عرض: نهلة صلاح الدين – باحثة اقتصادية
يشهد النظام الدولي في الآونة الأخيرة تنافسًا اقتصاديًّا محتدمًا بين الولايات المتحدة والصين، تسعى الأخيرة إلى استثماره في بناء قوة عسكرية مؤثرة إقليميًّا ودوليًّا، ونفوذ سياسي. وتتوسع القيادة الصينية خلال العقود الماضية في سياسة إقراض دول متعثرة لتعزيز مكانتها الدولية، والذي سيؤثر على مكانة واشنطن في ظل نظام دولي يمر حاليًّا بموجة من التغييرات.
وفي هذا الإطار، نشر مركز "بيلفر للعلوم والشئون الدولية" التابع لجامعة هارفارد في مايو ٢٠١٨، دراسة بعنوان "دبلوماسية دفتر الديون"، أعدها "سام باركر"، و"جابرييل شفيتز"، الحاصلان على درجة الماجستير في السياسة العامة بكلية هارفارد كينيدي، والتي تعرض تحليلًا عن الفائدة الاستراتيجية للصين من سياسة الإقراض، وتأثيراتها على المصالح الأمريكية، وسبل مواجهة الإدارات الأمريكية لتلك التأثيرات.
الإقراض الصيني:
يشير التقرير إلى توسع الصين -في العقود الماضية- في إقراض دول متعثرة، وهو ما أطلق عليه الكاتبان "دبلوماسية دفتر الديون". وأوضحا أن تلك السياسة تعمل بشكل متسق وبدورة منتظمة، وأنها تأخذ ثلاثة أوجه، هي:
أولًا- الاستثمار: قامت الصين بتوسيع استثماراتها في البنية التحية في إطار مبادرة "الحزام والطريق" ببنوك تابعة للحكومة الصينية، بتقديم شروط متساهلة للقروض، وفترات سماح أطول من مؤسسات اقتصادية أخرى. وتلك الشروط جذابة للبلدان الضعيفة اقتصاديًّا، والأقل قدرة على الوصول إلى التمويل الدولي، وكذلك للقادة الباحثين عن الشرعية السياسية.
ثانيًا- البناء والتشغيل: يرى التقرير أن المشاريع غالبًا ما تتجاوز ميزانيتها، مع ضعف جودة البناء ومعايير السلامة، ولكنها تحقق العديد من العوائد الهائلة التي تعود في أغلبها للصين؛ مما يجعل عملية سداد الديون أكثر صعوبة.
ثالثًا- تحصيل الديون: عندما تثبت الدول أنها غير قادرة على سداد ديونها، يؤكد التقرير إمكانية استمرار الصين في تقديم إعفاءات من الديون في مقابل التأثير السياسي، أو الحصول على موارد وأسهم استراتيجية.
ويعتبر التقرير أن هذه السياسة تمثل استدانة جبرية للحصول على أصول استراتيجية أو نفوذ وتأثير سياسي بالدول المدينة. ويضيف أن تلك القروض المتعثرة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعباء الديون في الصين على المدى القصير، والتي ارتفعت من 141٪ إلى 256٪ من ناتجها المحلي الإجمالي منذ 2008. لكنّ الكاتبين يشيران إلى أنه من المرجح أن يتم التغاضي عن تلك المخاطر على المدى الطويل بالنظر للنفوذ الكبير الذي حققته بكين من خلال سياسة الديون.
ويُشير التقرير إلى ثلاثة أهداف استراتيجية أساسية من سياسة الإقراض للدول المتعثرة. يتمثل أولها في إنشاء والسيطرة على موانئ المحيط الهندي لحل معضلة مضيق ملقا. ويتعلق ثانيها بتقويض التحالف الإقليمي الذي تقوده الولايات المتحدة عبر المشروعات والتجارة الحيوية في جنوب آسيا. وينصرف ثالثها إلى تمكين الجيش الصيني من السيطرة على جزر المحيط الهادئ.
ثلاث فئات:
قدم التقرير بحثًا مفصلًا لست عشرة دولة مدينة للصين تستوفي معايير الأهداف المحتملة. وهذه القائمة ليست شاملة، ولكنها تمثل حالات رئيسية بثلاث مناطق استراتيجية مهمة: (جنوب شرق آسيا، والمحيط الهادئ، وإفريقيا). وتم تقسيمها إلى ثلاث مجموعات مختلفة، هي:
الفئة الأولى: تغطي دولًا تنازلت بالفعل عن ميناء أساسي أو قاعدة عسكرية للصين، وتستمر في الوقوع في مصيدة الديون الصينية وفقًا للتقرير. وفي منطقة المحيط الهندي، توفر دبلوماسية الديون للصين النفوذ الاقتصادي، من خلال زيادة الاستثمارات بالموانئ التجارية، لتتمكن من تحدي المصالح الإقليمية للولايات المتحدة، والمجالات التقليدية للتأثير الأمريكي والهندي. ويضيف الكاتبان أن ميناءَيْ "هامبانتوتا" في سريلانكا وميناء "جوادر" في باكستان يوفران مخططًا استراتيجيًّا لبكين. ويحمل هذا تحذيرات لبلدان إقليمية أخرى، مثل ماليزيا وتايلاند وميانمار، التي تتأرجح على حافة مصيدة الديون الصينية.
