أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

العرب:

الانقسام الداخلي يعيق مواجهة أوروبا لأزمة الهجرة

13 نوفمبر، 2023


بروكسل - تتصاعد أزمة الهجرة إلى أوروبا يوماً بعد يوم، في ظل موجة تدفقات هجرة غير نظامية، ترسو على الشواطئ الأوروبية، قادمة من شمال أفريقيا، وسط انقسام أوروبي بين حكومات الدول خاصة فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا وغيرها.

وجاء في تحليل لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن الأزمة الحالية المُتعلقة بالهجرة إلى أوروبا تعود إلى تدفق ما يقرب من 8500 شخص عبر المتوسط إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، والتي يقطنها حوالي 7000 مواطن إيطالي، وهو ما أثار التخبط والخلاف بين الحكومات الأوروبية على آلية تقاسم الأعباء، وبين الحكومات والأحزاب المُعارضة في كل دولة.

وشهدت القارة الأوروبية خلال عامي 2022 و2023 صعوداً واضحاً لتيار اليمين المتطرف تمثل إما في توليه مسؤولية الحكم في دول مثل إيطاليا، أو الاشتراك فيه في فنلندا، أو التحكم في شرعية الحكومات في السويد، وبالطبع كانت قضية الهجرة ولا تزال في صميم الأجندة الرئيسية لليمين المتطرف. خلاف مزمن بين الحكومات الأوروبية على آلية تقاسم الأعباء وبين الحكومات والأحزاب المُعارضة في كل دولة وقد تزامن ذلك مع زيادة حدّة الاضطرابات في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل والصحراء في أفريقيا، هذا إلى جانب استمرار تفاقم الأوضاع في سوريا، والصراع في السودان، الأمر الذي أسهم في تضاعف معدلات الهجرة واللجوء إلى الدول الأوروبية. في ظل وجود تيار يميني -سواء أكان حاكماً أم مشاركاً في الحكم أو ذا نفوذ قوي – مناهض للهجرة ويرفض الدعوات الخاصة بتغيير طريقة التعامل مع ملف اللاجئين.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، في 16 يوليو 2023، عن توصله إلى اتفاق مع تونس لوقف تدفق الهجرة غير الشرعية، وبموجب هذا الاتفاق تحصل تونس على 105 ملايين يورو تخصص لملف الهجرة، ومُساعدة بقيمة 150 مليون يورو لصالح موازنة الدولة التونسية، مع إمكانية منح قروض طويلة الأجل تصل لـ900 مليون يورو. ونتيجة لموقف الترويكا الأوروبية (البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية)، ورفض بعض الأحزاب الاشتراكية، لم تمنح تونس أيّ جزء من المبالغ المتفق عليها.

وقد فسر البعض الموقف الأوروبي في ضوء رفض تونس شروط صندوق النقد الدولي، الذي يطالب بإصلاح مؤسسي ورفع الدعم عن الكثير من السلع، ومع تفاقم الأوضاع في لامبيدوزا الإيطالية وغيرها من مراكز استقبال اللاجئين في أوروبا، بدأت الدعوة مُجدداً تتكرر للتواصل مع تونس ومنحها ما اتفق عليه في يوليو 2023.

وانقسمت الدول الأوروبية تجاه تطور أزمة اللاجئين، ولاسيما تلك المُتعلقة بلامبيدوزا، سواء من حيث الاستجابة أم الموقف العام لتقاسم الأعباء، ولم تتوقف الأزمة عند الجزيرة الإيطالية، بل امتدت في الحدود بين فرنسا وبريطانيا، وألمانيا وبولندا. ورفضت برلين استقبال وافدين جدد. وفي الوقت الذي تزدحم فيه مراكز الاستقبال في اليونان وإيطاليا، فإن هناك مطالبات داخل ألمانيا بترحيل 304 آلاف لاجئ من بينهم حوالي 248 ألفا يحملون إذناً مؤقتاً للإقامة.

