أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

قفزات متوقعة:

مستقبل اقتصادات صناعة الأدوية في ظل أزمة "كورونا"

19 أبريل، 2020


أسفر الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد زمنيًّا وجغرافيًّا عن العديد من الآثار التي تجاوزت المجال الصحي لتشمل كافة مجالات الحياة الأخرى، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك اقترانًا مع الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول، بدءًا من إغلاق الحدود وتعليق حركة الطيران، وصولًا إلى فرض الحجر الصحي الشامل. وانطلاقًا من أن تداعيات تفشي الأوبئة لا تنطبق بالتساوي على كافة القطاعات الاقتصادية، حيث تتضرر بعض القطاعات أكثر من غيرها؛ ففي حالة الكورونا نجد أن قطاعات السياحة والطيران والتجارة والصناعة تأتي في مقدمة تلك القطاعات المتضررة، إلا أنه -على الجانب الآخر- من المتوقع أن تحقق بعض القطاعات الأخرى أرباحًا طائلة مستفيدة في ذلك من تصاعد الحاجة المجتمعية إليها. 

ويأتي في مقدمة هؤلاء المستفيدين المحتملين شركات الأدوية التي تتسابق سواء في الترويج للأدوية الموجودة لديها والتي أثبت بعضها قدرًا من الفعالية في التخفيف من حدة أعراض فيروس كورونا، أو تطوير اللقاحات الجديدة أو المنتجات الأخرى اللازمة للاستجابة لتفشي الفيروس. وانطلاقًا من تلك الأهمية التي أضحت تكتسبها اقتصاديات شركات صناعة الأدوية، ويتناول التحليل الحالي أهم ملامح اقتصاديات صناعة الدواء، والشركات التي تأتي في المقدمة من حيث حجمها في السوق، وأهم المبادرات التي تم إطلاقها من جانبهم لمواجهة فيروس كورونا، سواء من حيث طرح لقاح جديد أو تطوير العلاجات الموجودة مسبقًا لمواجهة الفيروس المستجد.

اقتصاديات صناعة الأدوية:

كشفت مؤسسة (PWC) في تقريرها الصادر عام 2012 حول التوقعات المستقبلية للصناعات الدوائية في عام 2020، أن من أهم التحديات التي تواجه تلك الصناعة هي ثبات وضعف الإنتاجية لشركات الأدوية من اللقاحات الجديدة، والتي ظلت عند مستوى ثابت خلال العقد السابق نتيجة اعتمادها على إعادة استخدام نفس مخرجات عمليات البحث والتطوير التي تمت في مراحل سابقة، وهو الأمر الذي يتوافق مع رغبة تلك الشركات في تحقيق المكاسب الكبيرة دون توجيه الكثير من الإنفاق لعمليات البحث والتطوير. ومن ثمّ خَلُص التقرير إلى أنه ليس من المتوقع أي ارتفاع في مستويات الإنتاجية العلمية الخاصة بتلك الشركات في عام 2020 . إلا أن الواقع العملي، كشف عن حدوث تحول نوعي في أسواق صناعة الدواء، نتيجة النمو السريع الذي حققته بعض الاقتصادات الناشئة في مجال البحث والتطوير في الصناعات الدوائية في دول مثل البرازيل والصين والهند، وهو ما أوضحته البيانات التي استعرضها تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي للصناعات والجمعيات الصيدلانية (EFPIA). فخلال الفترة من 2014-2018 نمت الأسواق البرازيلية والصينية والهندية بنسب بلغت حوالي 11.4٪ و7.3٪ و11.2٪ على التوالي مقارنة بمتوسط نمو 5% للسوق الأوروبية (لأكبر 5 أسواق في الاتحاد الأوروبي والتي تضم كلًّا من ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وبريطانيا)، في مقابل 7.8٪ للسوق الأمريكية .

أما عن أهم الأسواق التي شهدت إطلاق مبيعات الأدوية الجديدة، فهي تلك التي تتضمن مكونات نشطة جديدة تم تسويقها لأول مرة في السوق العالمية خلال الفترة من 2013-2018، فقد جاءت الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة تلك الأسواق بنسبة بلغت (65.2%)، تليها السوق الأوروبية (17.7%)، ثم اليابان (6.2%). هذا بالإضافة إلى نسبة محدودة (1.5%)، وإن كانت تحمل بوادر واعدة لمجموعة من الأسواق الجديدة التي تضم الاقتصادات الناشئة التي تمت الإشارة إليها وغيرها.  وهو ما يعني أن مستقبل صناعة الدواء، قد يشهد تغيرًا نوعيًّا بما لا يجعله حكرًا على كل من الشركات الأمريكية والأوروبية. 

