في إطار اهتمام مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بمعالجة التحولات العالمية الصاعدة، وذات الأبعاد المتشابكة والتأثير الكبير على المستقبل العالمي، أصدر المركز العدد (23) من سلسلة دراسات المستقبل، الذي يحمل عنوان "كل شيء صنع في الصين: كيف تستطيع الدول النامية توظيف طاقاتها الإنتاجية المعطلة"، والذي يعالج أحد أهم القضايا الجيواسترتيجية العالمية الصاعدة.
وفي إطار الصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي احتدمت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث تبارى الجانبان في فرض القيود الجمركية وغير الجمركية على منتجات بعضهما البعض، وهو الصراع الذي لا يمكن فصله عن الصراع الجيوسياسي الأوسع المتجسد بين الجانبين؛ وفي هذا الإطار تتناول الدراسة قضية "الطاقة الإنتاجية الصينية الفائضة"، والتي أثارتها الولايات المتحدة والدول الغربية في الفترات الأخيرة، كورقة ضغط تجاري جديدة على الصين.
تعالج الدراسة هذه القضية في إطار أنها تأتي بعد الصعود القوي للاقتصاد الصيني، الذي استمر لعقود طويلة، ما مكنه من التفوق على نظيره الأمريكي في كثير من الأوجه، وجعله مصدر قلق لصانعي السياسات الأمريكيين والغربيين على حد سواء؛ لذلك، تناقش الدراسة منطقية طرح الغرب لقضية الطاقة الإنتاجية الصينية الفائضة، وعلاقة ذلك بما يشهده النظام الاقتصادي الدولي من تطورات، لاسيما في ظل فقدان القوى الاقتصادية التقليدية مكانتها وتفوقها لصالح قوى جديدة.
كما تولي الدراسة اهتماماً خاصاً أيضاً بالإجابة على تساؤلات عديدة حول نموذج التنمية في الصين، انطلاقاً من قضية الطاقة الإنتاجية الفائضة، وكيف وصل الاقتصاد الصيني إلى ما هو عليه الآن من قدرات كبيرة، وكيف تمكن من الاستفادة من مزاياه النسبية، وتحويلها إلى مزايا وقدرات ساعدته على تحقيق ذلك التفوق الكبير، وفق المؤشرات الكمية والكيفية؛ ومدى إمكانية استفادة دول الجنوب النامية والصاعدة من تجربة الصعود الصينية، ومن استثمار اللحظة الراهنة والفارقة من عمر النظام الاقتصادي الدولي، من أجل تعزيز فرص صعودها الاقتصادي والاستراتيجي في المستقبل.