وقد أدى الأمر إلى توتر في العلاقة بين ألمانيا وإيطاليا، وتبرر ألمانيا موقفها على خلفية أن إيطاليا لم تلتزم بشروط اتفاقية دبلن، وبالتالي لم تستقبل برلين اللاجئين المفترض قبولهم من جنوب أوروبا، والمقدرين بـ3500 لاجئ، تم استقبال 1700 منهم فقط، وفق آلية التضامن الطوعي. وبخلاف موقف ألمانيا تجاه إيطاليا، فإنها تتحرك بمفردها عبر شراكات مع ست دول – من داخل أوروبا وخارجها – للتعاون في مجال الهجرة، حيث بدأت بتوقيع اتفاق مع الهند في ديسمبر 2022، ودخل حيز التنفيذ في مارس من نفس العام، وقد أجرت مفاوضات في هذا الشأن مع دول مثل جورجيا ومولدوفا وكينيا وكولومبيا وأوزبكستان وقيرغيزستان.

وتمثل محافظة دو كاليه الفرنسية القريبة من بحر المانش نقطة عبور مهمة للاجئين للوصول من فرنسا إلى بريطانيا، ولطالما مثّلت الحدود البحرية وعمليات تهريب اللاجئين أزمة بين الدولتين، ولكل منهما قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية لا يلقي قبولاً محلياً أو دولياً. فبالنسبة إلى بريطانيا فقدت انتقدت الأمم المتحدة، في بيان لها في 18 يوليو 2023، مشروع قانون الهجرة البريطاني، على خلفية وجود بنود تضمن منع المهاجرين الذين جاؤوا إلى بريطانيا بشكل غير قانوني، من طلب اللجوء. أما عن التشريع الفرنسي فهو أيضاً لا يحظى بتوافق القوى في مجلس النواب الفرنسي وعلى رأسها اليسار والمنظمات الحقوقية، كون مشروع القانون سوف يُثقل كاهل طالبي اللجوء، ولاسيما الذين لا يملكون أوراقا خاصة بالهجرة.

وتوجد بين بريطانيا وفرنسا عدّة اتفاقيات لتنظيم ومكافحة الهجرة كان آخرها الاتفاق الذي وقع في 14 نوفمبر 2022، وبموجبه تدفع الحكومة البريطانية لفرنسا خلال عامي 2022 و2023 حوالي 72.2 مليون يورو، غير أن هذا الاتفاق لا يبدو حتى الآن ناجحاً، فقد وصل من يناير وحتى يونيو 2023 حوالي 10 آلاف لاجئ عبر قناة المانش. وحاولت بريطانيا أيضاً استخدام إستراتيجية الترحيل إلى دولة ثالثة خارج أوروبا وهي رواندا، لكن خطط الحكومة قوبلت بالفشل بعد رفضها من قبل محكمة الاستئناف البريطانية في 29 يونيو 2023.

وتعددت القمم والمبادرات التي ناقشت أزمة اللاجئين في شهر سبتمبر وبداية أكتوبر 2023.

واستجابت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، في 17 سبتمبر 2023، لطلب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، بزيارة جزيرة لامبيدوزا، وهناك أعلنت عن خطة مكونة من 10 نقاط لمواجهة الأزمة، ليس فقط في الجزيرة الإيطالية بل في الاتحاد عموماً، وبرزت أهم نقاط خطة فون ديرلاين في تعزيز الدعم المقدم لإيطاليا عبر التعاون مع خفر السواحل وتفعيل نظام بصمات الأصابع، بالإضافة إلى تسريع الدعم المالي لتونس التي تنطلق منها غالبية المهاجرين، والتحاور مع أبرز الدول التي يأتون منها مثل غينيا وساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو، لإعادتهم في حال لم يستوفوا شروط اللجوء.

واللافت للنظر في خطة المفوضية بنقاطها العشر أنها إعادة لتكرار الاتفاقات المرفوضة من بعض الدول الأوروبية.

*لينك المقال في العرب*