وفيما يخص الشركات الكبرى في مجال صناعة الأدوية العالمية، فوفقًا للبيانات التي يقوم بإعدادها كل من مؤسستي بلومبرج و(Pwc) عن أكبر 100 مؤسسة عالمية من حيث القيمة السوقية، فقد أوضحت أنه خلال عام 2019 شهد قطاع الرعاية الصحية الذي يشمل الصناعات الدوائية نموًّا من حيث القيمة السوقية بنسبة بلغت حوالي (15%) عن العام السابق 2017/2018، وذلك بإجمالي قيمة بلغت (2.729 مليار دولار). وهو الأمر الذي تحقق من خلال إدراج 16 شركة عاملة في المجال ضمن أكبر 100 مؤسسة عالمية من حيث قيمتها السوقية. وبناءً عليه، احتل قطاع الصحة العامة المرتبة الثالثة من بين أكبر القطاعات من حيث القيمة السوقية خلال العام المالي 2018/2019، بينما جاء في المرتبة الثانية القطاع المالي (3796 مليار دولار)، وذلك في ظل احتفاظ القطاع التكنولوجي بالمرتبة الأولى بإجمالي (5.691 مليارات دولار). 

وبشكل عام، يُمكن القول إن عام 2019 حمل العديد من الخطوات الإيجابية للقطاع الصحي والصناعات الدوائية، ففي حين خرجت مجموعة من شركات صناعة الأدوية الكبرى من قائمة أعلى 100 مؤسسة، ومن بينها شركة (Ambev SA) بنسبة تراجع بلغت (21%) و(bristol-myers squibb) و(Gilead Sciences)، إلا أن القائمة قد شهدت صعود أو عودة قوية لأربعٍ من الشركات الأمريكية الأخرى التي جاءت ضمن أعلى عشر شركات من حيث تحقيق الطفرات في حجم القيمة السوقية، وذلك وفقًا للترتيب التالي: شركة (Eli Lilly)، تليها شركة ميرك (Merck & Co)، ثم شركة (Abbott Laboratories)، وأخيرًا شركة (Thermo Fisher Scientific) بإجمالي قيمة سوقية بلغت (134) و(215) و(140) و(109) مليارات دولار على الترتيب، وبنسب زيادة بلغت (59%) و(46%) و(34%) و(32%).

أما من حيث أعلى عشر شركات في مجال الرعاية الصحية والصناعات الدوائية من حيث القيمة السوقية، وكذلك قيمة الأرباح التي حققتها خلال عام 2019، حيث جاءت أغلبها ضمن القائمة السنوية التي تعدها مجلة "فورتشين" (fortune) لأكبر الشركات من حيث الأرباح السنوية المتحققة ، ويمكن ترتيبها على النحو التالي:

أعلى عشر شركات في مجال الصناعات الدوائية من حيث القيمة السوقية والأرباح السنوية خلال عام 2019 (بالمليار دولار)


مبادرات احتواء "كورونا":

أطلق فيروس كورونا سباقًا محمومًا من جانب كلٍّ من الدول والشركات في محاولة لمواجهة الفيروس الجديد، وذلك للتقليل من حجم الخسائر البشرية التي مُنِيَ بها العالم، وقد اتخذت تلك الجهود أحد مسارات ثلاثة، وهي إما استكشاف طرق استخدام التقنيات التي توفر القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة بمجرد تحديد اللقاح المحتمل، وكذلك آليات الاختبار لزيادة وتيرة عملية تشخيص الفيروس الجديد بوسائل أكثر كفاءة وسرعة، أو تطوير الأدوية واللقاحات التي تم اختبارها سابقًا على مسببات الأمراض الفيروسية الأخرى (مثل: الإيبولا، وفيروس نقص المناعة البشرية)، وأخيرًا محاولة تطوير لقاحات جديدة قادرة على الشفاء التام من الفيروس أو التخفيف من أعراضه، وهو الأمر الذي قد يستغرق وقتًا أطول. 

