أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)
  • إيمان الشعراوي تكتب: (الفجوة الرقمية: حدود استفادة إفريقيا من قمة فرنسا للذكاء الاصطناعي 2025)
  • حسين معلوم يكتب: (تفاؤل حذر: هل تشكل الانتخابات المحلية فرصة لحلحلة المسار الليبي؟)
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)

موازنة الصين:

دوافع تزايد الانتشار الخارجي للقوة البحرية الهندية

08 أبريل، 2024


دشن سلاح البحرية الهندي، في 6 مارس 2024، قاعدة بحرية جديدة في جزيرة مينيكوي ذات الأهمية الاستراتيجية، الواقعة في جنوب غربي الهند، والتي تُعد أقرب نقطة إلى أرخبيل جزر المالديف. كما استضافت الهند تدريب (ميلان 24) البحري متعدد الأطراف، في فبراير الماضي، بمشاركة أكثر من 50 دولة. وفي يناير الماضي، نشرت نيودلهي قوة بحرية ضخمة بالقرب من البحر الأحمر، مكونة من 12 سفينة حربية، لحماية السفن من مخاطر عمليات القرصنة. وهو ما يطرح التساؤلات حول أسباب تزايد دور سلاح البحرية الهندي، ودلالات ذلك، والتحديات التي تواجهه.

مؤشرات الانتشار:

برزت في السنوات الأخيرة العديد من المؤشرات الدالة على تنامي دور القوات البحرية الهندية، سواء في منطقة المحيط الهندي، أم في المياه الدولية بشكل عام، وتتمثل أبرز هذه الملامح في الآتي:

1- التوسع في إنشاء قواعد بحرية خارجية: تتبنى الهند استراتيجية عسكرية مفادها التركيز على الانتشار البحري "المتأني" من خلال إقامة قواعد بحرية خارج حدودها، سواء في الجزر التابعة لها أم في جزر وموانئ تابعة لدول أخرى. وبناءً على ذلك، دشنت البحرية الهندية، في 6 مارس 2024، قاعدة بحرية جديدة في جزيرة مينيكوي جنوب غرب البلاد، كبديل لخروج عناصرها العسكرية من جزر المالديف، والذي بدأ بالفعل في 10 مارس 2024. وفي الإطار ذاته، استحدثت الهند، وأعادت تأهيل عدة قواعد بحرية في الجزر القريبة من المضائق الرئيسية المؤدية إلى المحيط الهندي. كذلك، أسست عدة قواعد بحرية وجوية خارج أراضيها، وكانت البداية في عام 2007، عبر مركز للتنصت والرصد الراداري في مدغشقر، الذي يُعد أول قاعدة عسكرية هندية في الخارج.

2- تعزيز القوات البحرية: اتجهت الهند مؤخراً نحو توسيع وتعزيز قواتها البحرية. فقد دشنت في 3 فبراير 2024، سفينة "ساندهاياك"، التي تم تصنيع 80% من مكوناتها محلياً، وهي أول سفينة استطلاع كبيرة في البحرية الهندية، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تعزيز أمن الملاحة البحرية، فضلاً عن إجراء مجموعة من العمليات البحرية المتنوعة. كما نجحت البحرية الهندية خلال الأعوام العشرة الماضية في بناء أكثر من 12 سفينة حربية مسلحة بالصواريخ والطوربيدات. ويجري بناء 64 سفينة وغواصة من أصل 66 تحت الطلب في أحواض بناء السفن الهندية. وتخطط الهند لامتلاك ما بين 155 و160 سفينة حربية بحلول عام 2030، على أن يصل هذا العدد إلى 175 سفينة بحلول 2035. وبجانب ما سبق، تعمل البحرية الهندية على توظيف التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز تدابير الأمن البحري؛ من خلال الاستفادة من أنظمة المراقبة والطائرات من دون طيار وأدوات الاتصال. كما ارتفعت حصة البحرية إلى 19% في ميزانية الدفاع الهندية، والتي بلغت نحو 72.6 مليار دولار العام الماضي. 

