المسلمين في العالم، والالتزام بعدم تعريض السكان المدنيين للخطر في نفس الوقت.

وبغض النظر عن الجدل الدائر حول أثر صدور قرار وقف إطلاق النار على تطورات الحرب في غزة وخاصةً معركة رفح المنتظرة، فإن حسابات تلك المعركة ستحدّدها الإجابات الممكنة عن التساؤلات التالية: إذا كانت إسرائيل ستستجيب للضغوط الأمريكية جزئياً بنقل سكان رفح (نحو مليون وأربعمئة ألف شخص) قبل شن تلك العملية، فكم ستحتاج من وقت لتحقيق ذلك؟ وهل ستضمن عملية نقل السكان لمواقع بعيدة عن رفح عدم تعرضهم لمخاطر أثناء رحيلهم، كما حدث في السابق عندما تسببت الغارات الإسرائيلية على المواقع القريبة من الممرات الآمنة، التي سمحت بها القوات الإسرائيلية أثناء نقل سكان شمال غزة إلى وسط وجنوب القطاع، في مقتل عدة آلاف منهم؟ وأخيراً ما خطة إسرائيل لما بعد الانتهاء من عملية رفح المحتملة؟ هل ستبقي قواتها هناك إلى مدى زمني غير محدد؟ وكيف يمكن لها إدارة القطاع إذا ما رفضت الحلول المطروحة عليها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعديد من الدول العربية، وعلى رأسها إعادة القطاع إلى حكم السلطة الفلسطينية؟ 

وحسم إجابات كل هذه التساؤلات، يمر عبر بحث تأثير الضغوط الداخلية في إسرائيل التي تدفع في اتجاه تنفيذ عملية رفح بشكل عاجل، والتأثير المعاكس المتمثل في الضغوط الخارجية لمنع تنفيذها، أو على الأقل تنفيذ عمليات نوعية تحقق هدف إسرائيل بالقضاء على قادة حركة حماس وما تبقى لها من قوة عسكرية، دون التسبب في "مذبحة ضخمة" يذهب ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء.

شكوك إسرائيلية: 

ثمة اعتقاد سائد في أوساط الرأي العام الإسرائيلي بأن نتنياهو وقادة مجلس الحرب غير جادين بالفعل في تنفيذ عملية رفح، وأنهم يهددون بها فقط من أجل الضغط على الجهات التي تتوسط بين إسرائيل وحماس لعقد هدنة مؤقتة، تتضمن تبادل الرهائن والسجناء بين الطرفين، لكنها لا تُلزم إسرائيل بوقف الحرب بشكل نهائي. إذ يعتقد نتنياهو ومعه الوزير في مجلس الحرب، غانتس، ووزير الدفاع، غالانت، أن الوسطاء (الولايات المتحدة ومصر وقطر) يمكنهم أن يضغطوا على حماس للقبول بالهدنة المؤقتة، لأنهم يخشون من التعقيدات التي ستتسبب فيها عملية رفح -حال تنفيذها- إقليمياً ودولياً.

وترجع الشكوك في مدى جدية الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ عملية رفح إلى الأسباب التالية:

1- عدم وفاء القادة العسكريين الإسرائيليين بموعد تنفيذ عملية رفح، والذي تم تحديده من جانب كل من غانتس وغالانت؛ إذ صرح كلاهما في 18 فبراير الماضي بأن هذه العملية لا رجعة عنها، ويجب تنفيذها قبل حلول شهر رمضان (الحادي عشر من مارس 2024) إذا ما فشلت مفاوضات عقد الهدنة مع حماس واستعادة المختطفين.

2- صعوبة قبول الحكومة الإسرائيلية للشروط التي تطالب بها حماس لتبادل الرهائن والسجناء، والتي تتمثل في وقف الحرب بصورة نهائية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة بشكل كامل، وضمان مرور المساعدات الإنسانية من دون قيود. وبالتالي فإن الاستمرار في التفاوض الذي لا طائل من ورائه، يشير إلى استخدامه كوسيلة لتبرير عدم تنفيذ عملية رفح.

