صدر عن مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" بأبوظبي العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث". وتناولت افتتاحية العدد تبدل موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط مع اتساع تداعيات حرب غزة، ومحاولات بعض القوى الإقليمية السعي "لبناء شرق أوسط جديد" وما قد تحمله هذه الخطط الطموحة من مخاطر تنطوي على المزيد من التفكيك للمنطقة وشعوبها.
أما ملف العدد، فقد ارتكز على ما أصبح يُعرف بـ"العصر النووي الثالث"، والذي يشير إلى مخاطر تآكل الردع النووي في ظل تصاعد الصراعات الدولية والإقليمية في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وتزايد التصعيد في شرقي آسيا. كذلك، تناول الملف مخاطر توظيف الأسلحة النووية التكتيكية في الصراعات الجارية، واحتمالات توسع عضوية النادي النووي، مع وجود قوى متوسطة تسعى إلى الانضمام إلى النادي النووي. كذلك، ركز الملف على مخاطر اتساع نطاق الجرائم النووية، وما تطرحه هذه التحولات على التنظيم الدولي الحاكم لامتلاك وتوظيف الطاقة النووية. وأخيراً، السيناريوهات التي تتناولها الثقافة العامة عن تهديدات الحروب النووية لمستقبل البشرية والحضارة.
وأجرت "اتجاهات الأحداث" في هذا العدد حواراً مع الدكتورة بينيديتا بيرتي، رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي التابع لمكتب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، حيث تناول الحوار المفهوم الاستراتيجي للحلف الذي أشرفت بيرتي على صياغته، وما يخضع له من مراجعات وفقاً للتحولات التي يمر بها الناتو. كما تطرق الحوار إلى تطور المخاطر الحالية والمستقبلية، وكيف ينعكس ذلك على الاستراتيجية الكبرى للحلف، وما تحتاجه مواجهة هذه المخاطر من موارد ضخمة تدفع التحالف إلى عقد المزيد من الشراكات الدولية. وإزاء مستقبل الناتو، سلط الحوار الضوء على آلية التعلم من العمليات العسكرية التي شارك فيها الحلف في بعض مناطق العالم، وكيف تنعكس على رؤيته المستقبلية للمناطق المجاورة وللتنافس المحتدم مع الصين. علاوة على مناقشة آليات توظيف مناهج التخطيط والاستشراف الاستراتيجي في عمل الناتو.
وعكست التحليلات الواردة في هذا العدد القضايا المتعددة التي تهيمن على المشهد الإقليمي والدولي؛ فتناولت تطور تقنيات الحرب النفسية في غزة وأوكرانيا، وتحولات الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وظاهرة فيض الصراعات في منطقة الساحل الإفريقي، والسيناريوهات المستقبلية أمام الإمارة الإسلامية في أفغانستان تحت حكم طالبان. كذلك عرجت التحليلات على إخفاق استطلاعات الرأي في التنبؤ بنتيجة الانتخابات الأمريكية، والمستقبل الذي ينتظر دولة الرفاهية في أوروبا مع تصاعد الاستقطاب بين اليسار واليمين الشعبويين. وتناولت التحليلات أيضاً السيناريوهات المتوقعة أمام أسواق المال الأمريكية مع انتخاب ترامب، وأسباب صمود بعض القطاعات الاستراتيجية في ظل الصراعات، ومستقبل الصراع على شبكات الاتصال، ومخاطر تسليح الاتصالات.
وتناول قسم المكتبة بالنقد كتاب "التنافس على المحيط الهندي، وبزوغ النظام العالمي الجديد" الصادر منتصف عام 2024 للباحثة دراشاناه براوه، وكذلك كتاب المؤرخ البريطاني الكبير ريتشارد أوفري "لماذا الحرب؟" الصادر هذا العام أيضاً ومحاولته بناء نموذج شمولي لتفسير ظاهرة الحرب في التاريخ الإنساني.
وأخيراً، رسم تقرير العدد خريطة أزمة الديون العالمية التي تُعد إحدى أكبر الأزمات التي تواجه اقتصادات العالم النامية والكبيرة على السواء، وأسماها بالأزمة الصامتة. كما تناول التقرير أهم الدول الدائنة والمدينة والمعايير التي يتم من خلالها تحديد مخاطر الديون، وكذلك تهديد فوائد الديون لخطط التنمية في الدول النامية.