أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

إخفاق واشنطن:

اتجاهات الإعلام الإيراني حول الهجوم الثلاثي على سوريا

16 أبريل، 2018


على الرغم من التباين في التوجهات الأيديولوجية، هيمن على التغطية الإعلامية الإيرانية للهجوم الثلاثي على سوريا قناعات متشابهة حول إخفاق تحالف "ترامب" في توجيه رسائل مؤثرة لروسيا وإيران من خلال الهجوم، بحيث جاءت النتائج عكسية وكاشفة عن مدى ضعف وتراجع فاعلية أدوار الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية في سوريا، كما استبعدت مقالات الرأي في الصحف الإيرانية أن تؤدي هذه الضربة إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، أو التأثير على مصير نظام الأسد نتيجة محدودية نطاقها، وتمكّن الدفاعات الجوية السورية من تحجيم تأثيراتها.

تفسيرات "طهران":

حذّرت وكالة أنباء فارس الإيرانية في أكثر من مقال من تصاعد الاضطرابات في المنطقة بسبب وصول "جون بولتون" إلى منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي، حيث رأت أنه يسعى إلى استعادة الدور المركزي الأمريكي في المنطقة بالاعتماد على الأداة العسكرية. 

وفي هذا الإطار، يُمكن الإشارة إلى أبرز الأسباب التي رأت الصحف الإيرانية أنها دفعت الولايات المتحدة وحليفيها للقيام بالهجوم الثلاثي، وذلك فيما يلي:

1- الخلافات الروسية الغربية: رأى الدبلوماسي والسفير الإيراني الأسبق في الصين وليبيا "سيد علي" في مقاله المنشور في صحيفة "شرق" الإيرانية، في 15 أبريل 2018، تحت عنوان "ما حصلت عليه روسيا من الاختبار الأمريكي"، أن سبب الهجوم الثلاثي على سوريا لم يكن لاستخدام سوريا للسلاح الكيماوي، فقد تصاعد التوتر بين روسيا وبريطانيا بعد حادثة الجاسوس الروسي "سكريبال" وما تبعها من طرد للدبلوماسيين من الجانبين، واستعدت بريطانيا للثأر من روسيا وحلفائها في أي منطقة من العالم.

فيما قامت الولايات المتحدة بهذا الهجوم بسبب تزايد الخلافات بينها وبين روسيا حول عددٍ من القضايا خلال الفترة الأخيرة، بيد أن الجانبين لا يريدان أن تتحول هذه الخلافات إلى حرب عالمية ثالثة، ولهذا قد يحدث نوعٌ من التنسيق بينهما في سوريا، كما انتُقد الجانب الروسي في عدم قيامه بالرد على الهجوم الموجه لسوريا.

2- استعادة النفوذ الفرنسيّ: من جانب آخر، رأى المقال أن سوريا تُعد إحدى الدول التي خضعت للنفوذ الفرنسي لفترة طويلة، وقد تمكّنت فرنسا من التأثير على هوية سوريا، حسب زعم كاتب المقال، ولهذا تتخوف باريس من أن تقع دمشق تحت النفوذ الروسيّ أو حتى الإيرانيّ.

3- إضعاف النظام السوريّ: اتهم "صباح زنجنه" النائب والمسئول الحكومي الإيراني السابق الولايات المتحدة بأنها تدعم بعض الميليشيات المسلحة والتي تقوم بدور الوكيل عنها في سوريا، وبعد هزيمة هذه الميليشيات اضطرت الولايات المتحدة إلى أن تقوم بهذا الدور بشكل مباشر، بالإضافة إلى رغبتها في تدمير القدرات الدفاعية السورية، وذلك في مقاله "مكان أمريكا الخالي في سوريا" المنشور بصحيفة "اعتماد" الفارسية يوم 15 أبريل 2018.

4- تعزيز الانخراط الأمريكي: ربط "صباح زنجنه" بين هذا الهجوم الثلاثي والقمة الأخيرة بين روسيا وإيران وتركيا والتي غابت واشنطن عنها، مما دفعها لقيادة هذا الهجوم بهدف استعادة دورها في سوريا. ورأى المقال أن هناك تذبذبًا في عملية صنع القرار داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى عدم وجود استراتيجية واضحة لترامب تجاه الشرق الأوسط حتى الآن، حيث سبق وأعلن عن رغبته في انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، ثم قاد هذه الضربات. كما أشار إلى أن الاضطرابات سوف تتصاعد داخل سوريا في مرحلة ما قبل التسوية، حيث إن كافة الدول تدرك أنها لن يعود بمقدورها التأثير على الأوضاع الداخلية والسياسية لدولة مستقرة ذات سيادة كما يحدث الآن.