ونظرًا لتعدد تلك الجهود حيث يشير البعض إلى انخراط أكثر من 30 شركة عاملة في مجال الصناعات الدوائية، فقد تم الاعتماد في حصر تلك الجهود على الجمع بين البيانات المستقاة من كل من الاتحاد الأوروبي للصناعات والجمعيات الصيدلانية (EFPIA)، والاتحاد الدولي لجمعيات ومنتجي الأدوية (IFPMA)، ويمكن استعراض أهم تلك المبادرات على النحو التالي:

1- شركة مودرنا (Moderna): هي شركة أمريكية تبلغ قيمتها السوقية حوالي (8.7) مليارات دولار، وقد أعلنت الشركة في أواخر فبراير عن بدء شحن دفعات من اللقاح الذي طورته الشركة لعلاج فيروس (COVID-19) لاستخدامه في المرحلة الأولى من التجارب البشرية وذلك في المعاهد الوطنية للصحة. على أن تبدأ التجارب السريرية في أواخر أبريل. ومن ثمّ فإن الوقت المستغرق بين تصميم اللقاح الأوّلي والتجارب البشرية سيكون ثلاثة أشهر فقط، وهو تحول سريع يضعها في مقدمة شركات الأدوية الأخرى المتنافسة.

2- شركة جلعاد للعلوم (Gilead Sciences): طرحت الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية حوالي (93.1) مليار دولار، استخدام عقار (Remdesivir)، وهو عقار تم تطويره في الأصل لعلاج الإيبولا، وفي حين أثبتت بعض الدراسات أنه لم يكن فعالًا بالقدر الكافي ضد فيروس الإيبولا؛ إلا أنه كان فعالًا ضد متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. وقد وافقت منظمة الصحة العالمية على الدواء باعتباره في مقدمة الأدوية المتاحة حاليًّا، والتي أثبتت بعض الفاعلية في تحسين النتائج السريرية لمرضى الكورونا. وقد تم اختبار (Remdesivir) في التجارب السريرية للمرحلة الثالثة في مقاطعة ووهان الصينية، وذلك على 761 مريضًا. كما وافقت الإدارة الأمريكية على استخدامه في 19 مارس، على الرغم من عدم انتهاء نتائج التجارب السريرية بشكل كامل بعد.

3- شركة نوفافاكس (Novavax): قامت الشركة التي بلغت قيمتها السوقية حوالي (448) مليون دولار بتحديث تقدمها في تطوير لقاح لعلاج فيروس كورونا، على أنه من المتوقع أن تبدأ الاختبارات البشرية في أواخر الربيع. حيث تعمل الشركة على إعادة استخدام اللقاحات السابقة الخاصة بوباء سارس من خلال اعتماد تقنية الجزيئات النانوية لتعزيز الاستجابات المناعية. وتعاني الشركة من بعض الخسائر نتيجة توجيه حجم كبير من الإنفاق على البحث والتطوير، وقد حصلت الشركة مؤخرًا على دعم بقيمة (4) ملايين دولار للإسراع في عملية تطوير اللقاح المعالج لفيروس كورونا.

4- شركة إنوفيو (Inovio): من المقرر أن تبدأ الشركة التي يبلغ إجمالي قيمتها السوقية حوالي (1.2) مليار دولار في التجارب السريرية البشرية للقاح الذي طورته في أبريل، وذلك في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ثم الصين وكوريا الجنوبية. وقد استفادت الشركة في ذلك من امتلاكها اللقاح في المرحلة الثانية من التجارب السريرية لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS). وتتوقع الشركة تسليم مليون جرعة من لقاحها بحلول نهاية عام 2020، إلا أنها ستحتاج إلى توسيع قدراتها التصنيعية.

5- شركة (AbbVie): وهي الشركة المطورة لأهم لقاحين/ مادتين مستخدمتين في علاج فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، وهما lopinavir (LPV) وritonavir (r)، اللتين يتم إنتاجهما في دواء يحمل اسم Kaletra (المعروف أيضًا باسم Aluvia)، ويحتوي على مكونات مضادة للفيروسات، وهو ما حدا بالسلطات الصينية لاستخدامه لمعالجة الالتهاب الرئوي المرتبط بالكورونا، حيث ثبتت فعاليته على عدد كبير من المرضى. كما تبرعت شركة AbbVie بمبلغ 1.5 مليون دولار من دواء كاليترا للصين لاستخدامها كخيار علاجي تجريبي. وفي الوقت ذاته، سارعت الشركة إلى إعلانها التعاون مع الهيئات الصحية العالمية لتحديد مدى فعالية أدوية فيروس نقص المناعة البشرية في علاج (COVID-19). حيث تدعم الشركة الدراسات السريرية والبحوث الأساسية، وتعمل بشكل وثيق مع الهيئات الصحية الأوروبية، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، والمعاهد الوطنية للصحة والبحوث الدوائية، وهيئات البحث والتطوير الطبي لتنسيق هذه الجهود.