3- عدم وجود استعدادات عسكرية فعلية لتنفيذ العملية قريباً، فقد لاحظ الخبير العسكري الإسرائيلي، عاموس هرئيل، في مقال نشره في صحيفة "هآرتس"، يوم 21 مارس 2024، أن العملية العسكرية في رفح تتعرض لمشكلات عدة ويبدو أنها ستؤثر في تنفيذها؛ إذ لا يوجد سوى قوة إسرائيلية صغيرة في غزة حالياً، وهي القوة الأصغر منذ بداية الحرب وتتكون من ثلاثة ألوية ونصف، كما تم تقليص العمليات في خان يونس بشكل كبير بعد سحب معظم القوات منها، ومنحها فترة استراحة خارج القطاع.

4- تعهد نتنياهو للرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأن الجيش الإسرائيلي لن يبدأ في تنفيذ عملية رفح قبل نقل السكان المدنيين إلى مناطق آمنة، ولا توجد أية مؤشرات حتى الآن على بدء عملية الترحيل تلك.

5- تقديم بعض الخبراء الإسرائيليين بدائل لعملية واسعة في رفح لتفادي التبعات التي قد تؤثر في قدرة إسرائيل على حكم القطاع عسكرياً بعد هذه المعركة المحتملة. فعلى سبيل المثال، كتب جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، يوم 21 مارس 2024، قائلاً: "إذا ما فشلت مفاوضات تبادل الأسرى، سيتعين على إسرائيل التفاهم مع الولايات المتحدة على ضرورة تنفيذ عملية كبيرة في رفح، مقابل تعهد إسرائيل بالموافقة على إنهاء الحرب بعدها فوراً، بشروط ثلاثة: إعادة كل الرهائن، وعدم السماح بخطط إعادة الإعمار إلا بعد استبعاد حماس من حكم القطاع، ودخول قوات أخرى إلى غزة سواء قوات السلطة الفلسطينية أم قوات من  الدول العربية أو الغربية بالتنسيق مع إسرائيل". ويبدو أن تعبير "عملية كبيرة" الذي استخدمه إيلاند يشير إلى تحويل العملية من غزو بري شامل إلى عملية محدودة لا تستدعي سوى نقل جزئي للسكان المدنيين من رفح، وتنفيذ عمليات نوعية كبيرة لتدمير الأنفاق في رفح وقتل أكبر عدد ممكن من قادة وعناصر حماس، ثم التوقف عن القتال، وممارسة الضغوط على الوسطاء للقبول بشروط إسرائيل للانسحاب من القطاع، والتي أوردها إيلاند في مقاله.

6- التحذيرات من جانب بعض الخبراء الأمنيين السابقين في إسرائيل من خوض معركة رفح دون التحسب للتطورات التي يمكن أن تقع على جبهة الشمال مع حزب الله. فعلى سبيل المثال، صرح الجنرال إسحاق بريك، العضو السابق في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، في حوار له مع صحيفة "هآرتس" يوم 21 فبراير الماضي، قائلاً: "متخذو القرارات لدينا لم يأخذوا في الحسبان حقيقة أن تفاقم القتال مع حزب الله في لبنان بسبب الدخول إلى رفح، سيقتضي نقل المزيد من القوات من القطاع إلى المنطقة الشمالية. إن إخراج القوات من مدينة غزة أدى إلى عودة حماس واللاجئين إليها، وهذا ما سيحدث أيضاً في خان يونس وفي مخيمات وسط القطاع لأنه لن توجد أعداد كافية من الجنود لمنع حدوث ذلك، بسبب التخفيضات الكبيرة التي حدثت في الجيش في السنوات العشرين الأخيرة. وعندما نُعزز قطاعاً معيناً فنحن نُضعف قطاعاً آخر".

