تختلف الظروف وتتبدل المعطيات، وتهتز موازين القوى الدولية في المنطقة، وترتفع وتنخفض النزاعات الإقليمية، وتتعقد الملفات الشائكة، ويبقى التحالف السعودي- الإماراتي ثابتاً وراسخاً، وفي مستويات غير مسبوقةٍ في تاريخ البلدين.
مطارات السعودية وشركاتها الكبرى ومبانيها الشهيرة ووسائل إعلامها وصحافتها وقنواتها العامة والخاصة، احتفت بعيد الإمارات الوطني السادس والأربعين، وأكثر من هذا فمحبة الشيخ زايد لدى الشعب السعودي ورثها أبناؤه من حكام وأيضاً ورثها شعب الإمارات، وصار الشعب السعودي يعبر بكل وسائل التعبير الممكنة عن هذه المحبة بكل الأشكال الممكنة فردياً وجماعياً، كل في فنه ومجاله.
لم تعرف السعودية الجديدة التي تعيد ترتيب توازنات القوى في المنطقة والعالم حليفاً أكثر إخلاصاً وأثراً من دولة الإمارات، وقرار القيادات بتعميق التحالفات ينتقل بشكل طبيعي إلى الشعوب والمجتمعات، وبخاصة في أوقات إعادة ترتيب التوازنات الإقليمية والدولية، والمشاركة الفاعلة في خلق أولويات جديدةٍ على كافة الصعد تكون هي الحاكمة الجديدة لكل التفاعلات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والفنية وغيرها، وهو ما يمكن لأي باحثٍ أو متابعٍ أن يرصده في هذه المرحلة من تاريخ المنطقة والعلاقات بين البلدين.
أزمات المنطقة كثيرة، إنْ على مستوى المواقف الدولية أو الصراعات الإقليمية أو الملفات الكبرى التي تتعلق بكل بلدٍ على حدةٍ، وإنْ على مستوى المنظمات السياسية كمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، وإن على مستوى المؤسسات الإسلامية بشتى تنوعاتها، وعلى كل تلك المستويات بما يتفرع عنها، لا توجد دولتان يمكن التنبؤ باتحاد مواقفهما في كافة الظروف مثل السعودية والإمارات.
في واحة الكرامة في أبوظبي وقبل يومين من العيد الوطني الإماراتي اجتمع حكام الإمارات في يوم الشهيد الذي يخلّد شهداء الإمارات وأبطالها في معارك المجد والبطولة، وكثيرٌ من الأسماء كانت في عاصفة الحزم وتحرير اليمن من ميليشيات إيران «الحوثية» الدموية المؤدلجة، والتي نقلت الأنباء بالأمس انشقاقاً واسعاً بينها وبين حليفها السابق علي عبدالله صالح.
من أهم التحالفات القائمة في المنطقة اليوم، التحالف العربي لتحرير اليمن والذي تقوده السعودية والإمارات، وتحالف الدول المسلمة لمحاربة الإرهاب الذي عقد اجتماعه الأول الأسبوع الماضي في الرياض، وفيه السعودية والإمارات، أما ملف مواجهة الإرهاب والتطرف على كافة المستويات، ونشر التسامح والمحبة فهي ملفات مشتركة بين البلدين الشقيقين يتنافسان فيها التقدم والإنجاز.
هل ستعقد قمة خليجية في الكويت تضم قطر؟ وقطر تدعم «الحوثي» في اليمن من قبل ومن بعد، كيف سيُدفع الملف السوري للحل في جنيف؟ مع كل التعقيدات الدولية والإقليمية والداخلية، ثم كيف ستتأثر لبنان بكل ما يمور في المنطقة من توترات؟ لأن لبنان تتأثر أكثر مما تؤثر، بحكم حجمها، كيف سيعاد التعامل مع القضية الفلسطينية بعد المصالحة التي رعتها مصر؟ مع الممانعة التي تبديها حركة «حماس» الإخوانية، كيف سيتم التعامل مع المتغيرات الكبيرة في اليمن بعد المواجهة المباشرة بين «الحوثي» وصالح؟ وترحيب الشرعية والتحالف العربي الداعم لها بكل ما يخلص اليمن من أزمته.
لن يجد أي متابعٍ صعوبةً تذكر في اكتشاف أن السعودية والإمارات يمثلان حلفاً صلباً يدفع باتجاه حلولٍ واقعيةٍ وممكنةٍ، لحل كل هذه الملفات التي ربما غرق البعض في تفاصيلها وأعمته عن الرؤية العامة، وهو ذات الأمر الذي يجري في ملفات التنمية والتطوير والفكر والثقافة والتنوير، دولتان تتسابقان التقدم والرقي وتقودان التواصل مع العالم الحديث وريادة الوعي وحماية المصالح وبناء المستقبل.
أخيراً، هناك هدم وبناءٌ، وتغيير للمشكلات، وإعادة ترتيب للأولويات والتوازنات، مع حفاظٍ على عنصر المفاجأة، ونجاحٌ وصناعةٌ جديدة للتاريخ، والسعودية والإمارات، صفٌ واحدٌ ومصيرٌ واحدٌ. وكل عامٍ وأنتم بخير.
*نقلا عن صحيفة الاتحاد