على الرغم من الحشد الدولي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة من أجل الضغط على روسيا بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا، والذي لقي استجابة كبيرة من قِبل حلفاء واشنطن الأوروبيين؛ بيد أن هذه الاستجابة كانت متباينة في الحالة الآسيوية، وهو ما يعزى إلى الطبيعة المختلفة التي تتسم بها دول آسيا، والتي تفرض عليها التعاطي مع المتغيرات الدولية والإقليمية بناءً على اقترابات ورؤى مختلفة عن تلك التي يتبناها الغرب، وهي تستند إلى محددات داخلية وخارجية متعددة، حتى لدى الدول التي تُصنف بأنها ديمقراطية وفقاً للمعايير الغربية.
وربما انعكس ذلك بوضوح في قلة الدول الآسيوية التي اتخذت إجراءات صارمة ضد روسيا، على غرار اليابان وكوريا الجنوبية، الأمر الذي حدّ كثيراً من تأثيرات هذه العقوبات المفروضة من قِبل الفواعل الآسيوية، إذ إن تجارة روسيا مع الدول الآسيوية التي انضمت للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو لم تتجاوز 8% من إجمالي تجارة روسيا الخارجية.
وفي هذا السياق، يعرض هذا العدد من "رؤى عالمية" أبرز الكتابات التي طرحتها مراكز الفكر والدراسات الآسيوية بشأن الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي تناولت أسباب وانعكاسات الحرب الراهنة من منظور آسيوي، فضلاً عن مناقشة هذه الحرب من زاوية القانون الدولي، وصولاً إلى تسليط الضوء على مواقف الدول الآسيوية من الحرب الروسية، والدروس المستفادة منها.