3- التعاون البحري مع دول أخرى: عملت الهند على توطيد التعاون الدفاعي البحري مع دول أخرى، من خلال بناء شراكات استراتيجية عبر المشاركة في التدريبات البحرية المشتركة المتعددة الأطراف مع دول في المنطقة وخارجها، وكذلك زيارات السفن الحربية الهندية إلى هذه الدول وأجرت البحرية الهندية، عام 2021، نحو 50 تدريباً مع القوات البحرية الصديقة، بما في ذلك التدريب مع سفن حربية يابانية حول مضيق ملقا. كما سعت نيودلهي لتعزيز التحالفات مع القوى الكبرى والإقليمية، من خلال الانضمام إلى الحوار الأمني الرباعي "كواد" مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا عام 2017، والمشاركة كعضو منتسب عام 2022 في القوة البحرية المشتركة بقيادة واشنطن لتأمين الملاحة في الخليج. وتجري أساطيل الدول الأربع بانتظام تدريبات يُنظر إليها على أنها جزء من مبادرة لمواجهة النفوذ المتزايد للصين في المحيط الهادئ.

4- تقديم المساعدات البحرية للدول الجزرية في المحيط الهندي: تُقيم الهند علاقات تعاون بحري قوية مع الدول المحيطة بها، ولاسيما الدول الساحلية والدول الجزرية الصغيرة في منطقة المحيط الهندي؛ إذ تساعد البحرية الهندية موريشيوس، على مراقبة المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، وإدارة حرس السواحل الوطني، وتقديم معدات الاستطلاع البحري والتدريب، علاوة على إجراء مسوحات هيدروغرافية. وشهد عام 2018 توقيع اتفاق بين الدولتين لتعزيز التعاون في الأمن البحري في عمليات مكافحة القرصنة، وكذلك في التصدي للصيد غير القانوني والاتجار بالبشر في منطقة المحيط الهندي. وفي السياق ذاته، تساعد القوات البحرية وقوات حرس السواحل الهندية، جمهورية سيشل على حفظ الأمن عبر الرصد البحري، والتدريب، وتوفير المعدات العسكرية البحرية وعمليات الإصلاح.

5- تقديم المساعدات: سعت البحرية الهندية إلى إظهار نفوذها من خلال البعثات الإنسانية، ففي عام 2015 لجأت أكثر من 26 دولة، بينها الولايات المتحدة، إلى نيودلهي للمساعدة في إجلاء مواطنيها عندما اشتدت الحرب الأهلية في اليمن، وتمكنت ست سفن حربية هندية من إنقاذ أربعة آلاف مواطن هندي، بالإضافة إلى 1200 أجنبي قبل قصف ميناء عدن. وخلال عامي 2020 و2021، أبحرت السفن الهندية 40 ألف ميل لتزويد دول المحيط الهندي بالأغذية والأدوية والأسلحة. وفي ديسمبر 2021، أبحرت سفينة حربية هندية إلى موزمبيق لأول مرة حاملة أسلحة ومساعدات إنسانية.

دوافع نيودلهي:

ثمة اعتبارات عدة دفعت نيودلهي مؤخراً إلى نشر قواتها البحرية في الخارج، يمكن توضيحها في الآتي:

1- تعزيز دورها على الساحة الدولية: ترى الهند أنها دولة مسؤولة ينبغي أن تمارس دوراً مهماً في التعامل مع الأزمات البحرية الدولية والإقليمية، وذلك في ضوء إدراكها لتزايد قدراتها ومصالحها ومكانتها على المستوى الدولي. لذا، عملت نيودلهي على توسيع وتحديث قواتها البحرية لتفعيل دورها كقوة عظمى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ "الإندوباسيفيك"، وضمان إقامة نظام عالمي يرتكز على القواعد، عبر عمل البحرية الهندية على الحفاظ على السلام والأمن، بما يؤدي إلى إنهاء الفوضى، ونشر السلام والازدهار في المنطقة، وتحقيق السلام العالمي.