شروط التنفيذ:

على الرغم من وجاهة هذه الأسباب التي تشكك في إمكانية تنفيذ إسرائيل عملية برية في رفح، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن تصرف إسرائيل النظر عن تنفيذها فعلاً، فما يصرح به نتنياهو والقادة الأمنيون والعسكريون في تل أبيب من أن عدم تنفيذ العملية سيعني تورط بلادهم في حرب استنزاف طويلة مع حماس، ولن يضمن استعادة الرهائن، ولن يسمح أيضاً بعودة سكان المدن الإسرائيلية في غلاف غزة إلى أماكنهم؛ ربما سيدفع إسرائيل إلى تنفيذها مهما كانت التبعات المترتبة عليها. لكن يمكن توقع أن بدء الاستعدادات لتنفيذ تلك العملية المحتملة سيراعي عدة شروطـ، هي كالتالي:

1- تقليل المعارضة الأمريكية للعملية، بإطالة المدة الزمنية لنقل سكان رفح أو أغلبهم من مناطق العمليات العسكرية المنتظرة إلى مناطق أكثر أمناً، وهو ما سيزيد بشكل تلقائي من الضغوط على حماس التي ستدرك حينها أن إسرائيل تنوي اجتياح المدينة في نهاية المطاف، وأن المعارضة الأمريكية للعملية لن تكون مجدية، وبالتالي قد تتحول حماس نحو القبول بصفقة التهدئة وتبادل الرهائن والسجناء بالشروط الإسرائيلية.

2- تأجيل عملية نقل سكان رفح بعيداً عن مناطق القتال المنتظرة إلى ما بعد نهاية شهر رمضان وعيد الفطر، كضمان لعدم إشعال العواطف الدينية في الضفة الغربية بشكل خاص، وهو ما يمكن أن يفتح جبهة واسعة مع الفلسطينيين هناك، كانت إسرائيل تحرص وما تزال على عدم اشتعالها.

3- إمكانية سماح إسرائيل بإعادة جزء كبير من سكان شمال ووسط غزة، الذين تم تهجيرهم بعد بداية العملية البرية الإسرائيلية في القطاع في شهر نوفمبر الماضي إلى مناطقهم، وهو ما يمكن أن يقلل الكثافة السكانية الكبيرة في رفح، ويمنح القوات الإسرائيلية حرية أوسع في الحرب البرية هناك حال بدئها. وبالرغم من أن نقل هذه الأعداد سيقتضي وقتاً طويلاً، فإنه سيؤكد تصميم إسرائيل على القضاء على حماس (وهو ما تريده الأغلبية من مواطني إسرائيل) من جهة، وتخفيف الاعتراضات الأمريكية على العملية من الجهة الأخرى.

ضغوط أمريكية: 

إذا كانت الضغوط الداخلية في إسرائيل تذهب نحو التروي في تنفيذ العملية البرية في رفح وليس التخلي عنها كليةً، فإن الضغوط الخارجية تبدو أكثر ميلاً لإيقاف حرب غزة، والبحث عن حلول سياسية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من جذوره، وذلك عبر تنفيذ حل الدولتين، ووضع ضمانات قوية لأمن إسرائيل. وسنركز هنا على الموقف الأمريكي من العملية الإسرائيلية المحتملة في رفح، لأن هذا الموقف هو الأكثر تأثيراً في القرارات الإسرائيلية.

فمنذ بداية الإعلان الإسرائيلي عن الاستعداد لعملية رفح، اتخذت إدارة بايدن موقفاً وسطاً بين مطالب أوروبية وعربية بوقف القتال نهائياً ومنع العملية البرية، وبين موقف إسرائيلي يتمحور حول حتمية تنفيذ العملية التي من دونها إما أن تتورط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، أو الأسوأ أن تضطر إلى الانسحاب من قطاع غزة وهو ما سيعني هزيمتها في الحرب ضد حماس. وبالتالي حاولت إدارة بايدن اتباع سياسة متوازنة، فمن جانب لم تؤيد المطالب الدولية بوقف الحرب، ومن جانب آخر ضغطت على إسرائيل لتقليل استهداف المدنيين، وأسهمت في إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بصورة أو بأخرى. 