ويُشير التقرير إلى أن الصين تمكنت من استغلال الفراغ الناجم عن تدهور علاقات بعض الدول مع الولايات المتحدة، وتوفير بديل تمويل ملح لحل ما يُعرف بمعضلة مضيق ملقا، ومساعدة البحرية الصينية للوصول للمحيط الهندي وما وراءه من أجل تأمين طرق التجارة الآسيوية للصين، حيث إن أكثر من 80٪ من واردات النفط الصينية تمر عبر مضيق ملقا.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، احتكرت البحرية الأمريكية تلك المنطقة. ومن شأن وجود بحرية صينية كبيرة في المحيط الهندي أن يتحدى هذه السيطرة. والصراع الصيني-الأمريكي أو مع جارٍ محلي يؤدي لتدخل بكين في طرق الشحن يمكن أن يضر بشكل كبير بتجارة الولايات المتحدة.
وتمثل سريلانكا أوضح الأمثلة على دول تلك الفئة، حيث إنها دولة فقيرة تطمح للاستثمار، وتطوير البنية التحتية، ويتجنب المجتمع الدولي التعامل معها بسبب حربها الأهلية، وتقع في موقع استراتيجي على الطرق التجارية للمحيط الهندي التي تعتمد عليها الصين.
وقد تضافرت الحاجة الاقتصادية والعزلة الدبلوماسية والأصول القيمة لجعل سريلانكا هدفًا رئيسيًّا لدبلوماسية الديون الصينية، حيث عرضت بكين أكثر من مليار دولار لتطوير ميناء رئيسي في "هامبانتوتا"، ومع تجاوز ديون سريلانكية للصين 8 مليارات دولار، تخلت حكومتها عن السيطرة على الميناء للصين في مبادلة للديون بأسهم الميناء. مما قد يؤدي لتواجد بحري صيني في المحيط الهندي، إما كمركز لوجستي أو كقاعدة كاملة، وهو الأمر الذي يُشكل تحديًا للنفوذ البحري الأمريكي، وللجيران الآسيويين القلقين من تمدد النفوذ الصيني الذين يعتمدون على هذه الطرق.
ويمثل مبتغى السيطرة على ميناء جوادر هدفًا استراتيجيًّا للصين، حيث تعهدت بكين حتى الآن بتقديم ما يصل إلى 62 مليار دولار للممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني بموجب عقد تم توقيعه في أبريل 2017، بموجبه ستقوم الشركة الصينية بإدارة الميناء لمدة 40 عامًا حتى 2059، وتحصل على 91٪ من إجمالي إيرادات الميناء، و85% من المنطقة الحرة المحيطة. ولكن بحلول الوقت الذي يتم فيه إعادة الميناء إلى باكستان، من المحتمل أن تحتاج منشآته إلى صيانة كبيرة، وبالتالي قد تضطر للعودة إلى الصين لتمويل هذه الإصلاحات.
ويضيف الكاتبان أن الصين تتمكن من توسيع نفوذها بماليزيا باستثماراتها المتزايدة في الدولة ذات الموقع الاستراتيجي بين مضيق ملقا وبحر الصين الجنوبي، حيث تبلغ تكلفة مشروع السكك الحديدية بين الساحل الشرقي لماليزيا ببحر الصين الجنوبي والساحل الغربي بمضيق ملقا 14 مليار دولار، والذي أطلق العام الماضي وحصلت ماليزيا على 85% من تمويله من بنك صيني. كما يقدر تمويل مشروع ميناء "ميلاكا جيتواي" والمنطقة الصناعية له بحوالي 11 مليار دولار والذي بدأ البناء فيه عام 2016، وتم إنشاؤه بواسطة شركة صينية بالشراكة مع شركة ماليزية تمتلك 51٪ من المشروع؛ إلا أن الحجم الضخم للاستثمارات الصينية يترك كوالالمبور في موقف تفاوضي ضعيف.