6- شركة نوفارتس Novartis: أعلنت الشركة السويسرية أنها دخلت في شراكات بحثية جديدة لمواجهة فيروس كورونا، مثل Therapeutics Accelerator، وذلك بالتنسيق والشراكة مع العديد من المؤسسات المتخصصة في البحوث الدوائية، ومن ضمنها تلك التي تنظمها مبادرة الأدوية المبتكرة (Innovative Medicines Initiative (IMI)). 

كما تساهم نوفارتس أيضًا في توفير العديد من المركبات من العقاقير المختلفة، التي قد تُعد مناسبة لإجراء الاختبارات المعملية عليها من خلال إجراء مسح لسجلات العقاقير الموجودة لديها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة بتقييم المنتجات الموجودة الأخرى بسرعة لمعرفة ما إذا كان يمكن استخدام أي منها لعلاج الفيروس المستجد. أما المساهمة الأكبر لشركة "نوفارتس" فتتمثل في إعلانها التعهد بتقديم ما يصل إلى 130 مليون جرعة من "هيدروكسي كلوروكوين"، وهو عقار يستخدم لسنوات عديدة لعلاج الملاريا، وذلك بحلول نهاية مايو 2020 من أجل استخدامها في علاج فيروس "كورونا" المستجد. كما أنه في مقدمة اللقاحات التي أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الموافقة على استخدامها بشكل موسع للعلاج من فيروس كورونا.

وفي سياق متصل، أعلنت عدة شركات أخرى -مثل شركة ميلان وباير الألمانية- عن توفيرها أدوية مماثلة تعتمد على المادة الفعالة ذاتها. وقد أظهرت الملاحظات الأولية للدواء التي نشرها كل من خبير الأمراض المعدية الفرنسي "ديدييه راولت"، وأكدتها دراسة أمريكية جديدة نُشرت في 13 مارس، أن مرضى الكورونا الذين تم استخدام "الهيدروكسي كلوروكوين" في علاجهم شهدوا معدلات أعلى للشفاء مقارنة بمن لم يتناولوا العقار، وكذلك وقتًا أسرع للتعافي. كما أظهرت الأبحاث أن الكلوروكين لديه أيضًا إمكانات قوية كإجراء وقائي ضد الكورونا. إلا أنه وفقًا لتقرير نشرته "بلومبرج" فإن العقار قد يكون مميتًا في حال تجاوز الجرعات المقررة طبيًّا. 

7- شركة فايزر Pfizer: أعلنت أنها استكملت تقييمًا أوليًّا لبعض المركبات المضادة للفيروسات التي كانت قيد التطوير في أوقات سابقة، والتي حالت دون تكاثر الفيروسات التاجية المشابهة لحالة الكورونا. وتتعاون الشركة مع طرف ثالث لفحص هذه المركبات في إطار جدول زمني سريع مع سيادة التوقعات بإمكانية التوصل لبعض النتائج الأولية في وقت قريب. كما حددت الشركة خطة عمل تفصيلية من 5 نقاط لمواجهة الكورونا، وهي الخطة التي تتضمن التزامًا بمشاركتها في تطوير التجارب السريرية، واستغلال خبرتها التنظيمية لدعم شركات التكنولوجيا الحيوية الأصغر الأخرى التي تقوم بفحص المركبات أو العلاجات الحالية ضد الفيروس الذي يسبب (COVID-19). وفي مجال تطوير لقاح جديد، فقد دخلت شركة Pfizer الأمريكية في شراكة مع BioNTech الألمانية لتطوير لقاح mRNA لمنع انتقال عدوى الكورونا؛ إلا أنه من المتوقع أن يدخل اللقاح الجديد مرحلة الاختبارات السريرية بحلول نهاية أبريل 2020.

8- شركة أسترازينيكا AstraZeneca: دعمت هذه الشركة  متعددة الجنسيات، الصين من خلال تقديم مجموعة من التبرعات المالية لمؤسسة الصليب الأحمر الصينية، وكذلك تقديم المستلزمات الطبية التي بلغ إجمالي تكلفتها أكثر من مليون دولار أمريكي. كما قامت الشركة بتعبئة جهودها البحثية لاكتشاف الأجسام المضادة الجديدة لفيروس الكورونا، وذلك لاستخدامها كعلاج للوقاية من مرض (COVID-19)، وقد تم تحقيق بعض التقدم في تقييم التجارب السريرية.