2- منافسة البحرية الصينية: تنظر الهند بقلق بالغ إلى مسألة تزايد القوة البحرية الصينية في منطقة "الإندوباسيفيك"، وذلك في ظل العداء التاريخي بين الدولتين؛ ما يفرض على الهند تحديات كبرى، ويدفعها إلى التركيز على امتلاك المزيد من السفن والغواصات والطائرات المتقدمة، بجانب زيادة الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية، فضلاً عن الاتجاه إلى بناء قواعد بحرية جديدة؛ بهدف موازنة قوة البحرية الصينية.

3- التخوف من التعاون البحري بين الصين وباكستان: لا يقتصر التحدي الذي تمثله الصين بالنسبة للهند على الصعيد البحري في تنامي وجودها في منطقة "الإندوباسيفيك" فحسب، وإنما يمتد ليشمل أيضاً توجه بكين في السنوات الأخيرة نحو تعزيز علاقاتها العسكرية مع باكستان، العدو التاريخي للهند، ولاسيما على الصعيد البحري. ومن أبرز مؤشرات ذلك، التدريبات البحرية المشتركة بين بكين وإسلام آباد، ومنها تدريب "حراس البحر"، الذي جرت نسخته الأخيرة في نوفمبر 2023 في بحر العرب، وركّز على الاستجابة المشتركة للتهديدات الأمنية البحرية. كما تتعاون الدولتان لتحسين القدرات العسكرية للثانية، ولاسيما القدرات البحرية؛ إذ زودت الصين باكستان بغواصات وفرقاطات صينية حديثة، وثمة احتمال كبير لإنشاء قاعدة بحرية صينية في ميناء جوادر الباكستاني الذي شيّدته بكين في إطار مشروع الممر الاقتصادي بين الدولتين. وتتخوف الهند من تطور القدرات البحرية الباكستانية، ولاسيما توجه إسلام آباد نحو توسيع أسطولها من الغواصات والفرقاطات.

4- تزايد مهددات الملاحة في الممرات المائية الاستراتيجية: يتمثل أحد أدوار سلاح البحرية الهندي في إسباغ الشرعية على النفوذ الهندي في المناطق البحرية، ارتباطاً بالأهداف السياسية والاقتصادية والأمنية للبلاد. وهو ما يفسر إرسال نيودلهي أسطولاً بحرياً ضخماً وغير مسبوق للمرة الأولى، يتكون من 12 سفينة حربية، إلى منطقة خليج عدن وبحر العرب؛ ما يجعل الهند تمتلك أكبر وجود عسكري بحري في هذه المنطقة. وأرجعت نيودلهي هذه الخطوة إلى رغبتها في ضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية الاستراتيجية، وحماية عمليات الشحن التجاري، وتأمين خطوط الشحن الهندية، بالإضافة إلى مواجهة عمليات القرصنة البحرية التي عادت مؤخراً قرب الصومال؛ إذ ارتفع عدد حوادث القرصنة إلى 99 حادثة، في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2023، مقارنةً بنحو 90 حادثة في عام 2022.

5- حماية المصالح الاقتصادية وأمن الطاقة: تتخوف الهند من تأثير الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر على مصالحها الاقتصادية، ولاسيما تجارتها الخارجية، ووارداتها النفطية. وهو ما يُتوقع معه احتمال تعرض صادرات الهند لخسائر تُقدر بنحو 30 مليار دولار هذا العام، في حالة اضطرار سفن أخرى للشحن إلى إعادة توجيه مسارها عبر طريق رأس الرجاء الصالح، خصوصاً أن نحو 80% من تجارة السلع الهندية مع أوروبا، تمر عبر البحر الأحمر. كما أن غياب الأمن في البحر الأحمر وممراته المائية من شأنه أن يُلحق ضرراً كبيراً بإمدادات النفط الروسي، التي يحتاجها الاقتصاد الهندي المتنامي، بما يؤثر بشكل مباشر في المصالح الاقتصادية للبلاد.