دلالات متعارضة:

أكدت مقالات الرأي الإيرانية أن الهجوم الثلاثي قد كشف عن مجموعة من الدلالات يتمثّل أهمها فيما يلي:

1- قوة أنظمة الدفاع الجويّ: وصفت صحيفة "كيهان" المتشددة في عددها الصادر يوم 15 أبريل 2018، الهجومَ على سوريا "بالفضيحة" على حد تعبيرها، حيث إن أنظمة الدفاع الصاروخي الروسي التي يعود بعضها إلى عهد الاتحاد السوفيتي قد استطاعت اعتراض ما يزيد على 70% من الصواريخ التي هاجمت سوريا بحسب زعم الصحفية، وذلك على الرغم من أن الهجوم كان مفاجئًا، ورأت أن الهجوم قد أدى إلى مزيدٍ من التراجع في شعبية الولايات المتحدة في العالم، وذلك من خلال المقال المعنون "الهجوم على سوريا كان صاخبًا ولكنه أجوف".

2- توافق الدول الغربية: أوضح "كيهان برزجر" أستاذ العلاقات الدولية الإيراني في مقالته المنشورة بصحيفة "شرق" في 15 أبريل 2018 والتي جاءت تحت عنوان "استعراض الوحدة الغربية"، أن الهجوم الأخير على روسيا كشف عن رغبة الغرب في استعراض قوته أمام روسيا، حيث إن الهدف منه لم يكن منع استخدام السلاح الكيماوي من جانب النظام السوري، أو التأثير على المعادلات السياسية الأمنية الميدانية في الأزمة السورية، بقدر ما كان يسعى إلى إظهار قدرة الدول على الاتحاد والسيطرة على مجريات الأمور في الشرق الأوسط. وأوضح أنه كان هناك أمام الغرب خياران: تنفيذ هجوم محدود، أو موسع، بيد أنه اختار القيام بهجمات محدودة حتى لا يثير غضب كلٍّ من موسكو وطهران.

3- استعراض القوة الأمريكية: أجرت صحيفة "آرمان" في عددها الصادر يوم 15 أبريل 2018، حوارًا صحفيًّا مع الدبلوماسي الإيراني السابق "فريدون مجلسي" تحت عنوان "الروس لا يخاطرون بدون ثمن"، وقد ذكر أن الهجوم حمل رسالة ضمنية لإيران مفادها أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، لا سيما بعد القمة التي ظهر فيها إمكانية تشكُّل تحالف تركي روسي إيراني، كما أن "ترامب" سبق وأشار إلى عدم اقتناعه بمؤتمر جنيف، نظرًا لأن إيران تلعب دورًا رئيسيًّا فيه، على حد تعبير "مجلسي".

وحول عدم الرد الروسي على الصواريخ الأمريكية، أشار "مجلسي" إلى أن هذا الأمر كان متوقعًا، فالروس لديهم مصالح أخرى في سوريا، كما ذكر نصًّا أنهم يرغبون في الحفاظ على أمن إسرائيل مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

محدودية التأثير:

رأى "كيهان برزجر" أستاذ العلاقات الدولية الإيراني في مقاله بصحيفة "شرق" أن هذه الضربة لن تؤثّر على أيٍّ من الفاعلين الرئيسيين في النظام السوري، سواء من النظام أو المعارضة، وقد تدفع مجددًا للعودة إلى التفاوض دون نتيجة تذكر، لا سيما وأن النظام قد تمكّن من استعادة الغوطة الشرقية، بالإضافة إلى تراجع قُدارت معارضيه في مدينة إدلب.

فيما رفض الكاتب الصحفي الإيراني "علي موسوي خلخالي" ما ذهبت إليه بعض التحليلات من وصف هذا الهجوم ببداية الحرب العالمية الثالثة واعتبره يحمل مبالغة كبيرة، وذلك في مقاله المعنون "المعادلة لم تتغير.. الهجوم الأمريكي على سوريا ووهم الحرب العالمية الثالثة" المنشور في 15 أبريل 2018 في موقع "دیپلماسی ایرانی" أو "الدبلوماسية الإيرانية"، والذي يتولّى إدارته "محمد صادق خرازي" السفير الأسبق لإيران في فرنسا.

وفي هذا الإطار، أشار "خلخالي" إلى ضرورة التعامل مع هذه الضربة على قدرها المحدود، فالضربة لم تؤدِّ إلى إلحاق أضرار بالغة بحلفاء سوريا، كما أنها لن تُضعف الرئيس السوري "بشار الأسد"، يُضاف إلى هذا أنها لن تؤديَ إلى قيام حربٍ موسعةٍ، فالولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع منفردةً تحمل التكلفة الاقتصادية لمثل هذه الحرب، حيث إنها استطاعت بالدعم البريطاني الفرنسي شنّ هذا الهجوم.

كما ترفض باقي القوى الدولية الدخول في حرب طويلة الأمد من أجل سوريا، فهي ترغب فقط في تحقيق مصالحها، وقد يدخل بعضها في سوريا في البداية نظرًا إلى أن النظام السوري في مرحلة ما قبل الحرب منع كثيرًا من القوى الدولية من تحقيق أهدافها داخل سوريا بشتى السبل، يُضاف إلى هذا عدم امتلاك هذه الدول سببًا قويًّا يُقنع ناخبيها بإمكانية خوض هذه الحرب، لا سيما مع تصاعد الأزمات الداخلية في هذه الدول.