9- شركتا  أبسيليرا AbCellera وإيلي ليلي Eli Lilly: أبرمتا اتفاقية للتعاون في تطوير منتجات الأجسام المضادة للعلاج والوقاية من (COVID-19). حيث سيتم استخدام منصة AbCellera للاستجابة السريعة للوباء، والتي تم تطويرها في إطار برنامج وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية الأمريكية "داربا" DARPA)) للوقاية من الفيروس المستجد في اكتشاف أكبر مجموعة من الأجسام المضادة، وذلك مع الاستفادة من القدرات العالمية لشركة Lilly على اختبار العلاجات الجديدة المحتملة على المرضى، والتطوير والتصنيع والتوزيع السريع للأجسام المضادة العلاجية.

10- شركة جونسون آند جونسون Johnson & Johnson: تعمل هذه الشركة بالتعاون مع معهد Rega للأبحاث الطبية بجامعة لوفان (بلجيكا)، على تحديد المركبات الحالية أو الجديدة ذات النشاط المضاد للفيروسات، والتي يمكن أن تسهم في توفير معالجة فورية لفيروس الكورونا. كما قامت الشركة بتوسيع تعاونها مع هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم (BARDA)، التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية (HHS)، لتسريع عملية تطوير لقاح جديد لفيروس كورونا، وهي الشراكة التي تضم عدة شركات أخرى مثل سانوفي (Sanofi SA).

11- شركة روش Roche: تبرعت بما يقرب من مليوني دولار من أحد أدويتها (Actemra) للصين لمساعدة البلاد في إدارة تفشي كورونا. ويعد الدواء أحد العلاجات الموجودة في السوق الأوروبية منذ عام 2010 لعلاج عدة أنواع من التهاب المفاصل. وبشكل مماثل، تُطور سانوفي من دوائها (Kevzara) الذي تنتجه بشكل مشترك مع (Regeneron)، حيث تم تطوير كلا الدواءين لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي.

12- شركة تاكيدا (Takeda): وهي شركة يابانية، أعلنت أنها تشرع في تطوير دواء جديد لفيروس الكورونا من خلال استخدام بلازما الدم للمرضى الذين تم شفاؤهم، وهو الأمر الذي سار على غرارها فيه كلٌّ من الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

ختامًا، يمكن القول إنه من خلال مراجعة اقتصاديات الشركات العاملة في مجال الصناعات الدوائية والمبادرات التي تقدمت بها لمواجهة فيروس الكورونا المستجد، يتضح أن كبرى تلك الشركات من حيث القيمة السوقية وحجم الأرباح المتحققة قد ركزت بشكل أكبر على تقديم المساعدات المالية والفنية، والدخول في شراكات مع الجهات البحثية والمبادرات العالمية التي يتم تمويلها سواء من قبل الدول أو المؤسسات الدولية. كذلك سعت بشكل أو بآخر إلى تعظيم استفادتها من خلال الترويج لإمكانية استخدام الأدوية التي سبق لها تطويرها وإنتاجها لمعالجة فيروسات أخرى. أما الشركات التي تقدمت بمبادرات جادة لتطوير لقاح جديد، ومحاولة المرور بالمراحل المختلفة لإجراء التجارب السريرية، فقد كانت هي الشركات الأقل من حيث القيمة السوقية؛ بل إن بعضها كان محمّلًا ببعض الخسائر نتيجة كبر حجم الإنفاق على البحث والتطوير.

 وعلى الرغم من بعض التحديات التي قد تواجه شركات الأدوية في الوقت الراهن، من صعوبة الحصول على المواد الخام اللازمة للتصنيع في ظل توقف حركة التجارة وإغلاق الحدود، أو تعثر عمليات الإنتاج والحاجة إلى المزيد من الوقت لإنتاج اللقاحات المضادة واختبارها ثم رفع القدرات الإنتاجية لتلبية الطلب المرتفع ومواجهة عمليات الاستحواذ على الأدوية من جانب بعض الدول؛ فإن قطاع الصناعات الدوائية يُعد في مقدمة القطاعات التي من المتوقع أن تحقق قفزات خلال الفترة المقبلة، وإن كانت مرهونة بمدة بقاء الكورونا، حيث ستستفيد الشركات الكبرى من خلال مبيعات الأدوية الخاصة بها. كما ستحقق الشركات المنخرطة في عمليات تطوير للقاحات المضادة لفيروس كورونا، في حال نجاحها، بعض الأرباح الاستثنائية، حيث ارتفعت أسهم بعض تلك الشركات في البورصات العالمية بنسب تتراوح بين 20% (مودرنا) إلى 119% (إنوفيو) ، فمصير العالم بأكمله أصبح مرتهنًا بقدرة تلك الشركات على تطوير اللقاح القادر على معالجة فيروس كورونا أو على الأقل التخفيف من حدة أعراضه وتخفيض نسب الوفيات.