وفيما يتعلق بنيات إسرائيل لشن عملية برية في رفح؛ اشترطت إدارة بايدن ألا تبدأ العملية قبل ضمان نقل سكان المدينة إلى مناطق آمنة، وحاولت أيضاً جعل هذا الشرط مستحيلاً عندما أكد بايدن أن الخطة الإسرائيلية في هذا الشأن لم تف بالمعايير التي تطلبها واشنطن؛ ومن ثم أوضحت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، في حديث لها يوم 24 مارس 2024، التغير الواضح في الموقف الأمريكي، بقولها: "يمكن أن تكون هناك عواقب بالنسبة لإسرائيل إذا مضت قدماً في اقتحام رفح خلال ملاحقتها لمقاتلي حماس، وقد كنا واضحين في محادثات متعددة وأبلغناهم بكل الطرق أن أية عملية عسكرية كبيرة في رفح ستكون خطأً فادحاً، لقد درسنا خريطة القطاع، وأدركنا أنه لا يوجد مكان آمن هناك ليتم نقل السكان إليه".

ويمكن تفسير هذا الموقف الأمريكي من عملية رفح، بعدة أسباب، هي كالتالي:

1- انقسام الرأي العام الأمريكي حيال حرب غزة، فالبعض يريد وقف الحرب بسبب ما ارتكبته إسرائيل بحق السكان المدنيين من قتل وتدمير وتجويع، فيما يتعاطف آخرون مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وبالتالي يؤيدون استمرار الحرب من أجل استعادة المواطنيين الإسرائيليين لشعورهم المفقود بالأمن منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، على حد ذكرهم. ويخشى بايدن وحزبه الديمقراطي (الذي يوجد به جناح يساري معادٍ لاستمرار الحرب ولسياسة بايدن تجاه إسرائيل) من تأثير هذا الانقسام في فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر المقبل؛ إذ يمكن أن يخسر بايدن السباق بسبب احتمال فقدانه لأصوات انتخابية معتبرة من جانب المؤيدين لتل أبيب من جهة، والمعارضين لاستمرار الحرب من الجهة الأخرى.

2- خشية إدارة بايدن من أن يؤدي احتمال نجاح إسرائيل -عبر عملية رفح- في القضاء على حركة حماس، إلى تقوية موقف تل أبيب الرافض لتطبيق حل الدولتين، والذي ترى الإدارة الأمريكية أن تطبيقه سيصب في صالح استراتيجيتها الأوسع التي تستهدف تقوية النظام الليبرالي الدولي الذي تقوده حالياً، في مواجهة محاولات روسيا والصين وإيران لإنشاء نظام بديل يقلص النفوذ الدولي الأمريكي ويهدد مصالحها في الشرق الأوسط، بل في العالم كله. 

3- تبني إدارة بايدن منذ بدء حرب غزة موقفاً يدعو إلى عدم توسع نطاق الحرب، وهي تخشى أن يؤدي إصرار إسرائيل على تنفيذ عملية رفح إلى اتساع جبهات الحرب بدخول حزب الله اللبناني بكامل قوته إليها، وحينها سيكون على إدارة بايدن أن تفي بالتزام أمريكي ثابت بحماية أمن إسرائيل، بما قد يعني تورطها المباشر في تلك الحرب.

ختاماً، لكل هذه الأسباب يبدو أن حسم مصير معركة رفح ليس أمراً سهلاً، فإما أن تنفتح نافذة الفرص أمام تحقيق هدنة بين إسرائيل وحماس لمدة قد تمتد إلى ستة أشهر مقبلة أو أكثر، بما يمنح الإدارة الأمريكية المجال للتركيز على معركتها الانتخابية في نوفمبر المقبل، وتخفيف الضغوط الدولية عليها بسبب تهاونها مع الحرب الإسرائيلية، وإما أن تبادر تل أبيب إلى تنفيذ العملية بعد إجلاء معظم سكان رفح، لتضع المنطقة كلها على شفا حرب واسعة النطاق ستزيد حتماً من تعقيدات الأوضاع الإقليمية، وقد تسمح بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً في الانتخابات المقبلة.