دلالات مهمة:

ينطوي تزايد انتشار القوات البحرية الهندية في منطقة المحيط الهندي وفي أعالي البحار، على العديد من الدلالات المهمة، يمكن توضيحها في الآتي:

1- تحولات السياسة الخارجية الهندية: يعكس تنامي دور القوات البحرية الهندية؛ ما طرأ على السياسة الخارجية لنيودلهي من تحول وتغيير، فقد كانت هذه السياسة تركز في السابق على ضمان وحدة الداخل الهندي، فضلاً عن الصراع مع باكستان. ويؤكد تنامي انتشار القوات البحرية الهندية الاستمرار في سياسة "التوجه نحو الخارج"، لإثبات قدرة الهند على تحقيق الأمن في دول الجوار الإقليمي، وهو ما يتواكب مع تنامي قدرات الهند الاقتصادية التي تؤهلها لأداء دور أكثر بروزاً على الساحة الدولية، فقد أصبح الأمن البحري ركيزة قوية لالتزامات السياسة الخارجية لنيودلهي في الوقت الراهن، في ضوء التحدي البحري الذي تمثله الصين بالنسبة لها. ويرى البعض أن ثمة حاجة لأن يكون التفكير الاستراتيجي للهند موجهاً نحو البحر، ليس فقط كخيار للاستجابة للأزمات، ولكن كمسرح لتعزيز الأولويات الجيوسياسية والاستراتيجية الأكثر إلحاحاً في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

2- بروز الهند كفاعل قوي في مجال الدبلوماسية البحرية: من المثير للاهتمام أن هذا التوجه من جانب البحرية الهندية يرتبط ارتباطاً مباشراً بمفهوم "عمليات النشر على أساس المهمة"، وهو المفهوم الذي شهد تمركز السفن البحرية الهندية في الأماكن التي "تجري فيها العمليات"، سواء أكان ذلك في مضيق هرمز أم البحر الأحمر أم مضيق ملقا، بدلاً من البقاء في الموانئ. كما عززت "عمليات النشر على أساس المهمة" إمكانية التشغيل البيني الإقليمي؛ إذ عملت البحرية الهندية مع القوات البحرية الأخرى لتحسين الأمن البحري. وفي الوقت نفسه، ضمنت عمليات النشر هذه أن الهند برزت كفاعل رئيسي في مجالات الوعي بالمجال البحري، والمساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث؛ إذ انخرطت نيودلهي في الحد من مخاطر الكوارث وإدارة الأزمات.

3- التنسيق البحري مع واشنطن: على الرغم من عدم انضمام الهند إلى قوة المهام التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، فإن هناك تنسيقاً بين الدولتين بشأن قضية الهجمات على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب؛ إذ وصف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه نظيره الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، في فبراير 2024، أسلوب واشنطن ونيودلهي في التصدي للأزمات البحرية بأنه "يعزز الموقف المشترك للبلدين". كما تعكس العمليات البحرية الهندية؛ التعاون المتزايد مع الولايات المتحدة في منطقة "الإندوباسيفيك" لمواجهة الصين، ولاسيما في ضوء صفقة الأسلحة المرتقبة التي تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار مع الولايات المتحدة لشراء 31 طائرة من دون طيار من طراز "بريداتور"، نصفها مخصص للبحرية؛ ما يعني تعزيز القدرات العسكرية للهند.