ويتحدث التقرير عن أن عزلة ميانمار المتزايدة من الغرب خلقت فراغًا استغلته بكين للتوسع اقتصاديًّا، حيث تمول بناء ميناء بالدولة بحوالي 10 مليارات دولار بواسطة شركة صينية تمتلك 70% من الميناء، وستقوم بإدارته لمدة 50 عامًا، مع تمديد محتمل لمدة 25 عامًا أخرى، وهو ما سيساهم في تأمين احتياجات الصين من الطاقة، والسماح لها للحد من اعتمادها على واردات الطاقة عبر مضيق ملقا.
وتستفيد الصين من التعافي الاقتصادي لتايلاند وتباطؤ تطور العلاقات مع الولايات المتحدة بزيادة استثماراتها في البنية التحتية. ويُمكِّن مشروع قناة "كرا" المقترح بكين من امتلاك نفوذ بمنظمة جنوب شرق آسيا، حيث يسمح للسفن بتجاوز سنغافورة ليهدد تفوقها بتقديم خدمات الشحن، وتقويض السيطرة العسكرية للولايات المتحدة وسنغافورة على مضيق ملقا.
غير أنه من غير المحتمل أن تخسر واشنطن تايلاند لصالح التأثير الصيني في وقت قريب نظرًا لعمق العلاقة العسكرية بين البلدين. ومع ذلك قد تختار بكين مستقبلًا الاستفادة من حيازاتها المتزايدة من الديون، بجانب علاقاتها القوية مع النظام، لإقامة مشروع القناة، ولكن لا يزال من السابق لأوانه معرفة ذلك.
في عام 2016، أنشأت الصين صندوقًا بقيمة 60 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية التحتية في إفريقيا بقروض ميسرة، علمًا بأن الوجود العسكري الصيني بإفريقيا يوفر لبكين القدرة على إبراز القوة بشكل كبير خارج شواطئها لتتعارض مع المصالح الأمريكية.
وتُعد دولة جيبوتي أبرز مثال لدبلوماسية الصين في إفريقيا، حيث أعلنت في عام 2016 عن بناء أول قاعدة بحرية لها في الخارج. كما استثمرت بكين 1,4 مليار دولار بما يعادل 75٪ من الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي في بنية تحتية تضم ثلاثة موانئ، ومطارين، وسكة حديد بين إثيوبيا وجيبوتي، وخط أنابيب لجلب المياه من إثيوبيا.
ويشير التقرير إلى أن كينيا تعتبر بوابة الشرق الأوسط وإفريقيا للصين، ونقطة وصول محتملة أخرى إلى المحيط الهندي، ولهذا قدمت بكين 6,3 مليارات دولار بين عامي 2010 و2015 كقروض لنيروبي، مما جعلها أكبر دائن، وتمثل 57٪ من إجمالي الدين الخارجي البالغ 4,51 مليارات دولار.
الفئة الثانية: وتضم دولًا لا تمثل مصدر قلق رئيسي وفوري نظرًا لعدم وجود نفوذ سياسي منفرد عليها نتيجة علاقات الولايات المتحدة الإيجابية معها، ولأن حالة الديون الصينية مستقرة نسبيًّا. ولكن التقرير يتحدث عن أن التأثيرات المجتمعة للديون الصينية لدى بعض الدول الآسيوية يمكن أن يعطي للصين حق النقض بالوكالة بمنظمة دول جنوب شرق آسيا، ويحرم الولايات المتحدة من الدعم الإقليمي لمطالب منطقة جنوب البحر الصيني، حيث تواصل بكين بناءها في أقاليم جنوب هذا البحر المتنازع عليها في تحدٍّ للأمم المتحدة، حيث تعتمد استراتيجية الصين على البناء لتغيير الحقائق على الأرض مع الاستفادة من النفوذ الاقتصادي لخنق المعارضة الإقليمية.
الفئة الثالثة: وتضم دول اتفاق الرابطة الحرة Compact of Free Association (اتفاق يربط بين الولايات المتحدة وثلاث دول جزرية باسيفيكية)، حيث إن انتهاء صلاحية الاتفاق سيدفع هذه الدول لتبعية للصين، وهذا من شأنه أن يهدد الدور الاستراتيجي الذي تتمتع به الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية في آسيا-الباسفيك، ويساعد البحرية الصينية على توسيع نطاقها بالمحيط الهادئ.
وبينما كانت دول اتفاق الرابطة الحرة حليفًا للولايات المتحدة لمدة 70 عامًا، فإن الصين تعزز نفوذها الاقتصادي بتلك الدول من خلال التجارة والاستثمار والمعونات والسياحة المتنامية، مع احتمال إغلاق واشنطن صندوق المساعدات الذي يدعم اقتصاداتها ويكفل الشراكة الاستراتيجية. وقد يؤدي انتهاء هذا التمويل عام 2023 إلى دفع هذه البلدان إلى ضائقة مالية، مما يوفر حافزًا لها لإعادة تقييم علاقاتها بالقوى العظمى على المدى الطويل.