تحديات الصعود:

على الرغم من أن البحرية الهندية نجحت في تحقيق العديد من الأدوار المهمة في الفترة الأخيرة، فإن هناك العديد من التحديات التي تواجهها، من أبرزها ما يلي:

1- محدودية موارد القوات البحرية: يتوقع أن يؤدي استمرار الهجمات على السفن في البحر الأحمر، إلى استنزاف قدرات القوات البحرية الهندية، بينما تتزايد وتيرة عملياتها وانتشارها بصورة أكبر في المنطقة. وثمة تساؤلات مطروحة بشأن مدى قدرة القوات البحرية الهندية على مواصلة نشر القوات بنفس وتيرة العمليات في ظل محدودية مواردها. كما يهدد نقص التمويل قدرة الهند على مواكبة الصين ودول أخرى؛ إذ إن معظم الغواصات الهندية اللازمة للسيطرة على المحيطات باتت قديمة ويبلغ عمرها نحو عقدين من الزمن، كما أن خطط زيادة أسطول السفن الحربية إلى 200 سفينة؛ بما في ذلك شراء حاملة طائرات ثالثة؛ يتم تأجيلها باستمرار.

2- هيمنة بكين على منطقة بحر الصين الجنوبي: تفتقد الهند في الوقت الراهن إلى القوة اللازمة للوجود البحري في منطقة بحر الصين الجنوبي، في ظل الوجود الكثيف للأصول البحرية الصينية الضخمة هناك. ويظل بحر الصين الجنوبي مصدر قلق كبير بالنسبة لنيودلهي؛ إذ يمر حوالي 60% من البضائع الهندية عبر ممرات الشحن في المنطقة التي تهيمن عليها بكين.

3- تراجع خطط الهند لزيادة وجودها البحري في المحيط الهندي: وذلك على خلفية المشكلات التي تواجه عزم الهند بناء منشآت عسكرية في جمهورية سيشل. علاوة على المعارضة التي تواجهها الهند في العديد من الدول المجاورة الأخرى، مثل: جزر المالديف وسريلانكا، في الوقت الذي تحقق فيه الصين نجاحاً كبيراً في هذه الدول على حساب نيودلهي. 

4- عسكرة المحيط الهندي: شهدت منطقة المحيط الهندي في الفترة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في أعداد السفن الحربية الأجنبية، والتي قُدرت بنحو 125 سفينة، وهو ما يتجاوز العدد الذي تم نشره خلال الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من قيام القوات البحرية الهندية بتنفيذ دوريات بالسفن الحربية بشكل أكبر من أي وقت مضى، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن قدرتها على الحفاظ على هيمنتها في المحيط الهندي، في ظل التزايد السريع لقوة البحرية الصينية.

ختاماً، يمكن القول إن ثمة اعتبارات ودوافع متعددة أدت إلى تنامي دور وانتشار القوات البحرية الهندية في المياه الدولية خلال الفترة الأخيرة، فضلاً عن النجاحات والأدوار العديدة التي حققتها، ارتباطاً بطموحات نيودلهي الساعية إلى بناء قوة بحرية كبرى، كخطوة تمهيدية نحو تحقيق مساعيها بالتحول إلى قوة عظمى في سياق نظام دولي متعدد الأقطاب، ومجابهة القوة المتزايدة للبحرية الصينية في "الإندوباسيفيك". ومع ذلك، فإن نجاح الهند في تحقيق طموحات الدور العالمي الذي تسعى إلى الوصول إليه، يظل مرهوناً بمدى نجاحها في تجاوز التحديات العديدة التي تعوق صعودها البحري على خارطة القوى العالمية، وعلى رأسها الاستمرار في تطوير وتحديث قدراتها وإمكاناتها البحرية؛ لكي تستطيع تجاوز أو على الأقل موازنة القوة البحرية للصين، التي تتفوق عليها بمراحل؛ عبر وضع خارطة طريق بجدول زمني محدد، وبمخصصات مالية كبيرة؛ لتصبح القوات البحرية الهندية بداية الطريق لطموحات الدور الذي ترغب نيودلهي في أدائه.