ويُضيف الكاتبان أن دول جزر المحيط الهادئ قد لا تستطيع تقديم أصول استراتيجية، وسيدفعها تراكم الديون بشكل كبير لفخ الديون الصينية بما يثير مخاوف طويلة الأجل بشأن منشآت بحرية صينية محتملة في تلك الجزر، وما وراءها.
تحديات أمريكية:
تثير دبلوماسية ديون الصين هواجس الولايات المتحدة لأنها وسيلة تستخدمها بكين لتحقيق أهداف استراتيجية مضادة للمصالح الأمريكية. فمنذ الحرب العالمية الثانية، تمتعت واشنطن بهيمنة اقتصادية وعسكرية غير قابلة للتحدي في منطقة المحيط الهادئ، مدعومة بنظام تحالف قوي لا مثيل له لدعم بروز القوة الأمريكية. لكن صعود الصين قوض من القوة الاقتصادية الأمريكية بتلك المنطقة.
ويرى التقرير أن سياسة الصين للإقراض تفرض على الولايات المتحدة عدة تحديات، تتمثل في:
أولًا- الحفاظ على توازن استراتيجي في مواجهة الصين. فخلال أكثر من نصف قرن كانت المصالح الأمريكية في آسيا تدعم بسيطرة بحرية منفردة لمضيق ملقا، وبعض الطرق التجارية الرئيسية في المنطقة، وتحالف موحد لدول جنوب شرق آسيا، وتواجد في جزر المحيط الهادي من أجل اكتشاف الطاقة واحتواء البحرية الصينية.
ثانيًا- منع الصين من تقليص النفوذ الأمريكي لدى الشركاء الرئيسيين. تقوض قروض الصين قدرة الولايات المتحدة على استخدام مساعداتها الاقتصادية لتعزيز أهداف الأمن القومي الأمريكي، حيث وفرت هذه المساعدات للولايات المتحدة وسيلة قوية لتعزيز أمنها النووي ومكافحة الإرهاب في باكستان.
ثالثًا- ضمان سلامة واستمرارية الطرق التجارية وأسواق الطاقة. هناك دافع هام لاستراتيجية دبلوماسية الديون الصينية، يتمثل في حاجتها لحل "معضلة مضيق ملقا"، وإنشاء طرق بديلة لوارداتها من الطاقة وتوسيع قوتها البحرية.
رابعًا- تعزيز العلاقات الهندية-الأمريكية. يتحدث التقرير عن أنه عندما يتعلق الأمر بالصين، فإن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة والهند تتسق بشكل متزايد، حيث أدت عمليات الاستحواذ الصينية الأخيرة على الموانئ في سريلانكا وباكستان إلى إثارة مخاوف الهند من التطويق الصيني. وبعد عقود من عدم الانحياز تزداد قناعات نيوديلهي بالتحالف مع واشنطن.
خامسًا- الحد من الدور الأمريكي. عَرْضُ الصين للتمويل بدون شروط يوفر بديلًا تمويليًّا جذابًا للبلدان المعزولة دوليًّا مثل ميانمار، وتقلل هذه الممارسة من قدرة الولايات المتحدة على استخدام نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي لتعزيز حقوق الإنسان.
آفاق المستقبل:
يتحدث الكاتبان في تقريرهما عن ضرورة إدراك الولايات المتحدة أنها لم تعد لديها اليد العليا، وتفتقر لإرادة الموارد اللازمة لتحدي الاستثمار الصيني الضخم. وأن البلدان النامية اليائسة ستستمر في السعي لتمويل البنية التحتية، والحصول على قروض صينية. كما أن بكين ستواصل تراكم هذه الديون وزيادتها بشكل إجباري لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. فضلًا عن أن هناك القليل لدى واشنطن والحلفاء يمكنهم فعله للتدخل في هذا المشهد.
ويضيف التقرير أن دبلوماسية الديون في أسوأ السيناريوهات يمكنها مساعدة الصين للحصول على عدد من القواعد البحرية النشطة عبر جنوب آسيا ومضيق ملقا، والسيطرة العسكرية الضمنية أو الصريحة على حلفاء الولايات المتحدة في جزر بحر الصين الجنوبي، وتوسيع بكين نطاقها البحري في المحيط الهادي وخارجه. وسوف يقدم ذلك -بلا شك- صورة استراتيجية أكثر قتامة للمصالح الأمريكية، وهو الأمر الذي يفرض على الولايات المتحدة أن تبذل جهودًا متضافرة لمنع هذه التطورات من الحدوث.
المصدر
Parker, Sam and Gabrielle Chefitz. “Debtbook Diplomacy”, Paper, Belfer Center for Science and International Affairs, Harvard Kennedy School, May 24, 2018.